تعتمد الشركات على الرسوم الخفية لزيادة الأرباح، فما المقابل؟
بينما تساهم الرّسوم الخفية في زيادة أرباح الشّركات، إلا أنها تؤدي إلى تراجع في مستوى تجربة المستهلك، وتكلّفك أكثر ممّا ربحت على المدى الطّويل
من المؤكّد أنّك واجهت هذه المواقف: تشتري تذكرةً لحفلٍ موسيقيٍّ، وتكتشف أنّ الرّسوم وحدها تكاد تساوي سعر التّذكرة! أو ربّما حجزت رحلة طيرانٍ بسعرٍ مغرٍ، ولكن تكتشف لاحقاً أنّ الأمتعة واختيار المقاعد ستكلّفك مبلغاً إضافيّاً يتجاوز أحياناً سعر التّذكرة نفسها! أو عندما تعيد سيّارةً مستأجرةً لتجد نفسك تدفع رسوم وقودٍ مرتفعةً؛ لأنّها عادت بخزّانٍ غير ممتلئٍ.
كلّ هذه الأمثلة توضّح أنّ الرّسوم الخفيّة أصبحت جزءاً لا يتجزّأ من بعض النّماذج التّجاريّة. حيث أنّ هذه الرّسوم تهدف إلى زيادة أرباح الشّركات، ولكنّها تؤدّي إلى تجربةٍ غير مريحةٍ للمستهلك، حيث تأتي التّكاليف المفاجئة كضربةٍ قاسيةٍ للميزانيّة، ممّا قد يؤدّي إلى تراجع الثّقة في العلامة التّجاريّة.
الرّسوم الخفيّة: السّرّ المزعج في عالم الأعمال
أصبحت الرّسوم الخفيّة الأسلوب السّرّيّ لكثيرٍ من الشّركات لزيادة الإيرادات من دون أن يشعر المستهلك. وفي الواقع، يتجاوز الغرض من هذه الرّسوم التّلاعب بالأسعار؛ فهي تهدف إلى الحفاظ على الأسعار المعلنة عند مستوياتٍ منخفضةٍ لجذب المستهلك، في حين تتراكم الرّسوم الإضافيّة لتزيد من السّعر النّهائيّ.
بالإضافة إلى ذلك، ازدادت مؤخّراً الضّغوط على الشّركات لكشف الرّسوم المخفيّة، ممّا دفع بعض الحكومات للتّحرّك لحماية المستهلكين. في ولاية كارولينا الشّماليّة، على سبيل المثال، أقرّ قانونٌ يجبر بائعي التّذاكر مثل "تيكيت ماستر" (Ticketmaster) على عرض الأسعار بشكلٍ كاملٍ، بما يشمل الرّسوم، لتجنّب مفاجأة المستهلك عند الدّفع.
حتّى إن بعض العلامات التّجاريّة استجابت للتّحدّي بإلغاء رسومٍ إضافيّةٍ، كما هو الحال مع شركة "ستاربكس" (Starbucks) الّتي تخلّت عن رسوم الحليب البديل، مثل حليب الصّويا والشّوفان واللّوز، وذلك لتجنّب تعقيد تجربة العملاء بسبب هذه الرّسوم.
رسومٌ مخفيةٌ في قطاعاتٍ متعدّدةٍ
وفي الوقت الحالي، تعتبر الرّسوم الخفيّة منتشرةٌ في صناعاتٍ متعدّدةٍ، وهنا بعض الأمثلة الّتي تساعدك على التّعرّف على هذه الرّسوم أينما كنت:
- شركات الطّيران: تعرض أسعاراً منخفضةً لجذب العملاء، ولكن يتمّ إضافة رسوم الأمتعة، واختيار المقاعد، وخدمات الوجبات والإنترنت لتصل إلى التّكلفة النّهائيّة الّتي تتجاوز السّعر الأصليّ.
- تأجير السّيّارات: قد تبدو أسعار الإيجار الأوّليّة معقولةً، ولكنّ الرّسوم الإضافيّة مثل التّأمين، ورسوم الوقود، ورسوم السّائق الإضافيّ تضيف أعباءً ماليّةً كبيرةً.
- الاتّصالات: غالباً ما تجذبك شركات الاتّصالات بأسعارٍ مناسبةٍ، ولكنّ الفاتورة تتضمّن رسوماً خفيّةً مثل رسوم التّفعيل، والرّسوم الإضافيّة عند تجاوز البيانات، ورسوم إنهاء العقد المبكّر.
- الفنادق: يمكن أن تكون الرّسوم الخفيّة فيها مزعجةً، مثل رسوم المنتجع، ورسوم الإنترنت، ورسوم المواقف، ممّا يرفع التّكلفة الفعليّة للإقامة.
- المرافق العامّة: تعلن شركات المرافق عن أسعارٍ منخفضةٍ، ولكنّها تفرض رسوماً مثل رسوم التّوصيل، ورسوم التّأخير، ورسوم استهلاكٍ إضافيٍّ، ممّا يزيد من العبء الماليّ.
دور الشّفّافيّة والثّقة
إذا كنت كمستهلكٍ ترغب في تجنّب التّكاليف غير المتوقّعة، أو كنت مبتكراً يسعى لبناء علامةٍ تجاريّةٍ موثوقةٍ، فإنّ الشّفّافيّة هي المفتاح. وإنّ فهم طريقة عمل النّماذج التّجاريّة المخادعة لا يستهدف فقط تقليل التّكاليف، بل يمثّل أيضاً دعوةً لبناء علاقةٍ أوثق وأكثر ثقةً مع العلامات التّجاريّة الّتي تفضّلها.
في نهاية المطاف، يتطلّب التّعامل مع الرّسوم الخفيّة الوعي والبحث عن الخيارات الّتي تتبنّى الشّفّافيّة في معاملاتها الماليّة، ممّا يضمن تجربةً أكثر عدلاً ومصداقيّةً للمستهلكين.