برنامج العمل عن بعد: مكتبك أينما كنت وإنتاجيتك بلا حدود!
في عالمٍ تتلاشى فيه الحدود بين الحياة الشّخصيّة والمهنيّة، يُغيّر العمل عن بعد مفهوم الإنجاز التّقليديّ، مُقدّماً مزايا لا تُحصى للشركات والموظفين على حدٍّ سواء
في برنامج العمل عن بعد، يختفي مفهوم الذَّهاب إلى العمل ليحلَّ محلَّه العمل يأتي إليك! من قال إنَّ الاجتماعات يجب أن تُعقدَ في غُرفٍ مغلقةٍ أو أنَّ تقاريرك يجب أن تُنجزَ وسط ضجيج زملائكَ؟ الآن يُمكنك إنجاز كلِّ شيءٍ وأنت تستمتع بأشعة الشَّمس في شرفتكَ أو بملابس مريحةٍ على أريكتكَ.
مع برامج العمل عن بعد، أصبح بإمكانكَ الجمع بين الأداء العالي وأقصى درجات الرَّاحة، هو ليس مجرَّد طريقةٍ جديدةٍ للعمل، بل هو أسلوب حياةٍ عصريٌّ يمنحك الحريَّة لتكون مُنتِجاً وأنت في أفضل حالاتكَ!
ما هو برنامج العمل عن بعد؟
برنامج العمل عن بعد عبارةٌ عن نظام عملٍ حديثٍ، يمنح الموظَّفين حريَّة العمل من أيّ مكانٍ يختارونه، سواءً كان ذلك في المنزل أو في مقهى أو حتَّى من شاطئ البحر، نعم هذا ممكنٌ نظريّاً! ذلك لأنَّه باستخدام التُّكنولوجيا الرَّقميَّة وأدوات الاتّصال عبر الإنترنت، لم يعد الموظَّف بحاجةٍ إلى الجلوس على كرسي المكتب التَّقليديّ لمدَّة 8 ساعاتٍ يوميّاً، وعوضاً عن ذلك، يُمكنهُ إنجاز مهامّه بكفاءةٍ وهو ربَّما يرتدي البيجاما!
هذا النّظام لا يقتصر فقط على منح الموظَّفين مرونةً في العمل، بل يُوفِّر أيضاً فوائد حقيقيَّةً، مثل تقليل تكاليف التَّنقُّل وزيادة الإنتاجيَّة، ومع ذلك وعلى الرَّغم من كلّ هذه الإيجابيَّات، قد يجد بعضهم أنفسهم أمام تحدّياتٍ، مثل مقاومة إغراء مشاهدة مسلسلهم المفضَّل أثناء ساعات العمل!
ببساطةٍ، يُنظَر إلى العمل من المنزل على أنَّه المستقبل الجديد للعمل، حيث تتلاشى الحدود بين العمل والحياة الشَّخصيَّة، وعلى الرَّغم من صعوبة إيجاد التَّوازن بينهما في البداية، لكن مع الوقت يُصبحُ الأمر أسهل من أيّ وقتٍ مضى، بشرط أن تتذكَّرَ بألّا تدع قطَّتك تعتقد أنَّك في إجازةٍ دائمةٍ!
شاهد أيضاً: توظيف فريق عمل متميز عن بعد: اجمع العباقرة عبر الشاشات!
الخرافات الأكثر شيوعاً حول برنامج العمل عن بعد
على الرَّغم من أهميَّة برنامج العمل عن بعد وتوجُّه كُبرى الشَّركات العالميَّة لاعتماده كنظام عملٍ، إلَّا أنَّ العديد من أصحاب الأعمال والإدارات العليا ما زالوا يُشكِّكون في جدواه. إذاً دعونا نُلقي نظرةً على بعض الخرافات الشَّائعة ونفنّدها واحدةً تلو الأخرى: [1]
أنظمتنا ستنهار إذا حاولنا العمل عن بعد
على الرَّغم من تزايد عدد الشَّركات الَّتي تُقدِّم وظائف عن بعد في الوقت الحاليّ، إلَّا أنَّ هناك العديدَ من الشَّركات الصَّغيرة وحتَّى الكبيرة الَّتي ما زالت تعتقد أنَّ العمل عن بعد غير قابلٍ للتَّطبيق وسيسهِم بتقليل الإنتاجيَّة، وعلى النَّقيض من ذلك أظهرت العديد من الدِّراسات أنَّ الإنتاجيَّة ترتفع مع العمل عن بعد، بالنِّسبة لمعظم الأنظمة التِّجاريَّة، وهذا مدعومٌ بتقرير مؤسَّسة Fundera2، الَّذي جاء فيه أنَّ الموظَّفين عن بعد أكثر إنتاجيَّةً، وفق ما ذكره ثلثي المدراء المشاركين في التَّقرير.
الموظفون عن بعد كسالى
غالباً ينسى العديد من أصحاب الأعمال أنَّ الموظَّفين يُمكن أن يتكاسلوا حتَّى في المكتب، السَّبب الأكثر شيوعاً هو أنَّهم عالقون في مكانهم لعددٍ محدَّدٍ من السَّاعات ويشعرون بما يسمَّى بمتلازمة الوقت الضَّائع، حيث ينتظرون فقط انتهاء اليوم للعودة إلى المنزل، بناءً على ذلك، طالما أنَّ الشَّركات تضمن معرفة موظَّفيها عن بعد بمسؤوليَّاتهم ومواعيد تسليم أعمالهم، يُمكن تقليل فرص التَّكاسل سواء من المنزل أو في المكتب.
التواصل بفعالية مع الفريق عن بعد صعب
في عصرنا الرَّقمي لا يوجد سببٌ يجعل من التَّواصل مع الموظَّفين عن بعد مشكلةً، المشاكل تظهر فقط إذا كانت الشَّركة غير قادرةٍ على التَّكيُّف مع ظروف العمل عن بعد، إذ لتحقيق بيئة تواصلٍ فعَّالةٍ، يجب أن يتمكَّنَ جميع الموظَّفين، سواء في المكتب أو عن بعدٍ، من الوصول إلى نفس أدوات التَّواصل، والبحث دائماً عن تكنولوجيا تواصلٍ أفضل، وتنظيم اجتماعاتٍ في المكتب لضمان تحفيز الموظَّفين عن بُعدٍ.
الموظفون عن بعد متواجدون طوال الوقت
فلنتّفق على أنَّ الموظَّفين ليسوا عبيداً، وصاحب العمل الجيّد لن يحاول جعلهم متاحين في كلّ لحظةٍ، لمجرَّد أنَّهم منضمُّون إلى برنامج العمل عن بُعدٍ في الشَّركة. كما أنَّ موظَّفي المكتب لديهم توازنٌ بين العمل والحياة الشَّخصيَّة، وينبغي أن يكون لموظَّفي العمل عن بعد نفس التَّوازن، يتحقَّق هذا من خلال الاتّفاق على ساعات عملٍ محدَّدةٍ بين المدراء والموظَّفين عن بعد، تماماً كما لو كانوا يعملون في المكتب.
إذا عمل الموظفون عن بعد، ستتدهور مهاراتهم الاجتماعية
غالباً ما يكون الموظَّفون عن بعد أعضاء نشطين في المجتمع، إذ إنّ لديهم فرصاً أكبر للتَّواصل الاجتماعيّ مع أسرهم وأصدقائهم ومعارفهم؛ لأنَّهم ليسوا مرتبطين بمكاتبهم مثل موظَّفي المكتب.
يستحيل أن يكون العاملون عن بعد جزءاً من ثقافة الشركة
في حين أنَّ شركاتٍ مثل غوغل وغيرها، قد نجحت في بناء ثقافة شركاتٍ قويَّةٍ من خلال توفير إضافاتٍ في موقع العمل، مثل الصَّالات الرّياضيَّة، والأنشطة التَّرفيهيَّة، وخدمات الطَّعام، إلَّا أنَّ هذا ليس شرطاً في بناء ثقافة الشَّركة. كما أنّ نقص الأحاديث الجانبيَّة بين الزُّملاء لا يعني بالضَّرورة غياب ثقافة الشَّركة، فالتُّكنولوجيا الحديثة تُوفّر طرقاً عديدةً لتعزيز الاتّصال بين العاملين عن بُعدٍ وزملائهم، سواء أثناء فترات الرَّاحة أو حتَّى بعد ساعات العمل، لبناء علاقاتٍ أقوى وخَلقِ شعورٍ بالانتماء.
شاهد أيضاً: 3 أسبابٍ تجعل العمل من المنزل أفضل للأفراد والشركات والكوكب
أدوات تساعد في برنامج العمل عن بعد
لا يُمكن حصر الأدوات الَّتي تساعد في برنامج العمل عن بعد، وتُسهم في تحسين جودته وزيادة سهولته، كما أنَّ الواقع الحاليَّ والتَّوجُّه نحو العمل عن بعد، يفرض ابتكار المزيد من الأدوات، وتحسين الموجود حاليّاً في إطار التَّنافسيَّة الكبيرة.
تريلو (Trello)
يُعدُّ تريلو أداةً فعّالةً لإدارة المشاريع عبر الإنترنت، حيث يمكن للمستخدمين تنظيم مهامهم ومشاريعهم بشكلٍ مرئيٍّ ومرتَّبٍ، وتتميَّز هذه الأداة بواجهتها البسيطة وإمكانيَّة تكاملها مع تطبيقات أُخرى، مثل Google Drive وSlack، ما يُعزِّز من فعاليَّة العمل الجماعي، بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام أداة باتلر (Butler) لأتمتة المهام المتكرِّرة، ممَّا يُسهِّل من عمليَّة إدارة المشاريع بشكلٍ كبيرٍ.
غوغل درايف (Google Drive)
واحدٌ من أهمِّ أدوات برنامج العمل عن بعد، حيث يوفِّر غوغل درايف مساحة تخزينٍ سحابيَّةً مجانيَّةً تصل إلى 15 جيجابايت، مع إمكانيَّة زيادة السّعة من خلال خططٍ مدفوعةٍ، يُعدُّ جوجل درايف أداةً مثاليَّةً للتَّعاون الجماعيّ، حيث يمكن للمستخدمين مشاركة الملفَّات والعمل عليها في الوقت الحقيقيّ باستخدام تطبيقاتٍ، مثل Google Docs وGoogle Sheets، حيث يتكامل غوغل درايف بشكلٍ سلسٍ مع باقي خدمات جوجل، ممَّا يجعله الخيار الأمثل للأفراد والفرق على حدٍّ سواء.
أدوبي سينغ (Adobe Sign)
Adobe Sign هو خدمة توقيعٍ إلكترونيٍّ من شركة أدوبي، تُتيح لك توقيع المستندات والعقود بسرعةٍ وأمانٍ من أيّ جهازٍ، وبفضل التَّكامل مع أدواتٍ شهيرةٍ، مثل Microsoft Office وGoogle Drive، يمكنك إدارة تواقيعك بسهولةٍ ضمن سير العمل اليوميّ، والخدمة معترفٌ بها قانونيّاً في العديد من الدُّول، ممَّا يجعلها خياراً مثاليّاً للشَّركات والأفراد الَّذين يبحثون عن وسيلةٍ فعَّالةٍ لتوقيع الوثائق إلكترونيّاً، فمع Adobe Sign، يُمكنك تتبُّع المستندات، والتَّحقُّق من هويَّة الموقّعين، والاستفادة من مستوياتٍ عاليَّةٍ من الأمان، ممَّا يوفِّر الوقت ويزيد من كفاءة الأعمال.
ويس (Wise)
Wise، المعروف سابقاً باسم TransferWise، هو خدمة تحويل أموالٍ دوليَّةٌ تُقدِّم تحويلاتٍ سريعةً وبتكلفةٍ منخفضةٍ بين العملات، تكمن أهميَّته في برنامج العمل عن بعد في سهولة دفع رواتب الموظَّفين من خلاله، أينما وجدو من حول العالم. كما وتنبع أهميَّته من خلال:
- خفض التَّكاليف: رسومٌ منخفضةٌ مقارنةً بالبنوك التَّقليديَّة.
- السُّرعة: تحويلاتٌ سريعةٌ تصل في غضون ساعاتٍ إلى أيَّامٍ.
- الشَّفافيَّة: عرضٌ واضحٌ للرُّسوم ومعدَّل الصَّرف.
- دعمٌ متعدِّد العملات: يتيح دفع رواتب الموظَّفين بعملاتهم المحليَّة.
- سهولة الاستخدام: واجهةٌ بسيطةٌ وتطبيقاتٌ تُسهِّل إدارة الرَّواتب.
إذاً بنك Wise الإلكترونيّ يجعل إدارة الرَّواتب الدُّوليَّة أكثر فعاليّةً من حيث التَّكلفة والوقت.
غوغل ميت (Google Meet)
يُستخدم جوجل ميت لعقد اجتماعات الفيديو بجودةٍ عاليةٍ، وهو جزءٌ من حزمة Google Workspace، ويتيح التَّطبيق للمستخدمين استضافة اجتماعاتٍ كبيرةٍ تصل إلى 500 مشاركٍ في النُّسخ المدفوعة، ويتميَّز بسهولة الانضمام إلى الاجتماعات عبر رابطٍ مباشرٍ دون الحاجة إلى تحميل تطبيقاتٍ إضافيَّةٍ، كما يدعم غوغل ميت ميزاتٍ مثل مشاركة الشَّاشة وتسجيل الاجتماعات، ممَّا يجعله مناسباً للاجتماعات الافتراضيَّة والتَّعليم عن بُعدٍ.
كانفا (Canva)
كانفا هي منصَّة تصميمٍ مرئيَّةٍ تُتيح للمستخدمين إنشاء تصاميم احترافيَّةٍ بسهولةٍ، حتَّى وإن لم يكن لديهم خلفيَّةٌ في التَّصميم، حيث تحتوي كانفا على آلاف القوالب الجاهزة والقابلة للتَّعديل في مختلف الفئات، بالإضافة إلى مكتبةٍ ضخمةٍ من الموارد المجانيَّة والمدفوعة، ويمكن للمستخدمين التَّعاون في الوقت الحقيقيّ على نفس التَّصميم؛ ممَّا يجعلها أداةً مثاليَّةً للفرق.
سلاك (Slack)
يُعدُّ سلاك أداة تواصلٍ فعَّالةً للفرق عن بُعدٍ، حيث يعتمد على نظام القنوات لتنظيم المحادثات حسب المشاريع أو الفرق، يتكامل سلاك مع العديد من التَّطبيقات الأخرى، ممَّا يُسهِّل إدارة العمل ومتابعة المهام من مكانٍ واحدٍ، كما يوفِّر ميّزاتٍ، مثل: البحث في الرَّسائل، والإشعارات المخصَّصة، والمكالمات الصَّوتيَّة والمرئيَّة؛ لذا فإنَّه خيارٌ مثاليٌّ للشَّركات والفرق الَّتي تعتمد على التَّعاون اليوميّ.
سكايب (Skype)
يُتيح سكايب للمستخدمين إجراء مكالماتٍ صوتيَّةٍ ومرئيَّةٍ بجودةٍ عاليةٍ، بالإضافة إلى إرسال الرَّسائل النَّصيَّة والمشاركة في محادثاتٍ جماعيَّةٍ، كما يمكن استخدام سكايب للاتّصالات الشَّخصيَّة والمهنيَّة على حدٍّ سواء، ويدعم مكالماتٍ جماعيَّةً تصل إلى 50 شخصاً، كذلك يمكن استخدامه للاتّصال بالهواتف الأرضيَّة والمحمولة بأسعارٍ منخفضةٍ، ممَّا يجعله خياراً اقتصاديّاً مرناً.
بوكس دروب (Dropbox)
دروب بوكس (Dropbox) هو أوَّل برنامجٍ مستقلٍّ لتخزين الملفَّات سحابيّاً يظهر في السُّوق، ممَّا يُتيح للمستخدمين مشاركة الملفَّات والمستندات بسهولةٍ، وقد اكتسب دروب بوكس شهرةً واسعةً بفضل واجهته البسيطة وأدواته المتقدّمة لمشاركة الملفَّات وإمكانيَّات التَّعاون الَّتي يوفِّرها، كما يُقدِّم دروب بوكس تطبيق Paper الَّذي يسمح بتحرير ملفَّات وورد (Word) دون الحاجة إلى تحميلها، على الرَّغم من أنَّ هذه الميّزة تقتصرُ على تحرير ملفَّات وورد فقط دون غيرها من الملفَّات.
باختصارٍ تُمثِّل هذه الأدوات مجموعةً متكاملةً تُساعد الأفراد والشَّركات على إدارة أعمالهم وتواصلهم بشكلٍ أكثر فعاليّةً، سواءً كانوا يعملون عن بُعدٍ أو في مواقع مختلفةٍ، لكلٍّ منها ميّزاته الخاصَّة الَّتي تُلبِّي احتياجاتٍ محدَّدةً، ممَّا يجعلها ضروريّةً في بيئة العمل الرَّقميَّة الحديثة.
وفي الختام يبدو أنَّ برنامج العمل عن بعد قد أصبح أفضل صديقٍ جديدٍ لنا، حيث يجمع بين الإنتاجيَّة وراحة البال في حزمةٍ واحدةٍ أنيقةٍ، الآن يمكنك إنهاء مهامك بينما تستمتع بقهوتك الصَّباحيَّة، أو تداعب قطَّك الصَّغير، ومن يدري؟ ربَّما يصبح السُّؤال الأكثر شيوعاً في المستقبل هو: "أيُّ جزءٍ من المنزل سيكون مكتبكَ اليوم؟"