الرئيسية الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي في الإعلام: بين تعزيز الكفاءة وفقدان الهوية

الذكاء الاصطناعي في الإعلام: بين تعزيز الكفاءة وفقدان الهوية

دوره في أتمتة المهام والتحقق من المعلومات وتحليل البيانات، مع التركيز على المخاوف المتعلقة بفقدان الإبداع والوظائف

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

الذكاء الاصطناعي ودوره في صناعة إعلام المستقبل، الهاجس الذي يُؤرّقُ العديد من الصّحفيين والإعلاميين من حول العالم، الذين بدأ بعضهم يستشعر خطر الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي يمكن لهم الاستفادة منه فعليّاً في كتابة قصصٍ مدعَّمةٍ بالبيانات والإحصاءات.

قبل الدُّخول في مناقشة دور الذكاء الاصطناعي في الإعلام، أودُّ ذكر موقفٍ غالباً إنَّه يختصر الكثير، ذات مرَّةٍ أخبرني أستاذٌ في كُليَّة الصّحافة، حيث كنت أدرس مع بداية الألفيَّة الجديدة، أنَّه كي أحقّق النَّجاح المطلوب في العالم الإعلاميّ، عليَّ ألَّا أكتب مثل الآلة، كان هذا قبل انتشار الذكاء الاصطناعي في عالمنا العربيّ، وأعتقد أنَّ تلك النَّصيحة ستظلُّ صالحةً إلى ما لا نهايةٍ.

أهمية تطبيق الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي

على الرَّغم من أهمية تطبيق الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي، دعونا نتفق على أنَّه لا يستطيع أن يحلَّ محلَّ الإنسانيَّة في العمل الصحفي والإعلامي، لكن وبالمقابل يمكن استثمار الذكاء الاصطناعي ليكون داعماً للصَّحفيين والإعلاميين ومساعداً جيداً لهم.

يُمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الصحافة من خلال أتمتة المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً، مثل نسخ الصَّوت أو الفيديو، إضافةً إلى: [1]  

التَّحقُّق من المعلومات

التَّحقُّق من المعلومات لا سيَّما المعلومات المضلّلة التي تنتشر بكثافةٍ في وسائل التواصل الاجتماعيِّ، واحدةٌ من أكثر الإشكاليّات التي يستطيع الذكاء الاصطناعي حلُّها ومساعدة الصِّحفيين في إتمامها بسرعةٍ وسهولةٍ.

مع زيادة استخدام الأنظمة الذَّكيَّة، سينخفض خطر المعلومات المضلِّلة نتيجة قدرة الذكاء الاصطناعي على التَّحقُّق من صحَّة المصادرة، بالبحث في مجموعةٍ واسعةٍ من المنصَّات والوصول إلى المصدر الحقيقيّ للمعلومة للتَّأكُّد من مصداقيتها.

التَّخصيص

يساعد الذكاء الاصطناعي في تتبُّع تفضيلات القرَّاء والمشاهدين، عبر الخوارزميات الذَّكيَّة، ممَّا يُتيحُ لوسائل الإعلام والعاملين فيها الحصول على توصياتٍ إخباريَّةٍ مخصِّصةٍ، ما يجعلها مثلاً تستخدم أخباراً معيَّنةً تتناسب وتفضيلات الجمهور ومتابعيها.

تحليل البيانات

يُمكن للذَّكاء الاصطناعيّ تحليل كميَّةٍ واسعةٍ من البيانات لتحديد الاتّجاهات والأنماط، ممَّا يساعد الإعلاميين والصّحفيين على اكتشاف قصصٍ جديدةٍ والوصول إليها وتقدُّمها للقرَّاء.

ترجمة اللُّغة

عوضٌ من أن يستخدمَ الصِّحفيون أو المنصَّات الإعلاميَّة التَّرجمةَ التَّقليديَّةَ لترجمة النُّصوص الصّحفيَّة، يمكن لهم اللُّجوء إلى التَّرجمة التي يقدِّمها الذكاء الاصطناعي إلى لغاتٍ متنوِّعةٍ وكثيرةٍ، وبالتَّالي ضمان وصول المقالات إلى أكبر عددٍ من الجمهور في العالم.

إنشاء المحتوى

على الرَّغم من أنَّ الذكاء الاصطناعي ما يزال عاجزاً عن إنتاج قصَّةٍ صحفيَّةٍ كاملةٍ، حتَّى اليوم على الأقلِّ، إلَّا أنَّه يُعدُّ مساعداً جيّداً في إنشاء المحتوى مثل الملخَّصات والعناوين الرَّئيسيَّة وجمع المعلومات.

التَّحليلات التَّنبُّؤيَّة

يستطيع الذَّكاء الاصطناعيُّ التَّنبُّؤ بالقصص التي ستحقِّق أداءً جيداً بناءً على بيانات الأداء السَّابقة، وبالتَّالي تساعد الصّحفيين على توجيه عملهم نحو الجانب الأكثر أهميّةً ما يساعد القصص أو المحتوى الصّحفي في الحصول على تفاعلاتٍ جيدةٍ وانتشاراً جيداً.

تقسيم الجمهور

يعمل الذكاء الاصطناعي على تقسيم الجمهور المستهدف، بناءً على الاهتمامات والسُّلوكيَّات، ما يمنح الصّحفيين فرصة تقديم المحتوى المستهدف بطريقةٍ جاذبةٍ أكثر.

إعداد التَّقارير في الوقت المناسب

تسمح الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بمراقبة الأحداث وأنشطة وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الفعليّ، ما يتيح إعداد تقارير بشكلٍ أسرعٍ ومجاراة التّريند والمشاركة فيه في الوقت المناسب.

زيادة السُّرعة

يستطيع الذكاء الاصطناعي معالجة المعلومات بسرعةٍ أكبر بكثيرٍ من البشر، ويمكن للمنصَّات الصّحفيَّة عبر الإنترنت تنظيم المحتوى وتصنيفه على الفور لمستخدميها باستخدام خوارزميَّات الذكاء الاصطناعي، ما يتيح للجمهور الوصول إلى المعلومات في الوقت المناسب.

باختصار، يُعدُّ الذكاء الاصطناعي أداةً عظيمةً يستطيع الإعلاميُّون الاستفادة منها، ومع ذلك علينا أن نتذكَّرَ بأنَّه ما يزال تقنيَّة لم يتمُّ تطويرها بشكلٍ كاملٍ بعد، وعوض عن خوف الصّحفيين من المنافسة يستطيعون تطويعه والاستفادة منه.

شاهد أيضاً: 3 أسئلة من الصعب الإجابة عليها حول الذكاء الاصطناعي

سلبيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام

قد تبدو الإيجابيَّات عظيمةٌ، لكنَّ سلبيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام ليست بالقليلة، وبالنّهاية فإنَّ الذكاء الاصطناعي ومهما كان مفيداً يفتقر للحسّ الإنسانيّ الذي يعدُّ مقياس أساس نجاح القصص الصحفية. [1]

سلبيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام

التَّقارير المتحيّزة

عندما يتمُّ إنشاء خوارزميَّات الذكاء الاصطناعي دون مراعاة التَّنوُّع، تصبح فرصة إعداد تقارير متحيّزةٍ كبيرةٍ، ما يمكن أن يؤدّي إلى العنصريَّة، أو التَّحيُّز القائم على النَّوع الاجتماعيّ، والعديد من أشكال التَّمييز الأخرى، وهذا مرفوضٌ تماماً في أخلاقيَّات العمل الصحفي.

الافتقار إلى الإبداع

لا يستطيع الذكاء الاصطناعي العمل إلَّا بالبيانات المقدّمة له، وهذا يعني أنَّ الأخبار التي ينتجها لا تتمتَّع بالأصالة والإبداع، اللَّذان يستطيع الصّحفيون البشر تقديمهما.

فقدان الوظائف

ستؤدِّي أتمتة الوظائف التي كان يؤدّيها الأشخاص سابقاً، مثل تنظيم المحتوى وجدولته، إلى فقدان بعض الوظائف الصحفية، وعلى اعتبار أنَّ هناك عدداً قليلاً من الأفراد المتاحين للتَّحقُّق من المعلومات والإبلاغ عن مواضيع معقَّدة، غالباً سيؤدّي ذلك إلى انخفاض جودة الصّحافة.

المخاوف الأخلاقيَّة

تبرز الأسئلة الأخلاقيَّة نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي في الصّحافة، خصوصاً حين يتعلَّق الأمر باستخدام المعلومات الخاصَّة، حيث يكون هناك احتمالٌ أنَّ يتمُّ إنشاء خوارزميَّات الذكاء الاصطناعي للتَّأثير على القُرّاء وسلوكهم من أجل كسب المال، وهذا يستطيع أن يتسببَّ في فقدان النَّاس الثّقة في منصَّات الصحافة عبر الإنترنت.

الافتقار إلى التعاطف

تفتقر المواد الصحفية المكتوبة بوساطة الذكاء الاصطناعي، إلى وجود التَّعاطف وفهم المشاعر البشريَّة، التي تُعدُّ حاسمةً في نقل القصص الإخباريَّة.

غياب المساءلة

يجب أن يكون استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة شفافاً وخاضعاً للمساءلة لضمان الدقة والعدالة، وبغياب الرَّقابة المناسبة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينشرَ التَّحيُّزات والمعلومات المضلِّلة، ممَّا يؤدّي في نهاية المطاف إلى تآكل مصداقيَّة الصحافة عبر الإنترنت.

تشترط المقالات الصحفية النَّاجحة، وجود الحسّ الإنسانيّ الذي يجب أن ينطلقَ منه الصحفيون لإكساب موادهم الرُّوح المطلوبة، والذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يكون منافساً لهم من هذه النَّاحية، على الأقلّ حتَّى اليوم.

توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام

إنَّ عملية توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام قد بدأت بالفعل، ويجري استخدامه اليوم في عددٍ من المؤسّسات الصحفية، سواءً في تنظيم الأخبار أو إنشاء المقالات تلقائيّاً، والتَّحقُّق من المعلومات وغيرها.

الذكاء الاصطناعي في الإعلام الآلي

توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام

شاع استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام الآلي، وبدأت العديد من الوكالات الإخباريَّة العالميَّة باستخدامه بالفعل مثل رويترز وبي بي سي وغيرها، ومن خلاله يمكن أتمتة المحتوى وإنتاج قصصٍ إخباريَّةٍ بوساطة الرُّوبوتات، التي تستخدم خوارزميَّات لتوليد اللُّغة الطَّبيعيَّة، وجمع كميَّةٍ هائلةٍ من البيانات وتفسيرها وتحويلها تلقائيّاً إلى نصوصٍ إخباريَّةٍ بسرعةٍ كبيرةٍ. وبالفعل فإنَّ العديد من الوكالات الإخباريَّة العالميَّة بدأت باستخدام الذكاء الاصطناعي، للمساعدة في:  [2]

  • تبسيط العمل الإعلامي، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي الصحفيين على التَّركيز فيما يفعلونه بشكلٍ أفضل، مثل إعداد التَّقارير كما هو الحال في Juicer بالبي بي سي.
  • أتمتة المهام الاعتياديَّة، إذ يمكن لتطبيق مثل Reuter’s News Tracer تتبُّع الأخبار العاجلة، بحيث لا يتمُّ هدر وقت الصّحفيين بالقيام بأعمالٍ مُجهدةٍ.
  • تحليل المزيد من البيانات بشكلٍ أسرع بكثيرٍ، كما هو الحال في تطبيق المحرِّر الخاصِّ بمختبر الأبحاث والتَّطوير في صَّحيفة نيويورك تايمز.
  • استخراج الرُّؤى الإعلاميَّة، إذ يُمكن ربط المعلومات بسرعةٍ وكفاءةٍ كما هو الحال في خريطة المعرفة الخاصَّة بصحيفة واشنطن بوست.
  • التَّحقُّق من الأخبار المزيفة، بطريقةٍ سريعةٍ وموثوقةٍ، على سبيل المثال يستخدم فيسبوك الذكاء الاصطناعي لاكتشاف أنماط الكلمات التي ربُّما تشير إلى قصَّةٍ إخباريَّةٍ مزيفةٍ أو معلوماتٍ مضلّلةٍ.

ما يمكن تشغيله آليَّاً سيصبح آليَّاً، وجهة نظر كثيرٍ من الخبراء الذين يرون، بأنَّه لا يمكن توقُّع أن تكون الصحافة مختلفةً، ومع ذلك فإنَّ الذكاء الاصطناعيِّ بشكله الحالي اليوم لم يهدِّد الصحفيين البشر بعد، بقدر ما هو داعمٌ ومساعدٌ لهم، لكن من يدري قد يتغيَّر الحال خلال الأعوام القليلة القادمة.

فهل ستدار غرف الأخبار عام 2025، شكلٌ رئيسيٌّ من قبل الذكاء الاصطناعي، أم أنَّها ستتألَّف من مراسلين بشريين يعملون بالذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي في مجال الإذاعة والتلفزيون

من المتوقَّع أن يُحدِثَ توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الإذاعة والتلفزيون ثورةً حقيقيَّة في المجال الإعلاميّ، هذا ما بدا واضحاً بالنّسبة للمجتمع العربيّ بعد صدمة ظهور مذيعة الذكاء الاصطناعي ابتكاراً في قناة الجزيرة القطريَّة عام 2023، التي تمتلك القدرة على تقديم الأخبار والبرامج الإذاعيَّة والتلفزيونيَّة بكفاءةٍ عاليةٍ.

تستطيع ابتكار إذاً تقديم الأخبار والبرامج سواءً كانت إذاعيّةً أم تلفزيونيّةً، إلَّا أنَّها لا تستطيع أن تكون مراسلةً ميدانيّةً، وتلك ثغرةٌ كبيرةٌ جدَّاً إذ إنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي لابتكار مراسلين ميدانيين تبدو مهمَّةً جدّاً خصوصاً في التَّغطية الصّحفيَّة بأماكن النّزاعات والحروب ما يمكن أن ينقذ حياة المراسلين البشر ويبعدهم عن الخطر.

ومع ذلك، فإنَّ الاعتماد على مذيعي ومذيعات الذكاء الاصطناعي، ليس المجال الوحيد للاستفادة منه في عالم التلفزيون، إذ يمكن الاستفادة منه أيضاً في:  [4] [3]  

  • يساعد على اختصار كاميرات البثّ الخارجيّ، ما يمكن القنوات التّلفزيونيَّة من تغطية عددٍ أكبر من المواقع.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي في البثّ المباشر، الذي يفيد بالعديد من التَّغطيات مثل التَّغطية الرّياضيَّة والعروض الحيَّة.
  • البحث عن الأخبار المهمَّة والجديرة بالنَّشر باستخدام الذكاء الاصطناعي.
  • استخدام أنظمة اكتشاف الوجه والكلام للمساعدة في التَّعرُّف على الأشخاص بأماكن الإضاءة المنخفضة، أو لنسخ الخطابات بشكلٍ تلقائيٍّ.
  • إنشاء الأوصاف الصَّوتيَّة للبرامج الحيَّة مثل البثّ الرّياضيّ، باستخدام الذكاء الاصطناعي، الذي يساعد ضعاف البصر في المتابعة.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليَّة تلوين اللَّقطات الأرشيفيَّة بالأبيض والأسود.

إضافةً إلى التلفزيون، لا يمكن إغفال مدى أهميَّة استخدام الذكاء الاصطناعي في الراديو والبثّ الإذاعيّ، حيث يساعد في اختيار نوع الموسيقى والمحتوى الذي يودُّ المستمعون سماعه، وعلى الرَّغم من عدم إمكانيَّة استبدال منسق الأغاني البشريّ، لكنَّ خوارزميَّة الذكاء الاصطناعي تسهِّل مهمَّة اختيار الأغاني. وتحسين قوَّة الإشارة، واحدة من أهمّ مجالات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في البث الإذاعي، حيث تساعد الأنظمة الذَّكيَّة في إنشاء خوارزميَّةٍ تستطيع تعديل قوَّة البثّ في الوقت المناسب. 

قد يبدو مستقبل التلفزيون والراديو مختلفاً تماماً عمَّا هو عليه اليوم، وغالباً فإنَّ الذكاء الاصطناعي سيؤدّي إلى تغيير طريقة العمل الإذاعي  والتّلفزيونيّ بالكامل.

أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام

لا يمكن حصر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، لكن دعونا نركِّز على أكثرها شيوعاً، مثل: [5]

وضع علامات على البيانات الوصفية

مع إنشاء الكثير من المحتوى في كلِ دقيقةٍ، يصبح من الصَّعب على موظَّفي الشَّركات الإعلاميَّة تصنيف تلك العناصر وتسهيل البحث على المشاهدين، حيث تتطلَّب المهمة مشاهدة مقاطع الفيديو وتحديد المشاهد أو الأشياء فيها، لتصنيفها وإضافة العلامات.

لتسهيل تلك المهمَّة يقوم منتجو وموزعو الوسائط مثل CBS Interactive، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعيِّ للفيديو وإجراء تعليقاتٍ توضيحيَّةٍ وتحليل محتوى كلِّ فيديو، وبذلك يصبح أيُّ محتوىً تعدُّه شركات البثّ والنَّشر متاحاً بسهولةٍ.

روبوتات الدردشة المخصصة لـ VA

يمكن لتطبيق المساعدة الافتراضيَّة القائم على الذكاء الاصطناعي، مساعدة المؤسَّسات الإعلاميَّة في جمع البيانات المفيدة، مثل الأسئلة الشَّائعة، والاقتراحات إضافةً إلى تفضيلات المستخدم، لتقوم المؤسَّسات الإعلاميَّة بعد ذلك باستخدام تلك البيانات وتطوير روبوتات الدَّردشة أو تدريبها لتحسين الأداء، ما يؤدّي في النّهاية إلى تحسين تجارب العملاء.

تخصيص المحتوى

أحد أهمّ أسباب نجاح أفضل منصّات البثّ الموسيقي والفيديو، مثل Netflix و Spotify، هو أنَّها تُقدّم المحتوى للأشخاص من جميع أنحاء العالم على اختلاف تفضيلاتهم وأذواقهم.

وتستخدم تلك المنصَّات خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآليِّ، لقراءة التَّركيبة السُّكانيَّة وسلوك المستخدم، وبمجرَّد الحصول على البيانات يتمُّ استخدامها لتقديم توصياتٍ جديدةٍ بخصوص الموسيقا والأفلام والتلفزيون، لتلبية تفضيلات المشاهدين والمستمعين الذين سيحصلون على تجربةٍ مخصَّصةٍ.

التَّحكُّم في البث والكشف عن المعلومات المضلّلة

بمساعدة الكومبيوتر المدعوم بالذكاء الاصطناعي، يُمكن اكتشاف المواد المسيئة والمعلومات المضلِّلة وتصفيتها، بينما تساعد خدمة الإشراف الآليّ على المحتوى في إدارة المحتوى المُضلّل المرفوض قبل البثّ.

ترجمة لغات متعدّدة خالية من الأخطاء

إنتاج محتوى عالميٍّ، يتطلَّب من المؤسَّسات الإعلاميَّة توفير ترجماتٍ إلى لغاتٍ متعدّدةٍ، على أن تكون خاليةً من الأخطاء لاستخدامها، المترجمون البشر سيستغرقون آلاف السَّاعات لترجمة الأفلام والمقالات والتَّقارير، وهم معرضون للخطأ أيضاً. والمؤسّسات الإعلاميَّة تستطيع حلَّ تلك المشكلة، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعيِّ في توليد اللُّغة الطَّبيعيَّة ومعالجتها.

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، لا تتجزَّأ عن أخلاقيَّات العمل الصّحفيِّ بالعموم، والتي تقوم على تقديم المعلومة الحقيقيَّة، وعدم التَّحيُّز، والابتعاد عن خطاب الكراهيَّة، وعدم استخدام المصطلحات التي تكرّس التَّمييز القائم على النَّوع الاجتماعي، كذلك أن تخلو بشكلٍ كاملٍ من كافَّة أنواع الانتهاكات والتَّنمُّر. وحتَّى اليوم لا يوجد بيانٌ عالميٌّ نهائيٌّ متفقٌ عليه، حول ما يمكن أن يشكّل المبادئ الأخلاقيَّة للذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، لكن من المهمّ التَّقيُّد بالمبادئ التَّالية:[6]  

  • الشفافية: فبدون الشفافية، قد تبدو أنظمة الذكاء الاصطناعي غامضةً أو حتَّى غير جديرةٍ بالثِّقة، ممَّا قد يؤدّي إلى الارتباك وانعدام الثّقة.
  • المساءلة: ينبغي تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث تتحمَّل المسؤوليَّة عن أفعالها، تماماً مثل البشر، حتَّى يمكن تدقيقها ومحاسبتها عندما ترتكب أخطاءً أو تتسبَّب في ضررٍ.
  • الدّقَّة: يجب على أنظمة الذكاء الاصطناعي تحديد مصادر الخطأ وعدم اليقين وتسجيلها وتوضيحها في جميع أنحاء الخوارزميَّة ومصادر بياناتها، حتَّى يمكن فهم الآثار المتوقَّعة وأسوأ الحالات.
  • التَّدقيق: من أجل تحقيق المساءلة وإظهار الشَّفافيَّة، يجب أن تتميَّزَ أنظمة الذَّكاء الاصطناعيّ بإمكانيَّة التَّدقيق لتمكين الأطراف الثَّالثة المهتمَّة من التَّحقيق في سلوك الخوارزميَّة وفهمه ومراجعته.
  • الخصوصيَّة: فمن الضَّروريّ التَّأكُّد من أنَّ أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تنتهك حقوق خصوصيَّة الأفراد منذ البداية؛ لأنَّه بمجرَّد وصول أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى البيانات الشخصية، يصبح التَّراجع عنها صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
  • العدالة: ينبغي تصميم أنظمة الذَّكاء الاصطناعي بحيث تعامل الجميع على قدم المساواة ودون تحيُّز.
  • السَّلامة: يجب تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي للتَّأكُّد من أنَّها لا تُشكّل خطراً على سلامة الإنسان أو البيئة.
  • الموضوعيَّة وعدم التَّحيُّز: إنَّ أنظمة الذكاء الاصطناعي تكون موضوعيَّة بقدر البيانات التي يتمُّ التَّدريب عليها، وإذا كانت البيانات متحيزةً، فإنَّ نظام الذكاء الاصطناعي سيكون متحيّزاً أيضاً.

طالما أنَّ الذكاء الاصطناعي لم يستحوذ بعد بشكلٍ كاملٍ على قطَّاع الإعلام، وما يزال يعمل كمساعد للصحفيين، يمكن التَّحكُّم بالقضايا الأخلاقيَّة، لكن المشكلة الحقيقيَّة تكمن في حال انتشر الذكاء الاصطناعيّ بشكله الحاليّ بشكلٍ أكبر في المؤسَّسات الإعلاميَّة، إذ ما يزال يفتقر للعديد من المعطيات التي ترجّح كفَّة الأخلاق على أيّ شيءٍ آخر.

شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟

مستقبل الإعلام في ظل الذكاء الاصطناعي

ما يزال مستقبل الإعلام في ظلّ الذكاء الاصطناعي ضبابيَّاً بعض الشَّيء، ففي حين يرى بعضهم أنَّ دور الأنظمة الذَّكيَّة سيكون مساعداً للصِّحفيين، يذهب آخرون للقول بأنَّ الذكاء الاصطناعي سيستحوذ على غرف الأخبار بغضون سنواتٍ قليلةٍ.

لا يمكن الجزم حول المستقبل اليوم، لكن بالتَّأكيد هناك اهتمام ملحوظ باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، على سبيل المثال، تستخدم وكالة أسوشيتد برس الذكاء الاصطناعي لتوليد أكثر من 3700 مقالةً عن الأرباح كلَّ ثلاثة أشهرٍ، وتقول رويترز إنَّها تتعامل مع ثلاثين ألفَ قصَّةٍ ماليّةٍ يوميّاً باستخدام الذكاء الاصطناعيِّ على مستوى العالم.

من الواضح أنَّ كبرى الوكالات الإخباريَّة تستخدم الذكاء الاصطناعي في القصص التي لا تتطلَّب أنسنة كلماتها، وتُركِّز على استخدامه في عالم المال والاقتصاد، وغالباً سيستمرُّ الحال على ما هو عليه لسنواتٍ طويلةٍ، فبالنَّهاية الذَّكاء الاصطناعيُّ آلة ولم يتوصَّل البشر حتَّى اليوم إلى ابتكار آلةٍ تشعر مثل البشر. [7] 

كصحفيَّةٍ، لا أعتقد أنَّ الذكاء الاصطناعي قادرٌ على انتزاع الصّحافة والإعلام من أيدي البشر؛ لأنَّها المهنة التي تتطلَّب أن يسكبَ فيها الصّحفيُّ روحاً مع كلماته، ودائماً يتمُّ تقييم القصص الصّحفيَّة، بمقدار ما تحويه من حيويَّة وما تبثُّه من مشاعر في ذهن المتلقِّي، وحتَّى المعلومات الجامدة أو الجافَّة يلجأ الصِّحفيون إلى تبسيطها باستخدام القصص الإنسانيَّة، أو ما يسمَّى الفيتشر، فهل الذكاء الاصطناعي قادرٌ على معرفة مشاعرنا والكتابة لها، لا أعتقد ذلك، لكنَّه ربَّما يكون مفيداً جدّاً بالنّسبة لعالم كتابة المحتوى التَّخصُّصي بشرط توافر البيانات اللَّازمة.

  • الأسئلة الشائعة

  1. هل يهدد الذكاء الاصطناعي وسائل الاعلام؟
    تثير القوة التدميرية للذكاء الاصطناعي كما يصفها البعض، مخاوف وقلق العاملين في المجال الإعلامي بشكل مستمر، حيث يخشى الممثلون والكتاب والصحفيون من أن يستخدم الذكاء الاصطناعي أعمالهم لإنشاء منتجات أو خدمات منافسة دون أن يدفعوا لهم. على سبيل المثال رفعت صحيفة نيويورك تايمز دعوى قضائية ضد شركتي OpenAI وMicrosoft، وهما من أبرز الأسماء في مجال الذكاء الاصطناعي، متهمة إياهما باستخدام مقالاتها دون إذن لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما.
  2. صحافة الذكاء الاصطناعي هل تساعد الصحفيين أم تهدد وجودهم؟
    يتوقع بعض الخبراء أنه بحلول عام 2026، يمكن إنشاء 90% من المحتوى عبر الإنترنت بشكل آلي، ومع ذلك وبينما ينظر البعض إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه تهديداً لهم ولعملهم، يرى صحفيون آخرون إنه سيشكل فرصة مساعدة رائعة لهم في أعمالهم، غالباً فإن الذكاء الاصطناعي لن يهدد الصحفيين الذين يمتلكون حساً إبداعياً مميزاً، ولا المراسلين الميدانيين.
تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: