المواقف: كيف تؤثّر على سلوكنا وقراراتنا اليوميّة؟
يواجه الكثير من الأفراد تحديّاتٍ في تقييم مواقفهم الشّخصيّة، ولكن بفهم العناصر المؤثّرة، يُمكن التّحكّم في السّلوك واتّخاذ قراراتٍ أكثر وعياً
تلعبُ المواقف (Attitudes) دوراً أساسيّاً في حياتنا اليوميّة، فهي ليست مجرّد مشاعر مؤقّتةٍ، بل هي تجسيدٌ لمعتقداتنا وقيمنا، إذ نُلاحظ تأثير المواقف في كلّ تفاعلٍ نعيشه سواء في العمل أو العلاقات الشّخصيّة أو القرارات الّتي نتّخذها، فالمواقف تُشكّل الإطار الذّهنيّ الّذي نُحلّل من خلاله تجاربنا ونحدّد ردود أفعالنا تجاه الأحداث المُختلفة.
ما هي المواقف Attitudes؟
المواقف هي مجموعةٌ من المشاعر والمعتقدات والقيم الّتي يحملها الفرد تجاه شيءٍ معيّنٍ، سواء كان ذلك شخصاً أو فكرةً أو موقفاً أو حتّى علامةً تجاريّةً، تتشكّل هذه المواقف عبر الزّمن من خلال التّجارب الشّخصيّة والتّأثيرات الاجتماعيّة، وتُعدّ من المؤشّرات النّفسيّة الأساسيّة الّتي تُؤثّر في سلوك الأفراد وقراراتهم. وتتكون المواقف من 3 عناصر رئيسيٍّة:
-
العنصر العاطفيّ: يُعبّر عن المشاعر أو العواطف الّتي يحملها الشّخص تجاه موضوعٍ معيّنٍ، وقد تكون هذه المشاعر إيجابيّةً أو سلبيّةً أو محايدةً.
-
العنصر المعرفيّ: يشمل المعتقدات والأفكار الّتي يمتلكها الشّخص حول موضوعٍ معيّنٍ. على سبيل المثال، يُمكن أن تكونَ هذه الأفكار مبنيّةً على الحقائق أو التّجارب السّابقة.
-
العنصر السّلوكيّ: يُشير إلى نيّة الشّخص أو استعداده للتّصرّف بطريقةٍ معيّنة بناءً على الموقف الّذي يحمله، ويتمثّل هذا العنصر في الأفعال أو القرارات الّتي يتّخذها الفرد.
كيف تتشكّل المواقف؟
تتشكّل المواقف بناءً على الأمور التّالية:
-
التّجارب الشّخصيّة: تتكوّن المواقف بناءً على التّجارب الّتي يمرّ بها الفرد في حياته. على سبيل المثال، قد يحمل الفرد موقفاً إيجابيّاً بناءً على تجربةٍ إيجابيّةٍ في مكان عملٍ معيّنٍ.
-
التّأثيرات الاجتماعيّة: يتأثّر الأفراد بآراء ومواقف الآخرين من حولهم. على سبيل المثال، قد يتبنّى الفرد موقفاً معيّناً بناءً على آراء عائلته، أو أصدقائه، أو زملائه.
-
الإعلام والثّقافة: تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تشكيل المواقف العامّة، حيث تؤثّر الإعلانات، والأفلام، والمقالات الصّحفيّة في الرّؤية العامّة للأفراد حول قضايا معيّنةٍ.
-
القيم والمعتقدات الأساسيّة: تتأثّر المواقف بالقيم العميقة الّتي يحملها الفرد، مثل المعتقدات الدّينيّة أو الأخلاقيّة الّتي يعتنقها منذ الصّغر.
أهمية المواقف في حياتنا اليومية
تتمثّل أهميّة المواقف في حياتنا اليوميّة فيما يلي:
- التّأثير على اتّخاذ القرارات: تُحدّد المواقف كيفيّة استجابتنا للأحداث وتوجيهنا نحو قراراتٍ معيّنةٍ.
-
تحديد العلاقات الاجتماعيّة: تساهم المواقف في تحديد طبيعة علاقاتنا مع الآخرين، فقد تؤدّي المواقف الإيجابيّة تجاه شخصٍ معيّنٍ إلى تعزيز العلاقة، بينما قد تُضعف المواقف السّلبّية العلاقات.
-
تشكيل هويّة الفرد: تلعب المواقف دوراً محوريّاً في تشكيل هويّة الأفراد وتصوّرهم لأنفسهم، فالمواقف تجاه القيم مثل النّزاهة أو الإبداع تعكس شخصيّة الفرد وهويّته الاجتماعيّة.
-
التّأثير في مكان العمل: في بيئة العمل، تكون المواقف المهنيّة مثل الرّغبة في الإنجاز أو التّحفيز ذات تأثيرٍ كبيرٍ على الأداء الوظيفيّ والنّجاح الشّخصيّ.
-
التّأثير في الصّحة النّفسيّة: قد تُؤثّر المواقف السّلبيّة المزمنة قد على الصحة النفسية وتؤدّي إلى مشاعر سلبيّةٍ، مثل: التّوتر والقلق، بينما تساهم المواقف الإيجابيّة في تحسين الحالة النّفسيّة والشّعور بالرّضا.
تغيير المواقف: هل هو ممكن؟
يُعدّ تغيير المواقف أمراً ممكناً، ولكنّه ليس سهلاً، خاصّةً إذا كانت المواقف راسخةً وعميقةً، وقد تتغيّر المواقف من خلال:
-
التّجارب الجديدة: قد تؤدّي التّجارب الجديدة إلى تغيير الموقف تجاه شيءٍ معيّنٍ. على سبيل المثال، قد تغيّر تجربةٌ جديدةٌ موقف الفرد تجاه مدينةٍ أو دولةٍ معيّنةٍ بعد زيارته لها.
-
التّعليم والتّوعية: من خلال الحصول على معلوماتٍ جديدةٍ، يُمكن للأفراد تعديل مواقفهم تجاه قضايا معيّنةٍ بناءً على الفهم الجديد.
-
التّأثير الاجتماعيّ: يُمكن أن يؤدّي التّأثّر بمواقف الأشخاص المقرّبين إلى تعديل المواقف الشّخصيّة، خاصّةً إذا كان هناك احترامٌ وثقةٌ متبادلةٌ.
-
المراجعة الذّاتيّة: قد يراجع الأفراد مواقفهم استجابةً لتطوّرات الحياة أو الرّغبة في تحسين الذّات.
أخيراً، تلعب المواقف دوراً كبيراً في تشكيل حياتنا، فهي ليست مجرّد انعكاسٍ لمعتقداتنا بل هي أيضاً القوّة المحرّكة وراء قراراتنا اليوميّة وسلوكياتنا، ومن خلال فهم مواقفنا وتأثيرها، يُمكننا تحسين تفاعلاتنا مع العالم والعمل على تعزيز الجوانب الإيجابيّة منها لتوجيه حياتنا نحو النّجاح والرّضا.