بالنّسبة لقطر، الابتكار ليس مجرّد شعار وعبارات رنّانة
حديثٌ مع بابار رحمان، نائب الرّئيس الأعلى للتّسويق والاتّصالات الشّركاتيّة، حول كيفيّة انخراط الخطوط الجويّة القطريّة في مشهد الشّركات النّاشئة والتّقنية في قطر

في حديثٍ عن الابتكار، والشّركات النّاشئة، والمزيد مع بابار رحمان، نائب الرّئيس الأعلى للتّسويق والاتّصالات الشّركاتيّة، في الخطوط الجويّة القطريّة.
كيف تنخرط الخطوط الجويّة القطريّة (Qatar Airways) في بيئة الشّركات النّاشئة والنّظام التّقنيّ في قطر؟ هل الخطوط الجوّيّة منخرطةٌ في شراكاتٍ، أو برامج حاضناتٍ، أو مبادراتٍ أخرى تعتمد على التّقنيّة؟
تنخرط الخطوط الجويّة القطريّة بنفَسٍ فعّالٍ في المنظومة التّقنيّة الأوسع في قطر، مستكشفةً فرص التّعاون مع مقدّمي التّقنيّة والمبتكرين الّذين تتفق رؤاهم مع رؤيتنا للتّحوّل الرّقميّ. ورغم أنّنا لا ندير برنامجاً رسميّاً للحاضنات، فإنّ أبوابنا تبقى مفتوحةً على الدّوام لتقييم التّقنيّات النّاشئة، والعمل مع شركاء تقنيّين يساهمون في تعزيز استراتيجيّتنا الرّقميّة وتطوير تجربة العملاء.
ويرتكز نهجنا مع بيئة الشّركات النّاشئة على فرصٍ تندمج بيسرٍ في عمليّاتنا، بدلاً من إطلاق برامج تسريعٍ منظّمةٍ. نُبقي أبواب النّقاش مفتوحةً أمام الشّركات النّاشئة وشركات الذّكاء الاصطناعيّ ومقدّمي التّجارب الرّقميّة الّتي قد تستطيع تشكيل مستقبل السّفر الجوّيّ.
ويتجلّى نهج الخطوط الجويّة القطريّة في ميدان الابتكار عبر تبنّي التّقنيّة وتطبيقها بما يُثري تجربة العلامة. وبحرصنا على الانخراط في المشهد التّقنيّ المتسارع، نضمن أن نبقى في مقدّمة من يواكبون أحدث التّقدّمات في مجال الذّكاء الاصطناعيّ والتّجارب الغامرة والتّواصل الرّقميّ.
ما دور الابتكار والتّقنيّة في تشكيل عمليّات الخطوط الجويّة القطريّة وتجربة العملاء؟
يقع الابتكار والتّقنيّة في لبّ استراتيجيّة الخطوط الجويّة القطريّة لإعادة صياغة مفهوم السّفر الجوّيّ، وتعزيز روابط التّواصل مع العملاء. فمن التّجارب الغامرة كبرنامج كيوفيرس (QVerse) الّذي يمكّن المسافر من استكشاف المقاصير والخدمات في بيئةٍ افتراضيّةٍ، إلى التّواصل القائم على الذّكاء الاصطناعيّ عبر سما (Sama) شخصيّتنا الرّقميّة، نسعى دائماً إلى تطوير أسلوب تواصل المسافر مع الشّركة.
ولا ننظر إلى التّقنيّة كوسيلةٍ لرفع الكفاءة فقط، بل كحضورٍ فعّالٍ في صلب تجربة العلامة. فمع سما، نتخطّى نمط الرّدّ الآليّ، ونقترب من ذكاءٍ اصطناعيٍّ يشبه البشر، يجيد التّواصل في مواقف شتّى، من حجز الرّحلات إلى تقديم توصياتٍ شخصيّةٍ تحاكي احتياجات المسافر.
ونمضي أبعد من ذلك، فندفع بالتّواصل المعزّز بالذّكاء الاصطناعيّ نحو آفاقٍ جديدةٍ. فقد أطلقنا في عام 2024 حملة "أيه آي أدفينتشر" (AI Adventure)، أوّل إعلانٍ تجاريٍّ جوّيٍّ يمكن للمشاهد أن يكون بطله الرّئيسيّ، معتمدين فيه على الذّكاء الاصطناعيّ لتخصيص المشاهد والشّخصيّات.
وفي هذه التّجربة، نجسّد إيماننا بأنّ التّقنيّة يجب أن تجعل التّواصل أكثر تفرّداً وانغماساً. وعلى مسارٍ آخر، نعيد تعريف دور شركات الطّيران في الحوار مع العملاء، وذلك من خلال "سما أون ذا موف" (Sama on the Move)، حيث نخلق لـسما حضوراً فاعلاً في وسائل التّواصل الاجتماعيّ، كسفيرةٍ تّجاريّةٍ تّفاعليّةٍ تمثّل الخطوط الجويّة القطريّة بحيويّةٍ وقابليّةٍ للتّكيّف الثّقافيّ.
وعلى هذا الأساس، لا نعتبر الابتكار مجرّد كلمةٍ رنّانةٍ، بل نراه طريقاً لصياغة تجارب جديدةٍ، تجعل تواصل المسافر مع العلامة أكثر عمقاً، وذلك حتّى قبل وصوله إلى الطّائرة.
أيّ تقنيّاتٍ ناشئةٍ ترون أنّها سوف تغيّر وجه قطاع الطّيران، وهل تتعاون الخطوط الجويّة القطريّة مع رياديّي الأعمال والشّركات النّاشئة لتبقى سبّاقةً في هذه المجالات؟
تتصدّر بعض التّقنيّات النّاشئة مشهد التّحوّل الجذريّ الّذي يشهده قطاع الطّيران، والخطوط الجويّة القطريّة في طليعة من يسعى لتبنّيها وتطويرها في سبيل تعزيز تجربتنا الرّقميّة العالميّة.
فمن أبرز تلك التّقنيّات، يبرز "البشر الرّقميّ المعزّز بالذّكاء الاصطناعيّ"، الّذي نجسّده بوضوحٍ في سما، حيث نتخطّى حدود الدّردشات الآليّة، ونقدّم تواصلاً يقترب من الطّبيعة البشريّة. تواصل سما الحوار مع المسافرين في مواضع متعدّدةٍ، تبدأ بالحجوزات، وتصل إلى دورها كسفيرةٍ للعلامة في "سما أون ذا موف".
وعلى جانبٍ آخر، تشكّل "التّجارب الرّقميّة الغامرة"، كبرنامج كيوفيرس، نقطة تحوّلٍ في طريقة تعامل المسافر مع الخدمات، حيث يتمكّن من استكشاف المقاصير وتفاصيل الرّحلة في بيئةٍ فراضيّةٍ تفاعليّةٍ تعزّز مبدأي الشّفافيّة والانغماس.
كما أنّ "الشّخصنة المعتمدة على الذّكاء الاصطناعيّ"، كما تجلّت في حملة "أيه آي أدفينتشر"، تؤكّد سعينا لكسر قوالب التّقليد في رواية القصص العلاميّة، وإشراك العملاء في تجارب يؤدّون فيها دور البطولة.
ونتعاون بحرصٍ مع المبتكرين في مجال الذّكاء الاصطناعيّ ومطوّري التّجارب الرّقميّة لدفع حدود هذه التّقنيات إلى مدًى أبعد، في صناعة الطّيران وتواصل العملاء وتجربة العلامة على حدٍّ سواءٍ.
ما النّصائح الّتي تقدّمونها للشّركات النّاشئة في قطر الرّاغبة في العمل مع علامةٍ عالميّةٍ كبيرةٍ مثل الخطوط الجويّة القطريّة؟ وما الّذي تبحث عنه الشّركة في شركائها التّقنيّين؟
لا يقتصر العمل مع علامةٍ عالميّةٍ بحجم الخطوط الجويّة القطريّة على تقديم تقنيّةٍ جديدةٍ، بل يستلزم طرح أفكارٍ تفتح آفاقاً جديدةً، وتعيد تشكيل ما نعرفه عن الممكن. نحن نفكّر في الابتكار على أنّه قدرةٌ على إحداث نقلةٍ نوعيّةٍ تثري تجربة العملاء، بصورةٍ طبيعيّةٍ، ولكن تحويليّةٍ، ويمكن أن تتّسع بسلاسةٍ دون تعقيدٍ.
ومن هنا، تجذبنا الخصائص التّالية في الشّركات النّاشئة:
-
حلٌّ فعّالٌ لمشكلةٍ حقيقيّةٍ بطريقةٍ جديدةٍ: فالابتكار العظيم ليس ذلك الّذي يحسّن القائم، بل الّذي يعيد تصوّر كيفيّة عمل الأمور.
-
التّركيز على التّجربة، وليس الكفاءة وحدها: فعالم الطّيران قائمٌ على الدّقّة واللّوجستيّات، لكنّ ما يبقى في ذاكرة المسافر هو ذلك الارتباط العاطفيّ الحيّ.
-
إثبات قابليّة التّوسّع: فنموذجٌ أوّليٌّ لامعٌ لا يكفي، ما لم يكن مدعوماً بخططٍ تضمن انسياب تفاعل الملايين بكلّ يسرٍ.
-
ملاءمة هويّة العلامة: فالابتكار الّذي لا يتناغم مع روح العلامة، يصبح حملاً داخليّاً لا يضيف قيمةً، والشّريك التّقنيّ الّذي نبحث عنه، هو من يجمع بين الإبداع والرّؤية، بين الحلم والخطوة الواثقة في مسار العلامة.
في الخطوط الجويّة القطريّة، نؤمن بأنّ مستقبل الطّيران يكمن في دفع تجربة السّفر نحو الأمام، وأنّ الابتكار العظيم قد ينبثق من أيّ زاويةٍ في هذا العالم، لكنّ أفضل الشّراكات تنبع دوماً من لقاء الطّموح بالفرصة.
نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد مارس من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.