الأنشطة خارج الميزانية: كيف تؤثر على شفافية الشركات؟
يطرح التّوازن بين إخفاء بعض الأصول وتدعيم سيولة الشّركة تساؤلاتٍ حول مرونة الأنشطة الماليّة وقدرتها على تقديم صورةٍ واضحةٍ للوضع الماليّ
الأنشطة خارج الميزانية أو ما يُعرف بـ "off-balance sheet" مصطلحٌ يُثير الفضول لدى المختصّين الماليّين والمستثمرين على حدٍّ سواء، ويُشير هذا المفهوم إلى العمليّات أو الأصول الّتي لا تُدرَج في الميزانيّة العموميّة، ممّا يمنح الشّركات مرونةً ماليّةً إضافيّةً، ويُتيح لها إخفاء بعض الالتزامات الظّاهرة، بينما يُمكن أن تكونَ هذه الاستراتيجيّة مفيدةً؛ لتعزيز مظهر الشّركة الماليّ وتحقيق أهدافها التّمويليّة، تظلّ مسألة الشّفافيّة الماليّة وإدارة المخاطر المُتعلّقة بالأنشطة خارج الميزانية محطّ نقاشٍ واسعٍ في عالم المال والأعمال.
مفهوم خارج الميزانية
أنشطة أو أصول خارج الميزانية هي عبارةٌ عن التزامات أو موارد ماليّة لا يتمّ تسجيلها مباشرةً في الميزانية العموميّة للشّركة، ما يُتيح للشّركات بعض المرونة في تحسين صورتها الماليّة الظّاهرة، وغالباً تشمل هذه الأنشطة أدواتٍ ماليّةً أو أصولاً معيّنةً كالقروض، والتّأجير التّمويليّ، أو التّزاماتٍ أخرى. تُظهر هذه الحسابات جانباً مختلفاً من القوّة الماليّة للشّركة وقدرتها على إدارة المخاطر والسيولة، دون أن تتأثّر بشكلٍ مباشرٍ بجوانب الحوكمة الماليّة التّقليديّة.
أهمية الأنشطة خارج الميزانية
تكمن أهمية الأنشطة خارج الميزانية في عدّة عوامل تُسهّل عمليّة التّمويل دون تأثيرٍ مباشرٍ على مؤشّرات الدَّين الظّاهر، وتساهم هذه الأنشطة في زيادة خيارات الشّركة التّمويليّة، وتجعل التزاماتها الظّاهرة أقلّ من تلك الحقيقيّة، ممّا يُعزّز استقرارها الماليّ ويجذب المستثمرين. ولكن، هذا الاستخدام يجب أن يتّسمَ بالحذر؛ لأنّ المبالغة فيه قد تؤدّي إلى مشاكل في الشّفافيّة، وتجعل الوضع الماليّ للشّركة معقّدَ الفهم.
أمثلة على الأنشطة خارج الميزانية
هناك العديد من الأصول والالتزامات التي تُصنَّف خارج الميزانية، منها:
- التّأجير التّمويليّ: يُمكِّن الشّركات من استخدام الأصول، مثل العقارات والمعدّات، دون إثقال الميزانيّة، حيث يُسجّل التّأجير التّمويليّ كالتزامٍ شهريٍّ فقط.
- التّعهّدات والكفالات: مثل الضّمانات المصرفيّة الّتي تصدرها الشّركات لصالح جهاتٍ أُخرى؛ لا تُسجَّل كدينٍ إلّا في حال تحقيق شروط الضّمان.
- التّوريدات الماليّة الخاصّة: تشمل حسابات الإدارة الماليّة للأصول الّتي تُباع وتبقى قيد التزامات الشّركة أو تُستخدم كاستثمارٍ لصالح طرفٍ ثالثٍ.
آلية عمل الأنشطة خارج الميزانية
تتطلّب آليّة عمل الأنشطة خارج الميزانية إعداد تقارير ماليّةٍ إضافيّةٍ، حيث تُدرَج الالتزامات أو الأصول فقط في حالاتٍ معيّنةٍ يُحدّدها المحاسبون وفقاً للمعايير المحاسبيّة، وتعمل هذه الأنشطة غالباً كحمايةٍ إضافيّةٍ للشّركات، تسمح لها بتركيز التزاماتها في حساباتٍ منفصّلةٍ عن الميزانيّة العامّة، ما يعطي مرونةً إضافيّةً في توظيف رأس المال وإدارة التّدفقات النّقديّة.
تأثير الأنشطة خارج الميزانية على الشفافية المالية
يُعدّ استخدام الأنشطة خارج الميزانية سيفاً ذا حدّين؛ فهو يُعزّز قدرة الشّركات على المناورة الماليّة، ولكنّه قد يُخفي بعض التزاماتها الفعليّة، ممّا يجعل المحلّلين الماليّين والمستثمرين أكثر حرصاً عند تقييمهم للشّركات الّتي تعتمد عليها بشكلٍ كبيرٍ، وتعدّ هذه الممارسات ملائمةً فقط إذا أُديرت بشفافيّةٍ كاملةٍ، وأفصحت الشّركة عنها بوضوحٍ في تقاريرها الماليّة.
أخيراً، تُصبح الأنشطة خارج الميزانية أداةً فعّالةً في الشّركات الّتي تتطلّع؛ لتوسيع عمليّاتها دون التّأثير الكبير على نسبة الدّيون الظّاهرة.