طرق فعاّلة لتعزيز علاقتك مع مديرك وتحقيق الأمان الوظيفيّ
بيئة العمل الصّحيّة تبدأ من علاقتك بمديرك. وتحسينها لم يعد خياراً، بل ضرورة لتعزيز أدائك وزيادة فرصك في التّرقية والتّطور المهنيّ
تظهر الإحصائيّات أنّ 50% من الموظّفين الّذين قرّروا ترك وظائفهم يرجعون السّبب الرّئيسيّ إلى العلاقة السّلبيّة مع المدير؛ وذلك وفقاً لتقريرٍ موثّقٍ نشرته وول ستريت جورنال. وهذه حقيقةٌ مؤسفةٌ، إذ تتطابق النّسب تقريباً في العديد من البلدان، بما فيها العالم العربيّ، وربّما تكون أعلى. [4]
لذلك، يجب أن تكون عمليّة ترك انطباعٍ جيّدٍ لدى رئيسك في العمل على رأس أولويّاتك في العلاقات المهنيّة. هذه العلاقة تستحقّ الجهد المستمرّ والجدّيّ، ليس فقط للحفاظ على وظيفتك أو تحقيق تطوّرٍ مهنيٍّ سريعٍ، بل أيضاً لتحسين صحّتك النّفسيّة والجسديّة، والحدّ من التّوتّر الّذي يمكن تفاديه عبر استراتيجيّاتٍ بسيطةٍ.
لماذا يجب أن تهتمّ بترك انطباعٍ جيّدٍ لدى رئيسك في العمل؟
يعتقد الكثيرون أنّ علاقتهم مع المدير المباشر ليست ضروريّةً طالما يؤدّون المطلوب منهم بكفاءةٍ، وهذه نظرةٌ خاطئةٌ تماماً. فالأمر في الواقع ليس بهذه البساطة دائماً. قد يكون أداؤك ممتازاً، ولكنّ هذا وحده لا يكفي لضمان النّجاح المهنيّ. يجب أن تكون علاقتك مع رئيسك محور اهتمامٍ إضافيٍّ. ففي نهاية الأمر، تحتاج إلى رئيسك أكثر ممّا يحتاج هو إليك. وهذه العلاقة ليست فقط لتسهيل حياتك اليوميّة في العمل، ولكنّها تفتح لك أبواباً عديدةً لتحقيق فوائد هامّةٍ، منها: [1]
نجاحٌ أسرع في حياتك المهنيّة
تؤكّد ليندا هيل، أستاذةٌ في كلّيّة هارفارد للأعمال، أنّ العلاقة القويّة والإيجابيّة مع مديرك تساعدك على الانسجام مع المنظّمة بأكملها وفهم الأولويّات والقيود أيضاً. لا يقتصر هذا الانسجام على تحسين يومك العمليّ فحسب، بل يمتدّ ليشمل سهولة الحصول على الموارد الّتي تحتاجها لإنجاز مهامّك بفاعليّةٍ. فالعلاقة القويّة تجعل التّواصل مع المدير أكثر سلاسةً، وبالتّالي تصبح قادراً على إنجاز أعمالك بكفاءةٍ يلاحظها الجميع. هذا يؤدّي بطبيعة الحال إلى تطوّرٍ مهنيٍّ سريعٍ قد يسبق زملاءك الآخرين.
2. الأمان الوظيفيّ
يمكن أن يؤثّر الاحتكاك المستمرّ بينك وبين المدير بشكلٍ كبيرٍ على أمانك الوظيفيّ. فالمدير هو الشّخص المخوّل بتحديد أحقّيتك في زيادة الرّاتب أو المكافآت الإضافيّة، وكذلك التّرقيات. كما أنّ أصحاب العمل يلجأون عادةً إلى المدير المباشر لتقييم الموظّفين عند اتّخاذ قراراتٍ حاسمةٍ، سواءً في التّرقيات أو التّسريح. لذا، فإنّ بناء علاقةٍ جيّدةٍ مع المدير المباشر يعتبر أمراً ضروريّاً للحفاظ على استقرارك الماليّ والمهنيّ.
3. الرّفاهية النّفسيّة
المدير المباشر هو الشّخص الّذي تتفاعل معه باستمرارٍ أكثر من غيره من الزّملاء. فإذا كانت العلاقة متوتّرةً بينكما، حتّى وإن كانت التّوتّرات طفيفةً، فهذا يؤثّر على رفاهيّتك النّفسيّة بشكلٍ كبيرٍ. أيّ توتّرٍ بينك وبين مديرك قد يتحوّل إلى شعورٍ بالتّوتّر أو القلق المستمرّ، ممّا يؤثّر على إنتاجيّتك ورغبتك في العمل. وهذا يؤدّي بطبيعة الحال إلى تدهورٍ سريعٍ في مستوى الأداء المهنيّ، والّذي قد ينتهي بتأثيرٍ سلبيٍّ على حياتك المهنيّة والماديّة.
طرقٌ مضمونةٌ لتحسين علاقتك برئيسك في العمل
مهما كانت شخصيّة مديرك صعبةً أو متطلّبةً، يمكنك دائماً تحسين علاقتك معه باتّباع بعض الاستراتيجيّات الفعّالة. حتّى إن كنت تعتقد أنّ مديرك يكرهك أو لا يهتمّ بأدائك بشكلٍ خاصٍّ، فهناك العديد من الطّرق الّتي تتيح لك تغيير هذا الوضع وإعادة بناء الثّقة والتّقدير بينكما:
العمل بكفاءةٍ كما لو كنت تملك الشّركة
العمل بكفاءةٍ لا يعني فقط إنجاز مهامّك بسرعةٍ، بل يعني التّفكير في كيفيّة تحسين العمليّات وتقليل الوقت والجهد المضاع. عندما تنجز عملك بفاعليّةٍ وتفوّقٍ، فإنّك تمنح مديرك انطباعاً بأنّك شخصٌ يمكن الاعتماد عليه في كلّ وقتٍ، حتّى في الأوقات الحرجة. ولكن يجب الانتباه إلى أنّ الكفاءة لا تعني السّرعة المفرطة الّتي تؤدّي إلى أخطاءٍ. بل يفضّل أن تركّز على أتمتة المهامّ المتكرّرة، وتنظيم وقتك بذكاءٍ، ومحاولة التّفكير في طرقٍ يمكنك من خلالها تحسين عمليّات الشّركة بشكلٍ شاملٍ. إذا كانت التزاماتك الشّخصيّة تسمح، يمكنك أيضاً العمل لساعاتٍ إضافيّةٍ عند الحاجة، مع الاهتمام الدّائم بتحقيق أهداف الشّركة على المديين القصير والطّويل. [1]
التّواصل المفتوح والاستجابة السّريعة
تعدّ القدرة على التّواصل المفتوح مع مديرك من الأمور الحاسمة في بناء الثّقة المتبادلة. احرص دائماً على الاستجابة السّريعة لطلبات مديرك، خاصّةً في ساعات العمل. إذا كنت تعمل عن بعدٍ، أو في موقعٍ آخر غير المدير، فإنّ سرعة الرّدّ والتّجاوب الفوريّ تظهر له أنّك منخرطٌ تماماً في عملك، وأنّك لا تحتاج إلى مراقبةٍ مستمرّةٍ لتأدية مهامّك. هذا يعزّز من ثقة المدير بك، ويزيد من الاعتماد عليك في المهامّ الحيويّة.
الالتزام بسياسات الشّركة
من الأمور المهمّة الّتي يجب أن تنتبه إليها هي سياسات الشّركة. لا تنتظر حتّى ترتكب خطأً لتتعلّم ما هو المقبول وما هو غير ذلك. بدلاً من ذلك، احرص على قراءة وفهم سياسات الشّركة فور بدء عملك. لكلّ شركةٍ طريقتها الفريدة في التّعامل مع الأمور اليوميّة مثل زيّ العمل، أوقات الرّاحة، أو حتّى كيفيّة التّعامل مع مواقع التّواصل الاجتماعيّ. الاهتمام بهذه التّفاصيل يظهر احترامك للشّركة والتزامك بقوانينها منذ اليوم الأوّل.
الالتزام التّامّ بالمواعيد
الالتزام بالمواعيد هو أحد العناصر الأساسيّة الّتي تعكس احترافيّتك. هذا يشمل مواعيد الحضور والانصراف، وتسليم المشاريع في الوقت المحدّد، وحضور الاجتماعات في مواعيدها. حتّى لو كان مديرك يتساهل في الالتزام بالمواعيد، فإنّ حرصك على احترام المواعيد يجعلك تبدو أكثر احترافيّةً وتنظيماً. إذا توقّعت أيّ تأخيرٍ أو مشكلةٍ في الوفاء بالموعد المحدّد، احرص على إبلاغ مديرك مسبقاً وقدّم له حلولاً واقعيّةً لتجنّب أيّ تأخيرٍ.
تقديم الأفكار المتنوّعة والاستباقيّة
يحبّ المديرون الموظّفين المبتكرين. حاول دائماً أن تكون استباقيّاً في تقديم أفكارٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ يمكن أن تساعد الشّركة على النّموّ أو تحسين العمليّات. لا تنتظر حتّى يطلب منك المدير القيام بمهمّةٍ معيّنةٍ. بدلاً من ذلك، ابحث عن فرصٍ جديدةٍ وقدّم أفكاراً يمكن تنفيذها. هذا يعزّز من مكانتك، ويظهر أنّك تهتمّ بنجاح الشّركة بقدر اهتمامك بنجاحك الشّخصيّ. [2]
صقل مهارة العمل الجماعيّ
التّعاون والعمل الجماعيّ من المهارات الأساسيّة الّتي تقدّر في أيّ بيئة عملٍ. حاول دائماً أن تظهر قدرتك على التّعاون مع زملائك ومساعدة الآخرين عند الحاجة. لا يعني هذا التّدخّل في شؤونهم أو محاولة الظّهور بشكلٍ متسلّطٍ، بل يعني تقديم المساعدة بحدودٍ ودون إملاء عليهم كيفيّة أداء مهامّهم. كما يمكنك مشاركة المعلومات والمعرفة الخاصّة بك عندما تواجه زملاءك تحدّياتٍ معيّنةٍ.
اغتنام كلّ فرصةٍ لتطوير مهاراتك الصّلبة
احرص دائماً على تطوير مهاراتك باستمرارٍ، سواءً عبر الدّورات التّدريبيّة، أو الدّورات الخارجيّة، أو الدّورات الّتي تقدّمها الشّركة. كما يُفضّل سؤال مديرك كلّ فترةٍ عن طرقٍ متنوّعةٍ لتحسين خبراتك المعرفيّة. فهذا يظهر لمديرك مدى حماسك ورغبتك في التّطوّر السّريع، وأنّك لم تبق في منطقة الرّاحة بانتظار الرّاتب الشّهريّ فقط. يمكنك أيضاً تعلّم الكثير من زملائك القدامى أو الجدد، فلا تتكبّر على تلقّي المعرفة من أيّ شخصٍ. فكلّ معرفةٍ جديدةٍ تتعلّمها سوف تضيف إليك في النّهاية، سواءٌ في وظيفتك الحاليّة، أو في أيّ مجالٍ مستقبليٍّ.
طلب ملاحظاتٍ منتظمةٍ من مديرك
قد يشعر البعض بالانزعاج عند تلقّي ملاحظاتٍ من المدير بشأن أدائهم، وحتّى إن لم يظهروا هذا الانزعاج بشكلٍ مباشرٍ، إلّا أنّه قد يكون واضحاً في تصرّفاتهم. ولكنّ المفتاح هنا هو أن تكون منفتحاً على تلقّي الملاحظات بمختلف أنواعها، وتعتبرها فرصةً لتطوير نفسك، وليس كأنّها انتقاداتٌ شخصيّةٌ موجّهةٌ لك. من الأفضل أن تبادر بطلب ملاحظاتٍ دوريّةٍ حول أدائك، وتتعامل معها بجدّيّةٍ، لأنّ هذا سيساعدك على تحسين نقاط ضعفك. إضافةً إلى ذلك، من المفيد أن تطلب من مديرك تقييم نقاط قوّتك وضعفك بشكلٍ دوريٍّ، وأن تظهر له أنّك تحترم رأيه، وتقدّر توجيهاته بهدف العمل على تطوير نفسك باستمرارٍ.
تحمّل المسؤوليّة
من الأخطاء الشّائعة الّتي يقع فيها البعض هو الاعتقاد بأنّه لتحافظ على علاقةٍ جيّدةٍ مع مديرك، يجب ألّا ترتكب أيّ أخطاءٍ أو أن تبرّرها باستمرارٍ. في الحقيقة، تحمّل المسؤوليّة عن أخطائك هو ما يعزّز ثقة مديرك بك. إذا كنت ملتزماً بالاعتراف بأخطائك والعمل على تصحيحها، سواءً كانت ناجمةً عن تقصيرٍ منك أو عن ظروفٍ خارجةٍ عن إرادتك، فإنّ ذلك يترك انطباعاً إيجابيّاً لدى مديرك. كما ينبغي أن تكون واقعيّاً عند تحديد مواعيد تسليم المهامّ؛ فلا تتردّد في توضيح إذا ما كان الموعد المحدّد ضيّقاً بالنّسبة لك، مع الالتزام ببذل كلّ ما في وسعك للوفاء بالموعد. في حال قبلت بمهمّةٍ معيّنةٍ ضمن إطارٍ زمنيٍّ محدّدٍ، عليك أن تبذل جهدك لتسليمها في الوقت المتّفق عليه، دون أن تلجأ للتّبرير لاحقاً. [5]
احترام أسلوب المدير في التّواصل
لكلّ مديرٍ أسلوبٌ خاصٌّ في التّواصل. قد يفضّل بعض المديرين النّقاشات الشّخصيّة، بينما يميل آخرون إلى استخدام البريد الإلكترونيّ أو الرّسائل المكتوبة. يجب عليك فهم هذا الأسلوب واحترامه. إذا كنت تعلم أنّ مديرك يفضّل وسيلةً معيّنةً للتّواصل، استخدمها دون محاولة فرض أسلوبك الشّخصيّ. هذا يظهر احترامك لتفضيلاته، ويعزّز من الثّقة بينكما.
التزامك بلغة الجسد الجيّدة
لا يتوقّف التّواصل الفعّال مع مديرك فقط على الكلمات الّتي تقولها، بل يتعدّاها إلى لغة الجسد. حاول دائماً إظهار الاحترام لمديرك من خلال الاهتمام بما يقوله في الاجتماعات، والحفاظ على تفاعلٍ إيجابيٍّ معه. تلعب لغة الجسد دوراً كبيراً في ترك انطباعٍ جيّدٍ، فلا تتجاهل هذه النّقطة. حتّى إذا كنت لا توافق على بعض الملاحظات، احتفظ بتعابير وديّةٍ وتفهّم موقفه. [6]
التّحديثات الدّوريّة حول تقدّم العمل
أحياناً قد تشعر أنّ مديرك يطلب تحديثاتٍ متكرّرةً عن التّقدّم الّذي تحقّقه في العمل، وهذا قد يكون علامةً على عدم ثقته بك بشكلٍ كاملٍ. بدلاً من الانتظار حتّى يطلب المدير التّحديثات، بادر بإطلاعه على المستجدّات بشكلٍ دوريٍّ. هذه المبادرة تظهر له أنّك تسيطر على المهامّ، وتحقّق تقدّماً ملموساً دون الحاجة إلى مراقبةٍ دائمةٍ.
تجنّب التّذمّر المستمرّ
من الجيّد أن تعرض مشكلات العمل على مديرك في الوقت المناسب، ولكن من الأفضل أن تقدّم حلولاً لهذه المشكلات عند عرضها. يفضّل المدراء الموظّفين الّذين يظهرون القدرة على حلّ المشكلات، لا عرضها فحسب. لا تكن دائم التّذمّر، دون أن تقدّم أيّ حلولٍ.
العلاقات الإيجابيّة مع الزّملاء
تحسين علاقتك مع مديرك لا يعني أن تهمل علاقتك بزملائك. بل بالعكس، بناء علاقاتٍ قويّةٍ مع زملائك يظهر لمديرك أنّك شخصٌ قادرٌ على التّعاون والعمل الجماعيّ. هذا يضيف إليك نقاطاً إيجابيّةً في عين المدير، خصوصاً إذا قدّمت المساعدة لزملائك في أوقات الضّغوط.
هل يجب إظهار الاهتمام الشّخصيّ بالمدير؟
إظهار الاهتمام الشّخصيّ بالمدير يعتمد على طبيعة المدير والبيئة الّتي تعمل فيها. إذا كان المدير ودوداً، يمكنك تجربة إظهار الاهتمام الشّخصيّ من خلال التّهاني في المناسبات الخاصّة أو تقديم هديّةٍ صغيرةٍ. ولكن لا تجعل هذا يحلّ محلّ أدائك المهنيّ. فالنّجاح الحقيقيّ يعتمد على مهاراتك المهنيّة، وليس فقط على علاقتك الشّخصيّة بالمدير.
إنّ بناء علاقةٍ إيجابيّةٍ مع مديرك لا يتطلّب أسلوباً معقّداً. يمكنك البدء بخطواتٍ بسيطةٍ، مثل تحسين كفاءتك في العمل، التّواصل بفاعليّةٍ، والتّعاون مع زملائك. هذه الجهود ستنعكس إيجابيّاً على حياتك المهنيّة، وتساعدك على تحقيق نجاحٍ سريعٍ ومستدامٍ.