رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: حبيب فرقان

يعيد التّصوير الفوتوغرافيّ والتّصوير الفيديو إعادة صياغة فنّ رواية القصص بعمقٍ وتأثيرٍ، سواء على مستوى الأفراد أو الشّركات. ولكنّ حبيب فرقان، مؤسّس شركة كابترايس (Kapturise) في الإمارات العربيّة المتّحدة، لاحظ أنّ الأساليب التّقليديّة للاستفادة من هذه الأدوات – الّتي تبدأ من البحث عن المواهب، وتنتهي بإدارة المحتوى وتسليمه – تعاني من التّبعثر وضعف الكفاءة. هذا التّحدّي دفعه إلى تطوير نهجٍ مبتكرٍ يعتمد على التّقنيّة لتحويل تلك التّجربة. 

يقول فرقان: "أنشأنا كابترايس بهدف مواجهة هذه المشكلات من خلال منصّةٍ تعتمد على الطّلب، توفّر للعملاء وسيلةً سهلةً وسلسةً للوصول إلى مصوّرين محترفين تمّ اختيارهم بعنايةٍ. ومع تطوّر المنصّة، أضفنا تقنيّاتٍ متقدّمةٍ، من بينها نظام تسليم الصّور المدعوم بالذّكاء الاصطناعيّ وتقنيّة التّعرّف على الوجوه. هذه التّقنيّة غيّرت تجربة التّصوير في الفعاليّات، حيث أصبحت الصّور متاحةً للحضور في الوقت الفعليّ عبر مسح رمز "كيو آر" (QR)". 

يوضّح فرقان مستقبل كابترايس، الّتي تعدّ اليوم أكبر منصّةٍ لإنتاج المحتوى عند الطّلب في الخليج، وتضمّ أكثر من 1,000 مصوّرٍ ومبدعٍ. يرى أنّ المنصّة تلبّي حاجةً متناميةً في السّوق لإنتاج محتوى مرئيٍّ عاليّ الجودة. يشير إلى نجاح المنصّة في فعاليّاتٍ مثل حفل توزيع جوائز المهرجانات العربيّة الدّوليّة المتميّزة في دبي، حيث حصل الحضور على صورهم بشكلٍ فوريٍّ ومخصّصٍ عبر واتساب، أو من خلال التّنزيل المباشر، متجاوزين بذلك التّأخيرات المعتادة المرتبطة بالأساليب التّقليديّة. 

يضيف فرقان: "تجمع هذه التّقنيّة بين الكفاءة والإبداع، حيث يعيد الذّكاء الاصطناعيّ والأتمتة تشكيل الطّريقة الّتي يتمّ بها التقاط المحتوى وتحريره وتسليمه، ممّا يمنح المبدعين مساحةً أكبر للتّركيز على الجانب الفنّيّ بدلاً من الانشغال بالجوانب التّنظيميّة. على مستوى الأعمال، تفتح هذه التّقنيّات الباب أمام الشّركات الصّغيرة لدخول المنافسة العالميّة، وتوجد فرصاً جديدةً في قطاعاتٍ مثل التّجارة الإلكترونيّة، والسّياحة، وتنظيم الفعاليّات، بمحتوى مرئيٍّ يمكن الوصول إليه بسهولةٍ وبجودةٍ عاليةٍ". 

تقدّم كابترايس رؤيةً مختلفةً تجمع بين الإبداع والتّقنيّة، وتسهم في إعادة تعريف صناعة المحتوى، مرسّخةً معايير جديدةً من الابتكار والعمليّة، لدفع الصّناعات والمبدعين نحو آفاقٍ بلا حدودٍ. 

دليل النّجاح: حوارٌ مع حبيبٍ فرقان

كيف ترى مستقبل دول مجلس التّعاون الخليجيّ في المشهد التّكنولوجيّ العالميّ، بالنّظر إلى الاستثمارات الكبيرة الّتي تضخّها في هذا القطاع؟

"تتّجه دول مجلس التّعاون الخليجيّ نحو ترسيخ مكانتها كقوّةٍ عالميّةٍ في مجال التّكنولوجيا، مع تركيزٍ استراتيجيٍّ على تسخير التّقنيّة لتعزيز صناعاتٍ مثل إنشاء المحتوى، التّسويق، والإعلام. الحكومات في المنطقة لا تستثمر في التّكنولوجيا فحسب، بل تولي أيضاً اهتماماً كبيراً للاقتصاد الإبداعيّ، إدراكاً لأهمّيّة المحتوى ذي الجودة العالية في قطاعاتٍ حيويّةٍ مثل السّياحة، التّجارة الإلكترونيّة، وتنظيم الفعاليّات الكبرى.

يظهر التزام المنطقة بالابتكار في المشاريع الرّائدة مثل تحوّل دبي إلى مدينةٍ ذكيّةٍ، ورؤية السّعوديّة 2030، حيث تتمّ دمج التّقنيّات النّاشئة في المبادرات الضّخمة. هذه البيئة الدّيناميكيّة تدعم ازدهار إنتاج المحتوى وتوصيله بفضل تقنيّاتٍ متقدّمةٍ كشبكات الجيل الخامس (5G)، الذّكاء الاصطناعيّ (AI)، والحوسبة السّحابيّة.

على الصّعيد العالميّ، ستساهم دول الخليج في تحديد معايير إنشاء المحتوى المدفوع بالتّكنولوجيا، مدعومةً بمزيجٍ فريدٍ من الموارد، المواهب، والطّموح. هذه المقوّمات تجعل المنطقة منصّةً جاذبةً للمبدعين والشّركات الّتي تبحث عن الجمع بين التّقنيّة ورواية القصص. أرى أنّ هذا النّموذج سيحفّز مناطق أخرى على تبنّي استراتيجيّاتٍ مشابهةٍ لدمج الابتكار التّقنيّ مع الإبداع".

ما النّصيحة الّتي تقدّمها للشّباب والشّركات النّاشئة الّتي تتطلّع لدخول أو تنمية أعمالها في صناعة المحتوى؟

"لمن يخططون لدخول مجال صناعة المحتوى، النجاح في هذا المجال لا يتحقق بالمصادفة، بل يتطلّب النّجاح في صناعة المحتوى شغفاً ورؤيةً واضحةً.

• تقبّل التّقنيّة مبكّراً: توفّر لك الاستفادة من الأدوات التّقنيّة الحديثة مثل الذّكاء الاصطناعيّ أو منصّات الأتمتة مثل كابترايس ميزةً تنافسيّةً. والتّقنيّة ليست خياراً إضافيّاً، بل ضرورةٌ لتحسين الكفاءة والإبداع.
• اجعل القصّة محور عملك: توفّر التّقنيّة الأدوات، لكنّ القصّة هي الّتي تؤثّر. يكمن النّجاح الحقيقيّ في فهم رؤية عملائك وصياغة محتوى يعبّر عن تلك الرّؤية بطريقةٍ تجذب الجمهور.
• ابن شراكاتٍ قويّةٍ: العلاقات هي أساس النّجاح في هذه الصّناعة. لا يرجع العملاء الرّاضون فحسب، بل يصبحون أفضل سفراء لعملك.
• فكّر بالتّوسّع منذ البداية: مع تزايد الطّلب على المحتوى، خاصّةً في قطاعاتٍ مثل التّجارة الإلكترونيّة والفعاليّات، يصبح التّوسّع أمراً حتميّاً.
• ابق مرناً ومبتكراً: يتغيّر عالم إنشاء المحتوى باستمرارٍ. ويضمن التّكيّف السّريع والتّعلّم المستمرّ بقاءك في القمّة.
• لا تغفل أهمّيّة التّعاون: العمل مع مبدعين آخرين أو منصّاتٍ مثل كابترايس يفتح أمامك أبواباً جديدةً".

حبيب فرقان، مؤسّس كابترايس، كان واحداً من بين 30 مبتكراً تمّ الاحتفاء بهم في العدد الخاصّ لشهر ديسمبر 2024 من مجلّة "عربية .Inc" تحت عنوان "روّاد التّكنولوجيا في الخليج العربي". لاستعراض القائمة الكاملة، يرجى النّقر هنا.