الاجتماعات الفردية: ضرورة لا غنى عنها وسط ازدحام جداول العمل
كيف يُمكن لاجتماع بسيط أن يكون الأداة السّحريّة للتّواصل الفعّال والقيادة النّاجحة؟
يشعرُ الكثيرُ منّا بالإرهاق من كثرة الاجتماعات اليوميّة الّتي تملأ جداولنا، بحيث تُصبح الأيّام مثل رقعة الشّطرنج المُكتظّة بالمربّعات الملوّنة الّتي تُمثّل اجتماعاً بعد الآخر، وقد يصلُ الأمرُ ببعض الشّركات إلى تجربة أساليبَ مبتكرةٍ لتقليل عدد الاجتماعات أو حتّى التّخلّص منها تماماً، ولكن هل يجب علينا فعلاً التّخلّص من جميع الاجتماعات؟
يُؤكّد عالمُ النّفس التّنظيميّ ستيفن روجلبيرج، الخبير في مجال الاجتماعات، أنّ هناك نوعاً واحداً من الاجتماعات لا يُمكن الاستغناء عنهُ ويستحيل استبداله برسالة بريدٍ إلكترونيٍّ، هذا الاجتماع هو "الاجتماع الفرديّ"، ويعتبرُ روجلبيرج أنّ القادة الّذين لا يعقدون هذا النّوع من الاجتماعات بانتظامٍ يهملون أحد أهمّ مسؤوليّاتهم الأساسيّة.
أهمية الاجتماعات الفردية
في كتاب ستيفن الّذي لاقى إقبالاً واسعاً: سعداءُ بلقائنا: فنّ وعلم الاجتماعات الفرديّة (The Surprising Science of Meetings)، يُوضّح فيه أربعة أسبابٍ تجعلُ من الاجتماعات الفرديّة ضروريّةً للغاية:
تعزيز مشاركة الموظفين
وجدتِ الدّراساتُ الّتي أجرتها مؤسّسةُ غالوب (Gallup) أنّ هُناك ارتباطاً وثيقاً بين الاجتماعات الفردية وزيادة مستوى مشاركة الموظّفين، فأظهرت الدّراسةُ الّتي شملت 2.5 مليون فريقٍ تحت إشراف مدراء من جميع أنحاء العالم أنّ الموظّفين الّذين لا يجتمعون بانتظامٍ مع مُدرائهم تَظهر لديهم مستويات مشاركةٍ منخفضةٌ، حيثُ تصلُ النّسبة إلى 15% فقط. بالمقابل، تُضاعف نسبةُ المشاركة 3 مراتٍ تقريباً بين الموظّفين الّذين يجتمعون بانتظامٍ مع مدرائهم.
زيادةُ إنتاجيّة ونجاح أعضاء الفريق
تُعدّ الاجتماعات الفردية أداةً أساسيّةً لتعزيز إنتاجيّة أعضاء الفريق ونجاحهم، فهي تُوفّر فرصةً لمناقشة العقبات التي تعترضُ سير العمل، وتُتيح اتّخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب، وتُعزّز التّنسيق بين المدير والفريق، كما تُتيح هذهِ الاجتماعاتُ تقديم الدّعم اللّازم للموظّفين من خلالِ المُلاحظات المستمرّة والتّدريب، ممّا يساعدهم على النّموّ والتّطوّر.
نجاح المدير نفسه
الاجتماعات الفردية لا تقتصرُ فوائدها على الفريق فحسب، بل تعودُ بالنّفع على المدير أيضاً، فهي تُساعد على تقليل عدد الاستفسارات المُفاجئة والمُقاطعات غير المرغوب فيها، كما تُوفّر فرصةً لجمع المعلومات الضّروريّة وتُقديم التّوجيهات المُناسبة لأعضاء الفريق، ممّا يُعزّز من مكانة المدير كقائدٍ ناجحٍ.
الموظفون يفضلون الاجتماعات الفردية
أظهرت الاستبياناتُ الّتي جمعها روجلبيرج من أكثر من 1000 موظّفٍ حول العالم أنّ الموظّفين يرغبون في عقد المزيد من الاجتماعات الفرديّة مع مدرائهم، حتّى لو كانوا مشغولين. على عكس الاجتماعات الجماعيّة التي يرغب الموظّفون غالباً في تقليلها، فإنّهم يُفضلون زيادة عدد الاجتماعات الفرديّة؛ نظراً لقيمتها الكبيرة في تحسين الأداء والتّواصل.
كيف تُحقّق أقصى استفادة من الاجتماعات الفردية؟
إذا كُنتَ ترى أهمّية هذه الاجتماعات وترغبُ في تحسين أدائكَ كمديرٍ، يُقدّم روجلبيرج بعض النّصائح العمليّة لتحقيق أقصى استفادةٍ منها:
- تحدّث أقل واستمع أكثر: حيث تُشيرُ الأبحاث إلى أنّ الاجتماعات الفرديّة الفعّالة تتطلّبُ مشاركةً أكبر من الموظّف مقارنةً بالمدير، إذ يُفضّل أن يتحدّثَ الموظّف بنسبةٍ تتراوح بين 50% إلى 90% من وقت الاجتماع، ممّا يضمنُ أنّ الاجتماع يُركّز على احتياجات الموظّف وليس فقط على توجيهات المدير.
- اجعلها منتظمةً: كما يوصي روجلبيرج بعقد الاجتماعات الفرديّة بشكلٍ أسبوعيٍّ أو كلّ أسبوعين للحفاظ على الزّخم وتحقيق أقصى استفادةٍ من حيث الأداء والمشاركة والتّنسيق.