استراتيجية بسيطة لجعل الناس يتحدثون عنك بالخير في غيابك
عندما يتحدث الآخرون عنك، تأكّد من أنّهم يروون القصة التي تريد أن تُروى
قد يقضي رائد الأعمال معظم وقته في التّرويج لمنتجاته وخدماته، لكنّ ما قد يغفل عنه البعض هو التّرويج لنفسه، رغم أنّه أساسيٌّ لتحقيق نجاحٍ طويل الأمد. وفي هذا السياق، تبيّن عالمة النّفس والباحثة أليسون فراجالي، أنّ سيّدات الأعمال قد يفوتن فرصاً كبيرةً بتجاهلهنّ لأساسيّات تعزيز السّمعة والمكانة.
حيث تناولت فراجالي هذا الموضوع في كتابها الجديد "الفتاة القويّة المحبّبة: كيف تحصل النّساء على النّجاح الّذي يستحقّنه" (The Good Girl’s Guide to Getting the Success You Deserve), حيث تسلّط الضّوء على أهمّيّة إيجاد توازنٍ بين الجدّ والودّ لجعل الشّخص ملهماً ومحترماً في آنٍ واحدٍ. وأحد المفاهيم الرّئيسيّة الّتي تطرحها فراجالي لتحقيق هذا الهدف هو ما يعرف بـ"التّرويج الآخر."
ما هو "التّرويج الآخر" ولماذا هو مهمٌّ؟
"التّرويج الآخر" يعني ببساطةٍ أن يتحدّث عنك الآخرون بإيجابيّةٍ عندما لا تكون حاضراً. فيعتبر القوّة الدّافعة الّتي تجعل سمعتك الجيّدة تنتشر بشكلٍ طبيعيٍّ، دون جهدٍ مباشرٍ من جانبك. بدلاً من أن تحاول لفت الأنظار لنفسك بصوتٍ عالٍ، تتحدّث سمعتك عنك، فيترك ذلك أثراً أكثر عمقاً. تخيّل تأثير أن يتداول النّاس اسمك أو اسم شركتك كمواضيع إيجابيّةٍ في مجالسهم الخاصّة، أو في اجتماعاتهم المهنيّة – هذا هو أساس التّرويج الآخر.
فالنّجاح في الأعمال التّجاريّة لم يعد يقتصر فقط على تصوّر الآخرين لك بشكلٍ إيجابيٍّ، بل يعتمد على بناء نفوذك المهنيّ ومصداقيّتك. وإحدى أقوى الطّرق لتحقيق ذلك هي أن تصبح شخصاً يتحدّث عنه الآخرون بإعجابٍ خلف ظهرك. كما تقول فراجالي: "سمعتك ومكانتك تبنى من خلال حديث الآخرين عنك بإيجابيّةٍ عندما لا تكون حاضراً".
الفرق بين التّرويج الذّاتيّ و"ترويج الآخرين"
في حين أنّ التّرويج الذّاتيّ يعتمد على حديثك عن إنجازاتك بنفسك، فإنّ "ترويج الآخرين" يحدث عندما يأتي هذا الإعجاب من الآخرين، كأن يكون شخصٌ ما يصفك لزميلٍ بأنّك "رائعٌ في عملك" أو أنّك "المفضّل لديه في مجالك". إنّ مثل هذا النّوع من التّوصيات يحمل أهمية أكبر بكثيرٍ من أيّ شيءٍ يمكنك قوله عن نفسك، لأنّه ينطوي على مصداقيّة الطّرف الثّالث، ويعطي انطباعاً بأنّ سمعتك ليست مجرّد دعايةٍ ذاتيّةٍ.
كما توضّح فراجالي أنّ "النّاس غالباً ما يقلّلون من قيمة تأثير حديث الآخرين عنهم، معتبرين ذلك حظّاً بحتاً، في حين أنّه يمكن خلقه عمداً واستثماره".
كيف تصبح أهلاً لترويج الآخرين؟
لتعزيز ترويج الآخرين بطريقةٍ فعّالةٍ، تقدّم فراجالي نهجاً متدرّجاً بثلاث خطواتٍ:
- وسّع شبكتك وعزّز من حضورك: أوّل خطوةٍ للتّرويج الآخر هي أن تجعل النّاس يعرفون من أنت. إذا لم يعرف أحدٌ من أنت، فكيف يمكنه التّرويج لك؟ حاول أن تزيد من تواجدك بطرقٍ مدروسةٍ، كأن تكون نشطاً على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وأن تُظهر اهتمامك بتفاعلٍ بسيطٍ مع منشورات الآخرين، وبتخصيص وقتٍ لتعليقاتٍ صغيرةٍ ومكثّفةٍ. لا تحتاج لأن تصبح نجم كلّ حدثٍ اجتماعيٍّ، بل يكفي أن تكون مرئيّاً بشكلٍ استراتيجيٍّ. وهذه التّفاعلات اليوميّة تضمن أنّ يبقى اسمك في الأذهان، وأنّك ستكون جزءاً من محادثات النّاس عند الحاجة.
- قدّم قيمةً للآخرين: تؤكّد فراجالي أنّ النّاس بحاجةٍ لأن يروا فيك شخصاً ذا قيمةٍ، وليس مجرّد مصدر معلوماتٍ أو نصائح عابرةٍ. يجب أن تظهر أنّك تستحقّ استثمار وقتهم وثقتهم فيك، وذلك بأن تضيف فائدةً حقيقيّةً للآخرين، سواءً كان ذلك من خلال مشاركة محتوى مفيدٍ، أو دعم الآخرين في مشاريعهم، أو تقديم مساعداتٍ بسيطةٍ بوقتك ومعرفتك. لا تتطلّب هذه الخطوة إيماءاتٍ كبيرةً، بل لمساتٍ صغيرةٍ تنعكس في ذاكرة الآخرين بأنّك تستحقّ الدّعم والاحترام، ممّا يجعلهم يرغبون في الحديث عنك بإيجابيّةٍ.
- شجّع الآخرين على التّحدّث عنك: فعندما تدعم الآخرين، سيشعرون بدورهم برغبةٍ في ردّ الجميل. وفي بعض الأحيان، عليك أن تطلب هذا الدّعم بشكلٍ صريحٍ. حيث ترى فراجالي أنّ طلب المساعدة بطريقةٍ واضحةٍ ومحدّدةٍ غالباً ما يكون فعّالاً، إذ يميل النّاس إلى الاستجابة عندما يعلمون بالضّبط ما تتوقّعه منهم. مثلاً، يمكنك أن تقول لصديقٍ: "هل تمانع في تعريفي بفلانٍ؟" أو: "إذا سمعت عن فرصةٍ لأحدٍ يلقي محاضرةً، فاذكرني لو تكرّمت". إنّها طريقةٌ مباشرةٌ وفعّالةٌ، وقد تجد أنّ النّاس يسعدون بمساعدتك.
لماذا يعدّ "ترويج الآخرين" خطوةً أساسيّةً في بناء الأعمال؟
من الشّائع أن يفكّر روّاد الأعمال في التّوصيات عندما يتعلّق الأمر بجذب عملاء جددٍ، ولكن يجب تطبيق هذا المبدأ على بناء السّمعة الشّخصيّة أيضاً، خصوصاً في عالم ريادة الأعمال. فالواقع هو أنّ قيمة أعمالك ترتبط إلى حدٍّ كبيرٍ بقيمتك أنت شخصيّاً. أن يعرفك النّاس، ويثقون بسمعتك الجيّدة لا يقلّ أهمّيّةً عن جودة المنتج الّذي تقدّمه.
فعندما تصبح موضوع الحديث في محادثات الآخرين بشكلٍ إيجابيٍّ، سواءٌ كانوا مستثمرين أو عملاء محتملين، تكون قد نجحت في تعزيز صورتك بوسائل لا تقدر على تحقيقها أيّ حملةٍ إعلانيّةٍ. وهذا ما يمكنك من بناء ثّقةٍ طويلة الأمد، دون أن تضطرّ لبذل جهودٍ مستمرّةٍ.
وتذكر، أنّ أبسط لفتات الدّعم تترك أثراً كبيراً وتجعل الآخرين يلاحظونك، وإذا كنت ترغب في أن يتحدّث أحدٌ عنك في سياقٍ ما، كن دقيقاً فيما ترغب فيه، كأن تطلب منه تعريفاً محدّداً أو أن يذكرك في أحداثٍ معيّنةٍ. واستمرّ في بناء علاقاتك بشكلٍ متتابعٍ، ولا تجعل هذه الجهود متقطّعةً. فبغضّ النّظر عن مدى انشغالك أو الأعباء الّتي تحملها، تذكّر أنّ سمعتك تبنى في أماكن لا تتواجد فيها شخصيّاً.