جامعات الإمارات العربية المتحدّة تدعم مناخ ريادة الأعمال
عمداء جامعة زايد وكلية لندن للأعمال في دبي يناقشون تعزيز روح المبادرة والريادة بين الطلاب
في ظلّ تواجدِ الجامعات الدولية بالإمارات العربية المتحدة، تحرصُ المؤسّساتُ الأكاديميّةُ على تطويرِ برامجها لتعزيزِ ثقافةِ ريادةِ الأعمالِ بين طلابها وخريجيها. وتظهزُ مؤسّساتٌ بارزةٌ كالمعهد الهنديّ للتكنولوجيا (IIT) المتوقع افتتاحه في 2024، وكلية لندن للأعمال (LBS) الّتي افتتحت عام 2007 في مركزِ دبي المالي العالمي (DIFC)، في تنافسها لجذبِ المواهبِ، وذلك إلى جانبِ مؤسّساتٍ محلّيّةٍ كالجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة زايد. وتتجاوزُ هذه المؤسّساتُ مهمّةَ تيسيرِ الوصولِ إلى التّعليمِ العاليّ ذي الجودةِ، لتتبنّى دوراً محوريّاً في تشجيعِ روحِ المبادرةِ بين طلابها وخريجيها.
رعاية روح ريادة الأعمال
في حديثهِ لموقعِ Inc. Arabia، قالَ البروفيسورُ بول هوبكنسون، عميدُ كلية الدراسات المتعددة التخصصات بجامعة زايدٍ، إنّ "الجامعاتِ في منطقةِ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقومُ بدورٍ حيويٍّ في تنميةِ الجيلِ القادمِ من قادةِ ريادة الأعمال. في جامعة زايد، تمّ تصميمُ برامجنا التّعليميّةِ لتعزيزِ الابتكارِ وروحِ المبادرةِ ليس فقط من خلال المحتوى الأكاديميّ، بل أيضاً عبر الأنديةِ والجمعيّاتِ والأنشطةِ اللّامنهجيّةِ.
ومع تركيزِ مؤسّساتِ التّعليمِ العاليّ الدّوليّةِ على ريادةِ الأعمالِ منذُ فترةٍ طويلةٍ، فإنّ الاتّجاهَ الحديثَ يتمحورُ حول دمجِ الممارسةِ بالنّظريّةِ. تجمعُ LBS حاليّاً بين التّعليمِ التّقليديّ في الفصولِ الدّراسيّةِ والأنشطةِ التّكميليّةِ للمناهجِ الدّراسيّةِ لتقديمِ تجربةٍ شاملةٍ في مجالِ ريادةِ الأعمالِ للطّلابِ.
وفي تقريرٍ صادرٍ عن الجامعة الأمريكية في الشارقة ومرصد الشركات العائلية في العالمِ العربيّ (FBAO) لعام 2019م، قورنَ بين طلابِ الإمارات ونظرائهم من الدّولِ العربيّةِ وأنحاءِ العالمِ. أشارَ التّقريرُ إلى أهمّيّةِ تنميةِ عقليّةِ ريادةِ الأعمالِ لدى الشّبابِ لتطويرِ اقتصادٍ مبنيٍّ على المعرفةِ، خاصّةً مع نسبةِ الشّبابِ العاليةِ في الإماراتِ. كما وجدَ التّقريرُ أنّ الإقبالَ على ريادةِ الأعمال بين الطّلابِ الإماراتيّين كان مرتفعاً مقارنةً بأقرانهم العالميّين، وتزايدت نواياهم نحو ريادةِ الأعمالِ في السّنواتِ الخمسِ التّاليةِ للتّخرجِ.
رغمَ الدّورِ الرّئيسيّ للأنظمةِ الجامعيّةِ في تشكيلِ المواقفِ الرّياديّةِ، إلّا أنّ النّظامَ الجامعيّ في الإمارات لم يكن قد طوّر بعدُ مساراتٍ لدعمِ وتطويرِ ريادةِ الأعمالِ وقتَ نشرِ التّقريرِ. وأوصت الدّراسةُ بضرورةِ التّركيزِ المكثّفِ على ريادةِ الأعمالِ ضمن المرحلةِ الأكاديميّةِ للطّالبِ، لتعزيزِ فطنته الرّياديّةِ وفتحِ المجالِ أمامَ مبادراته بعد التّخرجِ، وتحويلِ الجامعاتِ إلى نماذجِ ريادةِ الأعمالِ القائمةِ على المعرفةِ، لإعادةِ تشكيلِ ثقافةِ المؤسّساتِ التّعليميّةِ وترسيخِ عقليّةِ ريادةِ الأعمالِ.
شاهد أيضاً: 5 خطوات ضرورية لكل ريادي يسعى لتحقيق الاستدامة في الإمارات
تعزيز النظام البيئي لريادة الأعمال في الجامعات
عند مقارنةِ النظام البيئي لريادةِ الأعمالِ في منطقةِ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنّظمِ الأكثرِ تطوّراً في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والهند، يلفتُ عميدُ كليةِ لندن للأعمال في دبي، فرنسوا أورتالو ماجنيه، النّظرَ إلى أنّ المنطقةَ تتقدّم بسرعةٍ، ويشيرُ إلى أنّ رحلةَ رائدِ الأعمالِ تبدأ من الفكرةِ، وتمرّ بمراحلِ المشاركةِ في المسابقاتِ، وتأمينِ التّمويلِ، وتوسيعِ نطاقِ الشركات الناشئة.
ويضيفُ أنّ النظام البيئي المتينَ لكليات إدارة الأعمال، مثل LBS، يمنحُ الطّلابَ رؤيةً عالميّةً وتعرّضاً دوليّاً، ممّا يضمنُ استعدادهم لسوقِ ريادة الأعمال. ويوضّحُ أنّ LBS تستفيدُ من شبكتها العالميّةِ من الخريجين وأعضاءِ هيئةِ التّدريسِ والمرشدين، لتوفير بيئةِ ريادةِ الأعمالِ عالميّةِ المستوى لطلابها.
تقيمُ LBS، وكذلك الجامعاتُ الأخرى، مسابقاتٍ وتحدّياتٍ للشركات الناشئة، وتقدّم جوائزَ نقديّةً ومزايا إضافيّةً، بما في ذلك فرص التمويل الجماعيّ عبر منصّةٍ رقميّةٍ تدعمها شبكةُ خريجي LBS. وتعدّ هذه المنصّات حاضناتٍ فعّالةً لمشاريعَ روّاد الأعمال الطّموحين. ويذكرُ رمزي قنواتي، الرّئيسُ المشاركُ لنادي LBS لريادةِ الأعمالِ والمديرُ التّنفيذيّ لشركةِ femtech النّاشئةِ Maternally، أنّ التّزامَ LBS يتجلّى في تعيينِ عميدٍ تنفيذيٍّ لحرمها الجامعيّ في دبي، ما يعكّسُ أهمّيةَ ريادةِ الأعمالِ المتزايدةِ في المنطقةِ.
يوضّحُ البروفيسور هوبكنسون كيف توفّرُ جامعة زايد، بفروعها في دبي وأبو ظبي، فرصاً للطّلابِ لتطويرِ عقليّةِ ريادة الأعمال من خلالِ مبادراتٍ، مثل: برنامج تحدّي الشركاء المبتكرين، وهو برنامجٌ يحثّ الطّلابَ من مجالاتٍ متنوّعةٍ على التّعاونِ لحلّ المشكلاتِ العمليّةِ بطرقٍ إبداعيّةٍ. كما أنّ جامعة زايد هي إحدى المؤسّساتِ الموقّعةِ على برنامجِ ريادةِ الأعمالِ الجامعيّ في دولةِ الإمارات (UEP)، وهو مبادرةٌ من مؤسسة دبي للمستقبلِ تهدفُ إلى تمكينِ الطّلابِ من التّخرجِ بمؤهّلاتٍ جامعيّةٍ رسميّةٍ وفكرةِ مشروعٍ قابلةٍ للتّنفيذِ.
شاهد أيضاً: 4 كتب لتعزيز التفكير الابتكاري والنجاح الريادي
دمجت جامعة زايد مهاراتِ ريادةِ الأعمالِ الأساسيّةِ في تخصّصاتها، مع التّركيزِ على الابتكارِ والمبادرةِ. كما توفّرُ الجامعةُ لطلابها الفرصَ لتطبيقِ هذه المهاراتِ من خلالِ مشاريعَ وتحدّياتٍ عمليّةٍ. وتعملُ مرافقُ مثل مركزِ الابتكارِ، ومركزِ NextGen، والمختبرِ الذّكيّ، ومختبرِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، والعلومِ المطوّرةِ حديثاً للذكاءِ الاصطناعي، والواقعِ الافتراضيّ، والرّوبوتاتِ، والطّائراتِ بدون طيّارٍ، كمنصّاتٍ تجريبيّةٍ لتطويرِ المشاريعِ.
ترتبطُ العديدُ من الجامعاتِ والشّركاتِ النّاشئةِ في الإمارات بالنظام البيئي العالمي من خلالِ التّعاونِ مع المنظّماتِ الدّوليّةِ. على سبيلِ المثالِ، شاركت جامعة زايد مع شركاتٍ عالميّةٍ ومنظّماتٍ ناشئةٍ في فعاليّاتٍ، مثل: هاكاثون السياحة في الإمارات، وهاكاثون الذكاء الاصطناعي، والاستدامةِ، وهاكاثون علوم البيانات التابع للأمم المتحدة. إذ تساعدُ هذه الفعاليّاتُ، إلى جانبِ الشّراكاتِ والعلاقاتِ الدّوليّةِ، على تعزيزِ المزيدِ من التّعاونِ والابتكارِ.
وبدعمِ المؤسّساتِ التّعليميّةِ لروحِ ريادةِ الأعمالِ بنشاطٍ من خلالِ المسابقاتِ والمبادراتِ، يرى قنواتي أنّ المنطقةَ ستواصلُ نموّها وتطوّرها. ويحثّ الأفرادَ على الفضولِ وتحديدِ المشكلاتِ الّتي تثيرُ اهتمامهم الشّخصيّ أو تهمّ مجتمعاتهم، مؤكّداً أنّ ريادةَ الأعمالِ تتعلّقُ بمواجهةِ التّحدّياتِ اليوميّةِ، وليس فقط بإنشاءِ عملاقٍ تكنولوجيٍّ جديدٍ.