الرئيسية الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي في القانون: أداة حيوية أم تهديد للعدالة؟

الذكاء الاصطناعي في القانون: أداة حيوية أم تهديد للعدالة؟

التوسع في هذه التقنية يثير تساؤلات حول أمان استخدامها وإمكانية استبدال البشر في إعداد المذكرات والأحكام. كيف يمكن للشركات القانونية والمحامين الاستفادة القصوى دون التأثير على العدالة والشفافية؟

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون ليس جديداً على الإطلاق، بل تعدُّ المحاماة تحديداً والاستقصاء الجنائيُّ من أوائل المهن عموماً والقانونيَّة خصوصاً الَّتي استفادت من هذه التَّقنيَّة سواءً في تحليل البيانات أو الاستعلام عن المستندات أو الاستقصاء ومراجعة المعلومات والمقارنة بينها.

 ولا شكَّ أنَّه قد حدث توسُّعٌ كبيرٌ في استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون لتزيد أتمتة المهام الرُّوتينيَّة مثل مراجعة العقود والبحث والكتابة القانونيَّة التَّوليديَّة، فهل هذه التِّقنيَّة آمنةُ الاستخدام في القانون؟ وهل يمكن أن تستبدل المحامين ليتمكَّن كلُّ شخصٍ من إعداد مذكِّرة دفاعٍ عن نفسه؟ بل هل يمكن استبدال القضاة عبر مدخلاتٍ معيَّنةٍ لإصدار الأحكام؟ وكيف تستفيد الشَّركات القانونيَّة والمحامون والمحقِّقون من هذه التِّقنية لأقصى حدٍّ دون التَّأثير على العدالة والشَّفافيَّة؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرَّف عليه في الأسطر المقبلة.

تعريف الذكاء الاصطناعي في القانون

للذكاء الاصطناعي تعريفاتٌ مختلفة وفقاً للمجال الَّذي يعمل به، ولكن في القانون تحديداً فإنَّ الأمر معقَّدٌ أكثر، فهو من ناحيةٍ بمثابة تذكرةٍ ذهبيَّةٍ لزيادة الإنتاجيَّة وتوفير ساعاتٍ من البحث وتحليل البيانات والمعلومات، ولكن من ناحيةٍ أخرى فإنَّ الاعتراف بمشروعيَّة الرُّوبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي والثِّقة في حكمها ما يزال من أوجه الخلاف القويَّة بين القانونيين في كلِّ دول العالم وبين المنظَّمات الدُّوليَّة والإقليميَّة المعنيَّة.

لذا فإنَّ التَّعريف الشَّامل للذكاء الاصطناعي في القانون لم يُتفق عليه بعد، فبعضهم يرفضه تماماً، ولكن هناك نسبةٌ تستخدمه في أتمتة المهام المتكرِّرة، كما أنَّ هناك اتجاهاً متزايداً للاعتماد عليه في معرفة توجُّهات القضيَّة وتحليل أعمق للبيانات وكتابة المرافعات وغيرها من أمورٍ متخصٍّصةٍ أكثر.

لذا فهو يعدُّ الآن من الأدوات الَّتي تُستخدم على نطاقٍ واسعٍ في القانون ولكن يحتاج الأمر إلى تنظيمٍ صارمٍ لم تتوصَّل له الكثير من الأنظمة حتَّى الآن.

أثر استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال القانون

سمحت التُّطورات التِّقنيَّة للمحامين في السَّنوات الأخيرة بتسريع عمليَّات البحث القانوني وإنشاء الملخَّصات والَّتي كانت تستغرق وقتاً كبيراً للغاية خصوصاً من المحامين تحت التَّدريب، ولكنَّ محرَّكات البحث المدعَّمة بالذكاء الاصطناعي الآن توفِّر هذا الوقت، كما أنَّ أدوات البحث القانونيِّ المدعَّمة بالتَّعلُّم الآليِّ تساعد في تدقيق كميَّاتٍ هائلةٍ من البيانات للعثور على المعلومة الصَّحيحة.

ولكن من ناحيةٍ أخرى فإنَّ الذكاء الاصطناعي يزيد من التَّحدِّيَّات أمام القانونيين، فيمكن لهذه التِّقنية إنشاء صور ومقاطع فيديو مزيَّفةً تزيد من مجهود البحث عن الحقيقة وتضلِّل التَّحقيقات لفترةٍ طويلةٍ بل قد تؤثِّر على الجمهور العامِّ ليتَّجه مسار القضايا بطريقةٍ مختلفةٍ. [1]  

شاهد أيضاً: ما هي أفضل 4 استخدامات للذكاء الاصطناعي في الأعمال؟

ما هي مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون؟

لم يكن القانون يوماً بعيداً نهائيَّاً عن استخدام الذكاء الاصطناعي، فتقنيَّات التَّعرُّف على الوجه وتتبُّع المتهمِّين وتحليل التَّسجيلات الصَّوتيَّة وغيرها تعتمد تماماً الآن على الذكاء الاصطناعي في الكثير من دول العالم، ومن أهمِّ المجالات اَّلتي يُطبق بها الذكاء الاصطناعي في القانون:

الذكاء الاصطناعي في القضاء

الذكاء الاصطناعي في القضاء

لا شكَّ أنَّ أدوات الذكاء الاصطناعي في القضاء أصبحت تساعد القضاة في الحصول على المعلومات أسرع وتحليلها بطريقةٍ أكثر كفاءةً للانتهاء من عددٍ أكبر من القضايا في وقتٍ قصيرٍ مع تبسيط عمليَّة مراجعة المستندات الخاصَّة.

كما تساعد المحامين في إجراء ارتباطاتٍ قويَّةٍ بين المعلومات قد تكون بعيدة تماماً عن أذهانهم، وتتوفَّر أدواتٌ تنبُّؤيَّةٌ لتحليلات التَّقاضي ومحاولة معرفة حُكم القاضي مبكِّراً قدر الإمكان وليس بطريقةٍ مؤكَّدةٍ تماماً بالطَّبع، ولكنَّها تساعد للغاية المحامين المبتدئين وترفع من قُدرة المحامين على بذل المزيد من الجهد بطرقٍ مختلفةٍ للتَّغلُّب على عوائق القضيَّة.

الذكاء الاصطناعي في القانون الجنائي

ليس من الصَّعب على الإطلاق اكتشاف تأثيرات الذكاء الاصطناعي في القانون الجنائيِّ، فمن أنظمة السَّلامة المروريَّة إلى التَّعرُّف على الأنماط الإجراميَّة وحتَّى التَّنبُّؤ بالجريمة ومحاولة منعها تتنوَّع بشدَّةٍ تأثيرات هذه التَّقنيَّة في التَّحقيق بالجرائم، ومن أهمِّ هذه التَّأثيرات: [2]  

  • التَّحليل الرَّقميُّ شديد التَّطور وتحسين الصُّور ذات الجودة الرَّديئة.
  • محاكاة الجريمة خصوصاً إذا تمَّت في مكانٍ بعيدٍ.
  • تقدُّمٌ كبيرٌ في تحليل الحمض النُّوويِّ خصوصاً في القضايا الباردة ومهما كانت العينة متدهورةً.
  • التَّعرُّف على الطَّلقات النَّاريَّة أسرع وتحديد توقيت إطلاق النَّار بدقّةٍ مع تعيين السِّلاح المستخدم بسهولةٍ أكبر.
  • منع الجريمة عبر رصد كمٍّ هائلٍ من المعلومات الصَّادرة من كاميرات المراقبة والسِّجلَّات العامَّة لمعرفة مناطق التَّوتُّر واتِّخاذ إجراءاتٍ استباقيَّةٍ.

الذكاء الاصطناعي في القانون المدني

استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون المدنيِّ معقَّدٌ بعض الشَّيء، فمن الاستعانة به فقط في الأبحاث وجمع المعلومات إلى الاعتماد عليه في إصدار الأحكام تتعدَّد فروع استخدامه وتثير الجدل بشدَّةٍ في مدى مراعاتها للحقوق المدنيَّة، فضلاً عن تشابك تأثيراته على البشر وانتهاك قوانين الخصوصيَّة والأمان من ناحية واستخدامها في منع الجريمة من ناحية أُخرى ومن أهمِّ استخدامات الذكاء الاصطناعي في القانون المدني: [4]  

  • يستخدم المحامون والكثير من فروع الحكومة برامج الذكاء الاصطناعي لاتِّخاذ القرارات وتطوير استراتيجيَّات عملهم.
  • استخدام هذه التَّقنيَّة في التَّنبُّؤ بقرارات المحكمة آخذ في الازدياد؛ ممَّا قد يؤثِّر على الشَّفافيَّة والعدالة لمن لا يملك مثل هذه التَّقنيَّات.
  • أصبح تصنيف القضايا وفقاً لتعقيدها من الأمور المنتشرة في أوروبا ليحلَّ الذكاء الاصطناعي محلَّ القضاة في القضايا غير المعقَّدة ذات النِّزاعات المنخفضة.

الذكاء الاصطناعي في القانون التجاري

تستفيد الشَّركات والهيئات التِّجارية بشدَّةٍ من الذكاء الاصطناعي في القانون التِّجاريِّ عبر الوسائل التَّالية: [6]  

  • جودة مراجعة المستندات وإدارة العقود واكتشاف الثَّغرات مع أتمتة المهام المتكرِّرة وإدخال البيانات.
  • تحليل البيانات والرُّؤى ممَّا يساعد الشَّركات في اتِّخاذ قراراتٍ سريعةٍ بناء على أبحاث السُّوق ورؤى العملاء والتَّحليل التَّنافسيِّ.
  • يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التَّنبُّؤ بالأداء الماليِّ.
  • يمكن إدارة المخاطر عبر تقنيَّات الذكاء الاصطناعي الَّتي تراقب تهديدات الأمن السِّيبرانيِّ.
  • يمكن لهذه التَّقنيَّة ضمان امتثال الشَّركات للوائح وفقاً لمتطلَّبات القانون والهياكل التَّنظيميَّة المتنوِّعة.

الذكاء الاصطناعي في القانون الدولي

هناك مجموعةٌ لا حصر لها من فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون الدولي بدءاً من مواجهة التَّحديَّات المعقَّدةِ مثل تَغيُّر المناخ والأمراض الخطيرة إلى مراقبة الانتهاكات العرقيَّة وتتبُّع حقوق الإنسان عبر الأقمار الاصطناعيَّة والإبلاغ عنها. [5]  

ولكن من ناحيةٍ أخرى فإنَّ هذه التَّقنيَّة عابرةٌ للقارات تماماً ويمكن أن تهدِّد بهجماتٍ سيبرانيَّةٍ واسعة النِّطاق وتضخيم المعلومات المضلِّلة خصوصاً أنَّه ما يزال يتركَّز في يد مجموعةٍ قليلةٍ من البشر بما يفرض الكثير من التَّحديَّات لتسخير هذه التِّقنيَّة لصالح البشر بالفعل مع ضمان الوصول العادل لهذه التُّكنولوجيا ومحاولة الوصول إلى توازنٍ دقيقٍ يضمن الإدارة السَّليمة للذَّكاء الاصطناعي في القانون الدولي دون تهديد حقوق وهويَّة الإنسان. [3]  

شاهد أيضاً: البحرين تقود التنظيم القانوني للذكاء الاصطناعي بقانون جديد

أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون

أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون

تتنوَّع بشدَّةٍ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون في الألفيَّة الثَّالثة، ومن أهمِّ هذه التَّطبيقات: [7]  

  • المسح الإلكترونيُّ للوثائق، وهو الأكثر شيوعاً في استخدام تقنيات الذَّكاء الاصطناعيِّ في القانون حيث يتيح برنامج الاكتشاف القانوني مسح المستندات ضوئيَّاً باستخدام كلماتٍ أو تواريخ أو موقعٍ جغرافيٍّ محدَّدٍ.
  • مسح قواعد البيانات شديدة الضَّخامة والبحث بها بسرعةٍ فائقةٍ بما يشمل قوانين الحالة والقوانين والأنظمة القانونيَّة وغيرها.
  • إدارة السِّجلَّات الإلكترونيَّة بطريقةٍ أفضل عبر وضع العلامات والتَّوصيف المعتمد على الذكاء الاصطناعي ممَّا يجعل البحث عنها أفضل.
  • أتمتة المستندات باستخدام القوالب الذَّكيَّة لملء حقول النَّماذج تلقائيَّاً وكتابة الرَّسائل والاتفاقات والمرافعات والمستندات القانونيَّة.
  • اكتشاف الاختلافات والتَّغيُّرات في المستندات والثَّغرات القانونيَّة في الأنظمة المختلفة.
  • مراقبة حقوق الإنسان عن بُعدٍ والتَّعرُّف على الانتهاكات ومحاولة منعها.
  • مراقبة جميع المناطق في الدَّولة عبر تقنيَّات الطَّائرات بدون طيَّارٍ وتحديد استراتيجيَّات الاستجابة السَّريعة.

وفي النِّهاية فإنَّ الذكاء الاصطناعي في القانون يمكن أن يمنح المحامين والقضاة والمحقِّقين بالفعل الكثير من الوقت للتَّركيز على التَّخطيط الاستراتيجيِّ والتَّحليل المتعمَّق للقضايا وربط المعلومات أسرع، ولكنَّه في الوقت ذاته يفرض مجموعةً متنوِّعةً من التَّحديَّات الَّتي تزيد من الشُّكوك في الأحكام النِّهائيَّة؛ لذا فإنَّ القانون مثل بقية المهن كالطِّبِّ والهندسة والبرمجة يمكنه استخدام أدوات هذه التَّقنيَّة الحديثة لكن دون الاعتماد التَّامِّ عليها بل استغلالها فقط لأتمتة المهام المتكرِّرة والحصول على توصيَّاتٍ تخضع للإشراف البشريِّ.

  • الأسئلة الشائعة

  1. ما هي المجالات والطرائق التي تم استخدام الذكاء الاصطناعي في القانون؟
    مجالات متنوعة للغاية بدءاً من البحث عن كمّ هائل من البيانات وتحليلها وتحديد الصلات إلى المراقبة الفعّالة للمتهمين ومنع هربهم فضلاً عن تنظيم العقود والتأكد من الصور ولقطات الفيديو وتحليل مسرح الجريمة والحصول على اعترافات من المتهمين وغيرها.
  2. هل الذكاء الاصطناعي يهدد المحامين؟
    يمكن للذكاء الاصطناعي أن يهدد المحامين غير القابلين لتطوير معلوماتهم عن هذه التقنية والمصرين على المهام التقليدية التي ستنفذها هذه التقنية بكفاءة أكبر وخلال وقت أقل بكثير، ولكن المهارات الإنسانية الفريدة والتخطيط الاستراتيجي العميق والتفاعل الحميمي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم به.
  3. ما علاقة الذكاء الاصطناعي بالقانون؟
    علاقة الذكاء الاصطناعي بالقانون وثيقة، فهذه التقنية في البداية تثير مخاوف قانونية بشأن التحيز والشفافية وتزييف الحقائق، ولكن من ناحية أخرى تساعد في تحليل البيانات والحصول على معلومات متعلقة من جميع أنحاء العالم دون عوائق جغرافية فضلاً عن المراقبة الفعّالة لأماكن التوتر.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: