تحطيم الصورة النمطية: كيف تتفوّق الشخصية الانطوائية في العمل
دراسات وتجارب عملية من رجال أعمال ناجحين تؤكد أن الشخصية الانطوائية يمكن أن تكون مفتاحاً حقيقياً للنجاح.. فلماذا يحكم عليها الكثيرون بالفشل؟
مع عشراتِ رجال الأعمال، ليسوا فقط من النَّاجحين ولكن من الَّذين حقَّقوا مستوياتٍ خرافيَّةٍ من التَّفوُّق في مجالاتهم، ليس من المقبول بعد الآن الحكم على الشَّخصيَّة الانطوائيَّة بالفشل أو بأنَّ فرصها محدودةٌ في عالم الأعمال؛ فبدءاً من جيف بيزوس وإيلون ماسك ووارن بافيت وستيف وزنياك إلى الكثير من السِّياسيّين وعلى رأسهم باراك أوباما، فضلاً عن مشاهير الرِّياضة والفنِّ وغيرهم كثيرون، فالانطواء لن يعيقكَ مطلقاً عن النَّجاح، بل يُمكن أن يكونَ بوابتك السَّريعة للتَّفوُّق والمنافسة الشَّرسة مع المنفتحين. [2]
لماذا يعتقد الكثيرون أن الشَّخصيَّة المنفتحة هي القادرة على النَّجاح عموماً وفي عالم الأعمال خصوصاً؟
ارتبطت الكثيرُ من التَّصورّات الخاطئة بطريقة النَّجاح المثاليَّة في عالم الأعمال، والتي أخرجت الشَّخصيَّة الانطوائيَّة من المنافسة؛ ولكنَّ الكثير من تجارب رجال الأعمال والسِّياسيّين البارزين وحتَّى نجوم الرّياضة والفنِّ أكَّدت وجود مهاراتٍ متنوِّعةٍ لدى هذه الشَّخصيَّة تزيد من قدرتها على النَّجاح، ومن أهمِّ هذه التَّصوُّرات الخاطئة التي يجب أن تتخلَّص منها فوراً إذا كنت تعتقدُ أنَّ شخصيّتك الانطوائيَّة ستحكم عليكَ بالفشل:
النَّجاح يعتمد على التَّواصل الدَّائم والقدرة على إقناع الآخرين
وهذا صحيحٌ إلى حدٍّ كبيرٍ، لكن من قال إنَّ إتقانَ التَّواصلِ يقتصر فقط على الشَّخصيَّة المنفتحة؟ فيقول ماثيو بولارد صاحب الشَّخصيَّة الانطوائيَّة والمدير التَّنفيذيِّ الأكثر نجاحاً لشركةٍ LLC سريعة النُّمو إنَّ حضورَ الاجتماعات والمؤتمرات، قد يكون مرهقاً فعلاً؛ ولكن بمجرّد أن يأخذَ فترات هدوءٍ وراحةٍ يشحن طاقتهُ ويعيد التَّواصل من جديدٍ.
وتؤكِّد دراسةٌ منشورةٌ في مجلّة الشَّخصيَّة وعلم النَّفس الاجتماعيِّ أنَّ كلاً من الانطوائيّين والمنفتحين ارتفع لديهم مستوى الطَّاقة عندما تفاعلوا مع آخرين سواءً في العمل أو بالحياة الشَّخصيَّة، إذاً فقدرتك على التَّواصل كشخصٍ انطوائيٍّ مضمونةٌ، ولكنَّك فقط ستحتاج إلى أوقات هدوءٍ أكثر. [4]
الشَّخصيَّة المنفتحة لديها مهارات قياديَّة أكثر من الانطوائيَّة
وهذا أيضاً ليس صحيحاً وفقاً لمجموعة متنوِّعة من الدِّراسات من أبرزها الأبحاث الرَّائدة التي أجراها آدم جرانت البروفيسور في وارتون، فالشَّخصيَّة المنفتحة تكون أكثر قدرةً على التَّوجيه وتحفيز الموظّفين غير النَّشطين؛ ولكنَّ القادة الانطوائيّين قادرون أكثر على التَّعامل مع الموظّفين المبادرين والمبدعين بالفطرة، وهذا لأنَّهم لا يبحثون عن المجد الشَّخصيِّ فلن يبتعدوا عن المسار الصّحيح لتحقيقِ مصلحتهم؛ ولكن سواء شخصيَّة منفتحة أو انطوائيَّة، فالفكرةُ هنا هو التَّعرُّف على الاحتياجات الفرديَّة للموظّف وطريقة الحصولِ على أفضل ما لديه.
الشَّخصيَّة الانطوائيَّة أقلُّ في قدرتها من المنفتحة على تحقيق مبيعاتٍ قويَّةٍ
وفي الحقيقةِ لم تجد أيّ دراسةٍ مهمّةٍ فارقاً حقيقيَّاً بين الانطوائييّن والمنفتحين في نسبة المبيعات، بل على العكس، تعدُّ الشَّخصيَّات التي تقف في المنتصف هي الأكثر مهارةً في هذا المجال ويعتمد الأمر أيضاً على معرفة الاحتياجات الفرديَّة للعملاء والتَّكيُّف معها، بل أظهر الانطوائيّون فاعليَّةً أكثر في الاستماع وعدم الظُّهور بشكلٍ متحمِّسٍ للغاية قد يُثير قلق العملاء. [1]
شاهد أيضاً: لماذا تتزايد أهمية الاستدامة للمشروعات الرّيادية والمستثمرين عالمياً؟
لماذا الشَّخصيَّة الانطوائيَّة أكثر قدرة على النَّجاح؟
في الحقيقةِ فإنَّ إمكانات الشَّخصيَّة الانطوائيَّة وقدرتها المبهرة على تحقيق النَّجاح ذكرها الكثير من المشاهير في العلوم والسِّياسة والأعمال وغيرها، كما أيدها اختبار الشَّخصيَّة الانطوائيَّة ودراسات علم النَّفس، ومن أهمِّ أسباب قدرة الشَّخصيَّة الانطوائيَّة على النَّجاح:
الانطوائيون مبدعون
هناك علاقةٌ أكيدةٌ بين الانطواء والإبداع؛ فيقول أينشتاين إنَّ العزلةَ تحفِّز الإبداع؛ فالشَّخصُ الانطوائيُّ يُعبِّر عن نفسه أكثر من خلال العمل وليس عن طريق الحديث؛ فمعظم المخترعين والكتّاب ورجال الأعمال البارزين في العالم من الانطوائييّن، ويمكنك أن تطّلعَ على قصّة إيلون ماسك وكيف تحوّل من مهندسٍ خجولٍ إلى مليارديرٍ ناجحٍ، كما أنَّ بيل جيتس يؤكِّد كيف ساعدته شخصيّته الانطوائيَّة على القراءة والاطّلاع على عددٍ كبير ٍمن التَّجارب، فضلاً عن مارك زوكربيرج وحتَّى لاري بيج المؤسِّس المشارك لـGoogle وغيرهم. [2]
الانطوائيون لا يسعون للسلطة
لا يركِّز الشَّخص الانطوائيّ على اكتسابِ السلطة بل تنفيذ الفكرة، وفي مجال الأعمال فإنَّه يركِّز على مصلحة الشَّركة بدلاً من المجد الشَّخصيِّ، وتقول سوزان كاين في كتابها "القوَّة الهادئة" أنَّ الانطوائيّ يكون شغوفاً بشيئيّن أو ثلاثة، ويكتسب بهم خبرةً هائلةً تمكِّنه من القيام بكلِّ ما يلزم لتحقيقِ النَّجاح.
الشَّخص الانطوائيّ مستمعٌ جيدٌ
وهي ميّزةٌ رائعةٌ في رجل المبيعات ورجال الأعمال؛ فعندما تستمع إلى العملاء والموظّفين وحتَّى إلى المدراء بسهولة أكثر، فسوف تكون قادراً على تلبية رغباتهم والتَّعاطف معها وتحليل المواقف بعمقٍ أكبر.
الشَّخصيَّة الانطوائيَّة لديها قدرةٌ أكبر على التَّخطيط
لا يتحدَّثُ الشَّخص الانطوائيّ فوراً وباستمرارٍ بل يفكِّر جيداً فيما سوف يقوله، فالتَّخطيط لديه مهارةٌ طبيعيَّةٌ، ويؤكِّد ماثيو بولارد أنَّ هذه ميّزةٌ رائعةٌ في المفاوضات المهمِّة أو عند تحديد الاستراتيجيَّات. [3]
شاهد أيضاً: المرونة في الأزمات: السر إلى النجاح في 3 خطوات
هل أنت شخصيّةٌ انطوائيَّةٌ أم منفتحةٌ؟
لكي تتعرّفَ على نوعِ شخصيِّتك وتدرك معها نقاط قوّتك يمكن لاختبار الشَّخصيَّة الانطوائيَّة أن يُساعدكَ؛ ولكن عموماً فإنَّ الشَّخصَ الانطوائيَّ يشحن طاقته بالهدوء والأوقات التي يجلس بها بمفرده سواءً مع كتابٍ مفضلٍ أو قطعة موسيقى؛ ولكن هذا لا يعني أنَّهُ دائماً ما يكره التَّجمعات، ولكن يحتاج إلى فتراتِ هدوءٍ أكثر، على عكس الشَّخص المنفتح الذي لا يحتاج على الإطلاقِ لهذه الفترات.
بالطّبع قد تجدُ نفسكِ في منطقةٍ بين الشَّخصيتيَّن؛ ولكن كلَّما كنت تحبُّ الهدوء والوحدة، فإنَّك تميل إلى الانطوائيَّة، ويمكن التَّحديد الدَّقيق لشخصيّتك عبر الاختبارات المتنوِّعة.
ويؤكِّد رجال الأعمال النَّاجحين أنَّ أهمَّ شيءٍ يجب أن يتذكَّره الانطوائيُّون هو أنَّ النَّجاح ممكنٌ؛ فأصعب شيءٍ بالنَّسبة لهم هو إيمانهم بقدرتهم على تأدية الأعمال، وليس تنفيذها فعليَّاً؛ فإذا اقتنعت بإمكاناتكَ، يمكن أن تنطلقَ في عالم الأعمال بلا حدودٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.