النظرية المعرفية: كيف تُفسِّر عمليّات التّفكير؟

تفتح النظرية المعرفية، أو ما يُعرف يـ"Cognitive Theory" نوافذ الفكر الإنسانيّ، حيث تُبحِر في أعماق العقل لتفسير كيفيّة استيعاب المعلومات، ومعالجتها، وتخزينها. فهي تُلقي الضّوء على أرقى العمليّات العقليّة الّتي تجسّد الإدراك والتّعلّم، وتكشف خبايا السّلوك الإنسانيّ المعقّد، ففي عالمٍ يتسارع فيه التّطوّر المعرفيّ، أصبحت هذه النّظريّة أداةً ضروريّةً لفهم التّفاعل المستمرّ بين العقل والمحيط.

ما هي النظرية المعرفية؟

النظرية المعرفية هي إطارٌ فكريٌّ يدرس كيفيّة معالجة الإنسان للمعلومات وفهمها، بدايةً من استقبالها عبر الحواس وصولاً إلى تكوين المعرفة واتّخاذ القرارات. وُلد هذا المفهوم في منتصف القرن العشرين كردّ فعلٍ على المدرسة السّلوكيّة الّتي ركّزت على السّلوك الظّاهر وأهملت العمليّات الدّاخليّة للعقل، إذ تهتمّ النظرية المعرفية بدراسة التّفكير، والذّاكرة، والتّعلّم، والإدراك.

أبرز مبادئ النظرية المعرفية

• الاستيعاب والمعالجة: يتعامل الإنسان مع المعلومات الواردة من خلال استيعابها أوّلاً، ثم معالجتها وفقاً لتجاربه السّابقة ومعارفه.

• التّخزين والاسترجاع: تُخزّن المعلومات في الذّاكرة لفتراتٍ متفاوتةٍ، ويتمّ استرجاعها عند الحاجة لاتّخاذ قراراتٍ أو أداء مهامٍّ معيّنةٍ.

• البناء المعرفيّ: تتطوّر المعرفة من خلال البناء على الخبرات السّابقة، ممّا يساعد على تشكيل تصوّراتٍ جديدةٍ وابتكار حلولٍ للمشكلات.

• التّعلّم النّشط: التّعلّم عمليّةٌ نشطةٌ تتطلّب التّفاعل مع البيئة واستخدام المهارات العقليّة لفهم المحتوى وتحليله.

كيف تؤثر النظرية المعرفية على التعليم؟

تُعدّ النظرية المعرفية حجر الزّاوية في تطوير استراتيجيّاتٍ تعليميّةٍ حديثةٍ، حيث:

• تُعزّز الفهم العميق بدلاً من الحفظ السّطحيّ.
• توظف الاستدلال المنطقيّ في حلّ المشكلات.
• تُشجّع على التّعلّم الذّاتي من خلال التفكير النقدي والتّحليل.

أخيراً، النظرية المعرفية تُلهمنا لفهم آليّات العقل وقدرته المذهلة على التّعامل مع التّعقيدات، فكلّما تعمّقنا في فهم هذه النظرية، اكتشفنا المزيد عن الإنسان نفسه، وعن قوّة المعرفة الّتي تشكّل هويتنا وتوجّه مسارات حياتنا.