تحقيق الرضا الوظيفي من خلال الحضور القوي والتأثير الفعال
فهم مشاعرك، توجيه أفكارك، وإشراك الآخرين وسيلة لتعزيز تأثيرك وزيادة الرضا في حياتك المهنية
إنَّ إنشاء عملك الخاص يحمل في طيَّاته لحظاتٍ رائعةً بلا شكٍّ، فتوظيف أوَّل موظَّفٍ بدوامٍ كاملٍ، والحصول على العميل المهمِّ المقبل، ومشاهدة نتائج النُّموّ الشَّهريّ هي الإنجازات التي تخيّلتها في البداية، لكنَّ الواقع اليوميَّ قد يكون مختلفاً تماماً، فأيامٌ تُطوى وتحلُّ محلُّها أيَّامٌ أخرى، مليئةٌ بالاجتماعات والمهام التي لا تنتهي، وقد تتأرجح مشاعرك بين الفخر بإنجازاتك والإحباط من بطء التَّقدُّم، لكنَّك تواصل الأمل والسَّعي لتحقيق النَّجاح، وتتساءل في سرّك ما إذا كانت الأمور ستتغيَّر يوماً ما، عندها قد تجد نفسك عالقاً في حلقةٍ مفرغةٍ، مع تكرار هذا السُّؤال في ذهنك: "هل هذا هو كلُّ شيءٍ؟ [1]
الرغبة في تحقيق الرضا الوظيفي
يتوق العديد من روَّاد الأعمال إلى تحقيق الرضا الوظيفي. لهذا السَّبب، أخالك غير راضٍ عن العمل لدى شخصٍ آخر في البداية، وأعي ذلك تماماً، لكنَّني في رحلتي لإنشاء عملي الخاصِّ، توصَّلت إلى تعريف الرضا الوظيفي على أنَّه يتكوَّن من عنصرين أساسيّين: الإيمان بأنَّ ما أفعله ذو قيمةٍ، وأنَّني أحقِّق تقدُّماً مستمرِّاً، وبدون هذين العنصرين، يظلُّ تحقيق الرضا الوظيفي بعيد المنال.
لكن عندما لا تتوافق حقيقة نموّ عملك مع توقُّعاتك، فإنَّه غالباً ما ترى نفسك أمام خيارين فقط: إمَّا التَّحمُّل بصمتٍ أو الاستقالة بشكلٍ دراميٍّ، لكن هناك طريقٌ ثالثٌ، طريقٌ لا يشترط الاستقالة أو مكابدة الوضع، بل يدعوك للتَّعرُّف على نفسك بشكلٍ أفضل والظُّهور بحضورٍ أكثر قوَّةً وتأثيراً، فحضورك وقدرتك على منح الثّقة، وكسب الثّقة، وترسيخ المصداقيَّة له أهميَّةٌ قصوى، بغضّ النَّظر عن المرحلة التي تمرُّ بها في بناء عملك.
شاهد أيضاً: ستيف جوبز يُلقي الضوء على أساس النجاح والرضا الدائمين
الصلة بين الحضور القوي والرضا الوظيفي
ما العلاقة بين الحضور والرضا الوظيفي؟ إنَّ الصّلة الحاسمة بين هاتين الحالتين هي التَّأثير، فمع حضورٍ أقوى وأكثر فعاليَّةً، يمكنك أن تحدثَ تأثيراً أكبر، والتَّأثير هو النتيجة القابلة للقياس لعملك، ومع تأثيرٍ أكبر، يمكنك تحقيق هذين العنصرين من الرضا الوظيفي، والإيمان بأنَّ ما تفعله ذو قيمةٍ وأنَّك تحقّق تقدُّماً مستمرَّاً، وهكذا الحضور القويُّ يزيد من تأثيرك، وبالتَّالي يعزِّز شعورك بالرضا الوظيفي.
تخيَّل لو بدلاً من قبول الوضع الراهن، ظهرت بطريقةٍ مختلفةٍ
ماذا لو ركَّزت على بناء حضورٍ أقوى؟ لا يتعلَّق الحضور فقط بإظهار السَّيطرة، بل يتعلَّق أيضاً بالوضوح والفعاليَّة، ويتعلَّق بفهم مشاعرك، وتشكيل أفكارك ونقلها، والتواصل مع الآخرين بشكلٍ جيدٍ.
أستطيع رؤية ثلاثة أعمدةٍ رئيسيَّةٍ لبناء حضور قوي:
- إدارة العواطف: إنَّ فهم مشاعرك وإدارتها يسمح لك بالاستجابة بشكلٍ أفضل للتَّحدّيات بمرونةٍ ورقيٍّ.
- توجيه الأفكار: توضيح ما يهمُّك حقّاً ومشاركة آرائك بشكلٍ مدروسٍ يمكّنك من التَّأثير وإحداث التَّغيير.
- إشراك الآخرين: التَّواصل الفعَّال والتَّعاون يساعدك على التَّواصل مع الآخرين، وتعزيز العمل الجماعي وزيادة تأثيرك.
من خلال التَّركيز على بناء مهاراتك في كلّ من هذه الجوانب وأخذ بعض الوقت كلَّ يومٍ للظُّهور بشكلٍ مدروسٍ، فأنت بذلك ترفع بشكلٍ كبيرٍ من مستوى حضورك، وكنتيجةٍ لذلك يزداد تأثيرك، وبالتَّالي تحقّق الرضا الوظيفي.
شاهد أيضاً: تعزيز القوة العقلية: طريقك نحو حياة أكثر رضا وأداء أفضل
تبني التغيير التدريجي
من خلال تنمية حضورك، يمكنك فتح بابٍ أكبر للرّضا والإشباع في العمل، ولا يتعلَّق الأمر بالعمل بجهدٍ أكبر بل بذكاءٍ أكثر، وإجراء تغييراتٍ صغيرةٍ تتماشى مع ذاتك الحقيقيَّة وتدفعك للأمام، وعندما تتوقَّف عن قبول أيّ شيءٍ يفرضه العمل عليك، ستكون في وضعٍ أفضل لتحقيق الرّضا عن عملك، ويمكنك تغيير نظرتك إليه من هدف بعيد المنال وغير محدَّدٍ إلى مسارٍ واضحٍ للنُّموّ، ويمكن لتبنِّي أسلوب حضورٍ أقوى أن يفتحَ الباب أمام إمكاناتك الكاملة، خطوةً بخطوةٍ.