تقاعد سعيد بدون تعقيد: كيف تخطط لحياة هادئة ومريحة؟
حتى الخبراء يواجهون تحديّاتٍ في التّخطيط للتقاعد، ولكن مع هذه النصائح، يمكنك تحويل هذه الفترة إلى مرحلة تجمع بين الاستقرار المالي والراحة النفسية
التخطيط للتقاعد من المواضيع التي تشغل أذهان الكثيرين، وهو ليس بالأمر السهل حتى على أبرز خبراء العالم في هذا المجال. فالتقاعد يُمثّل فترةً حسّاسةً في حياة الإنسان، تحتاج إلى إعدادٍ ماليٍّ ونفسيٍّ بشكلٍ جيدٍ لضمان حياةٍ مريحةٍ ومستقرّةٍ بعد الانتهاء من العمل. لكن مع ذلك، يتردّد العديد من النّاس في بدء هذا التخطيط، أو يجدون صعوبةً في تنظيم الأمور.
كريستين بنز، مديرة التخطيط الماليّ في شركة "مورنينج ستار" (Morningstar) لأبحاث الاستثمار، تُعدُّ واحدةً من هؤلاء الخبراء الذين يعرفون أدقَّ التفاصيل حول التقاعد والتخطيط الماليّ. ومع ذلك، واجهت هي شخصيّاً تحدياتٍ في هذا المجال عندما اضطرت لتولي المسؤولية المالية تجاه والديها بعد تدهور حالة والدها الصّحيّة. هذا الموقف أتاح لها الفرصة للتّعامل مع التّحديّات التي يمرُّ بها الأفراد أثناء تخطيطِهم للتقاعد، وهي التّحديّات التي قد لا يفهمُها الشخص إلّا بعد أن يمرَّ بتجربةٍ مشابهةٍ.
في كتابِها الجديد بعنوان "كيفيّة التقاعد: 20 درساً من أجل تقاعدٍ سعيدٍ وناجحٍ وثريٍّ" (How to Retire: 20 Lessons for a Happy, Successful, and Wealthy Retirement.)، جمعت بنز العديد من الدروس المستفادة من تجاربِها الشخصيّة، ومن مقابلاتِها مع عشرين خبيراً في التّخطيط الماليّ الشخصيّ. يتضمّن الكتاب نصائح وخبراتٍ من أبرز المتخصّصين في هذا المجال، مثل راميت سيثي وجين تشاتسكي، ليقدّم رؤيةً شاملةً تُساعد على التّقاعد بنجاحٍ.
خمسة دروسٍ رئيسةٍ للتّقاعد الناجح
فيما يلي نستعرض أبرز النقاط التي تُركّز عليها بنز في مجال التّخطيط للتّقاعد:
تقبّل الآراء المختلفة
من أهمّ الدروس التي يجب أنْ يفهمَها الجميع هي أنَّه لا توجد إجابةٌ واحدةٌ صحيحةٌ حول كيفيّة التخطيط للتقاعد. يقول بعض الخبراء أنّ توفير دخلٍ ثابتٍ سنوياً فكرةٌ جيدةٌ، بينما يعارض آخرون ذلك بشدّةٍ. وكذلك الحال فيما يتعلّق بتحديد العمر المثاليّ للتقاعد؛ فبعض الناس يُفضّلون التقاعد في سنّ الستين، في حين قد يرغب آخرون في الاستمرار في العمل حتى سنّ السبعين أو حتى الثمانين. لكلّ شخصٍ وضعٌ فريدٌ، ولا توجدُ خطةٌ واحدةٌ تُناسب الجميع.
لا تخف من الاختلاف
التّقاعد ليس مجرد فترةٍ قصيرةٍ، بل قد يستمرُّ لعشرين أو ثلاثين عاماً. لذلك، من الضروريّ أن يتعامل الفرد مع هذه المرحلة بأسلوبِه الخاصّ وألّا يعتمد على توقّعات أو تجارب الآخرين فقطْ. بنز تُؤكّد على ضرورة أن يكون الشخص على طبيعتِه، ويختار ما يجعله سعيداً، حتى لو بدا هذا الخيار غريباً للآخرين.
لا تهتمَّ بالتحسينات الصغيرة
على الرغم من أنَّ الكثير من الناس يعتقدون أنَّ التخطيط للتقاعد يعتمد على العمليّات الحسابيّة الدّقيقة، إلّا أنَّ بنز ترى أنَّ التّقاعد مرتبطٌ بالعواطف بقدر ما يرتبط بالمال. فمثلاً، إذا كانت التّقلّبات في سوق الأوراق الماليّة تُشعرك بالقلق، فلا بأس في الاحتفاظ بجزءٍ من أموالِك نقداً. فالهدف الأساسيُّ هو أن تشعر بالأمان والرّاحة النّفسيّة، وليس فقط تحقيق أقصى ربحٍ ماليٍّ.
جرّب قبل أن تلتزم
لا يمكن لأيّ شخصٍ أن يتنبّأَ بما إذا كان سيسعدُ في مكانٍ معيّنٍ، أو في نمط حياةٍ معيّنٍ أثناء التقاعد. لذلك، من المهمّ تجربة الأنشطة المختلفة قبل اتخاذ قرارٍ نهائيٍّ. على سبيل المثال، إذا كنت تُفكّر في العيش في دولةٍ أخرى بعد التّقاعد، حاول قضاء بعض الوقت هناك لفترةٍ مؤقّتةٍ لتعرف ما إذا كان هذا الاختيار يُناسبُك.
ابحث عن المتعة في الأشياء البسيطة
لا يعني التّقاعد بالضرورة تحقيق أحلامٍ كبيرةٍ مثل السّفر حول العالم أو القيام بمغامراتٍ باهظة الثمن. في الحقيقة، بعض أفضل اللحظات في حياة الشخص قد تكون أبسط بكثيرٍ، مثل قضاء وقتٍ مع الأصدقاء أو الاستمتاع بوجبةٍ بسيطةٍ. من المهمّ أن يجد الفرد متعتَه في الأشياء الصّغيرة واليوميّة.
التخطيط للتّقاعد ليس عمليّةً يمكن وصفُها بخطواتٍ ثابتةٍ أو قواعد محددةٍ، بل هو تجربةٌ فريدةٌ تتطلّب توازناً بين الجوانب الماليّة والعاطفيّة. يجب أن يكون الشخص مستعدّاً لتقبّل التّغيير وتجربة أشياءٍ جديدةٍ قبل أن يلتزم بخطّةٍ معينةٍ. الأهمُّ من ذلك هو أن يجعل التّقاعد مرحلةً سعيدةً ومريحةً مليئةً بالرضا الشّخصيّ والمتع البسيطة.