بسطرٍ واحد خطّ محمد العبّار سبب تربّعه على القمّة
العبّار يمزج بين الابتكار في عالم الأعمال والقيم الإنسانية الراسخة، مقدّماً دروساً ثمينة تتجاوز حدود الشركات الكبرى لتلامس الحياة اليومية وتحفّز على التطور الشخصي والمهني
في رحلةٍ استكشافيَّةٍ عبر مقالاتٍ تُسلِّط الضَّوء على الشَّخصيَّات المؤثّرة في الإمارات، صادفتُ قائمةً تبرز أهمَّ 100 شخصيَّة يجب مقابلتها، وفي قمَّة هذه القائمة، يجلس محمد العبار، متربِّعاً على عرشه كأيقونةٍ مبتكرةٍ ومتفردةٍ، معترفٍ بها عالميَّاً بإنجازاتها وإبداعاتها، ولكن ما الذي يميِّز العبار ليجعله في هذه المكانة المرموقة؟ [1]
خلال بحثي المتعمِّق، وأنا التي كنت على درايةٍ بالعبّار كبانٍ لبرج خليفة ومول دبي، صادفت مقالاً يتحدَّث عن مشروعه الجديد: مول تستطيع فيه القيادة بسيارتك. ومن ضمن السُّطور التي خطفت انتباهي، كان تعليق العبار في فستيفال روَّاد الأعمال بالشَّارقة لعام 2024، حيث قال: "هذه المرَّة الأولى التي تستطيع فيها الدُّخول إلى المول بسيارتك، ونحن لم نأتِ بهذه الفكرة، ولكن تعلمناها من مكانٍ آخر،" وأطلق على المول وصفاً يُجسّد الأناقة والجمال، مشبِّهاً إياه بمارلين مونرو، مؤكِّداً أنَّه سيكون النّسخة الأنثويَّة من برج خليفة. [2]
This will be the first time cars can enter a mall so it will be very unique. We did not come up with this ourselves, we learnt it from somewhere.
هذه ستكون المرَّة الأولى التي تدخل فيها السَّيارات إلى مركزٍ تجاريٍّ، ما يجعل التَّجربة استثنائيَّةً، لم نتوصَّل إلى هذه الفكرة بمفردنا، بل استلهمناها من مكانٍ آخر.
هذا السَّطر وحده كان كافيَّاً ليجيب على تساؤلي حول سبب تربِّع العبّار على قائمة الشَّخصيَّات الأكثر تأثيراً في الإمارات، مقدِّماً دروساً قيَّمة لكلِّ رائد أعمال يطمح ليحقّق شيئاً من هذا النَّجاح.
الابتكار والتفرد: درس من محمد العبّار
"للمرَّة الأولى، سيكونُ بإمكان السَّيارات دخول المول"، هذه العبارة البسيطة في ظاهرها، تحملُ في طياتها رؤية محمد العبّار الثَّوريَّة، التي تتجاوزُ حدود المألوف وتخترق جدران الابتكار، والعبّار لم يسلّم نفسه لرتابة العادة، بل دائماً ما كان يطارد الفريد والجديد، مؤمناً بقوَّة الأفكار المبتكرة والمختلفة التي تصنع تجارب لا تُنسى وتزيد من قيمة المجتمع بأسره.
بخطى ثابتةٍ ونظرةٍ مستقبليَّةٍ، شقَّ العبّار طريقه نحو ترسيخ دبي كعاصمةٍ عالميَّةٍ للابتكار والإبداع، وكلُّ مشروعٍ يبصر النُّور تحت إشرافه يعدُّ بمثابة برهانٍ جديدٍ على أنَّ النَّجاحَ يستلزم الشَّجاعة لتجاوز المعتاد والدُّخول في عالم الابتكار.
ومن خلال إعمار، أثبت العبَّار أنَّ تحويلَ الأحلام إلى واقعٍ ملموسٍ ليس بالأمر المستحيل، فمشاريعه لم تقتصر على تعزيز المشهد العمراني لدبي فحسب، بل امتدَّت لتشملَ توفير تجارب عيشٍ فاخرةٍ تجمع بين الطَّبيعة والرَّفاهيَّة، كما هو الحال في "The Oasis by Emaar"، وهو مشروعٌ يعيد تعريف مفهوم السَّكن الرَّاقي بتوفيره لبيئةٍ تحتضن الفخامة والجمال الطَّبيعي.[2]
التَّعلُّم والاستلهام: رحلةٌ مستمرّةٌ
"لم نأتِ بهذه الفكرة بأنفسنا، تعلمناها من مكان آخر"، وهذا الاعتراف الصَّادر عن محمد العبَّار ليس مجرَّد جملةٍ عابرةٍ، بل هو درسٌ في التَّواضع والرَّغبة في التَّعلُّم المستمرّ، ويشدِّد العبّار من خلال هذه الكلمات على أهميَّة الانفتاح على الأفكار الجديدة والتَّفاعل البناء مع تجاربٍ وثقافاتٍ مختلفةٍ، مؤكِّداً أنَّ جوهر النَّجاح يكمن في القدرة على الاستلهام والتَّعلُّم من الآخرين، وليس فقط من خلال الابتكار الذَّاتي المنعزل.
تجربته مع "noon"، المنصَّة الرَّائدة في التِّجارة الإلكترونيَّة، تعكسُ بوضوحٍ هذا المفهوم، بتأسيس نون، لم يسع العبَّار فحسب لإنشاء منصَّةٍ تجاريَّةٍ تنافس عالميَّاً، بل أراد أيضاً أن يخلق بيئةً تعليميَّةً تتيح للأعمال المحليَّة النُّمو والازدهار، ومن خلال التَّعاون مع الجهات الحكوميَّة لدعم الشَّركات النَّاشئة في أبوظبي وعجمان، عمل العبّار على ترسيخ فكرةٍ أنَّ النَّجاحَ في عالم التَّجارة الإلكترونيَّة لا يأتي من التَّنافس فحسب، بل من خلال التَّعاون وتبادل الخبرات والمعرفة.
كما أنّ إطلاق "noon food"، لتشجيع نظامٍ بيئيٍّ مستدامٍ للأعمال والمستهلكين، يبرهن على رؤية العبّار الشُّمولية للتِّجارة الإلكترونيَّة، حيث لا يقتصرُ الأمر على بيع وشراء السِّلع، بل يشملُ أيضاً تعزيز ممارسات الأعمال الأخلاقيَّة والمستدامة.[3]
شاهد أيضاً: تيم كوك Tim Cook ينصحك: هذا أوّل ما ينبغي عليك فعله كل يوم
القوة في الشفافية
الشَّفافيَّة، كما يُظهرها محمد العبّار، هي ليست مجرَّد قيمةٍ مهنيَّةٍ، بل هي عماد الثِّقة والصِّدق في عالم الأعمال، وعندما يُقرُّ العبَّار بأنَّ "الفكرة لم تأتِ منا"، يرسِّخ مبدأً أساسيَّاً يتمثَّل في الشَّفافيَّة والتَّواضع، موضِّحاً أنَّ الاعتراف بالمصادر والإلهام لا ينتقص أبداً من قدر الإنجاز، بل يُعلي من شأن صاحبه ويُعزِّز من موثوقيته ومصداقيته أمام الجميع.
هذا الأمر ليس غريباً على العبَّار، فلطالما كان صريحاً بشأن مسيرته، معترفاً بفشله قبل تحقيقه للنَّجاح، وهو نفسه أخبرنا أنَّه لم يعرف طعم النَّجاح حتَّى بلغ الثَّامنة والثَّلاثين من عمره، على الرَّغم من أنَّه بدأ محاولاته منذ كان في الحادية والعشرين، وهذا الاعتراف يعزِّز أهميَّة التَّواضع والاستعداد لتعلُّم أشياءٍ جديدةٍ، حتَّى لو كانت من مصادر غير متوقَّعةٍ.
هذا النَّهج لا يُعلِّمنا فقط أهميَّة الصَّراحة في الاعتراف بمن سبقونا في الطَّريق أو أثَّروا في مساراتنا، بل يُبرز أيضاً كيف أنَّ الشَّفافيَّةَ تبني جسور الثِّقة بين القيادات وأفراد فرقهم، مُشجعةً على خلق بيئةٍ عملٍ تسودها روح التَّعاون والانفتاح، في عالمٍ يتزايد فيه التَّعقيد يوماً بعد يوم، تصبح الشَّفافيَّة ضرورةً لا غنى عنها لإدارةٍ فعَّالةٍ تحفِّز الإبداع وتدعم النُّمو المشترك.
لتستلهمَ من مسيرة محمد العبَّار، رجل الأعمال النَّاجح، عليك أن تتعمَّقَ أكثر لتكتشف جوهر محمد العبَّار الإنسان، فالدُّروس المستفادة من حياته لا تقتصر على النَّجاحات الباهرة وإنجازات الشَّركات العملاقة، بل تمتدُّ لتشملَ قيم الشَّفافيَّة، والتَّواضع، والتَّعلُّم المستمرِّ، والعبَّار اليوم على قمَّة عالم الأعمال ليس فقط لما أنجزه من مشاريع؛ بل لأنَّ أثره الإنساني امتد ليشملَ العالم أجمع، مؤكِّداً أنَّ النَّجاحَ الحقيقيِّ يُقاس بما نتركه من أثرٍ في حياة الآخرين.
لمزيدٍ من قصص النجاح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.