الانفتاح على التجارب الجديدة: مفتاح النجاح الشخصي والمهني
تعرّف على إحدى أهم السّمات الشّخصية التي تُسهم في تعزيز نجاحك، من خلال التّكيّف مع التّغيرات والاستفادة من الفرص الجديدة
تُعتبرُ السّماتُ الخمس الكبرى للشّخصيّة من أهمّ المفاهيم التي تُساعد الأفراد على فهم أنفسهم بشكلٍ أعمقٍ، ومن بين هذه السّمات، يحتلُّ الانفتاح مكانةً خاصّةً، إذ يُعبّر عن مدى استعداد الشّخص لتجربة أشياء جديدةٍ واستكشاف أفكارٍ غير مألوفةٍ، ولكن كيف يُمكن للأشخاص الّذين يتمتّعون بذكاءٍ عاطفيٍّ أن يستخدموا سمة الانفتاح لفهم أنفسهم بشكلٍ أفضلٍ؟
تخيّل أنّ صديقاً أو زميلاً يقترحُ عليكَ التّسجيل في دورةٍ تدريبيّةٍ، بناءً على اهتمامٍ أبديتهُ سابقاً، وتتاح لك الفرصة للبدء في الأسبوع القادم، لكن ردّكَ الأوّلي قد يكشف عن مستوى انفتاحك على التّجارب الجديدة، فإذا كان ردّك متحفّظاً للتّراجع، فقد يعكس ذلك ميلكَ نحو التّمسك بالمألوف وتجنّب التّغيير، أمّا إذا كُنت متحمّساً ومهتمّاً بخوض التّجربة، فهذا يشيرُ إلى أنّك شخصٌ منفتحٌ على الأفكار الجديدة والتّجارُب المُختلفة.
الانفتاح ليس مجرّد سمةٍ شخصيّةٍ عابرةٍ، بل هو عاملٌ محوريٌّ يُؤثّر على كيفيّة تعاملنا مع الحياة وتفاعلاتنا اليوميّة، كما أنّ فهم مدى انفتاحكَ يُساعدك في تحديد نقاط قوّتك وتطويرها، بالإضافة إلى التّعرف على نقاط ضعفكَ والعمل على تحسينها، سواء كُنتَ تواجه تحديّاتٍ جديدةً في العمل، أو تتعرّف على أشخاصٍ جُددٍ، فإنّ درجة انفتاحكَ تلعب دوراً كبيراً في كيفيّة تعاملكَ مع هذه المواقف.
لماذا الانفتاح مهمٌّ؟
فهم مدى انفتاحكَ يُعدّ أمراً حيويّاً لتحقيق النّجاح الشّخصيّ والمهنيّ؛ لأنّ الانفتاح يمنحكَ القدرة على التّكيّف مع الظّروف المتغيّرة بسهولةٍ، والاستفادة من الفرص الجديدة الّتي قد لا يراها الآخرون، فهو يُمكن أن يكونَ مصدر إلهامٍ وإبداعٍ في حياتكَ، ممّا يساعدكُ على اكتشاف جوانب جديدةٍ في نفسكَ، وفي العالم من حولكَ. على سبيل المثال، إذا كُنتَ شخصاً منفتحاً، فقد تجد أنّ التّغيرات في مكان العمل أو الحياة الشّخصيّة تُمثّل فرصاً للتّطوّر، بدلاً من كونها تحديّاتٍ مرهقةٍ، فهذا التّفاؤل والانفتاح على الجديد يُمكن أن يُعزّز من قدرتك على الابتكار وتحقيق إنجازاتٍ غير مسبوقةٍ.
كيف يظهر الانفتاح في الحياة اليوميّة؟
الأشخاص الّذين يتمتّعون بالانفتاح العالي يميلون إلى التّمتُّع بالأنشطة الّتي تتطلّب التفكير الإبداعي والتّفاعل مع الثّقافات المختلفة، فقد تجدُ هؤلاء الأشخاص يستمتعون بالسّفر وتجربة أطعمةٍ جديدةٍ، أو أنّهم دائماً يبحثون عن مغامراتٍ جديدةٍ لتجربة أشياء غير مألوفةٍ، وفي العمل يتألّقون في البيئات الدّيناميكيّة الّتي تتطلّبُ التّعامل مع التّغيّرات السّريعة والمستمرّة. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أنّ الانفتاح المُفرط قد يؤدّي أحياناً إلى التّشتت وصعوبة التّركيز على الأهداف طويلة الأمد، وقد يجد الأشخاص الذين يتمتّعون بانفتاحٍ كبيرٍ أنفسهم متنقّلين من مشروعٍ لآخر، دون أن يحقّقوا نتائج ملموسةً في أيٍّ منها.
في المقابل، إذا كان مستوى انفتاحكَ منخفضاً، فقد تجدُ الرّاحة في الرّوتين والثّبات، فهذا يجعلكَ أكثر قدرةً على التّحمّل في مواجهة المهامّ الرّتيبة أو المُتكرّرة، والّتي قد يجدها الآخرون مملّةً، ولكن يجب الحذر من أنّ انخفاضَ الانفتاح قد يُقيّد فرصتكَ في اكتساب خبراتٍ جديدةٍ أو تطوير علاقاتٍ جديدةٍ قد تكون مفيدةً ومثيرةً للاهتمام.
كيف تستخدم الانفتاح لصالحك؟
من خلال معرفة مكانكَ على مقياس الانفتاح، يُمكنكَ تحديد الاستراتيجيّات الّتي تُتيحُ لك الاستفادة القصوى من هذه السّمة، فإذا كُنتَ تنتمي إلى الفئة المُنفتحة، حاول الاستفادة من هذا الفضول الفطريّ لتطوير مهاراتٍ جديدةٍ ومواجهة تحديّاتٍ قد يخشى الآخرين مواجهتها، أمّا إذا كُنتَ من الفئة الأقلّ انفتاحاً، فحاول مواجهة الخوف من المجهول بخطواتٍ صغيرةٍ مدروسةٍ تُساعدك على التّكيّف مع التّغيير تدريجيّاً.
في النّهاية، تذكّر أنّ النّموّ الشّخصيّ يأتي من معرفة الذّات والعمل على تطويرها باستمرارٍ، وبغضّ النّظر عن مُستوى انفتاحكَ، فإنّ إدراكَ هذه السّمات والعمل على تحسينها يُتيحُ لك الاستفادة القصوى من قدراتكَ وإمكاناتكَ.