رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: معاذ شيخ
الرّئيس التّنفيذيّ والشّريك المؤسّس لشركة STARZPLAY، كان أحد 30 مبتكراً احتفت بهم مجلّة "عربية .Inc" في عددها الخاصّ لشهر ديسمبر 2024
بعد إطلاق منصّة ستارزبلاي (STARZPLAY) الرّائدة في خدمات الفيديو حسب الطّلب في منطقة الخليج، أصبح معاذ شيخٌ، المؤسّس المشارك والرّئيس التّنفيذيّ للمنصّة، واحداً من أبرز الشّخصيّات الّتي يمكنها تسليط الضّوء على قدرة التّكنولوجيا على إحداث تحوّلاتٍ جوهريّةٍ في الصّناعات. فمنذ تأسيس المنصّة في عام 2014، قاد شيخٌ الشّركة بثباتٍ نحو تحقيق نجاحاتٍ متواليةٍ، وشهدت خدمات الفيديو حسب الطّلب طفرةً كبيرةً في عام 2020 عندما ارتفعت قاعدة المشتركين المدفوعة بـنسبة 40%. جاء هذا النّموّ نتيجةً مباشرةً لمرونة المنصّة في التّكيّف مع التّحدّيات، وتنوّع خدماتها، وتطوير تقنيّاتٍ مبتكرةٍ استجابةً للتّغيّرات السّريعة في المشهد الإعلاميّ.
يقول معاذ شيخٌ: "بدأ شغفي بحلول التّكنولوجيا عندما أدركت قدرتها الهائلة على إعادة تشكيل الصّناعات، لا سيّما صناعة التّرفيه. وعند إطلاقنا ستارزبلاي عام 2014، كنّا نسعى إلى تقديم تجربةٍ ترفيهيّةٍ عالية الجودة لجمهور منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع مرور الوقت، تبنّينا تقنيّاتٍ متطوّرةً مثل التّخصيص المدعوم بالذّكاء الاصطناعيّ، الّذي أسهم في زيادة تفاعل المشاهدين مع المحتوى بـنسبة 400%. كما قدّمنا خدمات الفيديو المدعومة بالإعلانات عن طريق خدمة "ستارز أون" (STARZ ON)، ممّا مكّننا من الوصول إلى أكثر من 600 مليون شخصٍ في المنطقة".
ساهمت هذه الإنجازات في جعل ستارزبلاي أوّل منصّةٍ في المنطقة تبثّ الفعاليّات الرّياضيّة مباشرةً، حيث أتاحت للمشاهدين متابعة أحداثٍ مثل كأس العالم للأندية فيفا 2021 وبطولات الكريكيت العالميّة. شكّل هذا التّوجّه خطوةً استراتيجيّةً، عزّزت مكانة المنصّة الرّياديّة، ورسّختها في مقدّمة اللّاعبين الرّئيسيّين في سوق التّرفيه الرّقميّ.
ولعلّ أبرز ما يميّز ستارزبلاي هو قدرتها على تحقيق أرقامٍ لافتةٍ. تسعى المنصّة إلى مضاعفة عدد مشتركيها ليصل إلى أربعة ملايين في السّنوات المقبلة، بينما حصلت في عام 2022 على تقييمٍ بلغ 420 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، بعد استثمارٍ كبيرٍ قادته شركة إي-فيجن (e-vision) التّابعة لمجموعة إي آند (&e) وشركة القابضة (ADQ) في أبوظبي.
يفتخر معاذ شيخٌ بما حقّقته المنصّة قائلاً: "نجحنا في تحويل ستارزبلاي من شركةٍ ناشئةٍ إقليميّةٍ إلى منصّة البثّ الثّانية في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، متجاوزةً نتفليكس. لم يقتصر نجاحنا على تقديم المحتوى فقط، بل طوّرنا تقنيّاتٍ خاصّةً بنا تصدّر الآن على المستوى العالميّ كحلولٍ مبتكرةٍ. تجسّد هذه الخطوة قدرة الخليج على تجاوز التّبنّي إلى ريادة تصدير ابتكاراتٍ تكنولوجيّةٍ تعيد تشكيل مستقبل التّرفيه الرّقميّ".
رغم هذه النّجاحات، واجهت المنصّة تحدّياتٍ كبيرةً منذ انطلاقها، من أبرزها محدوديّة خيارات الدّفع وضعف البنية التّحتيّة للشّبكات في المنطقة. يوضّح شيخٌ: "تصدّينا لهذه التّحدّيات من خلال تقديم تقنية البثّ التّكيّفيّ الّتي تناسب المناطق ذات النّطاق التّردديّ المنخفض، إضافةً إلى إدخال خيارات دفعٍ متعدّدةٍ تشمل الفواتير عبر شركات الاتّصالات وبطاقات الائتمان وخدمة "باي بال" (PayPal). ساعدتنا هذه الحلول في توسيع قاعدة المستخدمين، وخصوصاً في مجتمعاتٍ كانت غير مخدومةٍ سابقاً في جميع دول الخليج السّتّ، ممّا جعل الوصول إلى المنصّة أكثر سهولةً وشموليّةً".
اليوم، تعدّ ستارزبلاي واحدةً من أكثر منصّات التّرفيه الرّقميّ نجاحاً في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تجذب خدمة ستارز أون أكثر من مليون مستخدمٍ نشطٍ شهريّاً. تعتمد المنصّة على محرّك تخصيصٍ مدعومٍ بالذّكاء الاصطناعيّ، أسهم في زيادة معدّلات النّقر بـنسبة 400%. إضافةً إلى ذلك، استفادت المنصّة من شراكةٍ حصريّةٍ مع بطولة "يو إف سي" (UFC) للفنون القتاليّة المختلطة، ممّا ساعد في تحقيق زيادةٍ في الإيرادات بلغت 20 ضعفاً.
فيما يتعلّق بمستقبل المنصّة، يرى معاذ شيخٌ أنّ الصّناعة تتّجه نحو دمج التّكنولوجيا والتّرفيه بطرقٍ أكثر تفاعلاً وإبداعاً. يقول: "نتوقّع أن تتطوّر منصّات البثّ لتصبح مراكز متكاملةً للتّرفيه الرّقميّ، معتمدةً على تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ وويب 3. المستقبل سيكون مزيجاً من التّجارة الاجتماعيّة، وتجارب الألعاب، والمحتوى القصير المخصّص، ممّا سيحوّل تجربة المشاهدة إلى تجربةٍ تفاعليّةٍ نابضةٍ بالحياة، تتجاوز مجرّد الاستهلاك السّلبيّ".
يعزّز شيخٌ هذا التّوجّه بتركيزه على الابتكار في مجالات التّجارة الإعلاميّة، والألعاب، والدّراما القصيرة، وتكامل المحتوى. ويضيف: "هدفنا هو تقديم تجارب مخصّصةٍ تعكس الثّقافة المحلّيّة، وتعزّز تفاعل المستخدمين، ممّا يرسّخ مكانة ستارزبلاي كمنصّة البثّ الرّائدة في المنطقة. هذه المبادرات لن تقتصر على تحسين التّجربة للمستخدمين فقط، بل ستفتح آفاقاً جديدةً للمنصّة في أسواقٍ أكثر تنوّعاً".
على نطاقٍ أوسع، تؤدّي ستارزبلاي دوراً محوّريّاً في دعم الاقتصاد الرّقميّ في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات. يوضّح شيخٌ: "ساعدت منصّتنا في تطوير الملكيّة الفكريّة وخلق فرص عملٍ متخصّصةٍ في قطاعي التّكنولوجيا والإعلام. هذا الدّور يبرز أهمّيّة الابتكار الرّقميّ في دفع عجلة الاقتصاد المحلّيّ والإقليميّ".
وفي الختام، يؤكّد معاذ شيخٌ عزمه على مواصلة البناء على هذا النّجاح من خلال شراكاتٍ محلّيّةٍ وإقليميّةٍ ودوليّةٍ. يقول: "نؤمن أنّ الابتكار الرّقميّ يمكن أن يكون قوّةً دافعةً للتّغيير على المستوى العالميّ. سنواصل دفع حدود التّرفيه الرّقميّ، واضعين نصب أعيننا أن نكون نموذجاً يحتذى به في الابتكار والإبداع".
دليل النّجاح: حوارٌ مع معاذ شيخٍ
ما الدّور الّذي ستلعبه دول الخليج في مجال التّكنولوجيا عالميّاً مع هذه الاستثمارات الضّخمة؟
تحوّلت دول مجلس التّعاون الخليجيّ إلى مركزٍ عالميٍّ للتّكنولوجيا والابتكار، حيث تعمل المنطقة كحقل تجارب للتّقنيات المتقدّمة، مدفوعةً بمبادراتٍ طموحةٍ مثل الاستراتيجيّة الوطنيّة للابتكار في الإمارات ورؤية السّعوديّة 2030. وقد استفادت ستارزبلاي مباشرةً من هذا النّظام الدّيناميكيّ عبر الدّعم الاستراتيجيّ والاستثمارات الّتي قدّمتها "إي آند" وشركة القابضة في أبوظبي، ومكتب أبوظبي للاستثمار.
ضخّت دول الخليج استثماراتٍ واسعةً في مجالات الذّكاء الاصطناعيّ، وشبكات الاتّصال، ومراكز البيانات، والخدمات السّحابيّة، والشّركات النّاشئة في قطاع التّكنولوجيا، ما عزّز مكانتها ليس كمستهلكٍ فقط، بل كمنتجٍ ومبتكرٍ في قطاعاتٍ مثل الإعلام والتّجارة الإلكترونيّة. فعلى سبيل المثال، رصدت الإمارات في فبراير الماضي 500 مليون دولارٍ لدعم البحث والتّطوير في الذّكاء الاصطناعيّ والتّقنيات النّاشئة، وهو ما يتكامل مع خطّة السّعوديّة لاستثمار 100 مليار دولارٍ في قطاع التّكنولوجيا. أسهمت هذه الجهود في تعزيز الابتكار، وخلق بيئةٍ تنافسيّةٍ تتيح للشّركات التّقنيّة النّموّ، وتوفّر مساحةً مزدهرةً للشّركات النّاشئة للابتكار والتّوسّع.
ما النّصيحة الّتي تقدّمها للشّباب أو الشّركات النّاشئة الّتي تسعى لدخول هذا المجال أو التّوسّع فيه؟
يبدأ النّجاح من فهم الجمهور بعمقٍ، إذ يشكّل إدراك احتياجات العملاء ركيزةً أساسيّةً في بناء أيّ مشروعٍ ناجحٍ. لذلك، يفضّل تطوير منتجٍ متكاملٍ يلبّي احتياجات شريحةٍ محدّدةٍ من الجمهور، بدلاً من محاولة تقديم منتجٍ غير مكتملٍ لشريحةٍ واسعةٍ، ممّا قد يؤدّي إلى تجربةٍ غير مرضيّةٍ للمستخدمين. ولضمان تحقيق ذلك، يجب الاستثمار منذ البداية في تحليل البيانات، والاستفادة من التّكنولوجيا في تخصيص الخدمات، الأمر الّذي لا يعزّز تجربة المستخدم فحسب، بل يوجّه الاستراتيجيّة أيضاً نحو تحقيق نموٍّ مستدامٍ قائمٍ على الفهم الدّقيق لتوقّعات الجمهور وسلوكيّاته.
لكنّ النّجاح في قطاع الإعلام لا يعتمد فقط على بناء منتجٍ جيّدٍ، بل يتطلّب أيضاً مواكبة التّغيّرات السّريعة في المجال. فالاتّجاهات الجديدة تظهر باستمرارٍ، لتعيد تشكيل كيفيّة تفاعل الجمهور مع المحتوى. من أبرز هذه الاتّجاهات نماذج البثّ المجّانيّ المدعوم بالإعلانات (AVOD)، والتّلفاز المجّانيّ المدعوم بالإعلانات (FAST)، بالإضافة إلى التّجارب التّفاعليّة (Gamification)، الّتي تزيد من اندماج المشاهدين مع المحتوى بشكلٍ أكثر تفاعليّةً. وهنا، تصبح القدرة على التّكيّف مع هذه التّحوّلات مفتاحاً أساسيّاً للنّجاح، إذ يضمن الاستعداد المستمرّ لتحديث الاستراتيجيّات والبقاء في طليعة الابتكار، ممّا يعزّز قدرة الشّركات على جذب الجمهور والاحتفاظ به في ظلّ المنافسة المتزايدة.
اختارت مجلّة "عربية .Inc" الرّئيس التّنفيذيّ لستارزبلاي، معاذ شيخ، ضمن قائمة "روّاد التّكنولوجيا في الخليج العربي" في عددها الخاصّ بشهر ديسمبر 2024. للاطّلاع على القائمة الكاملة، اضغط هنا.
شاهد أيضاً: رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: إيلي حبيب