الرئيسية الريادة من المبادئ إلى الأرباح: كيف تصنع القيم هوية شركتك الحقيقية؟

من المبادئ إلى الأرباح: كيف تصنع القيم هوية شركتك الحقيقية؟

دروس قياديّة لدمج الهدف والقيم في استراتيجيات العمل، ممّا يضمن تحقيق النّموّ المستدام والتّأثير الدّائم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

عندما قرأت لأوّل مرّةٍ أحد الأعمال الكلاسيكيّة في الفكر الدّينيّ، لم أكن أتوقّع أن يكون له تأثيرٌ عميقٌ على رؤيتي لعالم الأعمالفي تلك الفترة، كُنتُ أتأرجح بين كتب الفلسفة والاقتصاد، باحثاً عن تطوّرٍ شخصيٍّ ومهنيٍّ متوازنٍ. ولكن، ما شدّ انتباهي حقّاً كان مقطعاً بسيطاً ولكنّه: "كلّ النّعم الّتي نمتلكها في هذه الحياة هي أماناتٌ وُضعت بين أيدينا، بشرط أن تستخدم لصالح الآخرين".

توقّفت عند هذه العبارة طويلاً، غير قادرٍ على تجاوزها، خاصّةً أنّني كُنتُ أعيش تجربتين مفصليّتين: الأبوّة وإدارة شركةٍ. كان لهذه الكلمات صدى خاصٌّ؛ لأنّها تلامس جوهر عملنا: إدارة الثّقة والموارد. فالأنظمة الماليّة، مثل الصّناديق الائتمانيّة، تقوم أساساً على مبدأ أنّ الأصول تدار بمسؤوليّةٍ لصالح الآخرين، وليس لمصلحة القائم عليها وحده.

لقد أكّدت هذه الكلمات على حقيقةٍ وإطارٍ أخلاقيٍّ أردتُ أن أدمجه داخل شركتنا المتخصّصة في برمجيّات إدارة الثّقة، فأصبحت هذه المبادئ حجر الأساس لثقافتنا الدّاخليّة، ومصدر إلهامٍ لهدف شركتنا الرّئيسيّ: "إحداث فرقٍ كبيرٍ في حياة الآخرين"، وعندما أنظر إلى الماضي، أدرك أنّ وضوح رؤيتنا كان العامل المحوّل الرّئيسيّ وراء النّموّ الهائل الّذي حقّقناه.

تحديد الهدف والقيم

يحمل الهدف قوّةً جبّارةً، ولكنّه بلا معنى دون وجود توافقٍ داخليٍّ. لذلك، أصبحت قيمنا الأساسيّة عنصراً لا غنى عنه، فهي المقاييس الّتي نعتمد عليها في اختيار موظّفينا، فقد اخترنا قيمنا الّتي تتمثّل في: التّفاني في الخدمة، والتّشجيع، والابتكار.

لا يمكن تزيّف الصّدق أو الإيمان عندما يتعلّق الأمر بالتّوافق، إذ سيدرك النّاس بسرعةٍ إذا كان الحديث مجرّد كلامٍ على الورق. لذلك، أصبح من الضّروريّ أن ننقش الهدف والقيم في جوهر مؤسّستنا، وليس كما نردّد شعاراً فقط، بل كمبادئ نعيشها يوميّاً.

ومع ذلك، فإنّ تجسيد هذا الهدف يستدعي الاستمرار والاتّساق. فإذا كان هناك موظّفٌ محتملٌ أو شريكٌ أو حتّى عميلٌ لا يتماثل مع قيمنا، يجب أن يكون ذلك واضحاً على جميع مستويات المنظّمة. ولحفاظنا على ثقافتنا، اضطرّرنا أحياناً إلى اتّخاذ قراراتٍ صعبةٍ، ولكنّ تلك القرارات قد عزّزت هويّتنا، وساهمت في تقوية فريقنا.

الهدف كمحفّزٍ للنّموّ

منذ عشر سنواتٍ، اتّخذنا قراراً جريئاً بإعادة بناء منصّتنا من الصّفر لتقديم حلٍّ مبتكرٍ حقّاً لعملائنا، وقد تطلّب ذلك منّا تضحياتٍ كبيرةًلم تكن عمليّة إعادة تطوير البرمجيّات الحيويّة للمهامّ أمراً سهلاً، ولكنّنا كنّا مؤمنين أنّه ضروريٌّ لتحقيق أشياء عظيمةٍ لعملائنا، وليس فقط للحاضر، بل وللمستقبل على مدى عشر سنواتٍ. بدون هدفٍ واضحٍ، كان من السّهل اللّجوء إلى الحلول السّريعة أو التّركيز على المكاسب الفوريّة. ولكن، هدفنا ما منحنا العزيمة لمواجهة التّحدّيات ولتقديم الخير لعملائنا على المدى الطّويل.

لقد كان قرارنا ببناء أفضل تكنولوجيا في المجال الّذي نخدمه، تحدٍّ شاقٍّ في البداية، إذ عملنا ساعاتٍ طويلةً ليلاً ونهاراً، حتّى في عطلات نهاية الأسبوع، وكان كلّ ذلك من أجل تقديم منتجٍ يليق بعملائنا. ومع مرور الوقت، أثمر هذا الجهد عن نموٍّ هائلٍ لم يكن متوقّعاً.

دروسٌ في القيادة

إذا كان هناك درسٌ واحدٌ استخلصته من تجربتي، فهو أنّ تحديد الهدف والقيم ليس مجرّد شيءٍ لطيفٍ، بل هو أمرٌ ضروريٌّ وأساسيٌّ. وإليكم خمس نقاطٍ رئيسيّةٍ تعلّمتها:

  1. يجب أن يكون الهدف عمليّاً وقابلاً للتّنفيذ: فبيان الهدف ليس مجرّد شعارٍ تسويقيٍّ يعرض للعامّ، بل هو إطارٌ يوجّه عمليّة اتّخاذ القرارات، ويلهم جميع جوانب عملك.
  2. القيم هي حدود ثقافتك التّنظيميّة: فهي الّتي تحدّد كيف تحقّق الهدف، وتضمن التّوافق داخل المنظّمة. لذلك، يجب أن تكون القيم الأساس في عمليّات التّوظيف والتّدريب، وحتّى في اتّخاذ قرار الفصل إذا دعت الضّرورة.
  3. الاتّساق هو المفتاح: يجب أن يكون الهدف والقيم حاضرين في كلّ تفاصيل المنظّمة، من استراتيجيّاتها وعمليّاتها إلى كيفيّة تعاملها مع العملاء والموظّفين. 
  4. كُن قدوةً يحتذى بها: القائد هو الّذي يرسّم الإطار العامّ، وإذا لم تظهر الهدف والقيم في سلوكك اليوميّ، فلن يتّبعك الآخرون.
  5. استعدّ لمواجهة المقاومة: من الطّبيعيّ ألّا يقبل الجميع الأفكار الجديدة على الفور. لذلك، أركّز على تحويل الأفراد المستقلّين إلى مؤيّدين، واترك الّذين لا يستطيعون التّوافق مع قيمنا أن ينسحبوا بأنفسهم، إذ إنّ البقاء دون توافقٍ لا يمكن أن يكون خياراً.

العائد على المدى الطّويل

قد يتساءل بعض النّاس إذا كان هذا المستوى من الإصرار والتّخطيط يستحقّ جميع هذا الجهد، وإجابتي القاطعة هي: نعم بلا تردّدٍفإنّ الهدف والقيم لا يدفعان النّموّ فقط، بل يحوّلان الرّحلة نفسها إلى تجربةٍ مجزيةٍ وملهمةٍ، فهما يضمنان أنّ النّجاح لن يقاس بالأرقام والإحصائيّات فقط، بل بالتّأثير الإيجابيّ الّذي نحقّقه على عملائنا وفريقنا ومجتمعاتنا.

ببساطةٍ، الهدف هو ما يعزّز التّفاعل والمشاركة، فعندما يدرك النّاس سبب استيقاظهم كلّ صباحٍ، ويشعرون بالحماس لما يسعون إليه، يصبحون أكثر فضولاً وتعاوناً وابتكاراً، ويصبحون ليس مجرّد موظّفين، بل سفراء لثقافة الشّركة.

عندما أنظر إلى المستقبل، أكون واثقاً أنّ التزامنا الثّابت بالهدف والقيم سيظلّ ما يميّزنا عن غيرنا، فهو السّرّ الّذي مكّننا من التّوسّع، دون أن نفقد هويّتنا، كما أنّ ما يجعل عملاءنا يثقون بنا، وفريقنا يشعر بالحماس والتّفاعل الدّائم هو السّبب الّذي يجعلني أستيقظ كلّ صباحٍ متحمّساً لاستكشاف ما يحمله المستقبل من تحدّياتٍ وفرصٍ جديدةٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: