الرئيسية المفاهيم علم تنظيم الشغل: تحسين بيئات العمل لراحة وإنتاجية أفضل

علم تنظيم الشغل: تحسين بيئات العمل لراحة وإنتاجية أفضل

تصميمٌ ذكيٌّ يعزّز الكفاءة ويقلّل الإجهاد من خلال تحسين الأدوات والمساحات، ممّا يسهم في راحة العاملين وزيادة الإنتاجيّة وتقليل المخاطر المهنيّة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

علم تنظيم الشغل، أو ما يُعرف بـ"Ergonomics"، يضع الإنسان في قلب معادلة التّصميم، فهو علمٌ متعدّد التّخصّصات يجمع بين الهندسة البشريّة (Human Factors Engineering) وعلم النّفس المعرفيّ (Cognitive Psychology) والتّصميم الصّناعيّ (Industrial Design) لضمان توافق بيئة العمل مع القدرات الجسديّة والذّهنيّة للبشر. ومع التّحولات السّريعة في أنماط العمل، أصبح التّركيز على الحدّ من الإصابات المهنيّة، مثل: متلازمة الإجهاد المُتكرّر وتحسين راحة العاملين أمراً حيويّاً. 

ما هو علم تنظيم الشغل؟

علم تنظيم الشغل هو دراسة كيفيّة تفاعل الأفراد مع بيئات العمل الماديّة والرّقميّة بهدف تحسين الرّاحة، وتقليل الأخطاء، وتعزيز الكفاءة. ويستند إلى مبادئ التّحليل البيوميكانيكيّ لتقييم تأثير الحركات المتكرّرة، وتحليل الإدراك الحسّيّ لفهم كيفيّة معالجة المعلومات البصريّة والسّمعية داخل بيئات العمل. يتم تطبيقه في جميع القطّاعات، من المكاتب إلى المصانع، وحتّى في تصميم الأدوات الجراحيّة والمركّبات، لضمان تحقيق بيئةٍ تتكيّف مع الاحتياجات البشريّة بدلاً من إجبار الإنسان على التّكيّف معها.

أهمية علم تنظيم الشغل

يلعب علم تنظيم الشّغل دوراً محوريّاً في تحسين جودة الحياة المهنيّة، ويُسهم في:

  • تقليل الإصابات المهنيّة: مثل متلازمة النّفق الرّسغيّ (Carpal Tunnel Syndrome) وآلام أسفل الظّهر (Lower Back Pain).
  • تحسين الأداء الذّهنيّ: عبر تصميم مساحاتٍ تقلّل من الإجهاد المعرفيّ (Cognitive Load) وتحفز التّركيز.
  • زيادة الإنتاجيّة: من خلال تقليل الحركات غير الضّروريّة وتحسين التّفاعل بين الإنسان والآلة (Human-Machine Interaction – HMI).
  • تعزيز الرّضا الوظيفي: حيث ينعكس تحسين بيئة العمل على ولاء الموظفين وتقليل معدّلات دوران العمالة (Employee Turnover).
  • خفض التّكاليف التّشغيليّة: عبر تقليل نفقات التّأمين الصّحيّ المرتبطة بالإصابات وتحسين كفاءة التّشغيل.

أبرز مجالات تطبيق علم تنظيم الشغل

من أهمّ مجالات تطبيق علم تنظيم الشغل، نذكر ما يلي:

1. بيئات العمل المكتبية (Office Ergonomics)

تؤدّي ساعات العمل الطّويلة أمام الشّاشات إلى مشكلاتٍ صحيّةٍ، مثل: إجهاد العين الرّقميّ وآلام الرّقبة. لذلك، يعتمد علم تنظيم الشغل على: تصميم كراسٍ بمسندٍ قطنيٍّ لدعم العمود الفقريّ، وتحسين وضعية الشّاشات لتكون بمستوى العين لتقليل انحناء الرّقبة، واستخدام لوحات مفاتيح وفأراتٍ بتصميمٍ مريحٍ لتقليل إجهاد اليدين.

2. بيئات التصنيع وخطوط الإنتاج (Industrial Ergonomics)

في المصانع والمستودعات، يتعرّض العمّال لمخاطر، مثل الإجهاد العضليّ الهيكليّ، وهنا يتمّ تحسين بيئة العمل عبر: تطوير أدواتٍ ذات مقابض مانعةٍ للانزلاق لتقليل الضّغط على مفاصل اليد، واستخدام روبوتات تعاونيّة لتخفيف العبء عن العمّال، إلى جانب تحسين ارتفاع الطّاولات والمعدّات لضمان الرّاحة أثناء التّشغيل.

3. التطبيقات الطبية والجراحية (Medical Ergonomics)

يؤثّر علم تنظيم الشغل في تطوير الأدوات الجراحيّة وأجهزة الرعاية الصحية لتقليل الإرهاق لدى الأطباء والممرّضين، ويشمل ذلك: تصميم الأدوات الجراحيّة بزاويةٍ مريحةٍ تُقلّل من الإجهاد أثناء العمليّات، وتحسين تصميم أسرّة المستشفيات لدعم الوضعيّات المختلفة للمرضى، مع تطوير أنظمة تسجيل بياناتٍ طبيّةٍ تتيح وصولاً أسرع وأسهل للمعلومات الحيويّة.

4. وسائل النقل والمركبات (Automotive Ergonomics)

يتم تطبيق مبادئ علم تنظيم الشغل في تصميم السّيارات والطّائرات لضمان راحة السّائقين والرّكاب، عبر: ضبط ارتفاع المقاعد وزوايا الدّواسات لضمان وضعية جلوسٍ مريحةٍ، وتحسين أنظمة التّحكم وإعادة تصميم لوحات القيادة لزيادة سهولة الاستخدام، واستخدام تقنيات الحدّ من الضّوضاء لتقليل التّوتر والإرهاق أثناء القيادة.

مخاطر إهمال مبادئ تنظيم الشغل

يؤدّي عدم تطبيق مبادئ علم تنظيم الشغل إلى آثارٍ سلبيّةٍ تشمل:

  • زيادة معدّلات الإجهاد والتّعب بسبب أوضاع العمل غير المريحة.
  • ارتفاع نسب الإصابات المهنيّة، مثل اضطرابات الإجهاد المتكرّر.
  • تراجع الإنتاجيّة نتيجة انخفاض مستويات التّركيز والتّعرّض للإنهاك.
  • زيادة التّكاليف الطّبيّة بسبب ارتفاع معدّل الشّكاوى الصّحيّة بين الموظّفين.

علم تنظيم الشغل ليس مجرّد تحسيناتٍ تجميليّةٍ، بل هو استثمارٌ جوهريٌّ في صحّة وكفاءة القوى العاملة. ومن خلال تطبيق مبادئه، يمكن تقليل المخاطر المهنيّة، وتعزيز الإنتاجيّة، وخلق بيئات عملٍ تتناسب مع القدرات البشريّة، ممّا يؤدّي إلى تحسين الأداء الفرديّ والمؤسسيّ على حدٍّ سواء.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: