التسويق الداخلي: سر النجاح في العصر الرقمي
كيف يجذب التسويق الداخلي العملاء ويبني الثقة في عصر التكنولوجيا؟
جميع الشَّركات التي أعرفها على درايةٍ بالتسويق الخارجي الذي يعتمد على إيصال رسالتك إلى العملاء من خلال البريد الإلكتروني والإعلانات في الصُّحف والتّلفزيون، ولكن قليلةٌ هي الشَّركات التي تدرك بنفس القدر أهمّيَّة التسويق الداخلي وقيمته، هذا التَّسويق الذي يهدف إلى جذب العملاء نحو علامتك التجارية، ومن واقع تجربتي، أرى أنَّ هذه الطَّريقة هي الأسرع لبناء الثّقة والأصالة في هذا العصر الذي يتحكَّم فيه المستهلك. [1]
يتمحوَّر التسويق الداخلي حول إقناع العملاء المحتملين بأنَّهم هم من اكتشفوا علامتك التجارية وأقاموا علاقةً معها، بدلاً من فرض رسالتك عليهم في كلِّ زاويةٍ. ويحقّق هذا النَّهج نجاحاً أكبر من خلال الاستخدام الفعَّال لوسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهواتف الذَّكيَّة، والمبادرات المجتمعيَّة، والتَّحوُّل إلى مؤثرين، بالإضافة إلى توفير موقعٍ إلكترونيٍّ حديثٍ وسهل الوصول يضمُّ محتوىً موثوقاً يتمحوَّر حول العملاء.
وفقاً لما ذكره Daniel Cobb في كتابه Surfing the Black Wave: Brand Leadership in a Digital Age، فإنَّنا نشهد الموجات الأولى للتَّغيير في عالم التسويق الرقميّ الجديد، حيث أصبح المستهلكون القادة وصاروا محصَّنينَ ضدَّ معظم التَّأثيرات التَّسويقيَّة، باستثناء تلك التي يسعون إليها بأنفسهم؛ إنّها حقاً موجةٌ عارمة من التَّغيير.
شاهد أيضاً: انتهى التسويق عبر المؤثرين، وبدأ التسويق عبر صناع المحتوى
وتتجاوز قيادة العلامة التجارية في هذا العصر الرَّقميّ مجرَّد التسويق الداخلي، لكنَّ Cobb وأنا نؤمن بأنَّها تبدأ من هنا، حيث تضع الأساس للنَّهج الجديد في بناء عملك ووضع استراتيجيَّتك طويلة المدى، وهذه هي قائمتنا لأهمّ الأسباب لاستخدام التسويق الداخلي كنقطة انطلاقٍ للجيل القادم من عملك وعملائك:
- العملاء المعاصرون يثقون فقط في التسويق الذاتي: المستهلكون يقومون بأبحاثهم الخاصَّة ولا يرغبون في التَّعامل مع مندوب مبيعاتٍ مندفعٍ كما لا يريدون رسائل تسويقيةً متطفّلةً، وهذا يعني أنَّهم يريدون القيام بمقارنة القيمة بأنفسهم ويفضِّلون الاطلاع على تأكيداتٍ من الأصدقاء والعملاء الآخرين، أمَّا التَّحدّي الذي يواجهك فيتمثَّل بتقديم محتوىً موثوقٍ به، ومصادر موثوقةٍ، ومساعدة فعَّالةٍ.
- تحسين محتواك لمحرِّكات البحث لجذب الانتباه: وفقاً للتَّقارير ذات الصِّلة، فإنَّ 93% من التَّجارب عبر الإنترنت تبدأ بمحرك بحثٍ، إذا كان لديك حضورٌ دائمٌ وقيّمٌ على موقعك وقنوات التَّواصل الاجتماعيّ الخاصَّة بك، فستكون لديك فرصةٌ أفضل للحصول على ترتيبٍ أعلى في صفحات نتائج محرّكات البحث.
- المشاركة في أفضل مواقع التَّواصل الاجتماعيّ لتحقيق أقصى تأثيرٍ: من خلال إنتاج محتوىً رائعٍ يلبّي احتياجات محرّكات البحث، فإنَّك توفّر أيضاً لمدير وسائل التواصل الاجتماعي لديك مواد اجتماعيّةً قيّمةً ومتَّسقةً، تشمل قنوات التَّواصل الاجتماعيّ الأمثل للمشاركة في الوقت الحالي: فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام وتيك توك. لا تكتفِ بالمراقبة فقط، بل تفاعل مع العملاء بفعاليَّة.
- التسويق الداخلي أقلُّ تكلفةً من التسويق الخارجي: يتطلَّب التَّسويق الدَّاخليُّ استثماراً ماليّاً لإنشاء المحتوى، وإدارة الموقع الإلكترونيّ، ووسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك، فإنَّ هذه التَّكاليف تكون عادةً أقلَّ وتبدأ في وقتٍ مبكّرٍ، كما يمكن توزيعها بشكلٍ متساوٍ على مرّ الزَّمن، التسويق الداخلي يُشعل المحادثات ويحفّز الإحالات الشَّفهيَّة التي تُعدُّ الأقلَّ تكلفةً على الإطلاق، وتستمرُّ بفاعليّةٍ ذاتيّةٍ.
- التسويق الداخلي أكثر فعاليَّة مع المستهلكين: تراجعت فعاليَّة التسويق الخارجي بشكلٍ حادٍّ مع ثورة التكنولوجيا خلال العقد الماضي، المشكلة ببساطةٍ هي أنَّ المستهلكين اليوم يفضِّلون اتّخاذ قراراتهم بأنفسهم، مستعينين بمشاركات الأصدقاء ومعلوماتهم، واستناداً إلى جودة المعلومات التي يتلقُّونها، ويتزايد هذا الاتجاه يوماً بعد يومٍ.
- الأجهزة المحمولة والتطبيقات تعزّز التَّفاعل الاجتماعيَّ: مع تجاوز عدد مستخدمي الهواتف الذَّكيَّة في جميع أنحاء العالم 6.9 مليار مستخدمٍ، واقتراب متوسّط النَّشاط عبر الهواتف المحمولة من خمس ساعاتٍ يوميّاً، تستمرُّ مزايا التسويق الداخلي في الازدياد. وإذا لم تكن تستخدم هذه القناة بشكلٍ أساسيٍّ حتَّى الآن، فإنَّ علامتك التّجاريَّة ستفقد فرصة الظُّهور أمام العملاء الرئيسيّين.
- بيانات التسويق الداخلي أسهل في قياس العائد على الاستثمار: بيانات التسويق الداخلي، مثل: زيارات صفحات الموقع، وقراءات المدوّنات، والطَّلبات الفعليَّة المرتبطة بالمحتوى، تكون أكثر ارتباطاً بالعائد على الاستثمار مقارنةً بالرَّسائل البريديَّة الجماعيَّة، والمقتطفات الصَّوتيَّة، وتقييمات البرامج التَّلفزيونيَّة. وتتوفَّر الكثير من الأدوات والتَّطبيقات الآليَّة للمساعدة في هذه العمليَّة.
في النّهاية، أعتقد أنَّ التسويق الداخلي وتسويق وسائل التواصل الاجتماعي هما مجرَّد موجتين من بين العديد من موجات الابتكار التي سنشهدها قريباً في هذا العصر الذي يسيطر عليه المستهلك، أمَّا عن التَّحدّي الذي يواجهك إذا كنت ترغب في أن تكون قائداً في مجالك، هو أن تبقى متيقِّظاً ومنفتحاً على التَّغيير، بدلاً من أن تتأخَّر في استغلال الموجة التَّالية، فلا تنتظر حتَّى تجرفك رياح التَّغيير.