أبحاث جديدة تدعو للتّخلي عن مصطلحي المهارات الصلبة والناعمة
لضمان نمو مستدام على المدى الطويل، على الشركات إعادة تقييم وتحديث نظام تدريب المهارات بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل الحديث
تشير أبحاثٌ عالميّةٌ جديدةٌ إلى أنّ الوقت قد حان للتّخلي عن استخدام مصطلحي "المهارات الصلبة" و"المهارات الناعمة" كجزءٍ من استراتيجيّات تطوير المهارات في الشركات. لتحقيق نموٍّ مستدامٍ على المدى الطويل، ينبغي على الشركات إعادة النظر في طريقة تدريب موظفيها وتطوير مهاراتهم.
ظهرت مصطلحات المهارات الصلبة والمهارات النّاعمة لأوّل مرّةٍ قبل أكثر من 50 عاماً على يد الجيش الأمريكي (U.S. Army) بهدف التّمييز بين المهارات الشّخصيّة والتّقنيّة المطلوبة في ساحات القتال. ومع ذلك، يرى الكثيرون اليوم أنّ هذه الفكرة باتت قديمة، وهي واحدةٌ من الأسباب الرئيسة وراء الفجوة الكبيرة في المهارات التي يعاني منها سوق العمل الحاليّ.
ولتقييم حجم هذه الفجوة، قام معهد "آتشيفرز ووركفورس إنستيتيوت" (Achievers Workforce Institute) بإجراء استطلاعٍ شمل 3800 موظفٍ و1400 قائد مواردٍ بشريّةٍ من مختلف أنحاء العالم. وكانت النتيجة أنّ 20% فقط من الموظفين يشعرون أنّ شركاتهم تقدّم لهم تدريباً فعّالاً لتطوير مهاراتهم النّاعمة.
فما الحل؟ تقول هانا ياردلي، مديرة شؤون الأفراد والثقافة في معهد آتشيفرز: "سدّ الفجوة سيستغرق وقتاً، ولكن يجب أن نبدأ بالتّخلي عن نظام المهارات الصّلبة والنّاعمة، واتباع نهجٍ جديدٍ يتماشى مع متطلبات سوق العمل الحديث".
خطواتٌ لسد الفجوة
لا تقع مسؤولية إصلاح نظام تطوير المهارات على عاتق فِرَق الموارد البشريّة وحدها، خصوصاً مع الضّغوط المستمرّة التي يفرضها التّغيّر السّريع في بيئة العمل. فقد أقرّ نصف قادة الموارد البشريّة بأنّهم يشعرون بالإرهاق. بدلاً من ذلك، يتطلّب الأمر تعاوناً جماعيّاً يشمل جميع أفراد المؤسّسة، ويمكن تحقيق هذا من خلال ثلاث خطواتٍ رئيسةٍ:
- أولاً: استثمار ما هو متاحٌ بالفعل، ابدأ بمراجعة الأدوات التّقنيّة المتوفّرة لدى قسم الموارد البشريّة في شركتك، وستجد كمّاً كبيراً من البيانات التي يمكنك استغلالها. تقول ياردلي: "يجب أن تمتلك الشّركات على الأقل التّكنولوجيّا التي تمكن فِرَق الموارد البشريّة والمديرين من متابعة سجّلات الأداء السابقة"، وتضيف قائلةً: "يمثل المديرون عنصراً رئيساً في سدّ الفجوة، فهم الأقرب إلى الموظفين، ويعرفون كيفيّة توظيف مهاراتهم بشكلٍ يوميٍّ".
- ثانياً: إشراك المديرين في العمليّة، حيث يعتقد 81% من القادة أنّ مسؤوليّة تطوير مهارات موظفيهم تقع بالكامل على عاتق الموظف. لكن في الواقع، هم الأكثر قدرةً على تحديد احتياجات كلٍّ من الموظف والمؤسّسة من منظور تطوير المهارات. ويتطلّب الأمر تعاوناً تقنيّاً فعّالاً بين الموارد البشرية والمديرين.
- ثالثاً: تثقيف الموظّفين بعد تنظيم التكنولوجيّا، وضمان التّوافق بين الموارد البشريّة والمديرين. تأتي الخطوة الأخيرة في إشراك الموظفين على جميع المستويات لتعزيز بيئة عملٍ قائمةٍ على المهارات. والطّريقة الأمثل لتحقيق ذلك هي توضيح مصفوفة المهارات المطلوبة لكلّ موظفٍ، وكيف تسهم في تطوّره المهنيّ ونموّ الشركة.
التخلي عن النظام القديم واعتماد نهجٍ جديدٍ
تشير بيانات معهد آتشيفرز إلى ضرورة اعتماد مصفوفة مهاراتٍ جديدةٍ تُعيد تعريف المهارات التي يحتاجها الموظفون، وتوفّر وضوحاً حول التّوقّعات المهنيّة، وتساعد 60% من المديرين الذين يرغبون في توظيف المهارات القابلة للتّحويل، لكنّهم يجدون صعوبةً في تحديد المرشّحين المناسبين.
حسناً، يكمن الحل في تقسيم المهارات في هذه المصفوفة الجديدة إلى ثلاثة أنواعٍ:
- المهارات التقنيّة: وهي المهارات التي تُكتسب من خلال التّعليم الرّسمي، وتتطلّب معرفةً أو أدواتٍ أو تدريباً محدّداً. مثل البرمجة، وتشغيل الآلات، وتصميم CAD.
- المهارات القابلة للتّحويل: وهي المهارات التي تُكتسب من تجارب متنوّعة، ويمكن تطبيقها في عدة أدوارٍ، مثل الكتابة المهنيّة، وإدارة المشاريع، والتّفاوض، وخدمة العملاء.
- المهارات الأساسيّة: وهي المهارات الشّخصيّة التي كانت تُعرف سابقاً بالمهارات النّاعمة، والتي أصبحت الآن ضروريّةً، وليست مجرّد إضافاتٍ. وتشمل المساءلة، والمبادرة، وإدارة الوقت، والقدرة على التكيف.
إعادة تقييم وتحديث برامج تطوير المهارات ليست مهمةً تُنجز في يومٍ وليلةٍ، بل تتطلّب تعاوناً من عدة فرقٍ داخل المؤسّسة، وفهماً جيداً للإمكانيات التّقنيّة المتاحة، وقوى عاملةً جاهزةً ومستعدةً للتّعلّم. بمجرد تحقيق ذلك، ستصبح الشّركة أكثر استعداداً لتحقيق النّجاح على المدى الطّويل.