كيف تجعل مديرك يتقبّل التغيير؟ إليك 4 طرق فعالة
استراتيجيات مميزة لخلق مدراء مرنيين قابلين للتكيّف مع مختلف التطورات الحديثة في عالم الأعمال المُتجدّد باستمرار
في زمن العمل عن بعد، من الأهميَّة بمكانٍ أن تظلَّ حاضراً في أذهان الآخرين حتَّى وإن كنت بعيداً عن الأنظار، فما يزال العالم يدور حول السُّؤال: "ماذا قدَّمت لي مؤخَّراً؟". لن يروي أحدٌ قصَّتك بطريقتك أو بإتقانك؛ لذا يجب عليك أن تضمنَ أن رسالتك تُسمع وسط الضَّوضاء وتصل إلى الأشخاص المناسبين. [1]
بالمثل، من الضَّروريّ أن تُظهر بانتظامٍ تقديركَ واحترامكَ للمساهمات الكبيرة التي يُقدِّمها زملاؤك ومديروك من أجل مصلحة الشَّركة ونجاحها، حتَّى لو كان عليك في بعض الأحيان أن تتجاوزَ مشاعر الاستياء وأنت تُعبِّر عن ذلك بلطفٍ.
لكن لا شيء يفوق أهميَّة القيام بأقصى جهودك لمساعدة مديرك على النَّجاح، بصرف النَّظر عن سلوكيَّات التَّملُّق والمجاملات المصطنعة، ولا يوجد تحدٍّ أكبر اليوم من محاولة العمل مع مدير يحمل مشاعر الامتعاض تجاه كلّ ما هو جديدٌ وحديثٌ في عالم التُّكنولوجيا، أو يخشى منها أو يُقلِّل من أهميَّتها أو -الأسوأ من ذلك- أنَّه ببساطةٍ لا يتفهَّم أو يدرك الحاجة إلى الأدوات والتّقنيَّات الجديدة التي يجب على كلِّ شركةٍ استخدامها للبقاء تنافسيَّة في العصر الرَّقميّ.
بينما يكون بعض المديرين التَّنفيذيين الأكبر سنَّّاً في أيّ مؤسَّسةٍ متشبّثين بأساليبهم القديمة في العمل إلى درجةٍ تجعلهم غير راغبين بأيّ شيءٍ جديدٍ، وبالتَّالي غير قادرين على تعلُّمه، فإنَّ الحالة الأكثر شيوعاً -خاصَّةً في الشَّركات التي تُركِّز على التُّكنولوجيا (وأيُّ الشَّركات ليست كذلك هذه الأيَّام؟)- هي أنَّك ستتعامل مع شخصٍ يفضِّل الموت على أن يوضع في موقفٍ يدعو إلى الإحراج، هذا أولاً، وثانياً ليس خائفاً من التَّغيير بقدر ما هو خائفٌ من الظُّهور بمظهر الغبي، وثالثاً، قلقاً من أنَّ العديد من المهارات والمواهب الشَّخصيَّة التي تمَّ تطويرها على مدى عقودٍ ستصبح أقلَّ فائدةً، ومنقوصةَ القيمة، وحتَّى معوقات للنُّموّ المستقبليّ، وهكذا نجد أنَّ قدرة الشَّخص الكبير على تعلُّم أشياءٍ جديدةٍ تتناسب طرديّاً مع تحمُّله للإحراج.
وهذه ليست مشكلة تتعلَّق بالعمر أو النُّضج فحسب، إلى حدٍّ ما، جميعنا نخاف من المجهول ومن أيّ شيءٍ لا نفهمه، وجميعنا نهتمُّ بنظرة الآخرين إلينا ولا نرغب في تجربة مشاعر الإذلال أو الخزي، وكلُّنا يدرك أنَّه على الرَّغم من أنَّنا نعتمد بشكلٍ متزايدٍ على التُّكنولوجيا، فإنَّ لدينا سيطرةً أقلَّ بكثيرٍ إلى ما قد تأخذنا إليه، فالتَّغيير الفعَّال لا يقوده أبطالٌ لا يأبهون بمشاعر الخوف، بل السَّاعون بجدٍّ، والماضون بعزمٍ وثباتٍ، متحدِّين مخاوفهم ومواصلين المضي قدماً بإصرارٍ.
شاهد أيضاً: أنواع المدراء: قل لي أيّهم مديرك، أقل لك كيف تتعامل معه
لذا، إذا كنت ممن أضناه العمل تحت إمرة مديرٍ لا يدرك أهميَّة الأمر ببساطةٍ، ولا توجد طريقةٌ لتجاوز المشكلة، فسيتعيَّن عليك تطوير خطَّةٌ للتَّعامل مع الموقف، لكن للأسف، كلُّ حالةٍ تختلف حسب نمط الشَّخصيَّة، والخبرة النّسبيَّة والخلفيَّة التّقنيَّة، وغيرها من الاعتبارات الماديَّة، ولكن توجد بعض الأشياء التي لا تتغيَّر أبداً، ومن منظورٍ نفسيٍّ، هناك أربع أفكارٍ أساسيَّةٍ يجب تذكُّرها عند القيام بإحدى هذه المهمَّات الصَّعبة التي تُقابل عادةً بالجحود:
أولاً، كن صريحاً بشأن الأمور التي تحاول تحقيقها، وبكيفيَّة تنفيذها على النَّحو الذي ترجوه، وبسبب كونها مهمّةً لجميع الأطراف المعنيَّة، وصحيح أنَّه من الصَّعب أن تكون منفتحاً تماماً منذ البداية، ولكن تذكَّر أنَّ هذا يعود بالفائدة على الجميع، ويجعل الأمور أسهل وأكثر جدوى على المدى الطَّويل، فليس من المفترض أن تكونَ العلاقات القويَّة سهلة المنال على أيِّ حالٍ، بل يجب أن تكونَ صريحةً وصادقةً، والثّقة المتبادلة أمرٌ أساسيٌّ لأنَّ العمليَّة التَّعليميَّة، بما في ذلك الشَّرح، والعرض، والتَّصحيح، والتَّكرار، تتطلَّب استعداداً من المدير لضمان وصول المعلومة، وقدرةً على قبول النَّقد البناء، ورغبةً صادقةً، والتزاماً جادّاً لتعلُّم المفاهيم والأفكار الجديدة وتطبيقها، وذلك كلُّه من أجل تحقيق أقصى استفادةٍ للشَّركة.
ثانياً، ضع أهدافاً متواضعةً وواقعيَّةً للعمليَّة، وطوَّر أطراً زمنيَّةً مرنةً، واتَّفق على معالم مشتركةٍ بسيطةٍ، وتذكَّر أنَّ الهدف الرَّئيسيَّ ليس تأسيس عالم صواريخ جديدٍ للفريق، بل تقديم هيكلٍ أساسيٍّ وإطارٍ تقنيٍّ لتنظيم الأفكار والمفاهيم الجديدة، وبناء فهمٍ تصوريٍّ لكيفيَّة عمل التَّقنيَّات الجديدة دون الدُّخول في التَّفاصيل الدَّقيقة، وتقديم أمثلةٍ حاليَّةٍ وتشبيهاتٍ للطُّرق والعمليَّات الرَّاهنة للمساعدة في سدّ الفجوات للوصول إلى الحلول المستقبليَّة، إذ يمكن لمجرَّد مثالٍ جيدٍ واحدٍ أن يعادلَ ألف تفسيرٍ نظريٍّ.
ثالثاً، عليك أن تعي أنَّ أحد أهمِّ أجزاء العمليَّة ينطوي على تحلِّي الجميع بقدرٍ كبيرٍ من الصَّبر، فلا تحاول أن تسابق الزَّمن وتسعى إلى الوصول إلى القمَّة بين عشيةٍ وضحاها، فهناك تأخيراتٌ وإخفاقاتٌ مبكِّرةٌ قد تحدث، وسوف تطرأ أمامك بالتَّأكيد مخاوف وتواجهك مشكلاتٌ شخصيَّةٌ أثناء تقدُّمك، ناهيك عن المقاطعات المزعجة والأمور المحبطة أيضاً، لكن ما يشفع في الأمر هو أنَّ معظم المديرين النَّاجحين -بحكم التَّعريف- هم مرنون وقادرون على التَّكيُّف ويفهمون أنَّ الطَّريق نادراً ما يكون مستقيماً دون وجود عوائق أو مطبَّاتٍ.
ويعدُّ الزَّمن، في هذه الحالة النَّادرة، في صالحك لأنَّك تحاول بناء علاقةٍ شوريَّة طويلة الأمد، وفي الوقت ذاته تسير على خطٍّ رفيعٍ، بين المدير والصَّديق، وبين السَّيطرة والنَّقد. وعليك أن تعلمَ أنَّ لا أحد -وخاصَّةً القادة- يرغب في التَّنازل عن السَّيطرة، وبينما يطلب الجميع النَّقد في بعض الأحيان، لكن في الواقع هم يبحثون فقط عن الثَّناء، ليس من الصَّعب العثور على ثغراتٍ أو أخطاء أو عيوب في محاولات شخصٍ ما لتعلُّم مفاهيم جديدةً، لكنَّ الحيلة الصَّعبة هي البناء على ما تعلموه، لملء الفجوات وإصلاح الثَّغرات، وتجنُّب إحراجهم أو إحباطهم حتَّى لا يتخلَّوا عن الجهد تماماً، لا يُعدُّ الأمر اختباراً أو تجربةً، بل استثماراً مشتركاً للوقت والجهد من أجل الوصول في النّهاية إلى مكانٍ أفضل.
رابعاً، يمكنك التَّحكُّم في النَّتيجة وضمان أن تكونَ إيجابيَّةً -مهما كانت متواضعةً وعابرةً- لأنَّ الشَّخص الذي يتحكَّم في تعريف المشكلة (أو الموقف) يتحكَّم في النّهاية في الحَلِّ، فإذا كنت شخصاً متمكّناً من عملك ومستقرّاً فيه، وإذا تجاهلت التَّعليقات والآراء من الآخرين الذين ليسوا مشاركين ومستثمرين في النَّتيجة، وإذا وضعت بعض المقاييس البسيطة، وإذا حدَّدت تاريخ انتهاءٍ ثابتٍ للعمليَّة، فأنت وحدك تحصل على شرف وامتياز إعلان النَّصر، وفي نهاية المطاف، لا تكمن الأهميَّة في الأمور التي تعلمها المدير وحسب، بل في ما تعلمه منك وعَرِفه عنك وعن عمليَّة التَّعلُّم ذاتها، وهذا هو المعنى الحقيقيُّ الذي تدور حوله هذه الخطَّة بأكملها.