لماذا يعتبر طرح هذا السؤال دليلاً على الضعف الإداري؟
لأن طرحه يعكس فشلاً في فهم ديناميكيات العمل ويشير إلى ضعف إداري في تصميم الهياكل التنظيمية وأنظمة المكافآت الفعّالة ... فما هو السؤال؟
"كيف يمكنني تحفيز الموظفين؟" يظهر هذا السؤال كسؤالٍ إداريٍ تقليدي، وقد عملت الأوساط الأكاديمية وأصحاب الأعمال على تأمّله عبر العقود. ولكنّه سؤالٌ لا يطرحه القادة المتميّزون أبداً. هذه الرؤية جاءت عن طريق جيف سمارت، مؤسس شركة ghSmart الاستشارية للقيادة.
في الحقيقة، يعتبر طرح هذا السؤال "فشلاً إدارياً"، كما كتب في مقالٍ مستفيض على موقع Psychology Today. "بعد توجيه النّصائح لآلاف القادة النّاجحين وغير النّاجحين لمدةٍ تقارب ثلاثة عقودٍ وتحليل أدائهم، لاحظت نمطاً متميّزاً. القادة العظام لا يطرحون هذا السؤال"، كما كتب.
فما الخطأ في طرح سؤال كيفية تحفيز الموظفين؟ بالنسبة لجيف، يعكس السؤال تركيزاً خاطئاً. يدرك القادة المتميّزون أنّ الهياكل التّنظيمية وأنظمة المكافآت التي يخلقونها تؤدّي إلى نتائج جيّدة أو سيئة في مكان العمل، وبالتالي، يعتبر إلقاء اللوم على الموظفين غير المتحفّزين للنتائج السيئة مجهوداً عقيماً. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر طرح سؤالٍ عن كيفية تحفيز الموظفين شبيهاً بطرح سؤال كيفية استغلال الموظفين بشكلٍ أقصى، سؤالٌ "يظهر النية الاستغلالية بوضوح". "تخيّل كم هو محبطٌ العمل مع مديرٍ يتساءل كيف يمكنه استغلالك بشكلٍ أفضل"، كما كتب سمارت.
ليس هذا فحسب، بل قدّمت عقودٌ من البحوث إجابةً واضحةً نسبياً على سؤال ما الذي يلهم الموظفين للقيام بعملٍ جيّد أو سيئ، وتظلّ الإجابة غير مرتبطة بشكلٍ كبير بدافعية الموظف. ويتلخّص نصف قرنٍ من البحث في هذا الموضوع بما يلي، كما يكتب سمارت: "النّاس يفعلون ما يعتقدون أنّه يصبّ في مصلحتهم".
فعندما تتعطّل النّظم، وتجد أنّ هناك موظفاً واحداً أو أكثر يقومون بعملٍ سيئ، قد يكون السبب هو أنّ الشخص الذي وظّفته لا يناسب الوظيفة. (هذا أمر أكثر شيوعاً ممّا قد تظن، يكتب سمارت أنّ البحث يظهر أنّ المديرين يندمون على حوالي نصف توظيفاتهم) أو، قد يكون السبب هو أنّك لم توضّح التوقعات بشكلٍ صحيح. إذا كنت قد عملت في وظيفةٍ في الماضي ولم يكن من الواضح بالنسبة لك أيّ جزءٍ من الوظيفة كان الأهم بالنسبة لرئيسك، فبالتأكيد، تدرك من خلال تجربتك الشخصية مدى تحدّي هذه المسألة.
هل تؤدي النتائج الجيدة إلى المكافآت الصحيحة؟
الاحتمال النهائي، وهو الذي ينطبق على كثيرٍ من المنظّمات، هو عدم الانسجام بشكلٍ صحيح بين نتائج الموظفين والمكافآت التي يهتمّون بها. في السنوات السابقة، كتب آدم غرانت عن مركز اتصال في منشأةٍ طبيّة كانت الأعمال فيه مليئةً بالأخطاء. وتبيّن أنّ الكثير من موظفي مركز الاتصال كانوا يأملون في تطوير مستقبلٍ طبي، ولكن إدارة مركز الاتصال لم تكن على درايةً بذلك، وبالتالي فشلت في خلق عوائد يتوق إليها الموظفون. لم يكن لديهم علمٌ بما يرغبه الموظفون لأنّهم لم يفكّروا قط في طرح السؤال. لكن غرانت وفريقه طرحوه، وساعدوا في إنشاء جوائز مناسبة للأداء المتميّز في مركز الاتصال، مثل فرص متابعة المحترفين الطّبيين أو التّقدم إلى وظائف تتيح التعامل المباشر مع المرضى. وتحسّن أداء مركز الاتصال بسرعة.
في المرّة القادمة الّتي تجد نفسك تتساءل فيها عن كيفية تحفيز موظفيك، اطرح هذا السؤال بدلاً من ذلك: ما الذي يمكنني تقديمه للموظفين ليكونوا مستعدّين لتقديم أفضل ما لديهم لأنّه في مصلحتهم الشخصية؟ ولا يحتاج إلى التفكير في هذا السؤال بمفردك أو استشارة خبيرٍ في الإدارة. بدلاً من ذلك، يمكنك القيام بشيءٍ بسيطٍ لكنّه فعّالٌ للغاية، يمكنك طرح السؤال على الموظفين أنفسهم. وذلك سيتيح لك إنشاء نظام جوائز يحفّز الناس على تقديم أفضل ما لديهم لأنّه سيجعلهم أقرب إلى ما يرغبون فيه.