3 نصائح لمساعدة الشركات على الابتكار المفيد
كيفية بناء ثقافة تفكير استشرافي برؤية مستقبلية قادرة على إيجاد ابتكارات مفيدة دون هدر الوقت والمال
بقلم شون كيم Sean Kim، الرئيس التنفيذي لـ Rype
لقد بلغ اعتماد العالم اليوم على التكنولوجيا أقصى الحدود، ممّا شكّل عبئاً كبيراً على الأعمال وقادة الصّناعة والمديرين التَّنفيذيّين فيما يخصّ تطبيق استراتيجياتٍ تضمن بقاءهم في المقدِّمة وعدم تراجعهم عند تقلُّبات سوق الابتكار.
وبقدر ما نسمع كلمة "ابتكار" نعرف أنَّها ليست فنّاً يُمكن أن تتقنه بسهولةٍ، خاصَّةً في عالمٍ تتطوَّر فيه التكنولوجيا بسرعةٍ خطيرةٍ، إذ تبحث شركات التكنولوجيا في كلِّ أنحاء العالم عن تلك الميزة التي تجعلهم أفضل بقليل في خدمة عملائهم، وقد أدَّى ذلك إلى ابتكاراتٍ لا داعي لها أو في غير وقتها فلم تنجح، وفيما يأتي ثلاث نصائح لمساعدة الشَّركات على الابتكار المفيد.
التوقيت يفوق كل شيء آخر في الأهمية
على الرَّغم من ضرورةِ محاولتك البقاء في الطَّليعة بما يتعلَّق باستكشاف حلولٍ جديدةٍ، عليك الانتباه للتَّوقيت، فهناك وقتٌ غير مناسبٍ للابتكار، لنقل أنَّك حظيت بلحظة إلهامٍ واكتشفت طريقةً لتعزيز كفاءة خدمتك بطريقةٍ لم يسبق لأحدٍ في مجالك أن طبَّقها، قبل أن تندفع وتُظهر هذه الفكرة الجديدة للعلن، اسأل نفسك هذا السُّؤال: هل هذا الوقت مناسبٌ لهذا؟ هل السُّوق مستعدٌّ لهذه الطَّريقة الجديدة للقيام بالأمور؟ أحياناً يكون الجواب بالنَّفي، وإن لم تكن تعلم ذلك، فقد ينتهي بك الأمر بقضاء وقتٍ ثمينٍ وإنفاق موارد الشَّركة بلا جدوى.
Daytona شركةٌ تُقدِّم بيئة تطوِّرٍ سحابيَّة بحيث تسمح للمشاريع بتقديم عمليَّاتٍ متعلِّقةٍ بعملهم وتخصيصها وإدارتها بفعاليَّة، لكن قبل أن تأتي العقول التي تتولَّى زمام الأمور بفكرة Daytona، كانوا قد طوَّروا منتجاً آخر في عام 2009، وهو حلُّ تطويرٍ برمجيٍّ كان يعرَف باسم PHPanywhere (يُعرف الآن باسم Codeanywhere). وفي ذلك الوقت كان هذا البرنامج بيئةَ التطوير المتكاملة الرَّائدة في مجال صناعات السحابة بلا منازع، لكنَّه لم يصل إلى المستويات العالية التي كانت متوقَّعة منه، وما هو أحد الأسباب الرئيسيَّة لذلك؟ ربما كان الوقت مبكِّراً جداً لطرحه للعلن.
عندما تفشل فكرةٌ جيِّدةٌ في بعض الأحيان، يكون السَّبب هو عدم مواكبة الإدراك العام واحتياجات العملاء إليها، ونتيجةً لذلك لم يستطع Codeanywhere أن يُقدِّم الأداء الرَّائع الذي كان بإمكانه تقديمه، وكان ذلك منذ ما يقرب من 15 عاماً، أمّا الآن، فانتشار بيئات التَّطوير المعتمِدة على السحابة، مثل: AWS Cloud9، وReplit، وGitHub Codespaces يثبت أنَّ المشكلة لم تكن في الفكرة ذاتها.
وبطبيعة الحال عكسُ ذلك صحيحٌ أيضاً، لا تنتظر طويلاً قبل إطلاق فكرتكَ، فتصبح قديمةً باليةً أو يسبقك المنافسون لطرحها في السُّوق؛ إنَّها مسؤوليَّتك كقائدٍ أن تعملَ مع فريقك لتدخل السُّوق في أفضل وقتٍ ممكنٍ، لا دقيقة قبله ولا دقيقة بعده، إن كانت لديك فكرةٌ ثوريةٌ ولست متأكِّداً من استعداد السُّوق لها، فادمج استراتيجياتٍ في عمليَّة التَّسويق والتَّواصل لتجسَّ نبض الجمهور بما يتعلَّق بهذه الفكرة وتعدّهم نفسيَّاً لها في المرحلة القادمة.
شاهد أيضاً: إدارة الوقت.. كل ثانية تصنع فرقاً في حياتك
لا تبدأ من الصفر
ما تزال هناك حالاتٌ يأتي فيها شخصٌ بفكرةٍ جديدةٍ تماماً، وتتحوَّل إلى قصَّة نجاحٍ كبيرةٍ، لكن هذه الحالاتُ نادرةٌ، فالابتكار اليوم يقوم على نسخةٍ مقبولةٍ موجودةٍ مسبقاً من منتجٍ أو خدمةٍ أو عمليّةٍ، ويكون دور الابتكار هو إنشاء نسخةٍ مجدَّدةٍ أكثر فعاليّة، كمثالٍ على هذه الحالة لنأخذ Amazon، إذ كان التَّسوُّق عبر الإنترنت موجوداً في الأساس، لكن كان على البائعين أن يملؤوا استمارات الطَّلب يدويّاً عندما يحضرون، بينما ابتكرت Amazon طريقة FBA لأتمتةِ عمليّة ملء استمارة الطَّلب للبائعين.
كي تصبح قادراً على قيادة فريقك لإيجاد شرارةِ الإلهام وفجوةٍ في السُّوق يُمكنك سدُّها، فعليك أن تتعلَّم أن تطرحَ الأسئلة المناسبة، مثل: ماذا تُقدِّم بدائل منتجك الموجودة في السُّوق؟ ما تقييم أدائها؟ ما مدى رضا العملاء؟ ما نوع الشَّكاوى المرتبطة بهذه العروض؟ هل يُقدّم هذا فرصةً لشركتك للبناء عليها وتحسينها؟
لقد أدركت Daytona وجود ثغرةٍ هامَّةٍ في الخدمة، وبينما نجح Codespaces نجاحاً هائلاً مع المطوِّرين الأفراد وفِرق التَّطوير الصَّغيرة في تحسين تجربة التَّطوير لديهم، لم يُقدِّم عرضُها الكثير على مستوى المؤسَّسات والمشاريع الكبرى؛ لهذا جاء بناء Daytona ليسمح لهذه الشركات بوصولٍ كاملٍ لبناء بيئات تطويرهم ودمج مجموعةٍ كبيرةٍ من بيئات التَّطوير المتكاملة مع أدوات تطويرٍ من اختيارهم أثناء استضافتهم على خوادمها المحليّة أو خوادم السحابة.
شاهد أيضاً: 4 كتب لتعزيز التفكير الابتكاري والنجاح الريادي
أعط الأولوية لثقافة التفكير الاستشرافي
عندما تقود فريقاً في مجالٍ ينمو بتطوُّرٍ ثابتٍ سريعِ الوتيرة، فمن المنطقيّ أن تؤسّسَ فريقاً للابتكار المزعزع، فأنت كقائدٍ لا تعرف كلَّ شيءٍ، وقد يضمُّ فريقكَ أناساً من كلّ المستويات المتنوّعة التي تحتاجها في الخبرة والاختصاص، إذ إنّ عملك هنا هو التَّنظيم والتَّحفيز والإشراف بشكلٍ رئيسيٍّ، أنت لست الشَّخص العمليَّ هنا، أنت صاحب الرؤية لفريقك أو لمؤسَّستك، ومسؤوليَّتك هي إيصال رؤيةٍ مقنعةٍ ورسم المسار الذي يُمكن لمؤسَّستك اتِّخاذه لتكونَ في الطَّليعة.
استخدم معرفتك بصناعتك لمراقبة الاتّجاهات والتكنولوجيا الناشئة، وبذلك تكون أوَّل من يتبنَّاها، وفوق ذلك، ينبغي أن تتجاوزَ قدرتُك مجرَّدَ التَّكيُّف السَّريع مع المتغيِّرات، وتتعدَّاها لتَّتخذَ نهجاً أكثر استشرافاً بحيث يتوقَّع التَّحوُّلات في الصِّناعة، كما ينبغي أن تضمنَ أنَّ فريقك بأكمله يتمتَّع بالعقليّة نفسها.
تكون ثقافة التَّفكير الاستشرافيِّ غالباً هي الفَرق بين التَّقدُّم للأمام والتَّراجع للوراء، اسأل نوكيا Nokia عن ذلك، اعتقد كثيرٌ من الخبراء في مجال الهواتف الذكية أنَّ Nokia وصلت إلى القمّة عندما اخترعت لوحة المفاتيح QWERTY للهواتف الذكية، لكنَّ الشَّركة تراجعت لفترةٍ؛ لأنَّها توقَّفت عن الابتكار، وهنا جاءت شركة Blackberry لتتولَّى السَّيطرة في هذا المجال عند إنشائها تجربة هاتفٍ محمولٍ أكثر صداقةٍ للمستخدم، لكنَّها تراجعت أيضاً، وفي هذه المرحلة أتى دور Apple، العلامة التجارية التي تبنّت الابتكار المزعزع باستمرارٍ، واليوم ما زالت Apple أكبر شركة في العالم للهواتف الذكية وكانت أكثر الشَّركات الأمريكيَّة ربحاً في عام 2022.
شاهد أيضاً: رحلة النجاح في 2024: كيف ستشكل صيحات الابتكار نموك؟
الابتكار من الصّفر أمرٌ صعبٌ للغاية وغالباً ما يكون غير ضروريٍّ، إن كنت في حيرةٍ من أمرك بما يخصُّ قيادة شركتك نحو المستقبل من خلال الابتكار، فهذه الاستراتيجيَّات التي ذكرتُها هنا ستساعدك حتماً، أسِّس فريقاً ذا تفكيرٍ مستقبليٍّ، وألهمهم لتطوير مهاراتهم ولإبقاء أصابعهم على نبض السُّوق، بهذه الطَّريقة عندما تلوح لك فرصةٌ ما، ستكون مسلَّحاً بالمعرفة والمهارات اللّازمة لاختبارها رجعيَّاً ولإطلاق العرض الأفضل في الوقت الأمثل.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.