الرئيس التنفيذي لـ Google يغفل القاعدة الذهبية في القيادة
فقدان الثقافة المؤسسية وتأثيره على الابتكار، خطأ قد يكلف سوندار بيتشاي منصبه
يُعدُّ العام الماضي فترةَ تحدِّياتٍ جسامٍ بالنِّسبة إلى سوندار بيتشاي، الذي يحمل زمام القيادة في كلِّ من Google وشركتها الأم Alphabet، إذ واجهت هذه الشَّخصيَّة عاصفةً من النَّقد الحادِّ بسبب سلسلةٍ من قرارات تقليص العمالة، التي شملت إنهاء خدماتٍ أكثر من 12,000 موظَّفٍ في مستهلِّ العام المنصرم، وقد ازدادت حدَّة هذا النَّقد، خاصَّةً في الأشهر الأخيرة، إثر ما بدا أنَّه تقاعس Google عن إطلاق أدواتها الخاصَّة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، المسمَّاة بـGemini.
ليس الأمر أنَّ Google تأخَّرت في سباق الذكاء الاصطناعي التوليديّ، إذ لا يوجد من هو أوفر حظَّاً منها من حيث القدرات التُّكنولوجيَّة، لكن يبدو أنَّ الشَّركة تفتقر إلى رؤيةٍ واضحةٍ توجِّهها، ممّا يؤدِّي بها إلى التَّفريط في تميُّزها الكبير، وتظهر الشَّركة كأنَّها ضائعةٌ، ليس في تكنولوجيَّتها، وإنِّما في تنفيذها. وهذا يمثِّل معضلةً كبرى لـ Google، التي كانت تعكف على هذه المسألة لسنواتٍ، ومع ذلك، يبدو أنَّ الشَّركة تتردَّد إلى درجة الخوف من المخاطرة بسيطرتها على مجال البحث، لدرجة أنَّها تعثَّرت في خطواتها مراراً وتكراراً.
أحدث فصول Gemini ليس إلا مثالاً على ذلك، وقرارات التَّسريح هي مثال آخر، والدَّور الذي تلعبه Google Search في تشكيل شكل الإنترنت هو مثالٌ آخر.
كلُّ هذا يقع على عاتق بيتشاي، الذي يقود Google لما يقارب التِّسع سنوات الآن، بوجهٍ عامٍ، يصعب الجدال في أنَّ بيتشاي لم يكن له جولةٌ ناجحةٌ، إذ ارتفعت القيمة السُّوقيَّة لـ Google من 435 مليار دولار في أغسطس 2015، عندما تولَّى بيتشاي منصب الرَّئيس التَّنفيذيّ، إلى 1.67 تريليون دولار اليوم، إذا كانت معايير نجاح Google تقتصر على القيمة التي خلقتها للمساهمين، فإنَّ فترة بيتشاي كانت، بلا شكّ، مرضيَّةٌ.
لكن تتعدَّى Google مجرَّد قيمة أسهمها، إنَّها، ربَّما أكثر من أيِّ شركةٍ تقنيَّةٍ أُخرى، في قلب كيفيَّة وصول المليارات إلى المعلومات، تُدير أكبر موقعين على الإنترنت، Google Search وYouTube، وتدير أكبر خدمة بريدٍ إلكترونيٍّ في العالم، Gmail. كما أنَّها تعدُّ أكبر منصَّةٍ إعلانيَّةٍ في العالم؛ بمعايير عديدةٍ، تحقِّق Google نجاحاً استثنائيَّاً.
التَّباين بين نجاحات Google وتعثراتها في الابتكار، يرجع في معظمه إلى قيادة بيتشاي، أقول ذلك جزئيَّاً لأنَّ الأمر يعود دائماً إلى القائد، ولكن أيضاً لأنَّه يبدو واضحاً أنَّ بيتشاي قد أغفل أهمَّ مبدأٍ في القيادة: لقد فقد الثَّقافة، ونتيجة لذلك، أعتقد أنَّه من المحتمل أن يفقدَ وظيفته.
شاهد أيضاً: هل هناك مشكلة عميقة وراء اعتذار Google عن كارثة صور Gemini؟
ترى المهمَّة الأسمى لأيِّ قائدٍ هي حماية ثقافة المؤسِّسة التي يقودها، وقد يظنُّ بعضهم أنَّ الأولويَّة للقائد تكمن في تحديد الأولويَّات أو اتِّخاذ القرارات، ولكن في الحقيقة، كلُّ تلك الأمور تظلُّ سطحيَّةً إذا كانت الثَّقافة المؤسَّسيَّة تعاني من التَّفكُّك، ولن يبقى هناك من يتَّبع توجيهاتك أو يُعير اهتماماً لقراراتك إذا كانوا يشعرون بالاستياء من العمل تحت قيادتك.
الحقيقة هي أنَّ الثَّقافة تتلخَّص في القيم وبيانات الرُّؤية بحسب ما يعتقد العديد من القادة، لكنَّها تتجاوز ذلك بكثيرٍ، ولا تقتصر حتَّى على تطوير المنتجات الابتكاريَّة، وهذا بالمناسبة، هو السَّبب في فشل الكثير من القادة في خلق بيئةٍ ثقافيَّةٍ صحيَّةٍ، والثَّقافة، في جوهرها، ترتبط بمشاعر الأشخاص تجاه عملهم لديك؛ إنَّها تتعلَّق بعلاقتهم بعملهم وبالأشخاص الَّذين يشاركونهم هذا العمل، وبشكلٍ خاصٍّ بقادتهم. وفي Google، هذه الثَّقافة تعاني من اختلال، إذ يكتب بن طومسون، في Stratechery:
"هذه الشَّركة يفترض أن تتصدَّر في مجال الذكاء الاصطناعي، وبفضل أبحاثها وبنيتها التَّحتيَّة، ولكن العقبة الأكبر، فوق كلِّ شيءٍ، هي بوضوح الثَّقافة، وأكرم ما يمكن قوله عن إدارة Google هو الافتراض بأنَّهم، مثل الجميع، يرغبون فقط في تطوير المنتجات دون مواجهة انتقاداتٍ، ولكن هذا ليس قيادة".
أعتقد أنَّ طومسون محقٌّ، مشكلة Google تكمن في ثقافتها، من هذا المنظور، مشاكل Gemini ليست سوى الأعراض الظَّاهرة لما هو معطوب في صميم الشَّركة Google تنتج بالضَّبط ما تفرزه ثقافتها المصاغة، لقد سارت على هذا الدَّرب لسنواتٍ، ومن الواضح، أنَّ هذا النَّهج قد خدمها بشكلٍ جيدٍ، والكثيرون جنوا ثرواتٍ؛ لأنَّ Google كانت تاريخيَّاً ماهرةً جداً في تحقيق الأرباح.
إذا كانت Google تطمح إلى خلق شيءٍ مختلفٍ، فسوف تحتاج إلى أولويَّاتٍ مختلفةٍ ورؤيةٍ مغايرةٍ، ولكن في النِّهاية، ستكون في حاجةٍ إلى ثقافةٍ جديدةٍ، وهذا يعني أنَّها بحاجةٍ إلى قائدٍ جديدٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.