تأثير التكنولوجيا على الموضة وآخر صيحات الموضة المرتبطة بالتكنولوجيا
تقنياتٌ متطورةٌ في عالم صناعة الأزياء أسرعُ وأكثرُ جودةً.
على مدارِ العقودِ الماضيةِ، عُرِفت الموضةُ بأنّها صناعةٌ اعتمدت تقليديّاً، وبشكلٍ رئيسيٍّ على عملِ البشرِ، إلّا أنّ السّنواتِ الأخيرةَ شهدت تغيّراً ملحوظاً في هذا المفهومِ، وبدأ الكثيرون في التّفكيرِ بشكلٍ أكبرَ في الابتكارِ التّكنولوجيّ داخل صناعةِ الموضةِ.فالعديدُ من علاماتِ وشركاتِ الموضةِ العالميّة، تستخدمُ الآن أحدثَ التّكنولوجيات الابتكاريّة، لخلقِ تجربةٍ مختلفةٍ لعملائِها. وفي هذا الموضوع، سنستعرض أبرز التّقنياتِ الحاليّةِ المُستخدمةِ في عالمِ الموضةِ.
ماذا يعني مصطلح تكنولوجيا الموضة؟
تكنولوجيا الموضةِ، هي بكلّ بساطةٍ أي تكنولوجيا مبتكرةٍ تخلُق أدواتٍ معاصرةٍ لصناعةِ الموضةِ، سواءً بهدفِ تحسينِ إنتاجِ الموضةِ أو استهلاكها. ويمكن استخدام هذه التّكنولوجيا من قبلِ المُصمّمين والمُصنّعين، وكذلك البائعين والعُملاء، وذلك اعتماداً على هدفِ التّكنولوجيا الخاصّةِ بمجالٍ الموضةِ، علماً بأنّه مع زيادةِ توافرِ تكنولوجيا الموضة، من المتوقّعِ حدوثُ زيادةٍ في شعبيةِ هذا المجالِ.
أهمية الابتكار في صناعة الموضة
لا شكّ أنّ الابتكارَ مهمٌّ، ليس فقط لتحسينِ تجربةِ المستهلكِ بشكلٍ مستمرٍّ، ولكن أيضاً من أجلِ ضمانِ أنّ صناعةَ الموضة تتقدُّم. وفي الوقت الحالي، تعتبرُ صناعة الموضة ثانِ أكبرَ صناعةٍ ملّوثةٍ في العالمِ، بعدَ صناعةِ النّفط، وهو ما يعدُّ أمراً غيرَ مستدامٍ على الإطلاقِ. ولأنّ العديدَ من تقنيات الموضة تساعدُ في تحسينِ استدامةِ قطعِ الملابسِ أو عمليّةِ التّصنيعِ نفسها، لذا فمن هذا المُنطلقِ، فإنّ الابتكارَ والاستدامةَ مرتبطان بشكلٍ وثيقٍ ببعضهما البعضِ.
ويرى الخُبراء أنّه إذا سعت علاماتُ أو شركاتُ الموضةِ، لتكون أكثر ابتكاراً واستدامةً، فإنّها بهذه الوسيلةِ ستجذبُ المزيدَ من العملاءِ، وتحقّق أرباحاً أكبرَ، مع تقليلِ تأثيرِها الاجتماعيّ والبيئيّ على كوكبنا.
أبرز تقنيات الموضة المستخدمة
في الوقتِ الحاليّ، فإنّ هناكَ العديد من التّقنياتِ المُستخدمةِ على نطاقٍ ملحوظٍ في صناعةِ الموضةِ، مع توقّعاتْ بظهورِ المزيدِ من الابتكاراتِ خلال السّنواتِ المُقبلةِ، والتي ستحسّن إنتاجَ الموضةِ واستهلاكها:
الذكاء الاصطناعي
إن الذّكاء الاصطناعيّ يعتبرُ واحداً من أهمّ التّقنيات المُستخدمةِ في جميعِ الصّناعاتِ حاليّاً، وليسَ فقط في مجالِ الموضةِ. فالذّكاءُ الاصطناعيُّ هو محاكاةُ الذّكاء البشريّ بواسطةِ أجهزةِ الحاسوبِ أو الآلات الذّكيةِ. وفي الفترةِ الأخيرةِ، بدأت العديدُ من علاماتِ الموضةِ في استخدامه لأغراضٍ متنوّعةٍ.
وتشملُ تطبيقاتُ الذّكاءِ الاصطناعيِّ المُستغلَّةِ في مجالِ الموضةِ: القدرةَ على تحسينِ تجاربِ العملاءِ، وتحليلِ وتنبّؤِ الاتّجاهاتِ، وفهم أنماطُ الشّراءِ، إضافةً إلى إمكانيّةِ تدريبِ الذّكاءِ الاصطناعيّ لفهمِ الجمالياتِ، بما في ذلك الألوان، والملمس، وتفضيلات الأسلوبِ. فعلى سبيلِ المثالِ: يمكن ملاحظةُ استخدامِ شاشاتِ اللّمس في متاجرِ التّجزئةِ، التي تُقدّم نصائحَ مخصصةً للعملاءِ باستخدامِ روبوتاتِ الدّردشةِ المدعومةِ بتقنياتِ الذّكاء الاصطناعيّ.
الواقع الافتراضي والواقع المعزز
من بين التّقنياتِ الشّهيرةِ التي انتشرَ استخدامُها في الفترةِ الأخيرةِ، الواقعُ الافتراضيُّ والواقعُ المعزّز. وبينما يتضمّنُ الواقعُ الافتراضيُّ بيئةَ محاكاةٍ كاملةً، فإنّ الواقعَ المُعزّز يضيفُ التّفاعلَ والمحاكاةَ إلى البيئةِ الحقيقيّةِ. وفي صناعة الموضة، أصبحَ استخدامُ الواقعِ الافتراضيّ والواقعِ المعززّ أمراً شائعاً، حيث أنّهما يُتيحان دمجَ العوالمِ الجسديّة والرقميّة في مجال التّجزئة.
وعلى سبيل المثال، فإنّ واحدةً من أشهرِ استخداماتِ الواقعِ الافتراضيّ في مجالِ الموضةِ، هي تقنيةٌ تسمحُ للعملاءِ بتجربةِ الملابسِ افتراضيّاً، وقد يصلُ الأمرُ حتّى إلى إنشاءِ نسخةٍ افتراضيّةٍ ثلاثيّةِ الأبعادِ للمتجرِ بأكملِه.
الطباعة ثلاثية الأبعاد
الطّباعةُ ثلاثيّةُ الأبعادِ هي عمليّةُ تصنيعٍ، يُمكن من خلالها إنشاءُ منتجاتٍ حقيقيّةٍ من تصاميمٍ رقميّةٍ. ومع انتشارِ الطّباعة ثلاثيّة الأبعادِ في مجالِ الموضةِ، يُمكننا ملاحظةُ كيف يُمكن للابتكارِ والتّكنولوجيا أن تساعدَ العلاماتِ التّجاريّة على أن تُصبحَ أكثرَ استدامةً.
وهناك العديدُ من الاستخداماتِ الحقيقيّةِ بالفعلِ للطّباعةِ ثلاثيّةِ الأبعادِ في مجالِ الموضةِ، حيث يرى الخبراءَ أنّ هذه التقنيةَ من المُمكن أن تؤدّي إلى تقليلٍ كبيرٍ في هدرِ النّسيج، مقارنةً بالتّصميم التّقليديّ، وكذلك إلى تقليلِ استهلاكِ المياه وتلوّثها، وتلوّثِ الهواءِ.
كما أنّ خياراتِ المُصمّمِ تكونُ غير محدودةً مع الطّباعة ثلاثيّةِ الأبعادِ، حيث أنّ هناك قيوداً قليلةً للغايةِ عندما يتعلّق الأمرُ ببنيةِ الملابسِ، والنّسيجِ، والإبداعِ، وهو ما قد يساعدُ على صنعِ تصميماتِ أزياءٍ أكثرَ ابتكاراً وإثارةً من أيٍّ وقتٍ مضى.
الأقمشة وابتكار مواد جديدة
إن جزءاً مهمّاً من صناعةِ الموضةِ والملابسِ، هو استخدامُ أنواعِ الموادِ. وفي الوقتِ الحاليّ في صناعةِ الأزياءِ، يتم استخدامُ الأليافِ الاصطناعيّة -غير القابلةِ للتّحللِ البيولوجيّ- في نحو 72% من الملابسِ.
وهذا ما دفعَ البعضَ إلى التّفكيرٓ في ابتكارِ أقمشةٍ جديدةٍ من موادٍ جديدةٍ تماماً، لتكون حلّاً لهذه المشكلةِ. وهذه الموادُ ستكون مستدامةّ، لتقليلِ التّأثير السّلبي على البيئةِ، كما أنّها ستنقذُ الحياةَ الحيوانيّةَ، وذلك بفضلِ الابتكاراتِ التي تتيحُ إنشاءَ جلودٍ، وفروٍ، وحريرٍ صديقةٍ للبيئةِ، وبدون استخدامِ الحيواناتِ.
وهناك بالفعلِ عدّة تقنياتٍ ظهرت مؤخرّاً، مثل الجلدِ المزروعِ في المختبراتِ، والأليافِ المصنوعةِ من أعشابٍ بحريّةٍ يمكن نسجها معاً، والجلد النّباتي المصنوع من بكتين التّفاح، وهو منتجٌ ناتجٌ عن تصنيعِ التّفاحِ.
تطبيقات الموضة والتجارة الذكية
يقضي النّاسُ حاليّاً الكثيرَ من الوقتِ على هواتفهم الذّكيّة، وأجهزتهم اللّوحية، وقد استفادت صناعةُ الموضةِ من هذا الأمرِ، وبدأت العلاماتُ والشّركات في إنشاءِ تطبيقاتٓ ذكيّةٍ مختلفةٍ، لتسهيلِ التّواصل مع المستهلكين.
وهناك العديد من التٌطبيقات التي يُمكن للأشخاصِ من خلالها، شراءَ أو بيعَ الملابسِ، وهناك تطبيقات أخرى تشجّع على الاستدامةِ، حيث تقدِّم تصنيفاتٓ للعلاماتِ التّجاريّة بناءً على معاملتها للأفرادِ، والكوكبِ، والحيواناتِ، مما يسمحُ للمستهلكين باتّخاذ قراراتٍ أفضل.
تكنولوجيا البلوكتشين
تعدّ تكنولوجيا البلوكتشين تقنيةً ثوريّةً أخرى ساهمت في تغييرِ طريقةِ تشغيلِ الأعمالِ. فالبلوكتشين هو قاعدة بياناتِ دائمةٌ، ولا يمكن تغييرها، وهو ما يساعدُ في تسجيلِ المعاملاتِ، وتتبّعِ الأصولِ.
وفي صناعةِ الموضة، يمكن استخدام هذه التّقنية الحديثةِ لتعزيزِ الشّفافيّة، والكفاءةِ، في سلسلةِ التّوريد، وهو ما يجعلُ من السّهلِ على جميعِ الأطرافِ المعنيّةِ، أن تتبادلَ البياناتِ والوثائقِ بطريقةٰ آمنةٍ. كما أنّ تكنولوجيا البلوكتشين تمنحُ أيضاً لكلِّ منتجِ أزياءٍ، هويّةٍ رقميّةٍ فريدةٍ، مما يجعلِ من السّهل تتبّع كل عنصرٍ.
إنترنت الأشياء
إن مصطلحَ إنترنتِ الأشياءِ هو وسيلةٌ لوصفِ جميع المنتجاتِ التي تحتوي على تكنولوجيا مضمنةٍ، والتي تتيحُ لها الاستفادةَ من الاتّصال بشبكةٍ بالإنترنتِ.
والواقع أنّ هناك العديد من الاستخدامات لهذه التكنولوجيا في عالم الموضة، بدايةً من الملابسِ الرّياضيّةِ التي يُمكنها قياس معدّل ضرباتِ القلبِ، وصولاً بملابسِ الأطفالٓ التي يمكنها تحديد نمط نوم الرّضيع، وليست الصّحة فقط هي الشّيء الوحيد الذي يمكن تتبّعه من خلال هذه التّقنية، حيث يمكن لمنتجات إنترنت الأشياءِ أيضاً أن تقدّم اقتراحاتِ تصميمٍ بناءَ على ردودِ أفعالِ المستهلكِ.
المؤثرون الافتراضيون
في السّنوات الأخيرةِ، أصبح المؤثّرون على وسائلِ التّواصل الاجتماعيّ أكثر شهرةً من الكثيرِ من الرّياضييّن والفنّانين. واليوم، هناك الآلاف من المؤثّرين يعملون مع علاماتِ وشركاتِ الموضة، للإعلان عن الملابسِ والأزياءِ لمتابعيهم، حيث تُعتبر هذه تقنيةً تسويقيّةً فعّالةً جداً.
ولكن، مؤخّراً ظهرت فكرةُ المؤثّرين الافتراضييّن، وهم شخصياتٍ افتراضيّةٍ تماماً، تم إنشاؤها على وسائلِ التّواصل الاجتماعيّ، بغرضِ بيع الملابسِ أو منتجاتٍ أُخرى.
التعبئة والتغليف البيئي
لا شكّ أن التّسوقَ عبر الإنترنتِ هو جزءٌ كبيرٌ من صناعة الموضة، لذا فإنّ الكثيرَ من الخبراءِ يولون اهتماماً كبيراً بالتّعبئة والتّغليف، خاصةً أنّ أغلبَ وسائلِ التّعبئة والتّغليف للتّسوق عبر الإنترنتِ، مصنوعةٌ من البلاستيكِ، ويمكن التّخلص منها بعد استخدامٍ واحدٍ، مما لا يُعدُّ أمراً مثاليّاً للبيئةِ.
لذا، فإنّ التّعبئة والتّغليفَ البيئيّ من المُمكن أن يُساعدَ في حلِّ هذه المشكلةِ، وهناك بالفعلِ العديد من الشّركات التي تقوم بتعبئةِ وتغليفِ منتجاتها في أكياسٍ قابلةٍ للتّّحللِ، والتي يتم إنتاجها من مصادرَ متجددةً.
هل الابتكارات التكنولوجية مستقبل صناعة الموضة؟
يرى الخبراءُ أنّ العديدَ من الابتكاراتِ التّكنولوجية لديها القدرة على التّأثير في مستقبلِ الأزياءِ، ويأملون أن تساهمَ هذه التّقنياتُ في جعلِ صناعة الموضة صديقةً أكثر للبيئةِ. كما أنّهم يطالبون الشّركات والمستهلكين بأنُ يكونوا أكثر استدامةً.