الرئيسية التنمية سؤال بسيط من 6 كلمات يقضي على القلق فوراً

سؤال بسيط من 6 كلمات يقضي على القلق فوراً

وسط دوّامة التّوتر والتّساؤلات، يكشف خبراء علم النّفس والفلاسفة عن أداةٍ عقليّةٍ فعّالةٍ تمنحك وضوحاً وقوّةً للتّحرّك بثقةٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

نعيش في زمنٍ يعجّ بالقلق والغموض، ليس من الغريب أن تدور في أذهان روّاد الأعمال دوّامةٌ لا تنتهي من تساؤلات "ماذا لو؟" الّتي تستنزف طاقتهم، وتشعل التّوتّر في نفوسهمماذا لو استمرّت التّعريفات الجمركيّة وارتفعت التّكلفات؟ وإن اختفت، كيف يمكنني التّخطيط لمستقبل مشروعي؟ ماذا لو وقع ركودٌ اقتصاديٌّ؟ ماذا لو خسرت اتّصالاتي الحكوميّة؟ ماذا لو تعرّضت منطقتي لكارثةٍ طبيعيّةٍ؟ أو انقلب الذكاء الاصطناعي رأساً على عقبٍ وغيّر شكل الصّناعة؟

وهكذا تتسلّل سلسةٌ من قضايا "ماذا لو؟" إلى عقولنا، واحدةً تلو الأخرى، دون نهايةٍوبينما لا يمكنني أن أدّعي أنّ هذه المخاوف لا أساس لها، إلّا أنّني أستطيع أن أقترح حيلةً ذكيّةً -غير متوقّعةٍ- يجمع على فعاليّتها عددٌ متنوّعٌ من الخبراء، من بينهم علماء نفسٍ. هذه الأداة فعّالةٌ بشكلٍ مدهشٍ، وسهلة التّطبيق، وكلّ ما تتطلّبه هو: سؤالٌ بسيطٌ من 6 كلماتٍ فقطلكن، دعني أحذّرك، يحتاج تطبيق هذه الحيلة إلى شيءٍ من الشّجاعة.

القلق ليس عدوّاً دائماً

قبل أن نكشف هذا السّؤال السّحريّ الّذي يقطع جذور القلق، علينا أن نتوقّف قليلاً لنتأمّل حقيقةً مهمّةًالقلق، على الرّغم من كونه شعوراً غير مريحٍ، إلّا أنّه ليس عديم الفائدة. وفقاً لعالمة الأعصاب في جامعة نيويورك، ويندي سوزوكي، مؤلّفة كتاب "القلق الجيّد: تسخير قوّة أكثر المشاعر سوء فهمٍ" (Good Anxiety: Harnessing the Power of the Most Misunderstood Emotion) (2022)، فإنّ كلّ تلك التّساؤلات المخيفة من نوع "ماذا لو؟" يمكنها أن تدفعنا للتّفكير العميق، وتحفّزنا للاستعداد المبكّر للمشاكل المحتملة.

تؤكّد سوزوكي أنّ القلق يمكن أن يكون قوّةً خارقةً حين يستعمل كخريطةٍ لتجنّب العثرات. ولكن للاستفادة منه، علينا أن نكسر هذه الدّوّامة، وأن نبدأ بالتّفكير البنّاء حول ما يمكننا فعله فعلاً لتحسين وضعنا.

في مقالٍ نُشر في مجلّة "سايكولوجي توداي" (Psychology Today)، قدّم الطّبيب النّفسيّ جيفري بيرنستين وصفةً عمليّةً؛ لتحويل تساؤلات "ماذا لو؟" المرهقة إلى منهجٍ بنّاءٍ يدفعنا إلى العمل، بدلاً من الدّوران في دوائر الخوف. إذ يقول بيرنستين بأسلوبٍ واقعيٍّ بسيطٍ: "من العجيب كيف لكلمتين صغيرتين -مثل: ماذا لو؟- أن تسرقا منك إحساسك بالسّلام في لحظاتٍ". 

ويضيف: "يحبّ القلق أفكار الماذا لو؛ فهي تغذّي الغموض، وتضخّم المخاوف، وتُربك قدرتنا على التّفكير المنطقيّ. لا أحد في مأمنٍ منها، من الأطفال إلى البالغين. ولكن العلاج موجودٌ، وهو أن تستبدل كلّ هذه التّساؤلات بسؤالٍ واحدٍ بسيطٍ، قد يبدو غريباً، وربّما غير متوقّعٍ من طبيبٍ نفسيٍّ: "ما أسوأ شيءٍ يمكن أن يحدث؟"

التفكير بالأسوأ قد يكون مفيداً

قد تتساءل: كيف لسؤالٍ يركّز على السّيناريو الأسوأ أن يشعرني بالتّحسّن؟ أليس من المفترض أن يفاقم مخاوفي؟ لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، حيث يشرح بيرنستين أنّ هذا السّؤال مستمدٌّ من مبادئ "العلاج المعرفيّ السّلوكيّ"، وهو لا يدفعك للتّشاؤم، بل يساعد دماغك على التّوقّف عن الجريان وراء الخيال، ويعيدك إلى الواقع لتدرك أنّ السّيناريو الأسوأ -مهما كان صعباً- تستطيع النّجاة منه.

أفكّر في آخر فيلم رعبٍ شاهدته: غالباً شعرت بالرّعب الشّديد قبل أن تظهر الوحوش أو الكائنات الفضائيّة. ولكن ما إن رأيتها بوضوحٍ، بأسنانها الحادّة أو اللّيزرات القاتلة، حتّى بدأتُ أفكّر في المواجهة، وركّزت على ما يمكن فعله لهزيمتها؛ فتحوّلت تساؤلاتي من "ماذا لو دمّر العالم؟" إلى "هل سيتمكّن الأبطال من تدمير السّفينة؟ببساطةٍ، نحن نخاف من الغامض أكثر من الواقع. وعادةً ما تكون المخاوف الّتي نرسمها في عقولنا أسوأ بكثيرٍ من الحقائق الّتي نواجهها على الأرض.

يصف بيرنستين هذا التّأثير بطريقةٍ علاجيّةٍ واضحةٍ: "يوقف طرح سؤال 'ما أسوأ شيءٍ يمكن أن يحدث؟' العقل عن الانجراف وراء المخاوف الغامضة، ويجبرك على مواجهة الواقع؛ فتصبح أكثر تحديداً، وأقلّ عرضةً للتّوهان في ضباب القلق". وبمجرّد أن تدرك شكل المشكلة الحقيقيّ بوضوحٍ، تبدأ في إدراك أنّك قادرٌ على التّعامل معها، وتبدأ بوضع خططٍ واقعيّةٍ لحمايتك من الأسوأ.

هذا الفهم ليس جديداً. في محاضرةٍ ألقاها تيم فيريس في مقرّ "غوغل" (Google)، تحدّث عن شغفه بهذا السّؤال: "ما أسوأ شيءٍ يمكن أن يحدث؟وقال إنّه تعلّم هذا التّمرين من الفلسفة في روما القديمة، إذ كانت رسالتهم واضحةً: "لا تحدّد أهدافك فقط، بل حدّد مخاوفك". حين تدرك ما الّذي تخافه بدقّةٍ، تصبح أكثر قدرةً على التّقدّم واتّخاذ قراراتٍ شجاعةٍ.

وساق فيريس مثالاً شخصيّاً: كان يدير عملاً يتطلّب منه 14 ساعةً يوميّاً ليحافظ عليه، ولكنّه قضى 6 أشهرٍ عالقاً في دوّامةٍ لا نهاية لها من سيناريوهات "ماذا لو؟": ماذا لو خسر أكبر عميلٍ؟ ماذا لو واجه مشاكل ضريبيّةٍ؟ كانت المخاوف كثيرةً، ولكنّها لم تكن قابلةً للتّطبيق أو المواجهة، فبقيت تدور في رأسه بلا فائدةٍ.

ثمّ قرأ كتابات الفلسفيّ الرّواقيّ سينيكا، وطبّق تمريناً بسيطاً أوصى به:

  • العمود الأوّل: يكتب فيه كلّ الأشياء الرّهيبة الّتي قد تحدث (أسوأ السّيناريوهات).
  • العمود الثّاني: يسجّل فيه ما يمكنه فعله لتقليل احتمال وقوع تلك الكوارث.
  • العمود الثّالث: يدوّن فيه خطواتٍ تفصيليّةً للعودة إلى وضعه الحاليّ إن حدث الأسوأ فعلاً.

عندما نظر في ورقته، أدرك أنّ أقصى ألمٍ محتملٍ لا يتجاوز درجتين من عشرةٍ؛ فاتّخذ قراره: ترك العمل، وأخذ إجازةً طويلةً، ثمّ ألّف كتابه الشّهير: "أسبوع العمل لأربع ساعاتٍ: أهرب من 9-5، وعش أينما شئت، وانضمّ إلى الأثرياء الجدد" (The 4-Hour Workweek: Escape 9–5, Live Anywhere, and Join the New Rich).

سؤال صغير وأثر كبير على القلق

لا أستطيع أن أعدَك بأنّ طرح سؤال: "ما أسوأ شيءٍ يمكن أن يحدث؟" سيقودك إلى قصّة نجاحٍ، مثل: قصّة فيريس. ولكن الفلسفة القديمة وعلم النّفس الحديث يتّفقان: يخفّف هذا السّؤال من حدّة القلق، ويوفّر لك وضوحاً، ويدفعك إلى التّحرّك بدلاً من التّجمّد؛ وهذا إنجازٌ كبيرٌ لسؤالٍ بسيطٍ لا يتجاوز 6 كلماتٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: