الرئيسية الريادة فن إدارة الوقت: كيف يستثمر القادة العظماء وقتهم؟

فن إدارة الوقت: كيف يستثمر القادة العظماء وقتهم؟

النّجاح لا يُقاس بعدد السّاعات، بل بمدى الاستفادة منها، فالوقت ليس مجرّد أداةٍ، بل هو رأس المال الحقيقيّ لتحقيق الأهداف الكبرى

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

أيّ قائدٍ يستحقّ أن يكون قدوةً يعرف تماماً مدى أهميّة الوقت. أمّا القادة المميّزون، فتجد بينهم وبين ساعاتهم وتقويماتهم علاقةً خاصّةً، كأنّها شراكةٌ يوميّةٌ لا تنفصمأتذكّر بداياتي المهنيّة حين عملت مباشرةً بعد تخرّجي من الجامعة تحت إشراف المؤلّف الشّهير جون سي. ماكسويل، والّذي كان مولعاً بالوقت إلى حدّ الهوس. كنت أحاول دوماً أن أكون أوّل من يصل إلى المكتب، لكنّني كنت أفاجأ دوماً بأنّ جون سبقني؛ فإن وصلت في السّادسة صباحاً، أجده قد حضر في الخامسة!

كان يخبرني أنّ أفضل إنجازاته يحقّقها في ساعات الصّباح الأولى، حين يسود الهدوء ويغيب الجميع. بعد ذلك، يكون مستعدّاً للتّواصل مع من يصلون لاحقاً. وعندما أنجز له مشروعاً، كان يبعث إليّ برسالة شكرٍ يشرح فيها كم من الوقت وفّرت عليه. كانت هذه طريقته في الثّناء، وهي عنده أعظم مجاملةٍ يمكن أن يمنحها لأحدٍ. ذات مرّةٍ، قال لي إنّ أعذب ما يسمعه هو أنّ النّاس لا يصدّقون حجم الإنجاز الّذي يحقّقه أسبوعيّاً، مقارنةً بالوقت الكبير الّذي يبدو كأنّه لا يزال يمتلكه لنفسهيا ليتنا جميعاً نقال عنا ما يقال عنه!

لقد كتب الكثير عن إدارة الوقت، بل وابتكر البعض خططاً وأسلوباً في تنظيمه؛ فالوقت في نهاية الأمر مجرّد اختراعٍ بشريٍّ وضع لتتبّع مجريات الحياة مع تعاقب الأيّام والفصول. ومع أنّ نظريّة أينشتاين في النّسبيّة جعلتنا نعيد النّظر في مفهوم الزّمن، إلّا أنّ الكثير من الحكماء منذ ذلك الحين علّمونا كيف ننظر للوقت كقيمةٍ، لا كأرقامٍ تمرّ على السّاعة.

تأملات من مسيرة أربعين عاماً

على مدى أربعة عقودٍ من عملي، تعلّمت دروساً ثمينةً حول الوقت غيّرت نظرتي للحياة، سأشاركها معك هنا لعلّها توقظ فيك ما أيقظته فيّ:

بناء السُّمعة يحتاج سنين، أما تدميرها فلا يتطلب سوى دقائق

هذا القول ينسب للمستثمر الشّهير وارن بافيت، وهو دقيقٌ للغاية. في لحظة ضعفٍ واحدةٍ -سواء كانت رغبةً في اختصار الطّريق، أو الاستسلام لذنبٍ صغيرٍ، أو حتّى الحصول على مالٍ لا يخصّنا- قد نرتكب خطأً يكتشف عاجلاً أم آجلاً، ويتبخّر معه ما بنيناه من سمعةٍ وثقةٍ على مدى عقودٍ.

نتعلم الكلام في عامين، ونقضي العمر لنتقن الصمت

غالباً ما ينسب هذا القول للأديب إرنست همنغوي، وقد وجدته صادقاً تماماً في حياتي، إذ لم أكن أدرك مدى رغبتي في التّعليق على كلّ شيءٍ! ربّما يعود ذلك لطبيعة عملي، لكنّ زوجتي وابنتي كانتا خير من علّمني متى يجب أن أصمت، ومتى يكون الصّمت أعظم من الكلام.

وقت التحضير يتجاوز أضعاف وقت الظهور

سيخبرك أيّ رياضيٍّ محترفٍ أنّ ما يحدث على المسرح أو الملعب هو مجرّد جزءٍ بسيطٍ من العمل الحقيقيّ. نحن نحبّ مشاهدة اللّحظات البارزة، لكنّنا لا نرى حجم الجهد والانضباط الّذي سبقها.

لا نجد وقتاً للاستعداد، لكن نجد دائماً وقتاً للإصلاح

كم مرّةٍ أجلنا التّحضير بحجّة ضيق الوقت، ثمّ اضطرّنا لاحقاً لإصلاح ما فسد؟ لا أحد يحبّ التّرميم، ولكنّه يصبح ضروريّاً عندما نهمل الاستعداد. ومن واقع التّجربة، فإنّ تكلفة التّحضير أقلّ دوماً من تكلفة الإصلاح.

الوقاية خير من العلاج

التّعبير المجازيّ هنا يقول: "من الأفضل بناء سياجٍ في قمّة الجرف، من بناء مستشفىً في القاع". للأسف، نحن بارعون في التّعامل مع الأزمة، ولكن قليلاً ما نستثمر وقتنا في منعها من الأساس. الاستباق والتّخطيط أقلّ تكلفةً من ردود الأفعال، لكنّه يحتاج إلى بصيرةٍ وإقناعٍ.

كلما اتّسع نظرك للمستقبل، صحّت قراراتك اليوم

في مجتمعٍ يغريه الرّبح السّريع -من التّسوّق بالبطاقات الائتمانيّة، إلى قروض السّيّارات الضّخمة، إلى حفلات الزّفاف العشوائيّة- ننسى أنّ الخيارات الذّكيّة غالباً تتطلّب التّضحية الآن، لنحصد المكافأة لاحقاً. وقد يثمر الألم قصير المدى مكسباً طويل المدى.

إدارة الوقت ترسل رسائل خفيّة لمن حولك

في أيّامنا هذه، يتفاخر النّاس بنشاطهم، كما لو أنّه وسام شرفٍ. ولكن، تأخّري عن موعد اجتماعٍ يعني تقليل احترام وقت الآخر، وعدم استعدادي يعني أنّني لا أقدّر الموضوع. كلّ دقيقةٍ نهدرها تخبر من حولنا بشيءٍ عن أولويّاتنا.

الوقت أثمن من المال

لطالما كنت حريصاً على التّوفير، وابذل جهداً كبيراً في تقليل التّكاليف. ومع أنّ ذلك بحدّ ذاته ليس أمراً سلبيّاً، أدركت في النّهاية أنّني أستطيع كسب المال مجدّداً، ولكنّني لا أستطيع استعادة الوقت الّذي أضعته. اليوم، أقيّم وقتي أكثر من نقودي.

أحياناً تحتاج أن تمشي ببطء لتصل بسرعة

هذه الحكمة سمعتها من المدرّب الرّياضيّ جين سميث، وأصبحت مبدأً أؤمن به؛ فإذا كنت تريد أن تتقدّم بسرعةٍ في مسيرتك، عليك أن تبدأ ببطءٍ، تركّز في التّفاصيل، وتبني الأساس السّليم؛ فالتّسرّع قد يوصلك أسرع، ولكنّه سيوقّعك أيضاً في مطبّاتٍ مؤذيةٍ.

الوقت مورد ثمين

يُمكن أن يُنفَق الوقت أو يُستثمَر أو يُهدَر أو يُقتَل أو يُفقَد. ولكن في كلّ الأحوال، هو موردٌ لا يعوّض. رغم أنّ القرن القادم يبدو بعيداً، كأنّه زمنٌ من الخيال لم يحن أوانه بعد، فإنّ الحقيقة أنّ ملايين البشر ممّن يعيشون اليوم سيشهدون مطلعه؛ فالطفل الّذي يُولد هذا العام، سيكون في السبعين من عمره مع نهاية عام 2099.

نحن أكثر ارتباطاً بالماضي والمستقبل ممّا نظن، إذ إنّنا -عبر عائلاتنا وروابطنا الإنسانيّة- حلقةٌ في سلسلة الزّمن، نصل ما كان بما سيكون؛ فلنبدأ بأخذ وقتنا على محمل الجدّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: