رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: صامويل هوبر

صامويل هوبر، رجلٌ ذو مسيرةٍ مهنيّةٍ استثنائيّةٍ تجمع بين الدّقّة الهندسيّة والابتكار الرّياديّ والرّؤية المستقبليّة. بدأ هوبر رحلته كمهندسٍ في فريق "مرسيدس للفورمولا وان" (Mercedes Formula One) في المملكة المتّحدة، حيث اكتسب انضباطاً ودقّةً استثنائيّين. ثمّ انتقل ليقود استوديو ألعابٍ، وهي تجربةٌ أضافت إلى شخصيّته المهنيّة لمسةً إبداعيّةً عميقةً. ولم يتوقّف طموحه عند هذا الحدّ؛ إذ أسّس شركةً ناشئةً بارزةً، جمع خلالها تمويلاً بلغ 40 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، وتمكّن من الخروج منها بنجاحٍ خلال سبع سنواتٍ فحسب. 

الشّركة الّتي أنشأها، لاندفولت (Landvault)، ليست مجرّد مشروعٍ تجاريٍّ، بل هي نموذجٌ متكاملٌ يوفّر استضافةً وتجارب تفاعليّةً مبتكرةً للشّركات. خدمت لاندفولت أكثر من 300 عميلٍ، من بينهم علاماتٌ تجاريّةٌ كبرى ضمن قائمة "فورتشون 500" (Fortune 500)، وحكوماتٌ في منطقة الشّرق الأوسط. وفي عام 2023، استحوذت شركة "إنفينيت رياليتي" (Infinite Reality) الأمريكيّة، المتخصّصة في الذّكاء الاصطناعيّ والتّقنيّات الغامرة، على لاندفولت مقابل 450 مليون دولارٍ أمريكيٍّ. واليوم، يقود هوبر الفرع الشّرق أوسطيّ للشّركة كرئيسٍ تنفيذيٍّ. 

يرى هوبر في تأسيس شركته المتخصّصة في التّوائم الرّقميّة والتّقنيّات الغامرة امتداداً طبيعيّاً لرحلته المهنيّة الّتي بدأت في استوديو الألعاب. إذ كانت البداية مع شركة أدميكس (Admix)، الّتي ركّزت على التّسييل عبر الإعلانات داخل الألعاب. وفي عام 2022، أدرك هوبر إمكاناتٍ أوسع لتقنية شركته، ما دفعه لتحويل تركيزها إلى تطوير العوالم الرّقميّة، مع إعادة تسمية الشّركة وتوجيهها نحو آفاقٍ جديدةٍ. 

يقول هوبر: "التّجارب التّفاعليّة المدعّمة بالذّكاء الاصطناعيّ ليست مجرّد أدواتٍ تقنيّةٍ؛ إنّها حلولٌ حيويّةٌ تلبي احتياجاتٍ جوهريّةٍ مثل التّدريب على الطّوارئ، والاستجابة للكوارث، والتّعليم، وتنمية المهارات". ويضيف: "محرّك الذّكاء الاصطناعيّ الخاصّ بنا يمكنه إنشاء سيناريوهاتٍ واقعيّةٍ تجسّد في تجارب تفاعليّةٍ، توضع فيها الأفراد في مواقف متنوّعةٍ لقياس استجاباتهم وتحليلها". 

ومنذ تأسيس الشّركة في دبي عام 2023، سجّلت لاندفولت نموّاً سنويّاً بنسبة 100%، ويؤمن هوبر بأنّ تقنيات التّوائم الرّقميّة المدعّمة بالذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن تحدث تحوّلاً جذريّاً في العمليّات الحكوميّة والبنى التّحتيّة. يقول: "تنسجم التّوائم الرّقميّة والذّكاء الاصطناعيّ تماماً مع استراتيجيّة دبي للذّكاء الاصطناعيّ والتّقنيّات الغامرة. وستصبح كلّ بنيةٍ تحتيّةٍ مادّيّةٍ مرتبطةً بنظيرٍ رقميٍّ يمكن تحديثه وتشغيل محاكاة الذّكاء الاصطناعيّ عليه بكفاءةٍ أعلى وتكلفةٍ أقلّ". 

بالنّظر إلى المستقبل، يرى هوبر أنّ تقنية التّوأم الرّقميّ في مراحلها الأولى، ولكنّها تمتلك إمكانيّاتٍ هائلةً لإعادة تشكيل الصّناعات. يقول: "رغم كلّ التّقدّم الّذي حقّقناه، ما زلنا في اليوم الأوّل لهذه التّقنيّة. ومع التّكامل مع الذّكاء الاصطناعيّ، ستصبح هذه التّقنيّات شائعةً وأساسيّةً في حياتنا خلال السّنوات القليلة المقبلة". ويضيف: "التّطبيقات المحتملة لهذه التّقنيّة لا حدود لها، من التّوائم الرّقميّة للمشاريع الضّخمة، إلى المواقع الإلكترونيّة المدعّمة بالذّكاء الاصطناعيّ الّتي تحدث تحوّلاً جذريّاً في التّجارة الإلكترونيّة. نحن نبني تقنيّاتٍ تعيد تعريف كيفيّة استهلاكنا للمحتوى الرّقميّ، وستصبح في متناول كلّ شخصٍ لديه اتّصالٌ بالإنترنت". 

دليل النّجاح: حوارٌ مع صامويل هوبر

في ظلّ الاستثمارات الّتي توجّهها دول مجلس التّعاون الخليجيّ نحو التّكنولوجيا، كيف ترى الدّور الّذي ستلعبه المنطقة عالميّاً في المستقبل؟

"إنّي أؤمن بأنّ دول مجلس التّعاون الخليجيّ ستقفز قفزاتٍ نوعيّةً تفوق بها الكثير من دول العالم، بفضل استثماراتها المستمرّة في التّقنيات المتقدّمة، وتشريعاتها الدّاعمة، ورؤيتها الطّموحة البعيدة المدى. قد لا تستطيع هذه الدّول منافسة القوى العظمى مثل الولايات المتّحدة أو الصّين من حيث الحجم، لكنّها تبرز بقدرتها على جذب ألمع العقول، وسرعة تطبيقها للتّقنيات الحديثة في القطاعين العامّ والخاصّ.

أعتقد أنّه خلال السّنوات المقبلة، ستكون دول مجلس التّعاون الخليجيّ في الطّليعة، تقود العالم في الاستخدام الفعّال لهذه التّقنيات الجديدة. أنا على يقينٍ بأنّ هذه الرّوح الابتكاريّة ستحدث أثراً عظيماً، ولهذا السّبب قرّرنا التّوسّع بقوّةٍ في الإمارات، والسّعوديّة، وقطر."

صامويل هوبر، من شركة إنفينيت رياليتي، كان من بين 30 مبتكراً تمّ تكريمهم في العدد الخاصّ لشهر ديسمبر 2024 من مجلّة "عربية .Inc"، تحت عنوان "روّاد التّكنولوجيا في الخليج العربي". للاطّلاع على القائمة الكاملة، يرجى النّقر هنا.