الاتفاقيات الإطارية: تركيز أفضل على الإنتاجية والإبداع
تعرّف على العقود طويلة الأجل التي تُسهِّل المعاملات المّستمرّة بين جهتين أو أكثر، دون إهدار الوقت والطاّقة في المفاوضات.. فكيف تتم؟
انتشرت الاتفاقيات الإطارية في كلِّ أنواع الصِّناعات تقريباً، فبعدَ أن كانت شبه مُقتصرةٍ على مجال العقارات والبناء والتَّشييد والمشروعات الحكوميَّة العملاقة فقط، أصبحت شديدةَ الأهميَّة في عالمٍ متسارعٍ بشدَّةٍ لكلِّ أنواع التَّعاقدات التّجاريَّة، فقد أصبحَ التَّحوُّل السَّريع ضرورةً لا غنى عنها لمواكبة المتطلَّبات السُّوقيَّة شديدة التَّنافسيَّة؛ لذا فإنَّ الشَّركات أصبحت تستخدمُ الاتفاق الإطاري لاستثمار أفضل للموارد البشريَّة وتوفير الوقت وعدم إهداره في إجراء المزيد من المفاوضات عند كلِّ مرحلةٍ من مراحل تسليم المشروعات المختلفة، وخصوصاً الحكوميَّة منها.
فما هي الاتفاقيات الإطارية؟ وما أهمّ أنواعها، ومميزاتها، وعيوبها، وطريقة تفادي تلك العيوب؟ وما أهمُّ العناصر الَّتي يجبُ أن تتضمّنها الاتفاقية الإطارية وطريقة إجرائها بطريقةٍ صحيحةٍ تضمن حقوق كلّ الأطراف؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرَّفُ عليه الآن.
ما هي الاتفاقية الإطارية؟
الاتفاقية الإطارية عبارةٌ عن علاقةٍ تعاقديَّةٍ مكوَّنةٍ من مرحلتين تُحدِّد الشُّروط الأساسيَّة للعقود الفرديَّة اللَّاحقة الَّتي تتمُّ على العقد الأصليّ بين طرفين، ويُمكن بمقتضاها إدخال مورِّد أو مورِّدين آخرين إلى العقد، وتحدُّد مسبقاً مجموعةً من القضايا، مثل التَّسعير والجداول الزَّمنيَّة للتَّسليم ومعايير الجودة وغيرها، وهي عادةً ما تكون مرتبطةً بالمشروعات الَّتي تتطلَّب تسليماً على مراحل مُتكرّرةٍ، وليس لمرَّةٍ واحدةٍ، مثل توريدات المشروعات الحكوميَّة والمدارس والجامعات والمصانع وغيرها، ممَّا يضع حدوداً واضحةً للمواصفات القياسيَّة والسّعر ومواعيد التَّسليم وأماكنه وغيرها لفترةٍ طويلةٍ دون الحاجة لإعادة المفاوضات من جديدٍ على كلّ عمليَّة تسليمٍ. [1]
فإذا دخلَ طرفان في تعاقدٍ ما، ثُمَّ حدثت تطوّراتٌ جديدةٌ تفرضُ بنوداً إضافيّةً، فإنَّ الاتفاقات الإطارية تُوفِّر وقت ومجهود إعادة التَّفاوض، فهي تكون محدَّدةً بفترةٍ زمنيَّةٍ معيّنةٍ لا تزيد عادةً عن 3 سنواتٍ، فهي ليست اتفاقاً نهائيّاً، كما أنَّها غير مُلزمةٍ إلَّا عند إجراء المعاملة بالفعل، ولكنَّها تضعُ بعض المعايير الأساسيَّة اللَّاحقة على العقد الأساسيّ، ممَّا يزيدُ من قدرة العناصر البشريَّة على التَّركيز على الإنتاج والإبداع وإطلاق الإمكانات الكاملة لكلِّ فريقٍ دون عبء المفاوضات الزَّائدة؛ نتيجة الظُّروف الاقتصاديَّة والتَّنافسيَّة المُتغيّرة، فهي إذاً بمثابة إطارٍ أساسيٍّ لربط كلِّ العقود الفرديَّة اللَّاحقة بطريقةٍ تفصيليَّةٍ سواءً مع طرفٍ واحدٍ أو أكثر.
فإذا طلبت جهةٌ حكوميَّةٌ توريد مجموعةٍ من المستلزمات التّقنيَّة أو المكتبيَّة أو غيرها، وكان هذا التَّوريد سيكون مُتكرِّراً على فتراتٍ مُتقاربةٍ خلال 3 أو 4 سنواتٍ، فإنَّ الاتِّفاق الإطاريَّ يُحدِّد مسبقاً شروط تسليم كلِّ مرحلةٍ ومواصفات الجودة والسِّعر أو نسبة الزِّيادة في السِّعر وغيرها من العناصر، وقد أصبحت الشَّركات تستخدمُ الطَّريقة نفسها في المعاملات المُتكرِّرة أيضاً.
مميزات وعيوب الاتفاقيات الإطارية
تتمتَّعُ الاتفاقيات الإطارية بالكثيرِ من المميزات، إلَّا أنَّها تحتوي أيضاً على بعض العيوب الَّتي يجبُ الانتباه إليها قبل التَّعاقد؛ لتجنُّب أيّ خلافاتٍ مستقبليَّةٍ بين أطراف العقد، فما هي أهمُّ المميزات والعيوب؟ [2]
مميزات الاتفاقيات الإطارية
- المرونة: يُمكن في الاتفاق الإطاري تحديد شروط والتزامات كلِّ طرفٍ بما يتلاءم مع نظرتهِ المستقبليَّة لوضع السُّوق.
- الشُّروط الموحَّدة: شروطها تنطبق عادةً على كلّ الأطراف بالتَّساوي.
- إمكانيَّة إجراء تعديلاتٍ: على الرَّغم من الشُّروط الموحَّدة، إلَّا أنَّه يُمكن إضافة بنودٍ عند وجود طوارئ أو حوادثٍ كُبرى غير متوقَّعةٍ.
- تغطية أكثر من معاملة: فهي تختلف عن العقود العاديَّة في تغطية أكثر من معاملة خلال فترةٍ زمنيَّةٍ من 3-4 سنواتٍ، ممَّا يُغني عن التَّفاوض من جديدٍ.
- توفير التَّكاليف: من خلال الاتِّفاق المُسبق على الأسعار أو نسب الزِّيادة فيه مع توحيد المعاملات، فإنَّ التَّكلفة تكون أقلّ على المدى البعيد.
عيوب الاتفاقيات الإطارية
رغمَ وجود مميّزات الاتفاقيات الإطارية، إلَّا أنَّ هناك عيوباً يجبُ الانتباهُ إليها عند الاتّفاق عليها، ومنها:
- عدم السَّيطرة: وهو واحدٌ من أكبر عيوب الاتفاقيات الإطارية، حيث تتطلَّبُ من الأفراد الالتزام بمعايير وإجراءاتٍ مُحدَّدةٍ، بمّا يحدُّ من قدرتهم على الابتكار أو إجراء التَّغييرات، كما قد ينصُّ الاتِّفاق على قدرة طرفٍ من الأطراف على إلغاء الاتفاقيَّة، ممَّا يُعرِّض الآخرين للخطر.
- تقاسم المخاطر: تنصُّ الاتفاقيات الإطارية على تقاسم مخاطر العمليَّة التِّجاريَّة، ممَّا قد يضع طرفاً من الأطراف في أزمةٍ إذا لم يلتزم أحدهم أو أكثر بمسؤوليَّاته في سلسلة التَّوريد والتَّوزيع والإنتاج.
- المنافسة المحدودة: فهي تتطلَّب في الكثير من الأحيان، عمل مجموعةٍ من الأطراف معاً لفترةٍ طويلةٍ، ممَّا يحدُّ من القدرة على إضافة عناصر أكثر كفاءةً ما لم ينصُّ الاتِّفاق الإطاريّ على خلاف هذا.
- التَّعقيد القانونيُّ: فهي تتطلَّب صياغةً دقيقةً للغاية لمنع الخلاف والتَّفسيرات المزدوجة بين الأطراف؛ لذا فهي تتطلَّبُ مفاوضاتٍ مُرهقةً في البداية؛ ليصل كلُّ طرفٍ للصِّيغة المناسبةِ لعملهِ.
أنواع الاتفاقيات الإطارية
اعتماداً على عددِ الأطراف المشاركين تتعدَّدُ أنواع الاتفاقيات الإطارية سواءً لشريكٍ واحدٍ أو عدَّة شركاءٍ، كما أنَّ هناك اختلافاتٌ في الصِّياغة القانونيَّة، بناءً على مدى شمول تحديد شروط الخدمات، وهذه الأنواع هي:
- الاتفاقيَّات الإطاريَّة النّهائيَّة: وهنا تُحدِّد الاتفاقيَّة بالفعل جميع شروط الطَّلبات الفرديَّة من إنتاجٍ وتسليمٍ وتوزيعٍ وسعرٍ وغيرها دون الحاجة إلى المزيد من المفاوضات، وهي ملائمةٌ عادةً في ظروفٍ سوقيَّةٍ مستقرَّةٍ.
- اتفاقيَّاتٌ إطاريَّةٌ غير نهائيَّةٍ: وهي ترصدُ بوضوحٍ أنَّ بعضَ البنود قد تكون قابلةً لإعادة التَّفاوض من جديدٍ وفقاً لظروف السُّوق المتغيِّرة.
ومن حيث صياغة عقود التوريد الإطارية هناك نوعان أساسيَّان من العقود، هما:
- عقودٌ مُلزمةٌ: في هذه الحالة يحقُّ للعميل إرسال طلباتٍ فرديَّةٍ إلى الشَّريك المتعاقدِ، ممَّا يُنشئ التزاماً بالتَّسليم، ويلتزم المقاول بقبولِ وتنفيذ الأوامر في إطار الاتفاقيَّة، ولتجنُّب سوء الفهم يجبُ ذكر الالتزام بالشِراء بوضوحٍ في العقد.
- عقودٌ إطاريَّةٌ غير مُلزمةٍ: وهي عقودٌ تُحدِّد فقط الشُّروط العامّة إذا حدثت معاملاتٍ مستقبليَّةً بين العميل وأطراف أُخرى، ولكن هذا لا يُلزم أيَّ طرفٍ بإجراء معاملاتٍ أو قبولها، ويجب ذكر عدم الالتزام بالإبرام بوضوحٍ في هذا النَّوع من العقود لتجنُّب سوء الفهم.
بنود الاتفاق الإطاري
لا بدَّ للاتفاقيات الإطارية أن تحتوي على بنودٍ مُحدَّدةٍ تُشكِّل الأساس لعلاقة عملٍ ناجحةٍ، وهذه البنودُ هي: [3]
- الوصف الدَّقيق للخدمة: يقعُ وصفُ الخدمة في قلب الاتفاقية الإطارية، ويتضمَّن تعريفاً دقيقاً لنطاق التَّسليم أو تقديم الخدمة مع جميع مواصفات الجودة المطلوبة بأكبرٍ قدرٍ ممكنٍ من التَّفصيل والوضوح لمنع أيِّ لَبسٍ أو سوء تفاهمٍ مستقبليٍّ.
- التَّسعير وشروط الدَّفع: وهي تُحدِّدُ موعد وكيفيَّة الحصول على المستحقَّات الماليَّة، وأيّ الظُّروف الَّتي يُمكن بسببها تعديل هذه الشُّروط، والمواعيد النِّهائيَّة وفقاً لأسوأ وأفضل التَّوقُّعات.
- بنود التَّعديل: وهي الَّتي تضمنُ مرونة الاتفاقيَّة الإطاريَّة بما يتلاءم مع والسُّوق، وتضمُّ هذه البنود جميع التَّوقُّعات الممكنة، والَّتي قد تُغيِّر من ظروف التَّسليم أو شروطه أو أسعاره وفقاً لكلِّ حالةٍ.
- مدَّة الاتفاقيَّة: ويجب أن تُحدَّد بوضوحٍ تامٍّ في العقد مع خيارات إلغاءٍ مرنةٍ عند وجود أحداثٍ غير متوقَّعةٍ نهائيّاً، مع خيارات التَّمديد وتحديد فترات الإشعار الَّتي تمنح كلا الطَّرفين إمكانيَّة التَّصرُّف.
- مبادئ المسؤوليَّة: وتحدَّد العقوبات أو الغرامات على الطَّرف الَّذي لا يلتزم ببنود العقد، سواءً من حيث جودة المواصفات أو موعد التَّسليم أو حدوث أيّ ضررٍ.
- طريقة حلّ النِّزاع: تنصُّ الاتفاقية الإطارية على الطَّريقة الَّتي يلجأ إليها الأطراف لحلّ أيِّ نزاعاتٍ قد تنشأ مستقبلاً، سواءً نتيجة تغيُّر الظُّروف أو نتيجة عدم التزام طرفٍ بمسؤوليَّاته.
مراحل الاتفاق الإطاري
مراحل الاتفاق الإطاري بسيطةٌ للغاية، فهما مرحلتان فقط:
- دعوة المورِّد أو المقاول أو الأطراف الأُخرى للاشتراك في الاتفاقيَّة، ويكون هذا عبر مناقصاتٍ أو مزايداتٍ مفتوحةٍ لكلِّ من في الصِّناعة أو عبر المزايدة المحدودة لشركاتٍ بمواصفاتٍ محدَّدةٍ، مع تحديد شروط التَّعاقد مسبقاً.
- إرساء عقود الشِّراء على الشَّركات الَّتي وافقت على الالتزام بالشُّروط.
وهنا يجبُ فهم أنَّ الاتفاقية الإطارية ليست عقداً مُلزماً، ولكنَّها بمثابة مذكَّرة تفاهمٍ، إذ يُمكن للهيئة العامة بعد هذا منح العقد وإصدار أمر الشِّراء لتوفير السِّلع أو الخدمات، كما لا يلتزم المورِّد بالعقد إلَّا عند إجراء المعاملة بالفعل، ويُمكن أن تكونَ الاتفاقيَّة الإطاريَّة مفتوحةً لإضافة مورِّدين آخرين في أيِّ وقتٍ، أو مغلقةً على مجموعةٍ محدَّدةٍ.
كيفية عمل الاتفاقيات الإطارية
لكي تكون الاتفاقيَّة الإطاريَّة واضحةً ولتجنُّب أيِّ خلافاتٍ مستقبليَّةٍ سواءً مع المورِّدين أو الجهات الحكوميَّة أو جهات الإنتاج من الأفضل اتِّباع النَّصائح التَّالية عند عقد الاتفاقيَّة:
- فهم النِّقاط الأساسيَّة للطَّرف الآخر قبل البدء في التَّفاوض على العقد أو التَّقدُّم له، مع تقديم الملاحظات والأسئلة للتَّأكُّد من الفهم التَّامّ للشُّروط والأحكام.
- تحديد أهداف التَّفاوض، خصوصاً بالنِّسبة للشَّركات الخاصَّة فيما بينها؛ لأنَّ الجهات الحكوميَّة تُحدِّد مسبقاً الشَّروط عادةً، وتُعلن عن مناقصاتٍ يدخلها من يقبل بالشُّروط، ولكنَّ معرفة أهداف التَّفاوض وتحديد الأولويَّات بين الشَّركات الخاصَّة أساسيٌّ في طريقة إجراء الاتفاقيَّات الإطاريَّة.
- تقييم المخاطر المحتملة عند إجراء الاتفاقيَّة وتصميم استراتيجيَّاتٍ لتقليل هذه المخاطر على كلِّ الأطراف المشتركة.
- المراجعة القانونيَّة للعقد، وهو الأمر الَّذي قد يتجاهله الكثيرون ممَّا يزيد من النِّزاعات القانونيَّة المستقبليَّة، فلا بدَّ من مراجعةٍ قانونيَّةٍ دقيقةٍ للعقد وضمان عدم احتوائه على شروطٍ مجحفةٍ أو غير قابلةٍ للتَّنفيذ.
- الوضوح بشأن تعديلات العقد، إذ يجب أن يتفهَّمَ كلُّ طرفٍ بوضوح العمليَّات والظُّروف الَّتي قد تفرض تعديلاتٍ على العقد مع تفصيل الخطوات المطلوبة للتَّعديل لضمان تنفيذ العمليَّات مع تجنُّب الصِّراعات.
شاهد أيضاً: 10 استراتيجيات لتجعل أعمالك متقدمة على المنافسين
وفي النهاية، عندما تدخلُ إلى اتفاقية إطارية يجبُ توضيح ما يحدثُ إذا لم تكن هناك اتفاقيَّاتٌ فرديَّةٌ لاحقةٌ، وذلك حتَّى لا تتورَّط في الالتزام الدَّائم بالاتفاقيَّة، إذ يُمكن وضع بندٍ لإلغاء الاتِّفاق إذا لم يُستخدم لفترةٍ زمنيَّةٍ مُحدَّدةٍ مع تحديد أحقيَّة أيٍّ من الطَّرفين في الانسحاب حتَّى إذا كان التَّعامل مع جهةٍ حكوميَّةٍ.
-
الأسئلة الشائعة
- ما معنى منافسة اتفاقية إطارية؟ عندما تُبرم جهةٌ حكوميّةٌ اتفاقية إطارية مع من رست عليه المنافسة في المناقصة، فإنّها تتضمّن الأحكام التي تُحّدد في العقد -وليس الشّروط- بدقّةٍ وتفصيلٍ، وهذا في الحالات التي يصعب بها تحديد حجم المنتجات أو الخدمات، فالمناقصات الحكوميّة يدخلها مجموعةٌ من المنافسين والمورّدين، فيفوز بها أحدهم أو مجموعةٍ منهم، كما أنّ الجهة الحكوميّة لا تكون أحياناً ملزمةً بتنفيذ العقد مع كلّ الجهات المُتنافسة.
- هل الاتفاقية الإطارية ملزمة؟ في الكثيرِ من الأحيان لا تتضمّن الاتفاقية الإطارية التزاماتٍ على المشتري بالشّراء، ولكن في المقابل يلتزم البائع بالتّسليم وفقاً للاتفاقية الإطارية، خصوصاً إذا كانت مع جهةٍ حكوميّةٍ، وإذا كانت الاتفاقية بين شركاتٍ خاصّةٍ بعضها البعض، فيجب أن ينصَّ العقد على إذا ما كان مُلزماً للطّرفين أم لا.