التميز المؤسسي: كيف تُنفّذ خطط العمل بطريقةٍ أكثر فعاليّةً؟
استراتيجيّاتٌ مميّزةٌ لإطلاق الإمكانات الكاملة للشّركات، مع الوصول إلى مستوياتٍ أعلى من تقديم الخدمات والمنتجات بمعايير أفضل
مبدأ التميز المؤسسي أو التَّشغيليّ مطروحٌ منذ عدَّة عقودٍ، فهو ليس بالأمر المُستحدث تماماً في عالم الصّناعة والمال والأعمال، وعلى الرَّغم من تحقيقه معدَّلاتٍ قياسيَّةٍ في اليابان بقيادة الدُّكتور جوزيف جوران، إلَّا أنَّه نادراً ما تتبُّع مؤسسةٌ أو شركةٌ مبادئ التَّشغيل المؤسسيّ بالكفاءة والخطوات المطلوبة، فهو في الواقع ليس أمراً يُمكن أن يحدثَ بين ليلةٍ وضحاها، بل هو من المفاهيم الشَّاملة والعامَّة، والَّتي قد تكون معقَّدةً بعض الشَّيء.
ولكن من المؤكَّد أنَّ ما لا يُدرك كلُّه لا يُترك كلُّه، فالتميز المؤسسي من المفاتيح الأساسيَّة لاتّساع النُّموِّ في الكثير من المجالات والصِّناعات، سواءً الإنتاجيَّة أو الخدميَّة، وهو المفتاح لإطلاق أفضل إمكانات الشَّركات والحفاظ على ميزاتٍ تنافسيَّةٍ قويَّةٍ؟ فما هو التميز المؤسسي؟ ولماذا هو مهمٌّ؟ وما مبادئه العشرة الَّتي يقوم عليها؟ وكيف يُمكن تنفيذه في مجال الأعمال بخطواتٍ واضحةٍ؟ وما أهمُّ الأدوات المستخدمة في تطبيقه؟ كلُّ هذا وأكثر سنرصده بالتَّرتيب في الأسطر المقبلة.
ما هو التميز المؤسسي؟
التميز المؤسسي هو التَّحسين المستمرُّ الَّذي يسمح للمؤسَّسات بالوصول إلى مستوياتٍ أعلى من الخدمة مع معايير أفضل، ولكنَّه في الحقيقة أكثر تعقيداً من هذا بكثيرٍ، بل وله مجموعةٌ من التَّعريفات، فهو من المصطلحات شديدة الاتّساع والقابلة للتَّفسير بطرقٍ مختلفةٍ. والتَّعريف الأكثر اتِّساعاً له هو تنفيذ استراتيجيَّة العمل بطريقةٍ أكثر فاعليّةً واتِّساقاً من المنافسين، وهذا بالتَّالي يزيد من الإيرادات مع خفض المخاطر التَّشغيليَّة.
ولكن، لأنَّ هذا التَّعريف شديد الغموض والاتّساع، فإنَّ التَّعريف الأكثر شيوعاً للتميز التشغيلي هو عندما يتمكَّن جميع الموظَّفين من رؤية وفهم جميع العمليَّات من البداية وحتَّى الوصول إلى العميل، فهو فلسفةٌ متكاملةٌ تتضمن حلّ المشكلات والعمل الجماعيّ والقيادة المتمكِّنة كمفتاحٍ للتَّحسين المستمرِّ.
فهو ليس فقط مجموعةٌ من الأنشطة الصَّلبة والخطوات الجامدة الَّتي يُمكن حسابها بالورقة والقلم، بل هي عقليَّة عملٍ تتوافقُ مع ثقافة الشَّركة، والَّتي تُركِّز على احتياجات العملاء وخبراتهم من ناحية، بالإضافة إلى إنتاجيَّة الموظَّفين وتمكينهم وتطويرهم وتحسين الأنشطة الحاليَّة والحرص على التَّنمية المستدامة من جهةٍ أُخرى.
فهو مزيجٌ من الأنشطة العقليَّة والنَّفسيَّة والتَّشغيليَّة الَّتي تُؤدِّي إلى تحولاتٍ استراتيجيَّةٍ تساعد على إجراء تغييراتٍ مختلفةٍ، سواءً على العمليَّات الخارجيَّة أو الدَّاخليَّة لتحسين عمليَّات الشَّركة عموماً مع مساهمةٍ فعَّالةٍ لكلِّ الأطراف بها.
لماذا من الضروري الاهتمام بالتميز التشغيلي؟
يعدُّ التميز المؤسسي مجرَّد إطارٍ لدعم المؤسَّسات في طريقها لتحسين عملها، ويتضمَّن ذلك تطوير مجموعةٍ واضحةٍ من التَّدابير التَّشغيليَّة الأساسيَّة بما يتماشى مع توقُّعات العملاء والإجراءات الإداريَّة الَّتي تُمكِّن كلَّ فريقٍ من التَّركيز على النَّتائج النّهائيَّة المطلوبة، ومن أهمّ فوائد الاهتمام بتطبيق متطلَّبات التميز التشغيلي في مؤسَّستك: [2]
تحقيق التّوافق بين الاستراتيجية التّنظيميّة وأداء الفريق
يُمكِّن التميز التشغيلي المؤسَّسات من تأسيس خطٍّ واضحٍ بين الأهداف الاستراتيجيَّة الَّتي ترغب في تحقيقها وبين أهداف كلِّ فريقٍ، وهدف كلِّ فردٍ في العمل، فالفرق الَّتي تتَّسم بالأداء المرتفع هي الَّتي يكون لديها فهمٌ شديد الوضوح لأهداف وغايات المنظَّمة الفعليَّة، فهم يفهمون طريقة تحديد العوائق الَّتي تحولُ دون تحقيق هذه الأهداف، ويعملون معاً لتحسين الأداء، ممَّا يؤدِّي إلى تدفُّقٍ دون عوائق.
تحديد أفضل طريقة لتقديم القيمة للعملاء
يُساعدُ التميز المؤسسي الفرق المختلفة في الشَّركة من فهم طبيعة مهمَّتهم النّهائيَّة أفضل، وكيف يساهمون في تحقيق القيمة المتوقَّعة للعميل، فهذا يُعدُّ جزءاً لا يتجزّأ من ضمان فهم كلٍّ من الأفراد والفرق لدورهم في تلبية متطلَّبات العملاء والحرص على تبنِّي ثقافة التَّحسين المستمرِّ.
تمكين الموظَّفين من اتِّخاذ القرارات الصَّائبة
بعد أن تتمكَّن الفرق من فهم الاستراتيجيَّة النّهائيّة بدقَّةٍ ووضوحٍ والتَّعرُّف الدَّقيق على أدوارهم، فإنَّ قدراتهم على تحديد المشكلات وحلِّها سوف ترتفع مع فهم الأداء العام وقياس ما هو أكثر أهميَّةً من غيره وزيادة مستوى التَّعاون، وبالتَّالي تحسين طريقة العمل، فيسعى التميز التشغيلي للتَّقليل من تأثير ثقافة "من أعلى لأسفل" بحيث تكون كلُّ القرارات في يد الرَّئيس التَّنفيذيّ، فهي ثقافةٌ تسعى لإنشاء نموذجٍ تتّخذ فيه القيادة القرارات الاستراتيجيَّة الكبرى، ولكن في الوقت ذاته مع منح الموظَّفين القدرة على اتّخاذ القرارات الضَّروريَّة، والَّتي عادةً ما تكون صحيحةً وفقاً لوضوح الأهداف النّهائيَّة ودعم العمل الجماعيّ.
انخفاض المخاطر التّشغيليّة
يعدُّ خفض المخاطر من الأهداف الأساسيَّة لأيّ استراتيجيَّة عملٍ، ومن الفوائد الأساسيَّة للتَّميُّز المؤسسي هو خفض تكاليف ومخاطر التَّشغيل وزيادة الإيرادات، خصوصاً عند مقارنتها بالمنافسين، بفضل الكفاءات الَّتي تتوفَّر والتَّوافق الَّذي يتمُّ في العمل.
سهولة المُساءلة
يضمن التميز التشغيلي تحديدَ الأدوار وتسهيل تقييم الأداء على جميع المستويات وخطوط العمل بما يزيد من وضوح توقُّعات الأفراد والفرق لما سيجدونه، سواءً من مكافآتٍ أو جزاءاتٍ.
شاهد أيضاً: 3 خطوات لدفع التغيير الثقافي والتنويع في الشركات
المبادئ العشرة للتميز التشغيلي
عندما يفهمُ القادة والمديرون مبادئ التميز المؤسسي العشرة، فإنَّهم يكونون أكثر قدرةً على تحقيق التَّوافق بين النّظام الأساسيّ والسُّلوك المثاليّ، ممَّا يخلق ثقافة تحسينٍ مستدامةٍ، وتتمثَّل المبادئ العشرة للتميز المؤسسي وفقاً لمعهد شينغو Shingo التَّابع لكليَّة Jon M. Huntsman للأعمال التَّابعة إلى جامعة يوتا، والَّتي تُقدّم جائزة التميز التشغيلي كلَّ عامٍ في: [3]
احترام كلّ فرد
وهو من أهمّ وأوَّل مبادئ التميز التشغيلي، فبدءاً من العملاء إلى الموظَّفين والبائعين والمجتمع ككلٍّ، فإنَّ ثقافةَ التميز التشغيلي تبدأ بالاحترام، وتؤكِّد الكثير من الاستطلاعات على تكرار الموظَّفين المستمرِّ لتقديرهم للاحترام، فعندما يشعر النَّاس بالاحترام يكون الأسهل عليهم الاندماج بكامل مشاعرهم في أدوارهم وتقديم ما هو أكثر بكثيرٍ من مجرَّد عملٍ، فيمنحون كلَّ طاقتهم وأفكارهم، وتُعدُّ خطط التَّطوير المهنيّ والتَّدريبات والاستثمار في توفير ظروف العمل الملائمة من أمثلة الاحترام داخل الشَّركة.
تواضع القادة
التَّحسين أمرٌ مستحيلٌ دون الاعتراف بأنَّ الكمالَ لم يتحقَّق بعد، فيعتمدُ التميز التشغيلي على قدرة القائد ورغبته في الاستماع للتَّعليقات وتجاهل ثقافة الأوامر الصَّارمة من الأعلى إلى الأسفل وعدم الخجل من التَّعلُّم المُستمرِّ، فهذا يُشعر الموظَّف بالحريَّة في الإبداع وتقديم أفكارٍ مبتكرةٍ مع زيادة القدرة على تحمُّل المخاطر المحسوبة، ويُعدُّ اعتراف القادة بالأخطاء وتقديرهم لأيّ إبلاغ عن مشكلةٍ وقضاء بعض الوقت للمشاركة في مكان العمل من أمثلة تواضع القادة.
السّعي للكمال
وهو من مبادئ التميز التشغيلي الَّتي تُثير بعض الجدل، فالجميعُ يعلم تماماً أنَّ الكمالَ مستحيلٌ، ولكنَّ السَّعي لتحقيقه هو ما يضمن التَّوصُّل لأقرب نقطةٍ إليه؛ لذا يجب دائماً البحث عن الحلول الجذريَّة بدلاً من الإصلاحات المؤقَّتة، وتبسيط العمليَّات لتقليل الهدر وتقليص إمكانيَّة الخطأ، مع استخدام المعايير الواضحة لوضع الأساس اللَّازم للتَّحسين.
تبنّي التّفكير العلميّ
وهو ما يعني السَّماح لأنفسنا بالتَّجربة حتَّى مع وجود خطر الفشل مع جمع كلّ الدُّروس المستفادة لتعزيز فرص النُّموِّ، وتعدُّ الأساليب المتَّسقة لجمع وتحليل البيانات من أمثلة التَّفكير العلميّ بالإضافة لاتِّباع نسقٍ محدَّدٍ لحلِّ المشكلات وتشجيع النَّاس على التَّعلُّم من خلال التَّجربة.
التّركيز على عمليّات التّشغيل
أساس التميز المؤسسي هو التَّركيز على طبيعة سير عمليَّة التَّشغيل نفسها، فبصرف النَّظر عن مدى ذكاء الأشخاص أو تفانيهم في العمل، فإنَّ المدخلات غير الكافية سوف تجعل الأمور تسوء، وبالتَّالي إلقاء اللَّوم على الموظَّفين، وليس على مواطن الخلل الحقيقيَّة، والتَّركيز على العمليَّة يعني تحديد السَّبب الجذريّ للمشكلة والتَّأكُّد من أنَّ جميع المواد المعالجة والمدخلات والبيانات مطابقةٌ للمواصفات قبل استخدامها، مع توثيق كلّ عمليَّةٍ وإدارة التَّغييرات على العمليَّات المتنوّعة بعنايةٍ.
ضمان الجودة
إذا أدَّت أيُّ عمليَّةٍ إلى مخرجاتٍ غير صحيحةٍ، فيجب العثور على السَّبب الجذريّ وعلاجه فوراً، ويُمكن ضمان الجودة في نموذج التميز التشغيلي عن طريق وضع تصوُّراتٍ للمشكلات المحتملة وتوقُّع أيّ انقطاعاتٍ في تدفُّق العمل والحدِّ منها، كما أنَّ تمتُّع الموظَّفين بالقدرة على إيقاف العمليَّة وإصلاح الخطأ قبل المتابعة يضمن الجودة، بالإضافة إلى قياس نتائج العمليَّة وتحليل الاختلافات.
إعلاء قيمة السّحب والطّلب
ووفقاً لهذا المبدأ، فإنَّ أفضل طريقةٍ لتعظيم القيمة المُقدِّمة للعملاء هي إنشاؤها لتكون استجابةً لطلبٍ فعليٍّ، ممَّا يحافظ على التَّدفُّق المُستمرِّ دون عوائق، فتعاني الكثير من المؤسَّسات من الطَّلب المشوَّه غير المستقرّ، وبالتَّالي الحركة غير المتكافئة للعمل من عمليَّةٍ إلى أُخرى؛ لأنَّها لم تُحدِّد الطَّلب الأساسيِّ للعملاء؛ لذا فإنَّ قيمة التَّدفُّق تتمُّ عندما تُطلق المؤسَّسات للخدمات المنتجات الضَّروريَّة فقط لتلبيَّة حاجةٍ فوريَّةٍ للعملاء، وإتاحة الموارد المطلوبة، ومتابعة العمل باستمرارٍ.
التّفكير المنهجيّ
وهو يعني فهم العلاقات والنَّتائج داخل النّظام وهو ما ينشأ عادةً بالتَّعاون بين الأقسام المختلفة وعبر تقاطع العمليَّات، وليس النَّظر في كلِّ عمليَّةٍ كأنَّها في فراغٍ بمفردها، ولتحقيق التَّفكير المنهجيّ يجب تهيئة ظروف التَّعاون السَّلس بين الموظَّفين.
اتّساق الأهداف
تضمنُ المؤسَّسات المميزة تشغيليّاً أنَّ كلَّ فردٍ يفهم تماماً مهمَّة الشَّركة وأهدافها الاستراتيجيَّة طويلة الأمد ودور كلّ فردٍ في إنجاح هذه المنظومة ككلٍّ، فوضوح الهدف يساعد الجميع على اتّخاذ قراراتٍ أفضل مع الابتكار الهادف وتحمُّل المخاطر المحسوبة، وهو ما يتطلَّب التَّواصل بانتظامٍ وإشراك الأفراد في وضع الأهداف وتسلسلها من أعلى لأسفل.
إنشاء قيمةٍ للعميل
يُقرِّر العميل دائماً ما يُشكِّل قيمةً له وما الَّذي يستحقُّ أن يدفعَ مقابلاً له، والشَّركات القادرة على تقديم قيمةٍ مستمرَّةٍ بفاعليَّةٍ وكفاءةٍ للعميل هي الَّتي تكون أكثر قدرةً على المنافسة مع الحفاظ على الاستدامة في الوقت ذاته، ويتطلَّب إنشاء قيمةٍ للعميل وفهم احتياجاته وتوقُّعاته، والرَّدُّ على ملاحظات العملاء، والبحث باستمرارٍ عن طريقةٍ لتقليل الهدر وإضافة قيمةٍ ذات معنى لعمليَّات التَّشغيل.
أهم استراتيجيات وأدوات التميز المؤسسي
هناك عدَّة أدواتٍ ومنهجيَّاتٍ يُمكن تحقيق التميز التشغيلي عبرها، فلا يوجد مقياسٌ واحد ملائمٌ للجميع، وتعتمدُ المنهجيَّة أو الأداة الَّتي تختارها على احتياجاتك الفرديَّة وأهدافك وحجم الشَّركة وهيكلها التَّنظيمي وغيرها، وتشملُ المنهجيَّات الأكثر شيوعاً لتحقيق التميز المؤسسي كُلَّاً من: [4]
التّصنيع الخالي من الهدر Lean Manufacturing
وهي استراتيجيَّةٌ تُركِّز على 5 مبادئ أساسيَّةٍ لتحسين عمليَّات الإنتاج عن طريق تحسين استخدام الموارد وتقليل الأنشطة المهدرة والتَّركيز على القيمة الأهمِّ للعميل، وضمان سلاسة تدفُّق المنتجات والخدمات لتلبيَّة احتياجات العملاء في الوقت المناسب مع التَّحسين المستمرّ للعمليَّات وخفض التَّكاليف.
استراتيجية Six Sigma
يُمكن تعريف Six Sigma على أنَّها مجموعة الأدوات والتَّقنيَّات والمنهجيَّات الَّتي تهدف لتحسين العمليَّات التّجاريَّة، بحيث تكون النَّتيجة النِّهائيَّة منتجاً أو خدمةً محسَّنةً، فتهدف هذه الطَّريقة لتحسين تجربة العملاء، وتُطبِّق 5 مبادئ أساسيَّة هي التَّركيز على العميل وتحديد المشكلة والتَّخلُّص من الهدر وتحريك العمليَّات وخلق ثقافة المرونة.
استراتيجية كايزن
وهو مصطلحٌ يابانيٌّ يعني التَّغيير نحو الأفضل وهو ما يعني في مجال الأعمال التَّحسُّن المستمرُّ، وتُركِّز أكثر على العمل الجماعيّ مُبيّنةً أنَّ التَّحوُّل الإيجابيَّ للأعمال لن يحدث إلَّا إذا عملت الفرق معاً بطريقةٍ استباقيَّةٍ مع تحمُّل المسؤوليَّات في مجالاتهم، وتؤكِّد على أنَّه حتَّى أصغر التَّغييرات سوف تكون قوَّةً دافعةً إذا طُبقت باستمرارٍ.
استراتيجية كانبان
وهي تعملُ بفاعليَّةٍ في مجالات التَّصنيع، فهي تتضمَّن عرض معلومات الإنتاج والمخزون في المناطق المختلفة؛ لتحديد زيادة أو نقص الإنتاج أو تعطِّل خطوط محدَّدة، وهدفها أن يكون الإنتاج فقط وفقاً لاحتياجات العميل وتقليل الإنتاج الزَّائد.
نظام S-5
وهي طريقةٌ تنظيميَّةٌ مشتقَّةٌ من 5 كلماتٍ يابانيَّةٍ، هي: Seiri ،Seiton ،Siesu ،Seiketsu، وshitake، وتعني التَّنظيم والتَّرتيب والنَّظافة والتَّوحيد والاستدامة، فتهتمُّ بمساحات العمل لتكون آمنةً ونظيفةً ومنظَّمةً؛ لتحسين جودة العمل والإنتاجيَّة، والنَّتيجة هي مكانُ عملٍ يرغب الموظَّفون في قضاء المزيد من أوقاتهم به، وبالتَّالي المزيد من العمل.
شاهد أيضاً: هل استراتيجية شركتك غير ناجحة؟ إليك 6 أسباب لفشل مخططاتك التّطويرية
أفضل طرق تطبيق نظام التميز المؤسسي في الشركات
إنَّ التميز التشغيلي أو المؤسسي عبارةٌ عن ثقافةٍ متكاملةٍ، يمكن البدء بها بالتَّدريج أو عن طريق التَّحوُّل التَّامّ، ومن أهمِّ ما يساعدك على البدء في الاتّجاه لهذا النَّهج وتطبيق هذا النِّظام في شركتك: [5]
الاستماع وجمع الأفكار من المصادر المتنوّعة
لكي تنطلقَ إلى التميز التشغيلي سوف تحتاج إلى قياس مستوى رضاء العملاء لمعرفة ما إذا كانت خدماتك تفتقرُ إلى القيمة، مع التَّحقُّق من الرُّوح المعنويَّة في كلِّ فريقٍ وقياس الإنتاجيَّة، ومن الضَّروري هنا الاستماع لكلِّ ردِّ فعلٍ من العملاء والموظَّفين كدلالةٍ على الاحترام مع التَّأكيد على إشراك الجميع، وبمجرَّد الحصول على المعلومات الضَّروريَّة، ابدأ بوضع إطار عمل وتوصيل رؤيتك بوضوحٍ للطَّريقة الَّتي ترغب بها في تحقيق أهدافك، ثمَّ التَّأكُّد من فهم الموظَّفين لها.
إجراء تحليل مقارن
وهو يسمحُ بتحديد المخاطر والمشكلات والفرص المتاحة للتَّحسن مع التَّحقُّق من صحتها، فيمكن مقارنة أداء شركتكَ مع المنافسين؛ لتحديد أفضل الممارسات القابلة للتَّنفيذ، ثُمَّ التَّحقُّق من الملاحظات والتَّوصيات بمشاركة الفرق المعنيَّة.
التّقييم والقياس
لكي تتبّعَ خطواتٍ منهجيَّةً خاليَّةً من الهدر، يجب تقييم فوائد ومخاطر أيَّ تغييرٍ سواءً تنظيميٌّ أو عمليٌّ، فمن الضَّروريّ تحديد التَّكلفة والجهد والوقت المطلوب، ممَّا يسمح بتحديد أولويَّات كلِّ تحويل للحصول على أفضل النَّتائج.
تحديد الفجوات
تشمل هذه المرحلة تحديد الفجوات الموجودة بين الأداء الحاليّ، وهذا الَّذي ترغبُ في الوصول إليه، ويساعدُ تحديد الفجوات في التَّركيز على المجالات الَّتي تحتاجُ إلى تحسينٍ.
تخطيط العمل
بناءً على تحليل الفجوات سوف تضع خطَّة عملٍ لتحسين الأداء العام للمنظَّمة مع التَّركيز على أهدافٍ مُحدَّدةٍ قابلةٍ للقياس والتَّحقُّق ومرتبطةٍ بوقتٍ وأنشطةٍ وموارد مطلوبةٍ.
التّطبيق
وتتضمَّن تنفيذ خطَّة العمل بما يشمل تغييرها في السِّياسات والأنظمة وتدريب الموظَّفين والحصول على الموارد وإنشاء نظم المراقبة.
التّقييم
وهي تشملُ رصد نتائج تنفيذ الخطَّة وتقييمها لمعرفة فاعليَّتها والتَّحسينات المطلوبة، ويشملُ هذا جمع وتحليل البيانات وإعداد التَّقارير عن التَّقدُّم الَّذي أحرزتهُ المؤسَّسة.
التّحسين المستمرّ
وهي تتضمَّن استخدام النَّتائج لتحديد المجالات الَّتي تحتاج إلى المزيد من التَّحسين أو تعديل خطَّة العمل، فالتَّحسُّن عمليَّةٌ تكراريَّةٌ تتضمَّن المراقبة والتَّقييم المستمرُّ لضمان التَّطوُّر المنتظم.
أمثلة عمليّة على تطبيق التميز التشغيلي حول العالم
التميز المؤسسي ليس مجرَّد نظرياتٍ فارغةٍ، أو مضى الزَّمن عليها، بل تزيد ضرورتها باستمرارٍ مع شراسة المنافسة، ومن أهمِّ الشَّركات العالميَّة الَّتي طبَّقت نظام التَّميُّز المؤسسيّ بنجاحٍ:
- شركة تويوتا: وهي من أوائل الشَّركات الَّتي طبَّقت نظام التَّصنيع الخالي من الهدر في عمليَّة الإنتاج، فركَّزت فقط على التَّخلُّص من الهدر وتحسين العمليَّات لزيادة جودة المنتج والإنتاجيَّة.
- ستاربكس: ركَّزت على تحسين عمليَّات التَّصنيع والخدمة عبر تدريبٍ مكثَّفٍ للموظَّفين على الجودة وخدمة العملاء مع استخدام التُّكنولوجيا لتحسين العمليَّات وزيادة المرونة في خدمة العملاء.
- ماريوت الدُّوليَّة: وهي مثالٌ على إدارة الجودة الشَّاملة وخلق بيئة عملٍ إيجابيَّةٍ، لضمان التزام الجميع بالجودة.
- شركة جنرال إلكتريك: وهي من الأمثلة الواقعيَّة على نجاح استراتيجيَّة 6 سيجما عبر تحسين العمليَّات والتَّركيز على جودة المنتج.
- أمازون: وهي مثالٌ على زيادة المرونة التَّنظيميَّة والتَّفاعل السَّريع والاهتمام بالتَّعليقات من العملاء والموظَّفين.
كيف تقيس التميز المؤسسي لشركتك؟
عبر استخدام مؤشِّرات الأداء الرَّئيسيَّة، والَّتي تختلف من شركة لأُخرى يمكن التَّحقُّق من مستوى التميز التشغيلي في شركتكَ، وتشملُ هذه المؤشِّرات كلّاً من: [6]
- كفاءة التَّكلفة: وهي تكلفة الإنتاج مقارنةً بالمخرجات.
- الجودة: وتعني مستوى رضا العملاء ونسبة العيوب والأخطاء.
- الإنتاجيَّة: أيّ قياسُ النَّاتج لكلِّ موظَّفٍ أو لكلِّ وحدةٍ من المدخلات مثل العمالة والمواد.
- التَّسليم والمهل الزَّمنيَّة: حيث تقييم الوقت المستغرق لتوصيل المنتجات والخدمات للعميل.
- إدارة المخزون: حيث قياس كفاءة دوران المخزون وتكاليف الاحتفاظ.
- السَّلامة: وهو مؤشّرٌ يتتبَّع حوادث العمل ومدى فاعليَّة إجراءات السَّلامة.
- معدَّل دوران الموظَّفين: إلى أيّ مدى تحتفظ الشَّركة بموظَّفين قدامى.
- المقاييس الماليَّة: مثل هوامش الرّبح والتَّدفُّق النَّقديَّة والعائد على الاستثمار.
- التَّوافق الاستراتيجيُّ: للتَّأكُّد من أنَّ جهودَ التميز التشغيلي تتماشى مع الأهداف والغايات الكبرى للشَّركة.
وفي الختام، فإنَّه مع التَّطور التَّكنولوجي وارتفاع حدَّة المنافسة مع التَّغير المستمرِّ في قيم واحتياجات العملاء، فإنَّ التميز المؤسسي يُصبح أكثر أهميَّةً من أيّ وقتٍ مضى، فمن خلال ورش العمل وتبادل الآراء والأفكار والدَّورات التَّدريبيَّة يُمكن للمؤسَّسات الارتقاء ببرامجها واجتماعاتها وتحسين منتجاتها وخدماتها باستمرارٍ، مع تسهيل الاتّصال والتَّفاعل بين كلّ الأطراف المعنيَّة من عملاء وموظَّفين وقادةٍ وغيرهم.