إدارة العواطف وبناء العلاقات: دروس في التواصل والوعي الذاتي
تعلّم من كاتب عمود الذكاء العاطفي في Inc كيفية التحكم في المشاعر، والتخفيف من القلق، وبناء علاقات أقوى مع الآخرين
على مدى السّنوات القليلة الماضية، تلقّيت آلاف رسائل البريد الإلكتروني من القرّاء الذين يرغبون في تحسين تواصلهم العاطفي وقدرتهم على فهم وإدارة عواطفهم. ومن بين جميع المهارات التي يرغب الأشخاص في تطويرها، تظهر التّساؤلات التّالية مراراً وتكراراً:
كيف أتحكّم بعواطفي وأخفّف قلقي؟
بالطّبع، هذا ليس مفاجئاً، إذ يُعدّ تنظيم المشاعر، والقدرة على التّحكم في الحالات العاطفيّة للفرد، أمراً لا يُقدّر بثمنٍ في المجالات التّالية:
إنّ تطوير مهارات فهم عواطفكَ وعواطف الآخرين هو رحلةٌ مستدامةُ على مدار الحياة، ولكن بعد عدّةِ سنواتٍ من تعلّم هذه المهارات وتعليمها، اكتشفتُ أنّ الأسس والعادات والأنظمة الصّحيحة -وممارستها عمداً- يمكن أن تساعدك على إحراز تقدّمٍ كبيرٍ في إدارة مشاعرك وكافّة الفوائد المرتبطة بهذه المهارة.
وها هي خمسة بنودٍ أتّبعها لمساعدتي في إدارة مشاعري الدّاخليّة. (إذا وجدت فائدةً في هذا الدّرس، قد تهتم بدورتي المجانيّة حول الذّكاء العاطفيّ، التي تقدّم نصيحةً جديدةً لبناء وتطوير الذكاء العاطفي كلّ يومٍ لمدّة أسبوعٍ.)
كيفية إدارة العواطف: سيطر على أفكارك
نظراً لأنّ معظم المشاعر التي تشعر بها تحدث بشكلٍ غريزيٍّ تقريباً، فليس لديك أيّ سيطرةٍ على ما تشعر به في أيّ وقتٍ كان. ومع ذلك، يمكنك التّحكم في ردّ فعلك تجاه هذه المشاعر من خلال التّركيز على أفكارك. قد تكون على درايةٍ بتصريح الطّبيب النّفسي النّمساوي فيكتور فرانكل الشّهير الذي يؤكّد أنّ هناك مسافةً بين التّحفيز والاستجابة. وفي هذا الفضاء، لدينا القدرة على اختيار استجابتنا، فاستجابتنا هي نموّنا وحرّيتنا.
لذلك أجدُ المبادئ والأسس لا قيمة لها، إذ يمكن لمبدأ قصيرٍ أو عبارةٍ بسيطةٍ أن تُحدثَ فرقاً كبيراً في الاستفادة من شعور الفراغ العاطفيّ الغامض بعد تجربةٍ ما؛ لذلك قد طوّرتُ مبادئي الخاصّة للتّحكم في أفكاري وإدارة مشاعري، كما أعتمدُ في هذه الأسس على تقنياتٍ من علم النّفس المعرفيّ بالإضافة إلى تجربتي الشّخصيّة، وهنا بعض الأمثلة:
الحدّ من القلق
تساعدني تقنية إعادة صياغة المبادئ على تغيير وجهة نظري والتّفكير بشكلٍ مختلفٍ وإيجابيٍّ بالأحداث وتقليل القلق أيضاً، إذ ينطوي ذلك على إعادة تصوّر المشكلة عن طريق تغيير الطّريقة التي أنظر بها إليها. على سبيل المثال، كشخصٍ يحبّ العمل ضمن القواعد والهياكل المعمول بها، أشعر بالانزعاج عندما أتّأخر في بدء العمل. لكن هذا غالباً ما يكون ضروريّاً؛ لأنّني وزوجتي نتقاسمُ الأعمال المنزليّة ورعاية الأطفال. لذلك، كان عليّ أن أغيّر وجهة نظري من "أبدأ اليوم متأخّراً جداً، أنا أكره هذا" إلى "من الرّائع أن أكونَ مرناً جداً، فنحن بحاجةٍ إلى هذا!"
آلية اتخاذ القرارات
تساعدني الأسئلة الذّهبية الفريدة على اتّخاذ قراراتٍ أفضل وتقليل النّدم، إذ عندما أحتاج إلى اتّخاذ قرارٍ في موقفٍ عاطفيٍّ، أسأل نفسي: كيف سأشعر خلال اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو السنة، لقد سمح لي السّؤال الذّهبي برؤية المستقبل؛ لذلك لا بدّ من اتّخاذ قراراتٍ أفضل في الوقت الرّاهن.
كيف تصبح أقلّ حساسية؟
تساعدني جملة "إنّهم لا يعرفون" على التّقليل من حساسيتي، وتجاهل التّعليقات التي أجدها مزعجةً، والمضي قدماً. على سبيل المثال، إذا أدلى شخصٌ ما بتعليقٍ جاهلٍ أو متحيّزٍ عنيّ، فإنّ عبارة "لا يعرفون" تُذكّرني، إنّهم لا يعرفون ما أعرفه؛ إنّهم لا يعرفون كيف تبدو حياتي، وإنّهم لا يعرفون كلّ الأشياء الأخرى المعنيّة بهذا، إذاً الهدف ليس التّقليل من شأن الشّخص الآخر أبداً".
لقد ساعدني هذا المبدأ على إدراك أنّ أيّ شخصٍ لا يمكنه أن يفهمَ وضعي دوماً، فهذا المبدأ يغيّر ما تشعر به من "لا أستطيع أن أصدّق أنّهم قالوا ذلك" إلى "أوه، نعم. إنّهم لا يعرفون، فلا بأس". فكلّما تدرّبت أكثر على استخدام كلّ هذه القواعد، كلّما انخفض التّوتر والحساسيّة لديكَ، وأصبحت أكثر تحكّماً بعواطفك.
تعلّم من أخطائك
بالطّبع، ما زلت أرتكب الأخطاء، وأحياناً تكون كبيرةً، فعندما يحدث هذا، أخصّص وقتاً للتّفكير وتحديد سبب الخطأ، حتّى يمكنني تقليل المواقف المماثلة في المستقبل.
ولمساعدتي في معرفةِ ذلك، استخدمت عمليّة تحليل المشاعر بعد التّجارب والمواقف العاطفيّة، وقد كانت عمليّةً بسيطةً وسلسلةً من الأسئلة التي سمحت لي بتصفية ذهني وتحديد الأسباب الجذريّة وإجراء التّعديلات اللّازمة:
- ما الذي يسبّب التّفكير غير العقلانيّ والمشاعر غير المرغوب فيها؟
- ما الذي كان بإمكاني فعله بشكلٍ مختلفٍ قبل الوقوع في التّفكير غير العقلانيّ؟
- كيف يُمكنّني التّحكم بمشاعري بشكلٍ أفضل إذا حدث موقفٌ مماثلٌ؟
العواطف جميلةٌ، فهي التي تجعلنا بشراً، ولكن إذا تُركتَ دون رادعٍ، فقد تقودنا إلى قولٍ أو فعل أشياءٍ نندم عليها لاحقاً. تذكّر أنّ تطوير مهارات الذكاء العاطفي هو عمليّةٌ مستمرّةٌ، ورحلةٌ لا تنتهي أبداً، وكلّما فعلت ذلك، كلّما واصلت تحسين قدرتكَ على جعل مشاعركَ تعمل لصالحكَ، وليس ضدّكَ.
لمزيدٍ من النصائح المفيدة للصّحة النّفسية والجسديّة، تابع قناتنا على واتساب.