مؤتمر الأطراف COP: جهود دولية لمواجهة تغيّر المناخ
استعراض تاريخي وأهداف مؤتمرات COP الرئيسة وتأثيرها على السياسة المناخية العالمية
تعدُّ مشكلةُ تغيّر المناخ أحد أهمّ المواضيع التي تستدعي التّدخل العالميّ وتعاون الدّول، ولعلّ أبرز الوسائل الّتي تجمع الدّول للتّعاون والتّنسيق في هذا المجال هو: مؤتمر الأطراف أو ما يعرفُ بـ COP، فما هو تاريخ هذا المؤتمر؟
أطلقت الأممّ المتحدّة مفهومَ مؤتمر الأطراف عام 1992 في مؤتمر ريو للتّنمية المستدامة، لأنّها المؤسّسة الرّئيسة الّتي تتعاملُ مع مشاكل البيئة وتغيّر المناخ، وتمّ عقدُ المؤتمر الأول للأطراف في برلين في الفترة من 28 مارس إلى 7 أبريل 1995، وجمع المؤتمر العديد من الدّول والمنظّمات الدّوليّة لبحث سبل التّخفيف من آثار تغيّر المناخ والعمل على تنسيقِ المواقفِ والتّعاون في هذا المجالِ.
ويعقدُ مؤتمر الأطراف بشكلٍ دوريٍّ كلّ عامين، وقد شهدت الأعوام الماضيةُ بحث مجموعةٍ من الموضوعاتِ المتعلّقةِ بتغيّر المناخ، منها: الإطار الزّمني للتكيّف، والإخطارات المبكّرة، والإنذار وتمويل تغيّر المناخ، وغيرها.
أهداف مؤتمر الأطراف COP
يهدفُ مؤتمرُ الأطراف إلى تنسيقِ جهود الدّول والمنظّمات لتخفيفِ آثار تغيّر المناخ والعملِ على تطويرِ سبل التكيّف مع هذا التّغير، كما يعملُ على تحديدِ مجالات التّعاون ووضع برامج وخطط تنفيذيّة لتطبيقِ القرارات والاتّفاقات الّتي تمّ التّوصل إليها في المؤتمراتِ السّابقةِ.
ويمكن تلخيصُ الأهداف الرّئيسية لمؤتمر الأطراف فيما يلي:
- تحديد الخطوات اللّازمة لتحقيق الأهداف المحدّدة في اتّفاقية الأممّ المتحدّة الإطاريّة بشأن تغيّر المناخ، ويتم تحديد الأهداف الرّئيسة للأطراف في كل مؤتمرٍ من خلال وضع خطط عملٍ ملموسةٍ تُحقّق هذه الأهداف.
- تحسين مراقبة وتقييم الجهود والتقدّم المُحرَز في تخفيف آثار تغير المناخ، وذلك من خلال إجراء تقييمٍ دوريٍ لما تمّ إنجازه ومتابعة التّقدم في تحقيق الأهداف المُحدّدة.
- العمل على تطوير التّعاون والتّكنولوجيا لتحقيق أهداف تخفيف تغير المناخ، وذلك من خلال تبادل الخبرات والمعرفة وتطوير التّقنيات الجديدة.
المؤتمرات الرئيسة للأطراف
عُقدت العديدُ من المؤتمرات الهامّة في إطار مؤتمر الأطراف، منها:
- مؤتمر كيوتو العالمي للمناخ عام 1997: وهو أحد أهمّ المؤتمرات التي تمّ عقدها في إطار مؤتمر الأطراف، حيث تمّ التّوصل إلى اتفاقية كيوتو لتقليل انبعاثات الغازات الدّفيئة الّتي دخلت حيّز التّنفيذ في عام 2005.
- مؤتمر لاهاي، 2000: شهدت هذه النّسخة من المؤتمر صدمةً كبيرةً بعد فشل الدّول في الّتوصل إلى اتفاق جديد حول تقليل الانبعاثات، مما أظهرَ الحاجةَ الماسّة لتعزيز جهود مكافحةِ تغير المناخِ.
- مؤتمر كوبنهاغن عام 2009: وهو مؤتمرٌ فشل في التّوصل إلى اتّفاقٍ دوليٍّ جديدٍ لتخفيفِ آثار تغيّر المناخ، وتمّ توصيف هذا المؤتمرِ بأنّه أحد أكبر الإخفاقات في تاريخ مؤتمرات الأطراف.
-
مؤتمر بوينس آيرس، 2004: في هذا المؤتمر، تم تطوير بروتوكول كيوتو المُعدّل (MP-Kyoto) كبديلٍ لاتفاقّية كيوتو الأصليّة، مما فتح المجال لنهجٍ أكثر شموليةً وتعاوناً دوليّاً.
-
مؤتمر باريس، 2015: يُعدّ هذا المؤتمر نقطةً محوريّةً، حيث أسفر عن اتفّاق باريس، الّذي يلزم الدّول الأعضاء في UNFCCC بالعمل معاً للحدّ من ارتّفاع درجاتِ الحرارةِ العاليةِ.
- مؤتمر دورها عام 2016: وهو المؤتمرُ الذي تمّ فيه التوصّل إلى اتّفاق باريس لتخفيف تغيّر المناخ، والذي يهدفُ إلى العمل على تقليلِ انبعاثات الغازات الدّفيئة لتحقيقِ الهدف الرّئيس للاتّفاقية الإطاريّة للأمم المتّحدة بشأن تغيّر المناخ.
منذ عام 1995، انعقدَ مؤتمر COP السّنويّ لأطراف UNFCCC، حيث جمعت هذه الفعاليّات مُمثّلين من الدّول الأعضاء لمناقشةِ التّحدياتِ العالميّة المُتعلّقة بتغير المناخ ولتطوير حلولٍ واستراتيجيّاتٍ للتّخفيف من آثاره على البيئة والإنسانيّة.
أحدث مؤتمرات الأطراف COP28، في دبي
COP28 أحد أهمّ الأحداث التي تُنظّمها الأممّ المُتّحدة حول العالم، يُعقد الآن في عام 2023، ويهدفُ إلى تعزيزِ التّفاهم الدّوليّ والتّعاون من أجل مكافحة التّغيرات المناخيّة والحفاظ على البيئة العالميّة. ومن المقرّر أن يكونَ COP28 المحور الرّئيس لمناقشاتٍ وتفاوضاتٍ بين الحكومات والمنظّمات الدّوليّة والمدنيّة، وستتطرّقُ المناقشات إلى مجموعةٍ واسعةٍ من الموضوعات المُتعلّقة بالتغيّرات المناخيّة، بما في ذلك التّحديات العالميّة لتحقيق الاستدامة والمساواة في جميع أنحاء العالم، وكذلك التّأثيرات المُتزايدة لتغيّر المناخ على الصّحة والبيئة والاقتصاد.
يُعدّ COP28 فرصةً للدّول لتقديم تعهداتها الملزمة لتقليلِ الانبعاثاتِ الكربونيّة ولتعزيزِ الطّاقة المُتجدّدة، ومن المتوقّع أن يتحوّل COP28 إلى فرصةٍ حاسمةٍ لاتّخاذ إجراءاتٍ جادةٍ لمكافحة التغيّرات المناخيّة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون COP28 مناسبةً للمساهمةِ في تعزيز تفاهمٍ بين الدّول حول المسائلِ البيئيّة والمناخيّة. وفي هذه الأحداث، سيتواجدُ العديد من الجهاتِ والمُنظمات، منها المُنظمات الدّولية الحكوميّة والأهليّة، والمؤسّسات العالميّة، والشّركات الخاصّة والأكاديميّين والباحثين وغيرهم، وسوف يشهدُ الحدثُ مجموعةً كبيرةً من الابتكارات والحلولِ التّقنيّة لمكافحةِ التّغيرات المناخيّة.