رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: مطيع شغليل
الرّئيس التّنفيذي لمنطقة الشّرق الأوسط وأفريقيا لـ Bespin Global، كان ضمن قائمة "30 مبتكراً" التي كرّمتها مجلة "عربية .Inc" في تقريرها الخاص لشهر ديسمبر 2024 بعنوان "روّاد التكنولوجيا في الخليج العربي"
بدأت رحلة مطيع شغليل مع شركة "بيسبن جلوبال" (Bespin Global) عام 2015، حين أسّس شركة "فالكون9" (Falcon9)، وهي شركةٌ ناشئةٌ رائدةٌ في مجال الخدمات المحترفة والخدمات المدارة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. لم يكن مشروعه مجرّد خطوةٍ مهنيّةٍ، بل كان تعبيراً عن رؤيته الطّموحة لتقديم حلولٍ تقنيّةٍ مبتكرةٍ تتماشى مع احتياجات السّوق المتغيّرة في المنطقة. استطاعت "فالكون9" في فترةٍ قصيرةٍ أن تثبت وجودها، فأصبحت محطّ اهتمامٍ كبرى في سوق التّحوّل الرّقميّ والخدمات السّحابيّة، ممّا جذب أنظار "بيسبن جلوبال"، الشّركة الكوريّة المتخصّصة في التّحوّل الرّقميّ والاستشارات السّحابيّة. وفي عام 2019، قرّرت "بيسبن جلوبال" الاستحواذ على "فالكون9"، ممّا شكّل نقطة تحوّلٍ كبيرةٍ في مسيرة مطيع المهنيّة، وفتح أمامه آفاقاً أوسع للمشاركة في مشروعاتٍ تقنيّةٍ طموحةٍ على مستوىً عالميٍّ.
ولم تتوقّف طموحات مطيعٍ عند هذا الحدّ؛ فبعد انضمامه إلى "بيسبن جلوبال"، ساهم في إبرام مشروعٍ مشتركٍ بين "بيسبن جلوبال" ومجموعة "إي آند" (&e)، مجموعة التّكنولوجيا العالميّة الّتي تتّخذ من دولة الإمارات مقرّاً لها. كانت الغاية من هذا المشروع الطّموح تعزيز مكانة "بيسبن جلوبال" لتصبح أكبر شركةٍ متخصّصةٍ بشكلٍ كاملٍ في الخدمات السّحابيّة بمنطقة الشّرق الأوسط وتركيا وأفريقيا وباكستان. لم تكن هذه الشّراكة مجرّد صفقةٍ عابرةٍ، بل كانت نقطة انطلاقٍ جديدةٍ نحو تحقيق الرّيادة الإقليميّة في مجال الخدمات السّحابيّة. وقد أتاحت هذه الشّراكة لـ"بيسبن جلوبال" أن تصبح جزءاً من مجموعة "إي آند"، ممّا مكّن الشّركة من دعم القطاعات الحكوميّة والخاصّة في المنطقة، ومساعدتها على التّحوّل الرّقميّ من خلال خدمات الحوسبة السّحابيّة المتقدّمة.
دليل النّجاح مع مطيع شغليل
بالنّظر إلى الاستثمارات الكبيرة الّتي تضخّها دول مجلس التّعاون الخليجيّ في مجال التّكنولوجيا، كيف ترى دور المنطقة في المشهد العالميّ مستقبلاً؟
"لقد ولدت وترعرعت في أبو ظبي، وتحتلّ العاصمة الإماراتيّة – بل البلد بأسره – مكانةً خاصّةً في قلبي. ومع نموّ شغفي بريادة الأعمال، كان من البديهيّ بالنّسبة لي أن أبدأ رحلتي في هذا البلد الملهم الّذي لا يعترف بالمستحيل. هنا، في هذه الأرض، تدفعك البيئة لتجاوز الحدود، ولتصبح أفضل نسخةٍ من نفسك.
ما يجعل الإمارات ودول مجلس التّعاون الخليجيّ استثنائيّةً هو تلك الرّؤية القياديّة الثّاقبة، والأجندات الوطنيّة الطّموحة، والالتزام الحازم بتنويع الاقتصاد. الابتكار والتّكنولوجيا هنا ليسا مجرّد توجّهٍ عابرٍ، بل هما في صميم استراتيجيّة المنطقة، ممّا يجعلها أرضاً خصبةً لولادة الأفكار وتحويلها إلى إنجازاتٍ ملموسةٍ.
الاستثمار الضّخم الّذي يشمل الذّكاء الاصطناعيّ (AI)، البنية التّحتيّة السّحابيّة، والمدن الذّكيّة، يعيد رسم ملامح المستقبل. المنطقة ليست فقط مركزاً للتّطوّر التّكنولوجيّ، بل أصبحت مختبراً عالميّاً لإنتاج الحلول المبتكرة. ومع تسارع تحوّل الاقتصاد العالميّ نحو الرّقمنة، تتموضع دول الخليج لتكون المحرّك الّذي يدفع عجلة الابتكار، ويجذب أفضل العقول، ويضع معايير جديدةً للعالم. إنّه وقتٌ حافلٌ بالفرص، وأنا فخورٌ بكوني جزءاً من هذه المسيرة الفريدة".
ما النّصيحة الّتي تقدّمها للشّباب أو الشّركات النّاشئة الّتي تسعى للانطلاق أو النّموّ في هذا المجال؟
"لا حدود للإمكانيّات في هذا القطاع، فالسّوق يشهد توسّعاً بوتيرةٍ لم يسبق لها مثيلٌ، مع توقّعاتٍ بنموٍّ هائلٍ في البنية التّحتيّة السّحابيّة. أنصح كلّ من يدخل هذا المجال أن يبدأ بدراسة السّوق بعمقٍ، وأن يركّز على بناء شبكة علاقاتٍ قويّةٍ تعزّز من مصداقيّة العلامة التّجاريّة. فالنّجاح هنا لا يقوم على الابتكار فحسب، بل كذلك على قوّة التّعاون. اجعل بناء الشّراكات جزءاً من استراتيجيتك، وابحث عن أشخاصٍ يشاركونك الرّؤية والشّغف.
ركّز أيضاً على فهم المشاكل الّتي تواجهها المنظّمات في هذا العالم المتغيّر بسرعةٍ، وقدّم حلولاً عمليّةً تحدث فرقاً حقيقيّاً. القيمة الحقيقيّة تكمن في تلبية احتياجات السّوق. لا تتوقّف عن التّعلّم، فهذه الصّناعة تتحرّك بوتيرةٍ مذهلةٍ، ومن يريد البقاء في الطّليعة عليه أن يكون فضوليّاً، وقابلاً للتّكيّف، وملتزماً بتطوير مهاراته بشكلٍ مستمرٍّ. أحط نفسك بالمستشارين، واستثمر في نموّك الشّخصيّ، وكن مستعدّاً دائماً لاستكشاف الاتّجاهات والتّقنيّات الجديدة.
وأخيراً، تقبّل فكرة أنّ الرّحلة في عالم التّكنولوجيا ليست طريقاً ممهّداً. التّحدّيات ستواجهك بلا شكٍّ، ولكنّها غالباً ما تكون مفتاحاً لأعظم الابتكارات. استمرّ في التّمسّك برؤيتك، حتّى في الأوقات الصّعبة، وكن مرناً بما يكفي لإعادة التّفكير وتغيير المسار إذا لزم الأمر".
يشغل مطيعٌ اليوم منصب الرّئيس التّنفيذيّ لمنطقة الشّرق الأوسط وأفريقيا في "بيسبن جلوبال"، حيث يقود رؤيةً استراتيجيّةً تركّز على تسريع تبنّي الخدمات السّحابيّة في مختلف القطاعات، وتنفيذ حلولٍ تقنيّةٍ متقدّمةٍ تشمل تطوير العمليات والعمليات الماليّة وتحليلات البيانات. عمل مطيعٌ على تمكين المؤسّسات من استثمار التّقنيّة السّحابيّة بطريقةٍ تعزّز كفاءتها، وتتيح لها الوصول إلى مستوًى جديدٍ من الابتكار.
ويقول مطيعٌ: "لقد ساعدت ’بيسبن جلوبال‘ أكثر من 500 مؤسّسةٍ بمختلف أحجامها وقطاعاتها في الشّرق الأوسط على تسريع تحوّلها الرّقميّ، وتحديث بنيتها التّحتيّة الرّقميّة، وتبسيط عمليّاتها. تتماشى رؤيتنا تماماً مع الخطط الرّقميّة الطّموحة لدول المنطقة، وخاصّةً الإمارات والسّعوديّة، حيث نساهم في دعم الابتكار الاقتصاديّ الكبير وترسيخ مكانة دول الخليج بوصفها محوراً رئيسيّاً للتّقدّم التّكنولوجيّ والابتكار".
تحت قيادة مطيعٍ، ارتقت "بيسبن جلوبال" إلى أعلى مستويات الشّراكة مع كبار مزوّدي الخدمات السّحابيّة العالميّين. وأصبحت الشّركة المزوّد المحلّيّ الوحيد للخدمات المدارة بشكلٍ كاملٍ، وحازت على أكبر عددٍ من التّخصّصات والشّهادات في هذا المجال. ومنذ عام 2022، أدرجت "بيسبن جلوبال" ضمن فئة "الرّؤية المستقبليّة" في تقرير "ماجيك كوادرنت" (Magic Quadrant) الخاصّ بشركة "جارتنر" (Gartner) لخدمات التّحوّل الرّقميّ. كما تمّ تصنيفها في عام 2020 بين "الرّوّاد" ضمن تقرير "ماجيك كوادرنت" لإدارة السّحابات العامّة في مجال البنية التّحتيّة.
ويرى مطيعٌ أنّ النّجاح الّذي حقّقته "بيسبن جلوبال "يعود إلى التزامها العميق بفهم احتياجات عملائها وتطوير حلولٍ مبتكرةٍ تتماشى مع تطلّعاتهم. يقول مطيعٌ: "لقد ساعدنا العديد من المؤسّسات على التّوسّع عالميّاً، من خلال بناء بنيةٍ رقميّةٍ قويّةٍ تتيح للفرق التّركيز على تحقيق النّموّ بدلاً من الانشغال بالتّفاصيل التّقنيّة".
في رؤيته للتّحوّل الرّقميّ، يؤمن مطيعٌ بأنّ الحوسبة السّحابيّة ليست مجرّد خيارٍ تقنيٍّ، بل هي ضرورةٌ لكلّ مؤسّسةٍ تسعى إلى الرّيادة في عصر التّكنولوجيا. ويوضّح مطيعٌ: "تعدّ السّحابة الأساس لكلّ ما هو رقميٌّ. ومع تقدّم تقنيّاتٍ مثل الذّكاء الاصطناعيّ وإنترنت الأشياء والتّعلّم الآليّ، أصبحت السّحابة البنية التّحتيّة الرّئيسيّة الّتي تتيح لهذه التّقنيّات العمل بفعاليّةٍ".
وعندما يتحدّث مطيعٌ عن المستقبل، يظهر تفاؤله بوضوحٍ، قائلاً: "أنا على يقينٍ بأنّ التّقنيّة السّحابيّة ستعيد تشكيل أساليب عمل المؤسّسات بشكلٍ جذريٍّ. نحن على أعتاب حقبةٍ جديدةٍ حيث ستتلاقى فيها تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ والتّحليلات البيانيّة والأتمتة لتطلق طاقاتٍ كامنةٍ هائلةٍ. لا يتعلّق الأمر فقط بخفض التّكاليف أو تحسين الكفاءة، بل بتحقيق قفزاتٍ نوعيّةٍ في الابتكار والمرونة والقدرة على التّكيّف مع التّغيّرات المتسارعة".
كان مطيع شغليل ضمن قائمة "30 مبتكراً" التي نشرتها مجلة "عربية .Inc" في عددها الخاص لشهر ديسمبر 2024 بعنوان "روّاد التكنولوجيا في الخليج العربي". للاطّلاع على القائمة الكاملة، يُرجى الضغط هنا.