30 ثانية مفصلية.. قرار ستيف جوبز "Steve Jobs" الذي غيّر مسار التاريخ!
حيرةٌ بين الصراحة والكذب أشعلت شرارةً وضعت جوبز في المكان الذي يستحقّه
في سنةِ 1997، كان فيلم Jerry Maguire في دورِ العرضِ، وكانَ بريت فارف وفريقُ باكرز الأخضرِ قد فازوا للتوِّ ببطولةِ السوبر بول، وحينها وقعت Apple في مأزقٍ كبيرٍ: تقنيةٌ يمكنُ تقليدُها، وحصّةُ سوقٍ تتراجعُ، ويمكنها بالكادِ تحقيقُ أرباحٍ، وبعيدة كلَّ البُّعدِ عمَّا هي عليه اليومَ. [1]
ولم يكن أيٌّ من هذا ذنبُ ستيف جوبز؛ إذ تمَّ فصلهُ من الشَّركةِ في عام 1985، وبينما اشترت Apple مؤخرّاً الشَّركةَ التي أسَّسها بعد ذلك، وهي NeXT، كان جوبز مشغولاً بوظيفتِهِ كرئيسٍ تنفيذيٍّ لـ Pixar.
لكن بعد ذلك، تلقَّى جوبز اتّصالاً هاتفياً من الرَّئيسِ التَّنفيذيِّ السَّابقِ لـ DuPont، إدجار وولارد، الذي أصبحَ رئيسَ مجلسِ إدارةِ Apple، ولم يسبقْ للرّجلينِ أن التقيا في السَّابقِ، وكما ذكرَ والتر آيزاكسون في سيرتهِ الذَّاتيةِ لستيف جوبز، كانَ الاتّصالُ -في ظاهرِ الأمرِ- ليطلبَ وولارد من جوبز القدومَ إلى ولايةِ ديلاوير لإلقاءِ خطابٍ، ولكن كان ذلك مجرّدَ ذريعةٍ؛ إذ إنَّ الخطةَ كانت تتعلّقُ بطرحِ أسئلةٍ صعبةٍ على جوبز حولَ الرّجلِ الذي كانَ قد تولَّى رئاسةَ Apple بعد ذلك، وهو جيل أميليو، وذكر جوبز ماذا كانَ يدورُ في ذهنهِ خلال المكالمةِ الهاتفيَّةِ:
"فكّرت في نفسي، إمَّا أن أخبرهُ بالحقيقةِ، وهي أن (جيل هو رجلٌ غبيٌّ)، أو أن أعمدَ إلى الكذبِ، وذلكَ بالامتناعِ عن قولِ الحقيقةِ، لكنَّه عضو في مجلسِ إدارةِ Apple؛ لذا يجبُ عليَّ أن أخبرهَ برأيي عنه، ومن ناحيةٍ أُخرى، إذا قلتُ لهُ؛ فإنَّهُ سيخبرُ جيل، وفي هذهِ الحالةِ لن ينصتَ جيل إليَّ مرَّةً أخرى، وسيؤثّرُ على الأشخاصِ الَّذينَ قدمتهم إلى Apple. وكلُّ هذا حدثَ في رأسي في أقلَّ من 30 ثانية.
لكنّني أخيراً اتّخذتُ قراراً بأنَّني ملزمٌ بإخبارِ هذا الرّجل بالحقيقةِ، كنتُ أهتمُّ بشكلٍ كبيرٍ بـ Apple؛ لذا أخبرتُه بالحقيقةِ مباشرةً؛ إذ قلتُ لهُ إنَّ هذا الرّجلَ هو أسوأُ الرّؤساءِ التَّنفيذيينَ الَّذينَ رأيتهم في حياتي، وأعتقدُ أنَّهُ في حالِ كانت هناكَ رخصةٌ ليصبحَ الشَّخصُ بموجبِها رئيساً تنفيذياً؛ فإنَّهُ لن يحصلَ عليها. وعندما أغلقتُ الهاتفَ، فكّرتُ وقلتُ في نفسي إنَّني ربُّما فعلتُ أمراً في غايةِ الغباءِ.
شاهد أيضاً: يخبرك ستيف جوبز أن نجاحك الكلي قد يتعلق بهذه العادة القوية في التفكير
وممّا علمناهُ بالنَّظرِ إلى ما مضى، أنَّ وولارد كانَ عضواً في مجلس إدارةِ Apple لأقلَّ من عامٍ، وكان مقتنعاً بأنَّ الشَّركةَ كانت "على وشكِ الإفلاسِ"، على الرَّغم من أنَّ أميليو قد جلبَ وولارد ليكونَ عضواً في المجلسِ، إلَّا أنَّهُ قد استنتجَ بالفعلِ أنَّ الفرصةَ الوحيدةَ للصّمودِ كانت باستعادةِ جوبز.
وبالفعلِ، بعدَ فترةٍ قصيرةٍ من المكالمةِ الهاتفيَّةِ، بدأت شائعاتٌ في وادي السيليكون تشيرُ إلى أن جوبز كانَ في الواقعِ يحاولُ استبدالَ أميليو. (بالإضافةِ إلى ذلكَ، تطوّرت صداقةٌ بينَ جوبز ووولارد، كما كتبَ أميليو في مذكّراتهِ لاحقاً بعنوان "على خطِّ المواجهةِ: أيامي الخمسمئةُ التي أمضيتُها في Apple".
ولاحقاً بعدَ بضعةِ أشهرٍ، تكبّدَ وولارد فاتورةً بقيمةِ 2000 دولار، كرسومٍ لمكالماتٍ أجراها من مسافةٍ بعيدةٍ (وقتها كان في بطولةِ ويمبلدون للتّنس) خلالَ عدَّة أيامٍ، حاولَ فيها إقناعَ المجلسِ بإقالةِ أميليو، وبعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ، عادَ جوبز إلى Apple كمستشارٍ في البدايةِ، ومن ثمَّ كرئيسٍ تنفيذيٍّ في آخر الأمرِ.
شاهد أيضاً: Microsoft تتقدّم على Apple متربعةً على عرش أعلى قيمة في السوق العالمية
توفي وولارد في الشَّهرِ الماضي عن عمرٍ يناهزُ 89 عاماً، وجمعت صحيفةُ وول ستريت جورنال بعض هذه التَّفاصيلِ في مقالٍ، ولكن دعونا نفكّرُ في الآثارِ المترتبةِ ممّا جرى:
إذا لم يكن جوبز قد قرّرَ في تلكَ الثَّواني الثَّلاثين أن يكونَ صريحاً، ويقولَ الحقيقةَ في أوَّلِ محادثةٍ لهُ مع وولارد، فربَّما لم يكن وولارد سيسعى بشدةٍ لإعادتهِ. وإذا لم يعد جوبز، من المحتملِ أن Apple لم تكن لتصبحَ أبداً الشَّركةَ العملاقةَ التي نعرفها اليوم. وإذا لم تكن Apple قد انتعشت بعودةِ جوبز، فإنَّكَ لن تقرأَ هذا على الجهازِ الذي تبلغُ احتماليّةُ عدمُ وجودهِ اليومَ النّصفَ؛ إن صحَّ التَّقديرُ.
إنَّها قصةٌ شائقةٌ من تاريخِ الأعمالِ، نوعٌ من القصّصِ التي أعتقدُ أنَّ قادةَ الأعمالِ اليوم ينبغي عليهم أن يضعُوا تعلُّمها نصبَ أعينهم، وأعتقدُ أنَّها تحملُ بعض الدَّروسِ الواضحةِ، من بينها الدَّرسُ التَّالي:
عندما تواجهُ قراراً صعباً، خذ قليلاً من الوقتِ لاتّخاذِ القرارِ، وانظر إلى التزاماتكَ، ثمَّ اتَّبع حدسكَ؛ فأنتَ لا تعلمُ أبداً إلى أيِّ مدىً يمكنُ أن يمتدَّ تأثيرُ هذه القراراتِ على حياتكَ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.