أداة Adobe Firefly: ثورة الذكاء الاصطناعيّ في صناعة الفيديو
أداةٌ تعمل بالذّكاء الاصطناعيّ تتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو كاملةً بناءً على أوصافٍ نصيّةٍ بدقائق قليلة
كشفت شركة "أدوبي" (Adobe) عن أحدث ابتكاراتها في عالم الذّكاء الاصطناعيّ، وهي أداة "فايرفلاي فيديو" (Firefly Video) التّي تُمكّن المستخدمين من إنشاء مقاطع فيديو باستخدام تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ. يعدّ هذا الإعلان تطوّراً محوريّاً في مجال إنتاج الفيديو الرّقميّ، حيث يعزّز من قدرة المبدعين على إنتاج مقاطعٍ احترافيّةٍ بسرعةٍ وبجهدٍ أقل، وهو ما قد يقلب موازين صناعة الإعلانات، ويحدث تغييراتٍ جذريةً فيها.
ما هي أداة فايرفلاي فيديو؟
هي أداةٌ تعمل بالذّكاء الاصطناعيّ تتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو كاملةً بناءً على أوصافٍ نصيّةٍ. يعتمد النّظام على معالجة كمياتٍ ضخمةٍ من البيانات المرئية لتوليد الفيديو المطلوب بمرونةٍ عاليةٍ. بعبارةٍ أخرى، يمكن للمستخدم أن يكتب وصفاً تفصيليّاً للمشهد الّذي يرغب في إنتاجه، لتقوم الخوارزميات بإنشاء فيديو يستجيب بدقةٍ لذلك الوصف.
على سبيل المثال، في الفيديو التّرويجيّ الّذي عرضته أدوبي، يظهر روبوتٌ صغيرٌ يحمل قلباً أحمر متوهجّاً وسط ضوء الشّمس، وهو مشهدٌ يبدو معقّداً بما يكفي لأن يستغرق ساعاتٍ من العمل اليدويّ. إلّا أنّ هذا المشهد صُمّمٌ بالكامل باستخدام فايرفلاي في دقائقٍ قليلةٍ بناءً على وصفٍ بسيطٍ. وتضمّنت التّفاصيل وصف "إضاءةٌ رائعةٌ ومقبلةٌ من الشّمس"، بالإضافة إلى حركات النّباتات والإضاءة الخلفيّة. يعزّز هذا النّوع من الأوصاف الفنيّة التّفصيليّة من دقّة المخرجات، ويجعلها تبدو كأنّها من إنتاج محترفٍ.
كيف يغير الذّكاء الاصطناعي قواعد اللّعبة؟
التّحدي الأكبر الّذي يطرحه الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ في صناعة الفيديو هو بساطة استخدامه. بدلاً من الحاجة إلى مهاراتٍ تقنيّةٍ متقدّمةٍ في التّصميم أو الرّسوم المتحرّكة، يمكن لأيّ شخصٍ لديه فكرةٌ أن يترجمها إلى فيديو بجودةٍ احترافيّةٍ. هذا التّطور لا يمكّن الشّركات الصّغيرة والمبدعون المستقلّون من إنتاج محتوياتٍ مرئيةً ذات جودةٍ عاليةٍ فحسب، بل يُسهّل عليهم الدّخول في مجالاتٍ كانت تتطلّب في السّابق تكاليف باهظةً أيضاً، سواءً من حيث المعدّات أو المهارات البشريّة.
علاوةً على ذلك، يتيح فايرفلاي للمستخدمين إجراء تعديلاتٍ على المخرجات ببساطةٍ عن طريق تعديل النّص الّذي يقدمه للذّكاء الاصطناعيّ، ممّا يجعل عملية تحسين الفيديو سريعةً ودقيقةً. فإذا كانت إحدى الشّركات بحاجةٍ إلى مقطعٍ ترويجيٍّ سريعٍ، فإنّ فايرفلاي يتيح إنتاج ذلك الفيديو في دقائقٍ، ممّا يوفر الكثير من الوقت والموارد التّي كانت تُنفق على توظيف محترفي الفيديو أو التّعامل مع وكالات الإنتاج.
التّأثير على الإعلانات الرّقميّة
مع زيادة الاعتماد على المحتوى المرئيّ في الحملات التّسويقيّة، خاصةً على منصاتٍ مثل إنستقرام وتيك توك، تبرز أهميّة أدواتٍ مثل فايرفلاي. حيث يُمكن لمثل هذه الأدوات أن تغيّر معادلة التّكلفة والإنتاج في صناعة الإعلانات الرّقميّة، ممّا يُتيح للشركات إنتاج محتوى مرئيٍّ جذابٍ بسرعةٍ وسهولةٍ، دون الحاجة إلى ميزانياتٍ ضخمةٍ.
ولكن رغم هذا التّقدم المذهل، هناك جدلٌ متزايدٌ حول تأثير الذّكاء الاصطناعيّ على الصّناعة الإبداعيّة. فعلى الرّغم من أنّ فايرفلاي يمكن أن يساعد المصمّمين المحترفين في توفير الوقت، إلّا أنه أيضاً قد يُهدد بعض الوظائف التّقليديّة في هذه المجالات. فالشّركات التّي قد تعتمد في السّابق على مصمّمين أو فنانين لإنشاء مقاطع فيديو قصيرةً قد تفضل الآن استخدام أدوات الذّكاء الاصطناعيّ لخفض التّكاليف وتسريع العمليات.
تُعد أدوبي واحدةً من اللّاعبين الرّئيسين في سوق البرمجيّات الإبداعيّة، مع قاعدة مستخدمين تصل إلى ملايين المصمّمين والمبدعين حول العالم. وقد عملت الشّركة في السّنوات الأخيرة على دمج الذّكاء الاصطناعيّ في منتجاتها لتبسيط المهامّ وتعزيز الإبداع. ورغم أنّ أدوات إنشاء الفيديو بالذّكاء الاصطناعيّ ليست حكراً على أدوبي، إلّا أنّ عمق تكامل أدواتها مع منصاتها الأخرى مثل "كرييتيف كلاود" (Creative Cloud) يمنحها ميزةً تنافسيَّةً كبيرةً.
فأدوات الفيديو المدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ ليست جديدةً، فقد رأينا أدواتٍ مماثلةً من شركاتٍ مثل "ميتا" (Meta) و"أوبن إيه آي" (OpenAI). لكن ما يميّز فايرفلاي هو توافره على نطاقٍ واسعٍ بفضل اعتماد مستخدمي أدوبي الكثر، ممّا يزيد من احتمالية أن تصبح هذه الأداة أساسيّةً في إنشاء الإعلانات والمحتويات الرّقميّة.
ورغم المزايا العديدة لأدواتٍ مثل فايرفلاي، إلّا أنّ هناك مخاوفٌ أخلاقيّةٌ تتعلّق باستخدام الذّكاء الاصطناعيّ في صناعة المحتوى. فقد أثار استخدام شركة "تويس آر آس" (Toys 'R Us) لأداة "سورا" (Sora) من أوبن إيه آي في إنتاج مقاطعٍ ترويجيّةٍ انتقاداتٍ حادةً، حيث تمحورت الشّكوى حول جودة المخرجات وأخلاقيات الاعتماد على الذّكاء الاصطناعيّ بدلاً من المهارات البشريّة. ومع زيادة الاعتماد على هذه الأدوات، قد تظهر تساؤلاتٌ حول ملكيّة المحتوى وحماية حقوق المبدعين.