سلوك واحد إن جعلته عادة، فستتمتع بمهارات قيادة أفضل
إنه ليس صفة يتمتع بها كل قائد عمل، لكنه يمكن أن يغير قواعد اللعبة
بقلم مارسيل شوانتس Marcel Schwantes، محرر مساهم في Inc.، ومؤسس القيادة من الصميم Leading from the Core
نحنُ نعيشُ في مجتمعٍ يقدِّرُ التّلبيةَ الفوريةَ للاحتياجاتِ، فعندما نكون في العملِ، نتفاوضُ للحصولِ على ما نحتاجه لإنجازِ أعمالنا قبل المواعيدِ النّهائيةِ الملحّةِ، ولنعطي رؤساءَنا انطباعاً حسناً عنّا. إذا لم نحصلْ على ردودٍ على رسائلنا العاجلةِ، ما كان منها رسالةً نصيّةً أو بريداً إلكترونيّاً، في الوقتِ الذي يناسبنا، يرتفعُ مقياسُ نفاذِ الصّبر، وكذلك مستوى الإحباطِ مع الآخرين. [1]
عقليّةُ "ما الذي قدّمته لي مؤخّراً؟" أصبحت متجذّرةً ثقافيّاً فينا جميعاً. فنحن نفتقرُ إلى الصّبرِ، ونطالبُ بالأشياءِ دون اعتبارٍ للكثيرِ من احتياجاتِ الآخرين وراحتهم.
هذه هي الأخبارُ السّيئةُ، أمّا الخبرُ الجيّدُ فهو أنّه يمكننا القيامُ بشيءٍ بشأنِ قلّةِ صبرنا، لأنّه قد يكلّفنا الكثير كقادةٍ وأصحابِ أعمالٍ.
شاهد أيضاً: التغيير في العادات اليومية من الممكن أن يغير حياتك
إعادة النظر في مهارة الصبر
الصّبرُ ليس سلوكاً يتمتّعُ به كلّ قائدِ أعمالٍ بشكلٍ طبيعيّ أو يرغبُ في تطويره، خاصّةً في سباقٍ محمومٍ لتوسيعِ الأعمالِ والتفوّقِ على الأقرانِ. العديدُ من القادةِ يسعون إلى حلولٍ سريعةٍ، ولا يمكنهم انتظارُ استراتيجيّاتٍ طويلةِ المدى أن تُؤتيَ ثمارها. وبيئةُ العملِ الرّقميةِ ذات الوتيرةِ السّريعةِ لا تساعد في ذلك؛ فهي تثمّنُ السّرعةَ الفائقةَ أكثرَ من أيّ شيءٍ آخر.
لكن هاكم الحقيقة: الصّبرُ هو قوّةٌ سريّةٌ، ويمكن أن يساعدنا في توجيهِ حياتنا بشكلٍ صحيحٍ عبر كثيرٍ من أصعبِ التّحدّيات وحالاتِ الحيرةِ والتّردّد في الحياةِ. الدّكتورُ ديفيد سلس Dr. David Sluss، مدرّسٌ تنفيذيّ في مدرسةِ إيسيك لإدارةِ الأعمالِ ESSEC Business School، نشرَ أبحاثاً مقنعة حول الصّبرِ. وهو يعرِّفه بأنّه "الميلُ إلى التّصرّفِ بهدوءٍ في وجهِ الإحباطِ والمحنِ".
وفي حوارٍ ببودكاست، ذكَرني سلَس بأنّ الصّبرَ هو سلوكٌ فعليّ، وليس مجرّدُ وضعٍ ساكنٍ. إنّه "التّصرّفُ" بهدوءٍ في وجهِ الصّعابِ، وليس "الانتظارُ" بهدوءٍ. هناك عملٌ وراءه، ولكنّه عملٌ فكريّ، وعملٌ مدروسٌ ومسؤولٌ.
شاهد أيضاً: عادةٌ بسيطة تفصل بين القادة الناجحين والمتظاهرين بذلك
البطء يولِّد السلاسة، والسلاسة تولِّد السرعة
في مقالِ ديفيد سلس في هارفارد بزنس ريفيو الذي يلخّص بحثهُ، استخدمَ مثالاً عن فِرق النّخبةِ في البحريّةِ الأمريكيّةِ U.S. Navy SEALs، الذين يعملون بشعارِ "البطءُ يولّدُ السّلاسةَ، والسلاسةُ تولّد السّرعةَ". على الرّغمِ من حاجتهم إلى استجاباتٍ سريعةٍ، تتعاملُ هذه الفِرقُ الخاصّةُ مع مهمّاتها بدرجةٍ مدهشةٍ من الصّبرِ المنهجيّ في التّخطيطِ والتّنفيذِ. وبفضلِ أكثر من 60 عاماً من الخبرةِ في مواقف ذات ضغطٍ عالٍ، اكتشفوا أنّ العملَ بتروٍّ وبسلاسةٍ يقلّلُ فعلاً من الأخطاءِ والحاجةِ إلى إعادةِ القيامِ بالمهمّةِ، وهذا في نهايةِ المطافِ يسّرعُ تنفيذَ المهمّةِ.
كتبَ سلس أنّ القادةَ يجب أن يفهموا الفارقَ بين السّرعةِ التّشغيليّة (التّحرّكُ بسرعةٍ) والسّرعةُ الاستراتيجيّةُ (تقليلُ الوقتِ الذي يستغرقه تقديمُ القيمةِ). وهذا يعتمدُ على تحديدِ ما يعنيه "تقديمُ القيمةِ" بشكلٍ واضحٍ من البدايةِ.
شاهد أيضاً: يخبرك ستيف جوبز أن نجاحك الكلي قد يتعلق بهذه العادة القوية في التفكير
الخلاصة
الصّبرُ مهارةٌ أتمنّى أن يمارسها المزيدُ من القادةِ ويأخذونها على محملِ الجدّ. إنّه يساعدك في التمهّلِ، ومعالجة الأمورِ، وجمع المعلوماتِ، وإعادة التّفكيرِ عندما تتضخّمُ الأمورُ وتخرجُ عن السّيطرةِ. كما يمكنُ أن يساعدك في إعادةِ تشكيلِ عقليّةٍ إيجابيّةٍ، حيث يمكنكَ رؤيةَ أنّ الأمورَ ستتحسّنُ. وفي حالةِ الصّراعِ مع وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ، يساعدك الصّبرُ على رؤيةِ البراءةِ وسلامةِ النّيةِ في الآخرين خلال تلكَ اللّحظاتِ المحبطةِ عندما تفضّلُ الإصرارَ على ما تريدُ الحصولُ عليه مهما يكن. تذكّر الدّرسَ: "البطءُ يولّدُ السّلاسةَ، والسّلاسةُ تولّدُ السّرعةَ."