الانغماس في متابعة الأخبار السلبية: احذر هذه الدوامة الخطيرة
تدفّقٌ لا متناهٍ من العناوين المقلقة يسرق هدوءك النّفسيّ، فكيف تسيطر عليها؟

بات الانغماس في متابعة الأخبار السلبية، أو ما يُعرف بـ"Doomscrolling"، سلوكاً شائعاً في العصر الرّقميّ، حيث يجد الكثيرون أنفسهم عالقين في دوامةٍ لا تنتهي من العناوين المثيرة للقلق، حيث يُمكن أن يؤدّي تكرار تصفّح الأخبار السيئة إلى آثارٍ نفسيّةٍ وجسديّةٍ ضارّةٍ، تجعل الفرد أكثر عرضةً للتّوتر المزمن والشّعور بالعجز. ومع تدفّق الأخبار بسرعةٍ غير مسبوقةٍ عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ والمواقع الإخباريّة، تصبح القدرة على فصل النّفس عن هذه العاصفة الإعلاميّة أمراً بالغ الأهميّة.
تعريف مفهوم الانغماس في الأخبار السلبية
يُشير مصطلح الانغماس في الأخبار السلبية إلى العادة المستمرّة في متابعة الأخبار السّلبيّة والتّصفّح المطوّل للمحتوى المثير للقلق، حتّى عندما يدرك الشّخص أنّ ذلك يؤثّر سلباً على حالته النّفسيّة، وينبع هذا السّلوك من الرّغبة في البقاء على اطلاع بالأحداث الجارية، لكنّه غالباً ما يتحوّل إلى عادةٍ قهريّةٍ يُصعب التّحكّم بها.
أسباب تجعل متابعة الأخبار السلبية إدمانًا غير واعٍ
- التّطوّر الغريزيّ للاستجابة للمخاطر: يميل العقل البشريّ إلى التّركيز على التّهديدات لضمان البقاء، ممّا يجعل الأخبار السّلبيّة أكثر جاذبيّةً من النّاحية النّفسيّة.
- طبيعة وسائل الإعلام: تعتمد الكثير من المنصّات الإخباريّة على الإثارة لجذب الانتباه، ممّا يدفع المستخدمين للبقاء متّصلين لفتراتٍ أطول.
- الإحساس بالتّحكّم: يشعر بعض الأشخاص أنّ متابعة الأخبار السّيئة تمنحهم إحساساً زائفاً بالسّيطرة أو الاستعداد للأسوأ.
- التّفاعل العاطفيّ: يخلق المحتوى السّلبيّ ردود فعلٍ قويّةً تجذب الأفراد للبقاء متابعين حتّى وإن كانوا يدركون تأثيره السّلبيّ.
شاهد أيضاً: النظرية المعرفية: كيف تُفسِّر عمليّات التّفكير؟
كيف تؤثر هذه العادة على الصحة النفسية؟
الانغماس المستمر في متابعة الأخبار السلبية يخلق حالةً دائمةً من القلق والتّوتر، حيث يصبح الدّماغ في حالةٍ تأهّبٍ مستمرٍّ للمخاطر. مع الوقت، يؤدّي ذلك إلى الشّعور بالإرهاق العاطفيّ والتّشاؤم، ممّا يزيد من احتماليّة الإصابة بالاكتئاب واضطرابات النّوم، كما أنّ التّركيز المستمرّ على السّلبيّات يُعزّز الشّعور بالعجز وفقدان السّيطرة، ممّا يضعف القدرة على التّعامل مع الضّغوط اليوميّة بفعاليّةٍ.
استراتيجيات للحد من تأثير الأخبار السلبية
- تحديد وقتٍ معيّنٍ لمتابعة الأخبار: تجنّب تصفّح الأخبار فور الاستيقاظ أو قبل النّوم.
- فلترة مصادر الأخبار: الاعتماد على مصادر موثوقةٍ وتقليل التّعرّض للعناوين المضلّلة أو المثيرة للذّعر.
- ممارسة الوعي الذّاتيّ: إدراك تأثير الأخبار على الحالة المزاجيّة والتّوقّف عند الشّعور بالإنهاك العاطفيّ.
- التّركيز على الأخبار الإيجابيّة: البحث عن القصص الملهمة الّتي تُعزّز التّفاؤل وتخفّف من تأثير الأخبار السّلبيّة.
- الانخراط في أنشطةٍ مهدّئةٍ: مثل التّأمل، والرّياضة، وقراءة الكتب غير الإخباريّة لاستعادة التّوازن النّفسيّ.
متى يصبح الأمر خطيراً؟
عندما تبدأ متابعة الأخبار السلبية في التّأثير على الحياة اليوميّة والعلاقات الاجتماعيّة، يكون من الضّروريّ اتّخاذ خطواتٍ جديّةٍ للحدّ من هذا السّلوك، وإذا وجدت نفسك غير قادرٍ على الانفصال عن الأخبار حتّى في الأوقات الّتي تحتاج فيها إلى الرّاحة أو التّركيز على أمورٍ أكثر أهميّة، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم عاداتك الرّقميّة.
العيش في عالمٍ مليءٍ بالمعلومات يتطلّب القدرة على التّمييز بين ما هو ضروريٌّ وما هو ضارٌ، إذ لا يمكن تجنّب الأخبار تماماً، ولكن يُمكن التّحكّم في كيفيّة استهلاكها بطريقةٍ تُقلّل من آثارها السّلبيّة.