بحثٌ جديد: 3 من كل 4 موظفين يرون أن مدراءهم غير فعّالين.
إليك كيفية حل المشكلة، فالسماح للمدراء غير الفعّالين بمواصلة مسارهم الحالي يمكن أن يكلّفك كثيراً.
ليس منّا إلّا وقد سمعَ أو عاشَ تجربةً مزعجةً مع مديرٍ معيّنٍ. إذ يشيرُ الواقعُ إلى تراجعِ مستوى الرّضا بين الموظّفين تجاه قادتهم، وهو ما ينعكسُ سلباً على مستوياتِ الانخراطِ والإنتاجيّة والاستمرارِ في الوظيفةِ. وتطرحُ هذه الظّاهرةُ سؤالاً ملحّاً: كيف نستطيعُ تطويرَ قادةٍ يتميّزون بالفعاليّةِ في عالمِ العملِ المُعاصرِ؟
حالة الفعالية الإدارية: نظرةٌ تفصيليةٌ
أجرى معهد "Achievers Workforce" استطلاعاً شملَ نحو 5000 موظّفٍ ومسؤولٍ في المواردِ البشريّةِ، والنّتائجُ كانت صادمةً؛ ثلاثةٌ من كلّ أربعةِ موظّفين يرون أنّ مدراءهم لا يقدّمون الأداءَ المطلوبَ. والسّؤالُ هنا: هل يعود سبب ضعف الأداء إلى قرارٍ شخصيٍّ من المدير، أم لعدم توفّر التّدريب الكافي؟ ورغم أنّ 99% من مسؤولي المواردِ البشريّة يؤكّدون تقديم برامج تدريبيّة، إلّا أنّ 19% من القادة يقولون إنّهم لم يتلقّوا أيّ نوعٍ من التّدريب من قبل شركاتهم. نظراً لهذه الفجوة، يقول 71% من المدراء إنّ شركاتهم لا تدعمُ جهودهم حتّى يصبحوا قادةً أفضلَ للآخرين.
خارطة طريقٍ للقيادة الفعّالة
تشرحُ الدّكتورة ناتالي بومغارتنر، الخبيرةُ النّفسيّةُ في مجالِ العملِ، والعالمةُ الرّئيسةُ لقوى العمل في شركةِ "Achievers"، في بودكاست "Love in Action" أنّ تكلفةَ السّماحِ للمدراء غير الفعّالين بمتابعةِ مسارهم الحالي تُلحقُ الضّرر بنجاحِ المنظّمةِ. مدركةً الحاجةَ الملحّة لوجودِ قادة أفضل، رسمت الدّكتورة ناتالي وفريقها في "AWI" خطواتٍ عمليّةٍ لبناء مدراء فعّالين، مع التّأكيد على وجودِ طريقةٍ متّسقةٍ، لتتّبعِ وقياسِ فعاليّةِ المديرِ من خلالِ مؤشّرِ ترويجِ المديرِ الصّافي (mNPS). بما يشبهُ مؤشّر التّرويجِ الصّافي (NPS) المستخدم لقياسِ رضا العملاء، يسأل mNPS الموظّفين ما إذا كانوا سيوصون بمديرهم للآخرين، مع تقييمٍٍ من 10. إذا تمكّنت المنظّمة من زيادة mNPS بنسبة 10 نقاط مئويّة، فستشهد تحسّناً في الالتزام بالعملِ، والإنتاجيّة، والتّفرّغِ للوظيفةِ.
إذا كنتَ من قادةِ الأعمالِ أو المواردِ البشريّةِ، وتسعى لإنشاء فرقٍ تتميّز بالأداء العالي، فالبدايةُ المثلى تكمنُ في تنميّة مدراء ماهرين. لتسهيل هذا المسار، قامت مؤسسة "AWI" بتحديد 4 خطواتٍ بسيطةٍ، لكنّها مجرّبة لتحقيق تقدّمٍ ملموسٍ في مؤشّر ترويج المدير الصّافي، المعروف اختصاراً بـ "mNPS". قد يظهرُ الأمرُ في البداية كمهمّةٍ شاقّةٍ تحتاجُ لتغليبِ النّفسِ والتّحلّي بالصّبر، لكنّ "AWI" تُظهر من خلال أبحاثها أنّه في حالة تميّز المدير في مجالٍ واحدٍ فقط من هذه المجالات، يُصبح احتمالُ تفوّقه وفعاليتِه مضاعفاً.
شاهد أيضاً: عادةٌ بسيطة تفصل بين القادة الناجحين والمتظاهرين بذل
الاجتماعات الفردية: مفتاح الفعالية
إذا كنتَ تسعى للتّميّز في القيادةِ، فاللّقاءاتُ الفرديّةُ المتكرّرةُ تُعدّ أداةً فعّالةً للتّواصل المستمرِّ مع فريقِ العملِ. تُظهر تجربة "Achievers" أنّ القادةَ الفعّالين يحرصون على التّواصل المستمرّ مع موظّفيهم. وينبغي على المدراء تخصيصَ وقتٍ أسبوعيّ كملاذٍ آمنٍ للموظّفين، حيث يُمكن مناقشةُ التّحدّيات الّتي يواجهونها وتقديم الدّعمِ المستمرِّ. ولضمان الاستفادةِ القصوى من هذه اللّقاءات، يجبُ على المدراء تقديمَ كلماتِ الثّناء للموظّفين، والاطمئنان على رفاهيتهم وحياتهم خارج العملِ، بالإضافة إلى مناقشةِ أهدافهم المهنيّةِ الفريدةِ، وذلك كلّه بأسلوبٍ يشبه الإشرافَ الشّخصيّ.
ومع ذلكَ، يغفلُ العديدُ من المدراء عن جانبٍ حاسمٍ في هذه اللّقاءات، وهو الاتّصال الإنسانيّ مع أعضاءِ الفريقِ، لا مجرّد التّعامل معهم كمنتجين. بينما يكون موضوع الأعمال المُنجَزة والمُعدّة للتّنفيذ غالباً ما يُثار خلال هذه اللّقاءات، من المهمّ التّنقيبُ بلطفٍٍ في كيفيّة شعور الموظّفين، خصوصاً إذا عبّروا عن مخاوفٍ. وذلك من خلال الاعترافِ والمتابعةِ بشأنِ المشكلات الّتي كانوا قلقين منها سابقاً، فيشعرُ الموظّفون بالتّفهّم والدّعم، وبأنّهم أكثر ارتباطاً بفرقهم وعملهم. وهذا ما سيُسهم في خلقِ جيشٍ من الموظّفين المخلصين.
الاحتفاء المعنوي بإنجازات الموظفين
يبذلُ المدراء الجيّدون جهداً كبيراً للاعترافِ بالعملِ الجادّ، ولكن لدى العديد منهم، قوائمُ مهامٍّ طويلةٌ للغايةِ، ممّا يجعلُ تقدير الموظّفين ثانويّاً. تُظهر "AWI" من خلال دراستها الأخيرةِ أنّ الموظّفين الّذين تُقدَّر إنجازاتهم أسبوعيّاً من قبل مدرائهم، أكثر احتماليّة لتوصية مدرائهم مقارنةً بأولئك الّذين لا يحظون بالتّقدير بعشر مرّات.
قالت الدّكتورة بومغارتنر: "بينما يكونُ معظمُ المدراء ذوي نوايا حسنةٍ، إلاّ أنّ العديدَ من القادة لم يُزوّدوا بالأدوات أو التّدريبِ اللّازمين للنّجاح في أدوارهم، خصوصاً عندما يتعلّق الأمرُ بالتّقدير." وأضافت: "وجدت 'AWI' أن 53% فقط من المدراء يتلقّون تدريباً على أفضل الممارساتِ في مجالِ التّقديرِ، وبسبب هذا، يظلّ العديد منهم غير مدركين أنّ التّقدير ينبغي أن يكون محدّداً، وشخصيّاً، ومُرتكزاً على الأثرِ. إذ إنّ فَهمَ هذه التّفاصيل الدّقيقة سيجعلُ من الثّناءِ أمراً أكثر فعاليّةً وصدقاً، مما يُحرّكِ العجلة نحو تحقيقِ تقدّمٍ للموظّفين".
الظهور كمدرّبٍ داعمٍ
في عالمِ القيادةِ، يُعتبرُ التّدريبُ وسيلةً لإرشادِ الشّخصِ عبر التّحدّياتِ الّتي يواجهها، بدلاً من تقديمِ حلٍّ محدّدٍ له. المدراء الّذين يظهرون كمدرّبين يقومون ببساطةٍ بطرح أسئلةٍ مدروسةٍ على أعضاءِ الفريق، مساعدين إيّاهم في تحديدِ واستكشافِ الطّريق الأمثل للمضيّ قدماً، هم مدرّبون عظماء يتصدّرون بالدّعم والتّعاطف.
اليوم، يقول 19% فقط من الموظّفين إنّ مديرهم يُقدّمُ لهم تدريباً منتظماً. هذا يشيرُ إلى أنّ الغالبيةَ العظمى من المدراء محصورون في دائرةٍ مفرغةٍ من إصدارِ الأوامرِ وفرضِ المواعيدِ النّهائيّة، وهو نهجٌ يفشلُ في تمكينِ الموظّفين. والموظّفون الّذين يشعرون بالدّعم في العمل -أكثرَ من مرّتين- عرضةٌ لاعتبار أنّ مديرهم يُقدّم لهم تدريباً بانتظامٍ، وهي نقطةُ بيعٍ إضافيّةٌ تُضافُ للمعادلةٓ.
رسمُ مسارٍ مهنيٍّ مثيرٍ
يُمكن أن تؤدّي المهامُّ اليوميّةُ المتكرّرةُ في النّهايةِ إلى شعورٍ بالرّتابةِ لا يُمكن التّخلّصُ منها. ولإعادةِ بناء عقليّةِ النّموّ، وإعادةِ إشعالِ حماسِ الموظّفين للعملِ، يجبُ على القادةِ أن يعطوا الأولويّة للتّطوير المهنيّ، من خلال إنشاء مساراتٍ وظيفيّةٍ واضحةٍ، وفرص تطويرٍ مهنيٍّ مستمرّةٍ. فالموظّفون الّذين يعتقدونُ أنّ مديرهم يدعمُ أهدافهم المهنيّة، أكثر احتمالاً بمرّتين للقولِ إنّهم يرون أنفسهم في مسيرةٍ طويلةٍ مع شركتهم. ومع ذلك، مثل التّقدير، يحتاجُ هذا إلى المزيدِ من التّدريبِ في هذا المجالِ.
قالت الدّكتورة بومغارتنر: "على جميعِ المستوياتِ، ينقصُ الدّعم الإداريّ، لكن ما يثيرُ الاهتمام هو أنّ التّطويرَ المهنيَّ هو المجالُ الأوّلُ الّذي يرغبُ المدراءُ في تلقّي المزيدِ من التّدريب فيه". وأضافت: "دون دعمٍ من قسمهمِ وقادةِ المواردِ البشريّةِ، يجدُ المدراء عادةً صعوبةً في تطويرِ وترقيةِ فرقهم، ممّا يعرقلُ نجاحَ المنظّمةِ ككلٍّ".
لدى المدراء الأقوياء القدرة على إعادةِ إشعالِ الفرقِ الّتي تُعاني من التّراجعِ. لدرجةِ أنّ الموظّفين الّذين لديهم مدراء فعّالون أكثر احتمالاً للانخراطِ بأربع مرّاتٍ، وخمس مرّاتٍ أكثر احتمالاً للالتزام، وثلاث مرّاتٍ أكثر احتمالاً للإنتاجيّةِ. بالنسبةِ لقادةِ الأعمالِ والمواردِ البشريّةِ، يجبُ أن يكونَ هذا مثيراً للقلقِ الفوريّ: تمكينُ قادتك قادرٌ على الإتيانِ بنتائجَ خارقةً؛ فما الّذي تنتظرهُ؟