الرئيسية التنمية أخلاقيات العمل: لماذا يجب إعادة إحياء القواعد المنسية؟

أخلاقيات العمل: لماذا يجب إعادة إحياء القواعد المنسية؟

سواء كنت تسعى للتّفوّق الشّخصيّ أو النّجاح المؤسّساتي، تذكّر أنّ القيم الأخلاقية هي السّلاح السّريّ الذي لا يخسر أبداً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

ربَّما مرَّ زمنٌ طويلٌ منذ سمعت عن مصطلح أخلاقيات العمل! أنت الآن تسألُ نفسكَ: هل تحوَّلت إلى مجرَّد أسطورةٍ ترويها لنا إدارات الموارد البشريَّة؟ هل هي قاعدةٌ ذهبيَّةٌ حقّاً، أم مجرَّد كلمةٍ أنيقةٍ تُضاف إلى سيرتنا الذَّاتيَّة؟ الحقيقة أنَّ بعضهم يتعامل معها كما يتعامل مع زرّ الغفوة  في المنبِّه: نعرف أهميَّة الالتزام بالاستيقاظ، لكنَّنا نؤجِّله مراراً وتكراراً.

ربَّما حان الوقت لتفكِّر بالسُّؤال الأهمّ، هل نحتاج إعادة إحياء هذا المصطلح اليوم؟ رافقونا لنحاول اكتشاف الجواب في النّهاية!

ما هي أخلاقيات العمل؟

أخلاقيات العمل ليست مجرَّد مصطلحٍ يتردَّد في الأوساط المهنيَّة، بل هي مجموعةٌ من القيم والمبادئ الَّتي ترسم ملامح تصرُّفات الأفراد، وتوجِّه قراراتهم في مكان العمل، كما أنَّ هذه المبادئ لا تُؤثِّر فقط على إنتاجيَّة الفرد وأدائه، بل تمتدُّ لتشمل روح الفريق وسمعة المؤسَّسة بأكملها.

في استطلاعٍ أجرته منصَّة "ZipDo" عام 2023، أشار 83% من الموظَّفين إلى أنَّ أخلاقيات العمل تُعدُّ سمةً أساسيَّةً يتطلَّعون لرؤيتها في زملائهم، هذه النِّسبة الكبيرة تعكس بوضوحٍ مدى تأثير الأخلاقيَّات في البيئة المهنيَّة المعاصرة. [1]

شاهد أيضاً: كُن مع ذوي الهمم.. كيف تُطوّر بيئات العمل بوجودهم معك؟

أركان أخلاقيات العمل الخمسة: مفاتيح النجاح المهني

تستند أخلاق العمل إلى 5 أركانٍ رئيسيَّةٍ، تُشكِّل خريطة الطَّريق لأيّ بيئة عمل تتطلَّع إلى التَّميُّز والاستدامة، من النَّزاهة الشَّخصيَّة إلى روح العمل الجماعيّ، هذه القيم الّتي تُشكّل الفرق بين النَّجاح المؤقَّت والنَّجاح المستدام. [1]

النزاهة: القاعدة الصلبة

النِّزاهة هي جوهر الأخلاق المهنيَّة، فهي ليست مجرَّد تصرُّفٍ بصدقٍ، إنَّما التزامٌ دائمٌ بفعل الصَّواب حتَّى في غياب الرَّقابة. ونستطيع تحقيقها، حين تنبع أفعالنا من مبدأ أخلاقيٍّ لا يتغيَّر؛ لذا كُن الشَّخص الَّذي يعتمد عليه الجميع دون الحاجة إلى تذكيرٍ أو متابعةٍ.

المسؤولية: الثقة في قدرتك على اتخاذ القرار

تتجلَّى المسؤوليَّة في القدرة على تحمُّل نتائج أفعالك وقراراتك، سواءً كانت إيجابيَّةً أو سلبيَّةً، تستطيع تحقيقها بألَّا تبحث عن أعذارٍ حين تُخطِئ، بخلاف ذلك، واجه التَّحدّيات بشجاعةٍ واعترف بأخطائك، فهي الطَّريق نحو التَّطوُّر المهنيّ.

الجودة: توقيعك الشخصي على عملك

الجودة تعني أكثر من مجرَّد أداء المهمَّة؛ إنَّها العناية بالتَّفاصيل، والإصرار على تقديم أفضل نسخةٍ من عملك كلَّ مرةٍ تقوم به فيها، اجعل من عملك لوحةً تعكس شغفك، ولا تقبل بما هو أقلُّ من التَّميُّز؛ لأنَّ الجودة جزءٌ من سيرتك المهنيَّة.

الانضباط: مفتاح التفوق

الانضباط ليس مجرَّد التزامٍ بمواعيد العمل، بل هو القدرة على مواصلة الطَّريق حتَّى عند مواجهة التَّحدّيات والإغراءات؛ لذا حدَّد أهدافك بوضوحٍ وابقٍ على المسار؛ ذلك لأنَّ المثابرة والصَّبر هما مفتاحا الانضباط الَّذي يقودك إلى النَّجاح.

العمل الجماعي: بناء النجاحات المشتركة

العمل الجماعيُّ هو القوَّة الَّتي تدفع الفريق نحو تحقيق أهدافه، وحدها فرق العمل المتماسكة تستطيع تحويل الأهداف إلى إنجازاتٍ، وأنت تستطيع أن تصبح عنصراً مهمّاً في الفريق، حين تكون جزءاً من الحلِّ وليس من المشكلة، كما أنَّ دعمك لزملائك وتعاونك معهم لا يبني النَّجاح الفرديِّ فقط، بل يرفع مستوى الفريق ككلٍّ.

في نهاية المطاف، هذه الأركان الخمسة ليست شعاراتٍ جوفاء أو مجرَّد أفكارٍ، وبخلاف ذلك هي مبادئ يعيشها وينفِّذها قادة الأعمال النَّاجحون، وهي الَّتي تُشكِّل فارقاً حقيقيّاً في بيئات العمل الَّتي تسعى إلى تحقيق أعلى معايير النَّجاح والابتكار.

أهمية أخلاقيات العمل للشركات

للوهلة الأولى قد تبدو القيم والمبادئ شيئاً ثانويّاً بالنّسبة للبعض في عالم الأعمال التَّنافسيّ، في الحقيقة الأمر خاطئ بالمطلق، ذلك أنَّ أخلاقيات العمل بمثابة المحرِّك الخفيّ الَّذي يدير عجلة النَّجاح. بعيداً عن الشّعارات الرَّنانة، دعونا نستكشف لماذا تعدُّ أخلاق العمل أحد أهمِّ عوامل النَّجاح في بيئة العمل اليوم.

الإنتاجية ليست حظاً إنّها نتيجة الأخلاق

الالتزام بالأخلاق المهنيَّة يحوِّل الموظَّف من مجرَّد منفِّذٍ للمهام إلى مبدعٍ في أداء وظيفته، فالشَّخص الَّذي يحترم وقته وجهده، ويحرص على أداء عمله بأفضل طريقةٍ ممكنةٍ، لن يكون مجرَّد ترسٍ في آلةٍ، إنَّما عنصراً فعَّالاً ينتج قيمةً مضافةً، وهذا هو السِّرُّ بين الإنتاجيَّة العاديَّة والإنتاجيَّة الاستثنائيَّة.

الثقة: عملة لا تصدرها البنوك

في عالم الأعمال، الثِّقة هي أكثر الأصول قيمةً، وبظلِّ وجود أخلاق العمل، نرى بيئةً مهنيَّةً مليئةً بالثِّقة بين الجميع، سواء بين الزُّملاء، وبين الإدارة والموظَّفين، وحتَّى بين الشَّركة وعملائها. فعندما تحترم وعودك وتلتزم بكلمتك، فإنَّك تبني جسوراً لا تهدمها الأزمات، في النّهاية، السُّمعة الطَّيبة لا تُشترى، بل تُكتسب.

فريق العمل: نسيج من الأخلاق المشتركة

فرق العمل النَّاجحة ليست تلك الَّتي تجمع أفضل العقول فقط، بل تلك الَّتي تعمل بانسجامٍ وشفافيَّةٍ، الأخلاقيَّات مثل الغراء الَّذي يربط بين مختلف الأدوار والخبرات داخل الفريق، والتَّعاون الحقيقيُّ يأتي من القيم المشتركة، وليس فقط من المهارات الفرديَّة.

النمو الشخصي والمهني: رحلة تبدأ من الداخل

من يؤمن بأهميَّة أخلاقيات العمل لا يحتاج إلى من يدفعه نحو التَّحسين، فهو يتَّجه تلقائيّاً نحو التَّفوُّق، ذلك لأنَّ الأخلاقيات تُغذّي روح الالتزام وتفتح أبواب التَّطور المهنيّ، النَّجاح هنا ليس صدفةً، بل نتيجة طبيعيَّة لتلك المبادئ الَّتي تحكم تصرُّفاتنا يوميّاً.

تقليص النزاعات: الأخلاقيات درعٌ ضدّ سوء الفهم

الالتزام بالأخلاق المهنيَّة يخلق بيئة عملٍ صحيَّةً، حيث تتضاءل فرص حدوث النّزاعات أو سوء الفهم؛ لأنَّه عندما تكون القواعد الأخلاقيَّة واضحةً ويحترمها الجميع، يصبح النّقاش المثمر ممكناً، والصّراعات المدمَّرة أمراً نادر الحدوث.

سمعة الشركة: النجاح يبدأ من الداخل

الشَّركات الَّتي تلتزم بأخلاق عملٍ صارمةٍ تبني سمعةً يصعب منافستها، الأخلاقيَّات ليست فقط وسيلةً لجذب العملاء، بل هي أيضاً مغناطيس يجذب أفضل المواهب، كلَّما كانت الشَّركة أكثر التزاماً بالقيم الأخلاقيَّة، كلَّما ازدادت قدرتها على الحفاظ على مكانتها في السُّوق والتَّوسُّع بثباتٍ.

استدامة العمل: الأخلاقيات ضمانة الاستمرارية

بينما يمكن لبعض الشَّركات أن تحقِّق نجاحاً مؤقَّتاً بتجاوز المعايير الأخلاقيَّة، فإنَّ الأخلاقيَّات المهنيَّة تضمن استدامة النَّجاح على المدى الطَّويل، البيئة القائمة على النَّزاهة والمسؤوليَّة تعيش أكثر، وتواجه التَّحدّيات بصلابةٍ ومرونةٍ أكبر.

رضا الموظفين: ليس رفاهية بل نتيجة للأخلاق

الأخلاقيَّات الجيِّدة في مكان العمل تخلق شعوراً بالانتماء والرِّضا لدى الموظَّفين، عندما يشعر الشَّخص بأنَّه يعمل في بيئةٍ عادلةٍ ومحترمةٍ، يصبح أكثر انخراطاً في عمله، ويزيد من ولائه للشَّركة، الرِّضا هنا ليس رفاهيّةً، بل هو النَّتيجة الحتميَّة لثقافةٍ أخلاقيَّةٍ قويَّةٍ.

وهكذا تظلُّ الأخلاقيَّات المهنيَّة هي الثَّابت الَّذي يدلُّنا على الطَّريق ويقودنا نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً واستدامةً، سواءً كنت تسعى للتَّفوُّق الشَّخصيّ أو نجاح مؤسَّستك، تذكَّر أنَّ القيم الأخلاقيَّة هي السّلاح السِّريُّ الَّذي لا يخسر أبداً.

كيفية تطوير أخلاقيات العمل لدى الموظفين

أخلاقيات العمل ليست سمةً تُولد مع الموظَّف؛ الأمر الجيِّد أنَّه يمكن تطويرها، وتعزيزها بطريقةٍ فعَّالةٍ، لكن قبل ذلك تأكَّد من أنَّك كمديرٍ تمتلكها، إذ إنَّ الإدارة بالقدوة هي أفضل وسيلةٍ لتعزيز أخلاق العمل. [2]

برامج الإرشاد والتدريب الفعالة

ابدأ بتقديم توجيهاتٍ واضحةٍ للموظَّفين الجدد حول السُّلوكيَّات الَّتي تنتظرها منهم، فبرامج الإرشاد واحدةٌ من أفضل الوسائل، حيث يمكن للموظَّفين الجدد التَّعلُّم من القدامى الَّذين يمثّلون نماذج يُحتذى بها، كما أنَّ هذه البرامج قد تجذب موظَّفين يتمتَّعون بأخلاقيَّات عملٍ قويَّةٍ يرغبون في الانضمام لفريقك. ومن جهة أخرى، يمكنك اعتماد برامج تدريبيَّةٍ مبتكرةٍ تلفت الانتباه وتوضِّح الطُّرق الأكثر إنتاجيَّةً لتنفيذ المهام، بصرف النَّظر عن أسلوب شركتك، سيستفيد الموظَّفون ذوو الأخلاقيَّات الجيِّدة. ولا تنسَ التَّفكير في وضع إطارٍ واضحٍ لتقدُّم الموظَّف المهنيّ، يُبرز كيف يمكن لأخلاقيَّات العمل القويَّة أن تؤثِّر إيجاباً على مسيرته.

إزالة العوائق

تتطلَّب الأخلاق المهنيَّة الجيدة شغفاً والتزاماً من الموظَّف، ولكن يمكن أن تعرقلها التَّحدّيات السَّلبيَّة في بيئة العمل؛ لذا عليك تحديد هذه العوائق، مثل التَّنمُّر أو الضُّغوط الزَّائدة، والعمل على تقليلها لتحفيز روح الحماسة لدى الموظَّفين.

تلبية احتياجات الموظفين

الموظَّف الَّذي يجد أنَّ احتياجاته الشَّخصيَّة والمهنيَّة قد تمَّ تلبيتها، حتماً سيكون أكثر ارتباطاً بالشَّركة، قد تتنوَّع هذه الاحتياجات بين تطوير المهارات أو جدول عملٍ مرنٍ، تذكَّر أنَّه من خلال تلبية هذه المتطلَّبات، تزيد من مستوى التزامهم وتحفِّزهم على تقديم أفضل ما لديهم.

بناء ثقافة تُشجّع السلوك الإيجابي

معظم الأمثلة على أخلاقيات العمل، يصعب تطويرها في بيئاتٍ سلبيَّةٍ؛ لذا ينبغي أن تسعى لبناء ثقافة عملٍ تشجِّع على السُّلوكيَّات الإيجابيَّة وتكافئها، وتتصدَّى لأيّ ممارساتٍ سلبيَّةٍ قد تؤثِّر على الأداء الجماعيّ.

كُن قدوةً يُحتذى بها

كقائدٍ سلوكك هو انعكاسٌ مباشرٌ لما تريده من فريقك، عندما تبدي حماساً، ومسؤوليَّةً، وتعاوناً، فإنَّ هذه الصِّفات ستنتقل تدريجيّاً إلى باقي الموظَّفين، الرّيادة تبدأ من الأعلى، وسلوكك يمكن أن يُؤثِّر إيجاباً على ثقافة العمل بأكملها.

شاهد أيضاً: كيف تكون صادقاً مع نفسك مع الحفاظ على المهنية في بيئة العمل؟

أمثلة على أخلاقيات العمل

هناك العديد من الأمثلة على أخلاقيات العمل، الَّتي تشمل مجموعةً من القيم والسُّلوكيَّات، تؤدّي إلى تعزيز إنتاجيَّة الموظَّف وتحافظ على بيئة العمل الصِّحيَّة، ومن أبرز تلك الأمثلة:

  • الالتزام بالمواعيد: ذلك لأنَّ الوصول إلى العمل والاجتماعات في الوقت المحدَّد، يعكس الجديَّة والاحترام للآخرين وللمسؤوليَّات.
  • التَّحلِّي بالنَّزاهة: التَّصرُّف بأمانةٍ في جميع الأوقات، سواء في تنفيذ المهام أو التَّعامل مع الزُّملاء، يعزِّز الثِّقة ويخلق بيئة عملٍ شفّافةً.
  • التَّحلِّي بالمسؤوليَّة: تحمُّل المسؤوليَّة تجاه الأخطاء، والعمل على تصحيحها دون إلقاء اللَّوم على الآخرين، هو علامةٌ على النُّضج المهنيّ.
  • الاجتهاد والإخلاص في العمل: بذل الجهد المطلوب، وربَّما أكثر من ذلك، للوصول إلى نتائج ممتازةٍ، يعدُّ جزءاً أساسيّاً من أخلاقيَّات العمل القويَّة.
  • التَّعاون مع الفريق: العمل بروح الفريق ومساعدة الآخرين عند الحاجة، يُعزِّز الإنتاجيَّة العامَّة ويخلق بيئة عملٍ متعاونةً.
  • احترام القوانين والسِّياسات: الالتزام بسياسات الشَّركة وإجراءاتها وعدم تجاوز الحدود المهنيَّة، هو جزءٌ من احترام بيئة العمل.
  • المبادرة والتَّفكير الإبداعيُّ: السَّعي لتقديم أفكارٍ جديدةٍ وحلول للمشكلات بدلاً من انتظار التَّوجيهات، يعكس التزاماً بتطوير العمل.
  • إدارة الوقت بشكلٍ فعَّالٍ: تنظيم المهام وتحديد الأولويَّات والعمل على إنجازها بكفاءةٍ دون إضاعة الوقت.
  • التَّصرُّف بلباقةٍ واحترامٍ: معاملة الجميع بأدبٍ واحترامٍ، حتَّى في حالة الاختلاف في الآراء، يعزِّز مناخاً إيجابيّاً في العمل.
  • التَّعلُّم المستمرُّ: السَّعي لتطوير المهارات والمعرفة يعكس الالتزام بالنُّموّ المهنيّ والشَّخصيّ.

وفي النِّهاية، يبقى السُّؤال مطروحاً: هل أخلاق العمل مجرَّد شعارٍ نردِّده، أم أنَّها حقّاً مفتاح النَّجاح الَّذي أهملناه في زحمة الحياة المهنيَّة؟ ربَّما يكمن الجواب في كيفيَّة تطبيقه بمرونةٍ تناسب واقعنا المُتغيّر، فبينما نضغط زرَّ الغفوة مراراً، ونحتسي القهوة على عجلٍ، لعلَّنا نحتاج إلى لحظة تأمُّلٍ لندرك أنَّ أخلاقيَّات العمل ليست مجرَّد تعليماتٍ إداريَّةٍ، بل هي جزءٌ من شخصيَّة كلّ فردٍ فينا، فهل أنت مستعدُّ لإيقاف المنبّه والانطلاق؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: