التمكين الاقتصادي للمرأة: الأهمية، الأهداف والمعوقات
رغم كلّ التّحديات والمعوقات، فإنّ النساء يلعبنَ دوراً حاسماً في مسألة تمكينهنّ اقتصاديّاً
يمنحُ التمكين الاقتصادي للمرأة، النساءَ الكثيرَ من المزايا التي تجعلهنَّ يقفنَ جنباً إلى جنبٍ مع الرَّجلِ، وليس خلفهِ بخطوةٍ، لكن مهما تكن تلك المزايا عظيمةً وكبيرةً لا يُمكن مقارنتها بالمزايا الَّتي يُمكن أن يحصلَ عليها المجتمعُ من هذا التمكين، وإن كان تضافرُ الجهود العالميَّة والمحليَّة أمراً حاسماً، فإنَّ دورَ النِّساء في التمكين الاقتصادي للمرأة يُعدُّ العاملَ الأكثر حسماً.
مفهوم التمكين الاقتصادي للمرأة
مفهومُ التمكين الاقتصادي للمرأة، يعني زيادةَ قدرة النّساء في الحصوِل على الموارد الماليَّة، سواءً من الميراث أو الأجور وغيرها، ممّا يُساعدهنَّ على الانتقالِ إلى قوَّةٍ اقتصاديَّةٍ ضاربةٍ في المجتمعِ، عوضاً عن استمرار تواجدهنَّ في أدنى موقعٍ اقتصاديٍّ فيهِ.
التمكين الاقتصادي الَّذي يمنحُ المرأة الاستقلاليَّة الماليَّة، يعني أيضاً ضمان مشاركتها على قدمِ المُساواة مع الرَّجل في العمل اللَّائق والحماية الاجتماعيَّة، ومساعدتها على الوصول إلى الأسواقِ والسَّيطرة على الموارد، كذلك السَّيطرة على جسدها وحياتها ووقتها، ومنحها القدرة على التَّصرُّف ومشاركتها الفعَّالة في صنع القرار الاقتصاديِّ على كافَّة المستويات بدءاً من الأسرة وحتَّى المؤسَّسات المتنوِّعة.
ويُعدُّ التمكين الاقتصادي للنساء شرطاً أساسيّاً لتحقيق النُّموّ الاقتصاديّ الشَّامل والعادل، فالنِّساء في جميع أنحاء العالم عاملاتٍ اقتصاديَّاتٍ واسعات الحيلة يتميَّزنَ بالمرونة، وينجحن في التَّغلُّب على الحواجز المستمرَّة القائمة على النَّوع الاجتماعيِّ، بهدف تعزيز الصِّحَّة والتَّعليم والأمن الاقتصاديّ لأسرهنَّ.
إنَّ التمكين الاقتصادي لا يعني فقط مساعدة النّساء في الحصول على فرصة عملٍ، ومنحهنَّ القدرة على المشاركة في الحياة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، إنَّما يتطلَّب تضافر الجهود لتوفير بيئة عملٍ آمنةٍ لهنَّ، خصوصاً من حوادث التَّحرُّش أو التَّمييز الَّذي يُمكن أن يتعرضنَ له لا سيَّما في الأجور.
كما أنَّ التمكين الاقتصادي للنِّساء، لا يهتمُّ فقط بزيادة قدرة المرأة على الوصول إلى الدَّخل والأصول، لكن يهتمُّ أيضاً بسيطرة المرأة على تلك الموارد وضمان حريَّتها باستخدامها؛ لتسيطرَ على الجوانب المختلفة من حياتها. ودائماً ما يعكسُ التمكين الاقتصادي للنِّساء، جودة ورفاهيَّة وحتَّى تطوِّر المجتمعات، ويُعدُّ معياراً رئيسيّاً في الحُكم على تَقدِّم الدُّول. [1]
أهم العوامل المؤثرة في تمكين المرأة اقتصادياً
تتعدَّدُ العواملُ المؤثِّرة في تمكين المرأة اقتصاديّاً، وهنا لا بدَّ من التَّنويه إلى الدَّور الكبير الذي تستطيعُ الحكومات فعلهُ للمساعدةِ، كذلك يمتلكُ رجال الدّين دوراً كبيراً في أهميَّة التَّوعية، ولا تَقِلُّ العادات والتَّقاليد في معظم المجتمعات العربيَّة أهميَّةً من خلال الدَّور الَّذي يُمكن أن تلعبهُ، عبر المساعدة في إزالة القيود الَّتي تَحِدُّ من عمل المرأة الَّذي يقودها للتمكين الاقتصادي والاستقلاليَّة الماديَّة.
دعونا نستكشف بنظرةٍ سريعةٍ أهمَّ العوامل المؤثِّرة في تمكين المرأة اقتصادياً: [2]
التعليم وتنمية المهارات والتدريب
في الحديثِ عن التَّعليم وتنمية المهارات، علينا أن نجمعَ بين مُختلف النِّساء من النَّاحية العُمريَّة، فمن جهةٍ ينبغي على الإدارات المحليَّة التَّركيز على ضرورة تعليم الفتيات عبر توفير تدابير النَّقل الآمن وزيادة عدد المُعلِّمات، ومن جهةٍ ثانيةٍ تطوير مبادراتٍ خاصَّةٍ بالنِّساء المُسنَّات لتدريبهنَّ مهنيّاً، وتعليمهنَّ كيفيَّة إدارة التَّحدِّيات والدِّفاع عن حقوقهنَّ.
الحصول على عمل جيد بأجر لائق
في هذا البند لا يُمكن إغفال حقيقة أنَّه أحد حقوق الرِّجال والنِّساء على حدٍّ سواءَ، لكنَّ التَّحدِّيات بالنِّسبة للمرأة تزداد، ففي بعض المجتمعات والشَّركات يتمُّ تمييز النِّساء عن الرّجال بالأجر، كما أنَّ القليلَ من النِّساء يصلنَ إلى مراكز صنع القرار ومواقع المسؤوليَّة، الَّتي غالباً ما تكون حكراً على الرّجال.
معالجة أعباء الرعاية والعمل غير مدفوعة الأجر
تُعاني كثيرٌ من النّساء -حتَّى في بعض الدُّول الأوروبيَّة- من ثقافاتٍ باليةٍ بخصوص قدرتها الجمع بين العمل وتربية أبنائها في الوقتِ ذاتهِ، وتُغفِلُ تلك الثَّقافات فكرة أنَّ الأب مسؤولٌ عن تربية أبنائهِ ورعايتهم شأنه شأنَ المرأة، ولو أنَّه ينتبَّه لمسؤوليَّاته هذه سيُريحُ المرأة من أعباءٍ كبيرةٍ، ويُحرِّرها لتخوضَ العمل الَّذي تريدهُ دون أيِّ خوفٍ أو إحباطٍ.
يبرزُ دورُ الحكومات في هذا الجانب، والَّتي تستطيعُ إقرار قوانينَ خَاصَّةٍ بإجازة الأبوَّة المشابهة لإجازة الأمومة؛ ليتسنَّى للزَّوجين رعاية أطفالهما. كذلك فإنَّ أعمالَ الرّعاية الَّتي تُمارسها المرأة في المنزل غير مدفوعة الأجر، ممَّا يعني أنَّه من المستحيلِ تمكينها اقتصاديّاً، طالما أنَّها تمارسُ عملاً غير مأجورٍ يُعيقها عن ممارسة عملٍ مأجورٍ خارج المنزل؛ لذا لا بدَّ من إشراك الرَّجل في الأعمال المنزليَّة.
المساواة في حقوق الملكية
بمعنى أن تصبحَ حيازات المرأة من الأراضي أو العقارات وحتَّى الأموال مشابهةٌ لملكيَّة الرَّجل، مثلاً في جنوب أفريقيا 15% فقط من النّساء يمتلكنَ أراضٍ زراعيَّةٍ، وغالباً ما تكون مساحاتها أصغر من تلك الَّتي يمتلكها الرِّجال، وبالتَّالي يُعدُّ هذا الأمر من أبرز العوامل المؤثِّرة في التَّمكين الاقتصاديّ للنّساء.
العمل الجماعي والقيادة
يجب على السُّلطات تنفيذ البرامج الحكوميَّة من خلال عدسة النَّوع الاجتماعيّ، بمعنى أن تنظرَ من منظورٍ مختلفٍ عن منظورها الحالي، ما يؤدّي إلى إبرازٍ أكبرَ لدور النِّساء وفتح الطَّريق أمامهنَّ للانخراط في مواقع القيادة.
تولِّي النِّساء لمواقع المسؤوليَّة، من شأنه أن َيساعد النِّساء الأخريات، فالمرأةُ تفهمُ احتياجات زميلاتها في النَّوع الاجتماعيِّ، أكثر ممَّا قد يفعلُ الرَّجُل، وبالتَّالي فإنَّ وجود المرأة في مواقع القرار غايةٌ في الأهميَّة.
كمثالٍ بليغٍ على ذلك، تُعاني بعض النِّساء من آلامٍ كبيرةٍ خلال فترة الحيض، أو خلال فترة فطام الأبناء، وهي مشكلةٌ حسَّاسةٌ نوعاً ما قد تخشى المرأة مشاركتها مع رئيس عملها إن كان رجلاً، خوفاً من التَّحرُّش أو خجلاً نتيجة الأعراف السَّائدة، لكنَّ الأمر سيكون مختلفاً جداً فيما لو كان هناك امرأةٌ في موقعٍ قياديٍّ تتفهّمُ احتياجات الموظَّفة، فيختفي عاملُ الحرجِ أو الخوفِ.
شاهد أيضاً: السكوت ليس من ذهب: كيف تواجه النساء التحرش في مكان العمل؟
الحماية الاجتماعية
الحماية الاجتماعيَّة عبارةٌ عن تدابيرَ تُلبِّي احتياجات النّساء الخاصَّة، مثل حماية إجازة الأمومة وضمان حصول النِّساء عليها، كذلك إعانات البطالة ودعم رعاية الأطفال، وبرامج التَّقاعد الاجتماعيّ وغيرها. وعلى الرَّغم من أهميَّتها، إلَّا أنَّ الحماية الاجتماعيَّة ليست كافيةً للتَّعويض عن كفاية سياسات الاقتصاد الكُلِّي وسياسات العمل الَّتي تدعمُ تهميش النِّساء اقتصاديّاً.
التمييز في سوق العمل
تواجهُ النِّساء تمييزاً كبيراً في سوق العمل، وتفيدُ البيانات بأنَّ المرأةَ ما تزال تعملُ بالمهن الأقلِّ دخلاً في 142 بلداً من حولِ العملِ، لصالح منح الأعمال ذات الأجرِ الأعلى للرِّجال، وهذا التَّمييزُ يجبُ الحدُّ منه ومكافحتهُ بحال أردنا تمكين المرأة اقتصاديّاً.
السياسة المالية
ينبغي على السِّياسات الماليَّة أن تعملَ على خفض الضَّرائب الَّتي تُشكِّل عبئاً كبيراً على النّساء، مثل: الضَّريبة الورديَّة على سبيل المثال، كذلك المُشاركة في إعداد ميزانيَّاتٍ صارمةٍ تستجيبُ للنَّوع الاجتماعيّ، بحيث يتمُّ الإبلاغ عن القرارات المُتعلِّقة بالسّياسات والإنفاق.
المعايير الجنسانية والاجتماعية التمييزية
الجهود الأكبر يجبُ أن تُبذلَ لإصلاح المعايير التَّمييزيَّة بين الجنسين، والَّتي تتضمَّنُ عاداتٍ وتقاليد تُميِّزُ النِّساء لصالح الرِّجال، وهنا يبرزُ دورُ المؤسَّسة الدّينيَّة الَّتي يجبُ أن تعملَ على حشد دَعم الرِّجال؛ لتغيير المواقف السَّائدة ضدَّ النّساء والفتيات.
بمجرَّد تجاوز تلك العوامل المُؤثِّرة على التمكين الاقتصادي للمرأة، تُصبح مهمَّةُ النِّساء في الانخراط بسوق العمل أسهلَ، وأكثرَ ثباتاً ممَّا هي عليه اليوم، مع العلم أنَّ تلك العوامل متفاوتةٌ، بمعنى أنَّه يُمكن لكلِّ مجتمعٍ أن يضمَّ عدَّة بنودٍ منها، مثلاً في مجتمعاتٍ عديدةٍ تمَّ تجاوز النَّظرة السَّلبيَّة لعمل المرأة، بالمقابل ما تزال المرأة في تلك المُجتمعات تواجهُ مشكلة حصر رعاية الأبناء بها دون تحميل جزءٍ من المسؤوليَّة على الشَّريك الرَّجُل.
أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة
لا تختلفُ أهميَّة التمكين الاقتصادي للمرأة، عن أهميَّة التمكين الاقتصادي للرَّجُل، وهنا يكمن جوهرُ الموضوع، المساواةُ الجندريّة العادلةُ بينهما كشريكين في المجتمعِ، كذلك يُمكن ذِكر بعض فوائد تمكين النساء اقتصادياً مثل: [1]
- ضروريٌّ لتحقيق المساواة وتحصيل حقوق المرأة، ومشاركتها الفعَّالة على كافَّة المستويات.
- أمرٌ أساسيٌّ لتحقيق أهداف التَّنمية المستدامة.
- مهمٌّ لزيادة التَّنوُّع الاقتصاديّ والوصول إلى الرَّخاء المُشترك.
- تحقيق نموِّ اقتصادٍ أكثر شمولاً واستدامةً بيئيّاً.
- يزيدُ من فعاليَّة الشَّركات ونموّها، والمؤسَّسات الَّتي تحوي موظَّفاتٌ نساءٌ في مواقع القيادة تُحقِّق درجاتٍ أعلى في الأداء التَّنظيميّ.
كما أنَّ تحقيق المرأة للاستقلاليَّة الماديَّة، يُساعدها على مواجهة العنف ضدِّها بكلِّ أنواعه وأشكاله، وبالتَّالي ضمان حصول الأطفال في المُجتمع على تربيةٍ صحيحةٍ خاليةٍ من العنف والتَّنميط، كما يزيدُ من احترامها لنفسها وثقتها بذاتها، وهذا كفيلٌ بجعلها تُحقِّق النَّجاح الشَّخصيَّ الَّذي يُعني نجاح المجتمع المتواجدة فيه أيضاً.
أهداف التمكين الاقتصادي للمرأة
أهداف التمكين الاقتصادي للمرأة تتقاطعُ بشكلٍ كبيرٍ مع أهميَّته، فهو يهدفُ إلى إشراك المرأة في المجتمع ومنحها دورها كاملاً، دون حصرها في الأدوار الاجتماعيَّة الَّتي حدَّدها لها المجتمع، وعلى رأسها التَّربية والأعمال المنزليَّة.
إنّ تعزيزَ القبولِ المجتمعيِّ لاندماج المرأة في سوق العمل، واحدٌ من أهمِّ أهداف تمكين النّساء اقتصاديّاً، إضافةً إلى زيادةِ شعورِ النِّساء بالمسؤوليَّة خارج إطار المنزل، ونقلها من الاكتفاء بدور الأمّ والمُربية إلى أدوارٍ أُخرى تُحقِّق من خلالها ذاتها، دون أن يُسيطرَ الإحباط عليها، الَّذي لا بدَّ سينعكسُ سلباً على أُسرتها في المحصِّلة.
معوقات وتحديات التمكين الاقتصادي للمرأة
للأسف، إنَّ معوِّقات وتحدِّيات التمكين الاقتصادي للمرأة ما تزال كبيرةً، على الرَّغم من الأهميَّة الكبيرة الَّتي يحظى بها هذا التَّمكين على المستوى العالميّ، ويُمكن القول إنَّ هناك أربعة تحدّياتٍ رئيسيَّةٍ تواجهها عمليَّة تمكين النساء اقتصادياً، هي: [3]
عدم القدرة على الوصول إلى الموارد
في معظمِ بلدان العالم بما فيها البلدان المُتطوِّرة، تنخفضُ احتمالاتُ حصول النِّساء على الموارد الإنتاجيَّة، مثل: الأرض والتَّمويل، مقارنةً بالرِّجال. على سبيل المثال، تَحصُل النِّساء على أجورٍ أقلَّ من الرِّجال مع وجود فجوةٍ في الأجور تُقدَّر بـ23% على المستوى العالميّ، وهي نسبةٌ ليست بالقليلة تبرز الظُّلم الكبير الَّذي تُعانيه بعض النّساء من حول العالم.
لا يختصرُ هذا المثال كلَّ العوائق بهذا الجانب، إلَّا أنَّه تعبيرٌ بسيطٌ عمَّا تواجهه النِّساء في مختلف الدُّول.
المعايير المجتمعية التمييزية
يُشكِّل التَّمييز القائم على النَّوع الاجتماعيّ، أو على أساس الجنس عائقاً كبيراً أمام تمكين النساء اقتصادياً، وهو يدورُ حول الأعراف والتَّقاليد الرَّاسخة الَّتي تُنمِّطُ النِّساء، وتمنحهنَّ أدواراً ثابتةً، وتخبرهنَّ بما يجوز ولا يجوز فعلهُ، بينما يحظى الرّجال بكلِّ أنواع الدَّعم والتَّفوُّق على النّساء، وهذا قد يَحدُث في الأسرة أو المجتمع وأماكن العمل، وأحياناً في كلِّ تلك الأماكن مجتمعةً.
هذا التَّمييز يمنعُ المرأة من الحصول على فرصة عملٍ لائقةٍ، كما يُؤثِّر على تجاربها المهنيَّة، خصوصاً في المجتمعات الَّتي يُعدُّ عمل المرأة فيها تمرُّداً وخروجاً عن المألوف، ما قد يُعرِّضها للتَّحرُّش في الشَّارع أو مكان العمل من مديرها المُباشر أو زميلها.
كذلك فإنَّ التَّمييز الجندريَّ يحصرُ النِّساء في أعمالٍ غير رسميَّةٍ معدومةٍ أو ضعيفة الأجر، وبالتَّالي يُشكِّل عائقاً كبيراً أمام التمكين الاقتصادي.
عدم المساواة في المسؤوليات المنزلية
تتحمَّل النِّساء في جميع أنحاء العالم الأعباء المنزليَّة، سواءً كُنَّ عاملاتٍ أو ربَّات منزلٍ فقط، وهذا ليس عادلاً؛ إذ يجبُ على الرَّجُل المساعدة في الأعمال المنزليَّة؛ لتحظى المرأة بالمزيد من الوقت لممارسة أعمالٍ أُخرى تتيحُ لها التمكين الاقتصادي، فالعمل المنزليُّ غير مأجورٍ، ويجعلها تابعةً للرَّجُل بانتظار أن يمنحها النُّقود لشراء احتياجاتها.
التَّوقُّعات الاجتماعيَّة تلعبُ دوراً حاسماً في هذا الشَّأن، إذ تُتَهمُ النِّساء العاملات عادةً بأنَّهن لا يَقُمنَ بواجباتهنَّ المنزليَّة لانشغالهنَّ بالعمل خارج المنزل، كما أنَّه يتمُّ النَّظر للرِّجال الَّذين يمدُّون يد المساعدة لزوجاتهنَّ بطريقةٍ دونيَّةٍ، ما يزيد من هذه الإشكاليَّة.
العنف القائم على النوع الاجتماعي
تقول منظَّمة هيومن رايتس ووتش، إنَّ ملايين النّساء العاملات في مختلف أنحاء العالم، يعملنَ في بيئات عملٍ ترهيبيَّةٍ أو عدائيَّةٍ أو مُهينةٍ، حيث يتعرضنَ لأشكالٍ مختلفةٍ من التَّحرُّش الجنسيِّ.
وعلى الرَّغم من أنَّ التَّحرُّش الجنسيَّ في العمل هو قضيةٌ واسعة الانتشار ومعروفةٌ نسبيّاً، إلَّا أنَّ العديد من النّساء غير قادراتٍ على الإبلاغ عن هذا السُّلوك؛ بسبب الخوف من الانتقام الاجتماعيّ أو المهنيّ، أو العواقب المدنيَّة أو الجنائيَّة أو ردود الفعل العكسيَّة، أو فقدان وضع الهجرة، أو الخوف من عدم تصديقهنَّ، ما يحدُّ من الفرص الاقتصاديَّة للمرأة.
ويُعدُّ المجتمع مع السّياسات الحكوميَّة العادلة، كلمة السِّرِّ لتذليل كُلِّ التَّحدِّيات الَّتي تواجه النِّساء في رحلتهنَّ نحو التمكين الاقتصادي والاستقلاليَّة الماديَّة.
التمكين الاقتصادي للمرأة كمدخل للتمكين الاجتماعي
بالتَّأكيد، إنَّ التمكين الاقتصادي للمرأة يُعدُّ مدخلاً أساسيّاً للتَّمكين الاجتماعيّ، الَّذي يعني اكتساب النِّساء القوَّة والسَّيطرة على حياتهنَّ، وكذلك التَّحكُّم بها وحريَّة اتِّخاذ القرارات المتعلّقة بهنَّ، والمضي قُدماً في الحياة بناءً على خياراتهنَّ لا خيارات عوائلهنَّ أو أزواجهنَّ.
النِّساء اللَّواتي امتلكنَ التمكين الاقتصادي الكافي لتحقيق الاستقلاليَّة الماديَّة، لن يكنَّ بعد اليوم تابعاتٍ للرِّجال، وسيمتلكنَ القوّةَ الكافيةَ للخوض في حياتهنَّ وفق الطَّريقة الَّتي يُردنَها، مثلاً، المرأة المتمكِّنة اقتصاديّاً، لن تستجيب لضغوط الأهل بتزويجها من رَجلٍ لا ترى فيه شريكاً مناسباً لحياتها، كما أنَّها تستطيعُ امتلاك خيار العزوبيَّة الدَّائمة.
شاهد أيضاً: معركة المساواة: نساء في مواجهة عالم الأعمال
مبادرات التمكين الاقتصادي للمرأة
على الرَّغم من أنَّ مبادرات التمكين الاقتصادي للمرأة ما تزال خجولةً وبالحدود الدُّنيا في مختلف البلدان العربيَّة، خَشية الاصطدام بالحواجز المجتمعيَّة، إلَّا أنَّ العديد من الدُّول مثل دول الخليج العربيِّ، وعلى رأسها الإمارات والسُّعوديَّة لديها مبادرات تمكينٍ اقتصاديَّةٌ واسعةٌ وكبيرةٌ للنِّساء، مثل:
الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في الإمارات
والَّتي تمَّ إطلاقها تحت رعاية الشَّيخة فاطمة بنت مبارك، والهدف منها توفير إطار عملٍ شاملٍ لتمكين النّساء في كلِّ المجالات بما فيها الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، وتعزيز مشاركتها في مواقع صنع القرار.
تمكين المرأة سياسياً في الإمارات
وتُوصَف بالخطوة التَّاريخيَّة، حيث تَقرِّرَ زيادة نسبة تمثيل النِّساء في المجلس الوطنيّ الاتّحادي الإماراتيّ، بنسبة 50% أي مناصفةً مع الرَّجُل، كذلك تعزيز تواجد النِّساء في التَّشكيلات الوزاريَّة والعمل الدُّبلوماسيّ، الأمرُ الَّذي من شأنهِ مُساعدة النِّساء على التمكين الاقتصادي.
تمكين المرأة ضمن رؤية 2030 السعودية
من خلال برنامج التَّحوُّل الوطنيّ ضمن رؤية السُّعودية 2030، يتمُّ العمل على رفع كفاءة النِّساء وزيادة نسبة مشاركتهنَّ في سوق العمل، من خلال تحسين البيئة المهنيَّة، وتوفير فرص التَّدريب لهنَّ، كذلك دعم القيادات النِّسائيَّة.
زيادة نسبة تواجد النساء في المناصب القيادية بالسعودية
ارتفعت نسبة النِّساء في المناصب القياديَّة بالسعوديَّة بشكلٍ كبيرٍ خلال السَّنواتِ القليلةِ الفائتةِ، وباتت النِّساء يتسلمنَّ مهامَ قياديَّةً في مختلف القطَّاعات سواءً الحكوميَّة أو القطَّاع الخاصَّ، بهدف تحقيق التَّكافؤ بين الجنسين في مواقع المسؤوليَّة، وبالتَّالي مساعدة المرأة على تحقيق التمكين الاقتصادي.
تحتاج الدُّول العربيَّة إلى المزيدِ من المُبادرات المُشابهة، وألَّا يقتصر تواجد تلك المبادرات في دول الخليج العربيّ فحسب، بل يجبُ أن تتضافرَ الجهود لتحقيق قفزاتٍ واسعةٍ ومُتسارعةٍ في مجال تمكين النِّساء اقتصادياً، والَّذي يعني انعكاساتٍ إيجابيَّةً على سوق العمل والإنتاجيَّة وتقدُّم ورفاه المجتمعات.
وسط ذلك، لا يُمكن إغفال حقيقة أنَّ دورَ النِّساء في الحصول على التمكين الاقتصادي يُعدُّ حاسماً وعاملاً رئيسيّاً، وكما قالت الكاتبة الأميركيَّة Mandy Hale، فإنَّ المرأة القويَّة لا يُمكن أن تلعبَ دور الضَّحيَّة، إنَّما تقفُ وتواجهُ.
-
الأسئلة الشائعة
- ما هي مبادئ تمكين المرأة؟ تشملُ مبادئ تمكين المرأة مجموعةً من الأهداف والممارسات التي تُعزّز حقوق النساء ومشاركتها الكاملة في المجتمع، اقتصاديّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً، ومن بينها: توفير فرص التدريب، والتمكين الاقتصادي، والمساواة، والحماية من العنف بمختلف أنواعه، والحماية الاجتماعية وغيرها.
- ما هي المحاور الأساسية لتمكين المرأة؟ تضمّ المحاور الأساسية لتمكين المرأة عدداً من الجوانب، والهدف منها تعزيز دور المرأة في المجتمع وتمكينها من المشاركة الفعالة بكل المجالات، وهي مشابهة لمبادئ تمكين المرأة، وتشمل أموراً، مثل: التوعية والتثقيف، والحماية من العنف، وتعزيز المساواة وغيرها.