دراسة: الذّكاء الاصطناعي يعزّز الإبداع الفردي ويثبّط الجماعي
إذا كنتَ تفكرُ في استخدامِ أدواتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في شركتكَ، وتتوقّعُ أن يقفزَ مستوى الإبداعِ لدى الجميعِ بشكلٍ كبيرٍ، فقد تحتاجُ إلى إعادةِ النّظرِ في توقعاتِك
من المخاوفِ الرئيسيةِ حول الذكاءِ الاصطناعيِّ التوليديِّ هي إمكانيةُ استيلائِهِ على وظائفِ البشرِ، حيث قد تلجأ الشّركاتُ الّتي تحتاجُ إلى كتابةٍ سريعةٍ أو صورٍ أو فيديو إلى أدواتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ بدلاً من توظيفِ شخصٍ حقيقيٍّ. ولكنّ بحثاً جديداً يلقي الضّوءَ على تأثيرِ الذكاءِ الاصطناعيِّ على الإبداعِ، ويصلُ إلى هذا الاستنتاجِ: يمكنُ للذّكاءِ الاصطناعيِّ أن يمنحَ بعضَ الأشخاصِ دفعةً من الإلهامِ الإبداعيِّ، إلّا أنّ الاستخدامَ الواسعَ للذكاءِ الاصطناعيِّ قد يؤدّي في النّهايةِ إلى مستوياتٍ أقلَّ من الإنتاجِ الإبداعيِّ.
الذكاءُ الاصطناعيُّ والإبداعُ الفرديُّ
الدّراسةُ الجديدةُ الّتي أجراها باحثانِ من المملكةِ المتحدةِ، شملت مئاتِ الأشخاصِ الذين كتبوا قصصاً قصيرةً، بعضُهم كتبَ بمفردهِ، وبعضُهم حصل على مساعدةٍ بسيطةٍ من ChatGPT، والبعضُ الآخر حصل على الكثيرِ من الأفكارِ من الذكاءِ الاصطناعيِّ. عند الانتهاءِ من العملِ، قام الكتّابُ بتقييمِ أعمالهم، وقام مقيّمونَ مستقلونَ لم يعرفوا إذا كان الذّكاءُ الاصطناعيُّ قد استُخدِمَ بتقييمِ القصصِ أيضاً. وعلى الرّغمِ من أنّ الهدفَ وطريقةَ التّجربةِ كانا ضيقينِ، حيث اقتصر على عمليةِ كتابةِ القصصِ القصيرةِ، فإن موقع "تك كرانش" (TechCrunch) يشير إلى أنّ النتائجَ قد يكونُ لها آثارٌ أوسعُ.
تأثيرُ الذكاءِ الاصطناعيِّ على الإبداعِ الجماعيّ
كانت النّتائجُ واضحةً: بالنسبةِ للأشخاصِ الذين كانت قدراتُهم في الكتابةِ الإبداعيةِ منخفضةً في البدايةِ، قدّم الذكاءُ الاصطناعيُّ أكبرَ الفوائدِ عندما تمّ استخدامُه للمساعدةِ في توليدِ أفكارِ القصصِ. فكرةٌ واحدةٌ زادت من جميعِ مقاييسِ الإبداعِ، بينما زادت خمسُ أفكارٍ من ChatGPT من مقاييسِ الإبداعِ بشكلٍ أكبرَ للأشخاصِ الذين كانت قدراتُهم الإبداعيةُ منخفضةً عند بدءِ التجربةِ.
ولكن إذا كان الأشخاصُ قد حصلوا على درجاتٍ عاليةٍ في مقاييسِ الإبداعِ عند بدءِ الدّراسةِ، فإنّ الذّكاءَ الاصطناعيَّ لم يقدّم فائدةً تُذكر، بل ربما أثّر سلباً بعضَ الشيءِ.
الذكاءُ الاصطناعيُّ والإبداعُ في الشركاتِ الصغيرة
تشير البياناتُ إلى أنّه عندما يفتقرُ الشّخصُ إلى موهبةٍ إبداعيةٍ معينةٍ، يمكنُ للذّكاءِ الاصطناعيِّ أن يعزّزَ أداءَه مقارنةً بمحاولةِ العملِ بشكلٍ فرديٍّ. هذا له تأثيراتٌ مباشرةٌ على كيفيةِ استخدامِ الشّركاتِ الصّغيرةِ للذّكاءِ الاصطناعيِّ. في الشّركاتِ الصّغيرةِ، قد تعملُ مع فريقٍ يفتقرُ إلى المهاراتِ الإبداعيةِ الواسعةِ، لذا يمكنُ استخدامُ الذّكاءِ الاصطناعيِّ لتعزيزِ الإنتاجِ الإبداعيِّ.
تراجعُ الإبداعِ الجماعيِّ مع الذكاءِ الاصطناعيِّ
أخيراً، أظهرت التجربةُ أنّ استخدامَ الذّكاءِ الاصطناعيِّ لتوليدِ أفكارِ القصصِ القصيرةِ أدّى إلى تشابهِ القصصِ النّاتجةِ، حتى وإن كانت من إنتاجِ كتّابٍ مختلفين. يشير التقريرُ إلى أنّ هذا "الانحدارَ" يشبه المعضلةَ الاجتماعيةَ الّتي تواجهُ أيَّ شخصٍ يستخدمُ الذّكاءَ الاصطناعيَّ، إذا وجدتَ أنّ استخدامَ الذّكاءِ الاصطناعيِّ يجعلكَ أكثرَ إبداعاً، فمن المحتملِ أن تستخدمَه أكثرَ، ولكن في المتوسّطِ، ينخفضُ الإبداعُ العامُّ.
يتفّقُ هذا البحثُ الجديدُ مع تصريحاتِ بيتر ثيل، المؤسّسِ المشاركِ لشركةِ "باي بال" (PayPal) ورائدِ الأعمالِ في مجالِ التّكنولوجيا، الذي قال إنّ الحديثَ عن تأثيرِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ على الوظائفِ الإبداعيةِ ليس في محلِّه، وأنّ الذكاءَ الاصطناعيَّ قد يكونُ "أسوأَ بكثيرٍ للأشخاصِ المتخصصينَ في الرياضياتِ من الأشخاصِ المتخصّصينَ في الكلماتِ".
الخلاصةُ
إذا كنتَ تفكرُ في استخدامِ أدواتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ في شركتكَ، وتتوقّعُ أن يقفزَ مستوى الإبداعِ لدى الجميعِ بشكلٍ كبيرٍ، فقد تحتاجُ إلى إعادةِ النّظرِ في توقعاتِك. قد يعزّزُ الذكاءُ الاصطناعيُّ الإبداعَ لدى الأفرادِ الذين يفتقرونَ إلى المهاراتِ الإبداعيةِ، ولكن قد لا يكونُ له نفسُ التأثيرِ على المجموعاتِ الإبداعيةِ القويّةِ، وقد يؤدي في النّهايةِ إلى انخفاضٍ في الإبداعِ الجماعيِّ.