لماذا تفشل خطط الشركات؟ إليك أهم الأسباب والحلول العمليّة
دراساتٌ توضّح سبب فشل استراتيجياتٍ نجحت مرّاتٍ عدّةٍ في شركاتٍ مختلفةٍ
الاستراتيجيّاتُ النّاجحةُ ليست من الأساطيرِ، ولكن عندما تفشلُ 70% من الشّركاتِ في تنفيذِ خططِها التي وضعتْها، فإنَّ الأمرَ يؤدّي بسرعةٍ إلى ارتباكِ شديدٍ وعدمِ إيمانٍ بجدوى وضعِ خططٍ أو استراتيجيّاتٍ من الأساسِ، وهذا بالطَّبعِ أسهلُ طريقٍ إلى الانحدارِ السَّريعِ.
وبعدَ التعاملِ مع أكثرِ من 1000 شركةٍ وتحليلِ طريقتِها في وضعِ الاستراتيجياتِ وآراءِ المديرينَ التّنفيذيينَ بها، وجدتْ دراسةٌ لشركةِ Step Change المتخصّصةِ في وضعِ الخططِ أنَّ 80% من روّادِ الأعمالِ يشعرونُ بأنَّ شركتَهم جيدةٌ في وضعِ الخططِ، في حينِ أكَّدَ 44% فقط رِضاهُم عن التَّنفيذِ، ويثقُ 2% فقط في قدرتِهم على تنفيذِ 80-100% من الأهدافِ الاستراتيجيةِ الموضوعةِ.
لماذا تفشل خطط الشَّركات وما أهمّ طرق تجنُّبِها؟
لا يمكنُ القيامُ برحلةٍ حتَّى دونَ تخطيطٍ؛ التخطيطُ لتحديدِ المكانِ أو الموعدِ وحالة الطقسِ والميزانية وأماكن تناولِ الطّعامِ وغيرِها، أو التّخطيط للعوائقِ أو الازدحامِ وغيرها، ويمكنُ تطبيقُ الأمرِ نفسِهِ على خُططِ الشَّركاتِ مع وضعِ هامشٍ لا يمكنُ التّحكّمُ بهِ مهمَا حاولتَ، ولكنْ هناكَ أسبابٌ يمكنُ تجنّبُها تماماً، تؤدّي إلى فشلِ خُططِ الشَّركاتِ، ومن أهمِّها:
الأهداف المعقَّدة وغير الواقعيَّة
يشعرُ بعضُ المديرينَ أنَّه كلَّما كانَ الهدفُ كبيراً ومعقّداً، فإنَّ هذا يؤدِّي إلى نموٍّ أفضل، وهذا غيرُ صحيحٍ على الإطلاقِ، فقد وجدتْ مؤسسةُ جارتنر أنَّ نَحو 56% من الوقتِ الذي تقضيهِ الشَّركاتُ في التَّخطيطِ الاستراتيجيّ يُهدرُ بسببِ عدمِ التَّركيزِ، ويمكنُ هنا استخدامُ أداةِ الرادارِ الاستراتيجيّ strategic radar، والتي ترسمُ صورةً واضحةً للتَّحدياتِ والفُرصِ الدَّاخليةِ أو الخَارجيةِ، وتعرضُها في صفحةٍ واحدةٍ مع القدرةِ على جمعِ المعلوماتِ وفحصِ السّياقِ بناءً على المكانِ الذي توجدُ فيهِ.
ويمكنكُ الاعتمادُ هنا دائماً على وضعِ أهدافٍ صغيرةٍ وتقسيمُها إلى أهدافٍ أصغرَ إنْ أمكَن، مع ضعِ خطواتٍ محدّدةٍ لكلِّ هدفٍ فلا تتركهُ من دونِ تخطيطٍ أيضاً.
غياب التّواصل الفعّال
لا يهتَمّ بعضُ المديرين بتوصيلِ الهدفِ الأساسيِّ من المؤسسةِ أو الشّركةِ لكلِّ المُوظفينَ معتمدينَ فقط على فهمِهم لهذهِ الأهدافِ؛ ولكنْ عندما لا يفهمُ 95% منَ الموظّفين وفقاً لأحدثِ الإحصائيّات أهدافَ الشَّركةِ، ويكونُ لدى 27% منهم فقط القدرةُ للوصولِ إلى الخططِ فلا بُدَّ أن تفشلَ تلكَ الاستراتيجياتُ سريعاً.
فيجبُ أن يكونَ هناكَ تواصلٌ فعّالٌ بينَ الإدارةِ وكلِّ الفريقِ وليسَ جزءاً منهُ فقط، سواء في اجتماعاتٍ سريعةٍ أو رسائلِ بريدِ إلكترونيِّ، فيكمنُ التّحدّي هُنا في توصيلِ فكرةٍ صحيحةٍ عن الهدفِ من المؤسّسةِ لكلِّ فريقِ العملِ وليسَ فقط رؤساءِ الأقسامِ أو المشرفينَ؛ فالاتصالاتُ الدَّاخليةُ الفعّالةُ لا تقلُّ أهميةً على الإطلاقِ عنِ الاستراتيجيّةِ نفسِها، والتّأكيدُ عليها بأكثرِ من طريقةٍ سواء من رئيسِ الشّركةِ أو المشرفينَ يكونُ له دورٌ أفضلُ في فهمِها وتطبيقِها.
شاهد أيضاً: 10 استراتيجيات لتجعل أعمالك متقدمة على المنافسين
عدم الاهتمام بتسيير العمل الرّوتينيّ عند الاهتمام بخطّةٍ جديدةٍ
وهذا مِن أكثرِ الأخطاءِ الشّائعةِ، وتؤدِّي إلى فشلِ الشّركاتِ في تنفيذِ خُططِها الجديدةِ، فعند وضعِ خطةٍ جديدةٍ غالباً ما تستحوذُ على الاهتمامِ لدرجةِ نسيانِ تسييرِ المهماتِ اليوميّةِ الاعتياديّةِ أحيانًا؛ مما يؤثّرُ في النّهايةِ ليسَ فقط على الخطَّةِ الجديدةِ، ولكن على النّجاحِ على أرضِ الواقعِ بالفعلِ.
لذا يجبُ تضمينُ برنامجِكَ الحاليّ في خطتِكَ المستقبليّةِ أيضاً، فعندَ توزيعِ المهماتِ الجديدةِ يجبُ مراعاةُ وجودِ مهماتٍ قديمةٍ ومتابعتُها والاستمرارُ فيها بانتظامٍ مع وضعِ جدولٍ زمنيٍّ يضمنُ تنفيذَ هذه المهماتِ بسهولةٍ سواءٌ من الفريقِ الحاليِّ أو بالاستعانةِ بأشخاصٍ إضافيينَ.
عدم الانتباه لميزانية العمل وقدرات الفريق
وجدتِ الإحصائياتُ أنَّ أكثرَ من 60% من الشّركاتِ لا تربط جيداً بين أهدافِها التي ترغبُ في تحقيقِها وبينَ ميزانيتِها الفعليّةِ، وهذه الميزانيةُ تشملُ بالطّبع رواتبَ ومكافآتِ فريقِ العملِ، فقد تحتاجُ مَهمَّةُ جديدةٌ إلى شخصٍ احترافيٍّ بمقابلٍ كبيرٍ؛ فيتجاهلُ رئيسُ الشّركةِ هذا ويستعينُ بشخصٍ غيرِ احترافيٍّ، أو قد يزيدُ بشدّةٍ من المهماتِ على فريقِ العملِ بشكلٍ يؤدّي إلى ضغطٍ كبيرٍ عليهِم، وبالتَّالي عدمُ تنفيذِ المهماتِ بالدّقة المطلوبةِ أو المتوقّعةِ منهم.
وللأسفِ سوفَ تفشلُ الخططُ تماماً إذا كانَ 20% فقط من الموظّفينَ يقاومونَها؛ لذا إذا لم تضمَنْ التزامَ موظّفيكَ وفريقكَ بنسبةِ 100% بقرارتِكَ الجديدةِ، فمنْ غير المرجَّح أن تحقّقَ النّجاحَ الذي ترغبُ به؛ لذا لا تضعْ أهدافًا لا تتمكّنُ من تحقيقِها بفريقك الحاليّ ودونَ أن يكونَ لديكَ بدائلُ أخرى.
ومن ناحيةٍ أُخرى فإن ضمَان التّوافُقِ بين جميعِ أصحابِ المصلحةِ في الشّركةِ لا يساهمُ فقط في رسمِ الصّورةِ الواضحةِ للهدفِ الأكبرِ، ولكن يزيدُ من فرصِ تحقيقِ النّجاحِ والوصولِ إلى المكانةِ التي ترغبُ بها.
الاعتماد على بياناتٍ غير دقيقةٍ
وهو من الأمورِ التي تدفعُ مشروعَكَ نحوَ كارثةٍ محقّقةٍ من البدايةِ، فلا بُدَّ من دراسةِ السّوقِ الذي تتعامَلُ معهُ بدقّةٍ شديدةٍ، وباستخدامِ أدواتٍ احترافيّةٍ؛ فالمعلوماتُ والبياناتُ غايةٌ في الأهميةِ عندَ وضعِ الخُططِ حتّى لا تكونَ غامضةً للغايةٍ أو شديدةَ الاتّساعِ.
شاهد أيضاً: 9 خطوات لتنَمّي عملك باستخدام استراتيجية الاستحواذ
عدم مرونة الخطّة
عند وضعِ أيَّةِ خُطّةٍ لا بُدَّ من وضعِ هامشٍ للفَشَلِ في تحقيقِ أيّ هدفٍ ومحاولةِ تحديدِ البدائلِ، أو على الأقلِّ التعامُلُ مع الأمرِ دون توتّرٍ أو اتّهاماتٍ بالتَّقصيرِ أو التّكاسُلِ؛ فمَهما فعلتَ وكانت الخُطّةُ متكامِلَةً سوفَ تحدثُ أمورٌ مفاجئةٌ؛ لذا عليكَ مراجعةُ خطتِكَ باستمرارٍ وتعديلُها وفقًا للظروفِ الحديثةِ، وهذا لا يعدُّ فشلًا للخُطَّةِ طالمَا المؤسّسةُ تحقّقُ نجاحاً جيداً وتسيرُ نحو الهَدف المَرسُومِ.
عدم الاحتفاء بالإنجازات
بعضُ الشَّركاتِ تضعُ 5 أهدافٍ مثلاً؛ فإذا تحقَّقَ ثلاثةٌ منها تُشعِرُ الموظّفينَ بالفَشَلِ وهذا يزيدُ من السّخطِ وعدمِ التّجاوبِ؛ لذا من الضّروريّ الاحتفاءُ بالنّجاحاتِ مهمَا كانتْ صغيرةً والاعترافُ بالمجهودِ المبذولِ فيها ومحاولةُ فهمِ سببِ تأخّرِ تحقيقِ الأهدافِ الأخرى، إلى جانب محاولةِ تعديلِها بما يتوافقُ مع الواقعِ والتّغيراتِ الطّارئةِ.
فهذا الاحتفاءُ يزيدُ من قدرةِ الفريقِ بأكملهِ على التّواصلِ وتسليطِ الضّوءِ على الاستراتيجيّةِ الكُبرى والتّأكّدِ من وصولِها بطريقةٍ صحيحةٍ إلى كلّ المؤسّسةِ، كما تساعدُ في علاجِ أيَّةِ انتكاساتٍ أو مشكلاتٍ ملحّةٍ وتزيدُ من قدرةِ الجميعِ على مواجهةِ التَّحدياتِ.
لماذا تضعُ الخطط طالما ستفشل في النَّهاية؟
قد يشعرُ بعضُ الأشخاصِ بيأسٍ شديدٍ من فشلِ الخُططِ ويتساءَلُ: لماذا نضَعُ الخُططَ من الأساسِ وما جدواها؟ ولكن وضعُ خُطّةٍ صحيحةٍ وبأهدافٍ واضحةٍ يتيحُ لك مجموعةً من المميزاتِ، أهمُّها:
- التّنظيمُ الأفضلُ والفهمُ الأكثرُ تكاملاً للأهدافِ والتّعرفُ المبكّرُ على العوائقِ خصوصاً عند تقسيمِ هذه الأهدافِ.
- المراجعةُ المستمرّةُ للنّجاحِ وإكمالِ المشروعِ، فقد بيّنتِ الدّراساتُ أنَّ الشّركاتِ التي اعتمدَتْ على حلولِ محفظةِ المشاريعِ والأدواتِ الفعّالةِ للإدارةِ، تمكنّتْ من الالتزامِ بالجداولِ الزَّمنيَّةِ والنّطاقِ والميزانيّةِ والجُودةِ.
- يوفّر التخطيطُ قدرةً أكبرَ على التحكّمِ في المشروعِ، وهو أمرٌ شديدُ الأهميةِ للتّعرفِ على المخاطرِ مبكّراً.
فسواءُ كنتَ تُعاني من ضعفِ التّواصلِ أو الأهدافِ غيرِ الواقعيّةِ أو عدمِ تسليطِ الضّوءِ على النَّجاحاتِ والاهتمامِ بالإخفاقاتِ فقط يجبُ التّأكدُ أنَّ وضعَ خُطّةٍ ناجحةٍ ليس شيئاً سهلاً، وهو أيضاً ليسَ شيئاً أسطوريّاً؛ بل يُمكنُ تنفيذُهُ بكفاءةٍ وبتغيّيراتٍ بسيطةٍ، سواءُ في الهدفِ أو طريقةِ توصيلِهِ أو حتّى وسيلةِ تنفيذِهِ.
وقد أتاحَ التّطورُ التّكنولوجيّ إمكانيّةَ الاستعانةِ بمجموعةٍ متنوّعةٍ من برامجِ الذَّكاء الاصطناعيّ في وضعِ خططٍ واقعيّةٍ وقابلةٍ للتَّنفيذٍ مع إضافةِ أو حذفِ ما ترغبُ فيهِ من هذه الخُططِ، ولكنْ لا تتنازلْ مطلقاً عن وضعِ خطتكَ ومحاولةِ الالتزامِ بها مهمَا كانَ حجمُ مشروعِكَ أو سنواتُ إطلاقهِ، وكُنْ مرناً في تقبُّلِ التَّغييرِ كلّ فترةٍ وفقاً للظُّروفِ الاقتصاديَّةِ.