كيف تحوّل رسائل الرفض إلى تجارب بنّاءة أثناء بحثك عن وظيفة؟
تعلّم الفن الدقيق للتواصل الفعّال والمحترم مع المرشحين الذين لم يتم اختيارهم
في عمليّة التوظيف، يبرز فنُّ رفض المرشّحين كمهارةٍ لا تقلُّ أهميّةً عن انتقاء الكفاءات المناسبة، إذ يتطلّب الأمر دقّةً وتعاطفاً، فالطّريقة التي تختارها الشّركة لرفض المرشّحين ترسم صورةً دائمةً عنها في أذهان العديد من الأطراف، يستند هذا الدَّليل -المشبع بخبراتٍ عميقةٍ من أهل المهنة في الموارد البشريّة- على استعراضِ فنّيّاتٍ متقنةٍ لرفض طلبات التَّوظيف، متعمّقاً في كيفية صياغة رفضٍ يتّسم بالاحترافية والرقيّ، سواءً للمرشّحين الخارجيّين أو الدّاخليّين، بهدف توجيه الشّركات لكيفيّة تحويل عمليّة الرّفض من تجربةٍ قد تكون محبِطةً إلى فرصةٍ للنّموّ وتعزيز الصّورة الإيجابيّة.
نهج الرفض المبني على التعاطف
الرّفض جزءٌ لا مفرَّ منه في عمليّة التّوظيف، لكنّ الطّريقة التي يُدار بها يمكن أن تكونَ فارقةً في تحديد انطباع المرشّحين عن الشّركة، ويرتكز هذا الفصل على أهميّة اعتماد نهج التّعاطف عند التّعامل مع المرشَّحين غير المقبولين، مؤكّداً على الحاجة إلى تقدير الوقت والجهد الذي بذله كلُّ مرشحٍ في عمليّة التّقديم.
ينبغي على الشّركات أن تسعى لصياغة رسائل رفضٍ تُظهر التَّقدير لجهود المرشَّحين، مع الحرص على أن تكونَ هذه الرَّسائل مخصّصة وشخصيَّة قدر الإمكان، يعني هذا الاعتراف بالمهارات التي أظهرها المرشَّح خلال المقابلة وتقدير الاهتمام الذي أبداه بالشّركة، كما يشملُ تشجيعهم على البحث عن فرصٍ أخرى والاستمرار في تطوير مهنتهم، ممَّا يترك انطباعاً إيجابيّاً لدى المرشَّحين ويعكس قيم الشَّركة الإيجابيَّة.
من المهمِّ أيضاً أن تعكسَ رسائل الرَّفض لغةً محترمةً ومهذَّبةً، مع الحرص على أن تكونَ واضحةً ومباشرةً دون تجريحٍ ودون أن تسبّبَ أيَّ إحباطٍ للمرشَّح، هذا الأسلوب ضروريٌّ للحفاظ على سمعة الشَّركة، وعلى بناء علاقاتٍ مستقبليّةٍ ممكنةٍ مع المرشّحين الذين قد يتقدَّمون مجدَّداً لوظائف تتناسبُ أكثر مع خبراتهم ومهاراتهم.
فنهج الرَّفض المبنيُّ على التَّعاطف ضروريٌّ ليس فقط لأخلاقيَّات العمل، بل مهمٌّ أيضاً كجزءٍ من استراتيجيّة التّوظيف النّاجحة، إذ يساعدُ في خلق بيئةٍ مهنيّةٍ تُظهر الاحترام والتّقدير لكلِّ فردٍ، ممَّا يعود بالنَّفع على سمعة الشَّركة ويعزِّز من قدرتها على جذب المواهب في المستقبل.
شاهد أيضاً: استراتيجيات تصفية واختيار أفضل المواهب عند التوظيف
توظيف التعليقات الشخصية لتحويل عملية الرفض إلى تجربة إيجابية
تقديم ردود فعلٍ مدروسةٍ ومحددةٍ أمرٌ جوهريٌّ في إظهار الاحترام والتَّقدير لجهود المرشَّحين والوقت الذي قضوه في عمليّة التّقديم، فيجب على الشَّركات السَّعي لتوفير تعليقاتٍ تحليليّةٍ حول أداء المرشَّح خلال المقابلة، مع التَّركيز على النّقاط الإيجابيّة التي لوحظت، على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى مهاراتٍ معينةٍ أو إجاباتٍ بارزةٍ قدَّمها المرشّح خلال المقابلة، كما ينبغي تقديم اقتراحاتٍ بنّاءةٍ حول المجالات التي يمكن للمرشَّح تحسينها في المستقبل، هذه الطَّريقة تساعدُ في تعزيز ثقة المرشَّح بنفسه وتوجِّهه نحو تحسين مهاراته.
ومن المهمِّ أيضاً أن تكونَ هذه التَّعليقات موضوعيَّةً وصادقةً، ويجب تجنّب إعطاءِ انطباعاتٍ غير دقيقةٍ أو مبالغٍ فيها حول أداء المرشَّح، ممَّا قد يؤدِّي إلى توقّعاتٍ غير واقعيةٍ أو سوء فهمٍ، بالمقابل، يجب الحرص على أن تكونَ التَّعليقات مشجّعةً ومحفِّزةً، وليست محبطةً أو مثبِّطةً للعزيمة.
إضافةً إلى ذلك، يجب أن تكونَ التَّعليقات متوازنةً ومتناسبةً مع الخبرة العامَّة للمرشَّح ومستوى الوظيفة التي تقدَّم إليها، فالتَّعليقات التي تركِّز فقط على النّواحي السَّلبية قد تؤدِّي إلى نتائج عكسيّة، بينما التَّعليقات المتوازنة التي تعكس تقدير الشَّركة لقدرات المرشَّح وتوجهه نحو التَّحسين، يمكن أن تكونَ أكثر فاعليّةً. [1]
تأثير المحادثات الهاتفية الشخصية
يُخصّصُ هذا الفصل للحديث عن قيمة وأهميَّة المحادثات الهاتفيّة الشّخصيّة في عملية الرَّفض، خاصَّةً للمرشَّحين الذين وصلوا إلى المراحل النّهائيّة من عملية الاختيار، يُظهر الاتصال الهاتفيُّ مستوىً عالياً من الاحترام والتَّقدير للوقت والجهد الذي استثمره المرشَّح، ويُعدُّ أسلوباً فعّالاً في توفير تجربةٍ أكثر إنسانيّةً.
ينبغي على القائمين بالتَّوظيف التَّحضير جيّداً لهذه المكالمات، مع التَّركيز على تقديم تعليقاتٍ محددةٍ حول أداء المرشَّح وتوضيح أسباب عدم اختياره للوظيفة، من المهمِّ أيضاً أن تكونَ المحادثة متوازنةً، حيث تتضمّن الإشارة إلى النّقاط الإيجابيّة والإمكانيّات التي لاحظتها الشّركة في المرشّح، بالإضافة إلى النّقاط التي تحتاج إلى تطويرٍ.
من الضّروريِّ أن يحافظَ القائمون بالتَّوظيف على نبرةٍ مهذّبةٍ ومحترمةٍ طوال المكالمة، مع الحرص على أن تكونَ المحادثة مباشرةً وواضحةً، يُعدُّ هذا الأسلوب مهماً لتجنُّب أيّ سوء فهمٍ ولتوفير نوعٍ من الإغلاق للمرشّح، ممَّا يسمح له بالمضيِّ قدماً في مسيرته المهنيّة بشكلٍ إيجابيٍّ.
يُنصح أيضاً بأن يكونَ القائم بالاتّصال مستعدّاً للإجابة على أيّة أسئلةٍ قد يطرحها المرشَّح، ويُظهر هذا الاستعداد للتَّفاعل والإجابة على الاستفسارات اهتماماً حقيقيّاً بالمرشّح ويعكس مدى احترافيّة الشَّركة واهتمامها بالأفراد. [2]
شاهد أيضاً: قاعدة وارن بافيت الأولى في التوظيف: هذه الصّفة أهم من الذكاء
التعامل مع المتقدمين للوظائف الذين يظهرون إصراراً مفرطاً
قد يتحوَّل حماس المتقدِّم أحياناً إلى إلحاحٍ غير مناسبٍ، وهنا يتطلَّب الأمر توازناً دقيقاً بين اللّطف والحزم في التّواصل. ومن المهمِّ أن يكونَ التّواصل مع هؤلاء المتقدّمين واضحاً وقاطعاً، مشيراً إلى أنَّ القرارَ الذي تمَّ اتّخاذه نهائيٌّ، ويجب استخدام نبرةٍ مهذّبةٍ وحازمةٍ في وقتٍ واحدٍ في الرَّسائل أو المحادثات؛ لتجنُّب ترك أيِّ مجالٍ لسوء الفهم أو التَّفسير الخاطئ.
في بعض الحالاتِ، قد يلزم تكرار الرِّسالة لتأكيد القرار، ينبغي تجنُّب الدُّخول في نقاشاتٍ طويلةٍ أو جدالٍ حول أسباب الرَّفض، حيث يمكن أن يؤدِّي ذلك إلى زيادة التّوتّر وسوء الفهم، بدلاً من ذلك، يمكن إعادة تأكيد معايير الشَّركة وعمليّة التّوظيف التي تمّ اتباعها، مع التّركيز على أنَّ القرارَ اتُّخذ بناءً على متطلّباتٍ محدّدةٍ للوظيفة.
في الحالات القُصوى حيث يستمرُّ المتقدِّم في الإصرار، من المُهمِّ الحفاظ على الاحترافيّة، ولكن بشكلٍ حاسمٍ وواضحٍ، موضّحين أنَّ المحادثة أو المراسلة قد انتهت، هذا يساعد في تجنّب أيِّ تصعيدٍ للموقف ويحافظ على سلامة ونزاهة عمليّة التّوظيف. ويسهم التَّعامل الفعَّال مع المتقدّمين الملحّين في الحفاظ على نزاهة وسلامة عمليّة التّوظيف، ويضمن احترام جهود جميع المتقدّمين، مع الحفاظ على سمعة الشَّركة ومعاييرها المهنيَّة. [3]
شاهد أيضاً: 64% من المؤسسات في الإمارات تتجه لاعتماد الروبوتات في عمليات التوظيف
رفض المرشحين الداخليين بحكمة
يتطلّب التّعامل مع المرشّحين الدّاخليّين نهجاً حسَّاساً ودقيقاً نظراً للعلاقة القائمة بينهم وبين المؤسَّسة، إذ إنّ الشَّفافيَّة والصِّدق في التَّواصل هما العنصران الأساسيَّان لضمان فهم المرشَّح الدّاخليِّ لأسباب عدم اختياره دون الشُّعور بالتَّقليل من قدره أو الإهمال.
ومن المهمِّ توضيح أنّ قرارَ الرّفض يعتمد على متطلّبات الدّور الوظيفيِّ الخاصِّ وكيفيّة توافق أو عدم توافق مهارات وخبرات المرشَّح مع هذه الحاجات، من الضّروريِّ أيضاً الاعتراف بمساهمات المرشَّح في الشَّركة وتقديرها، مع التّأكيد على أنَّ القرارَ لا يقلِّل من قيمة هذه المساهمات.
يُنصح بتقديم تعليقاتٍ بناءةٍ تساعد المرشَّح على فهم المجالات التي يمكنه تطويرها لتعزيز فرصه في المستقبل، كما يمكن مناقشة الأدوار أو الفرص المستقبليّة داخل الشّركة التي قد تكون أكثر ملاءمةً لمهاراته وخبراته.
التّعامُل مع رفض المرشّحين الدّاخليّين بحساسيةٍ واحترافيةٍ يساعد في الحفاظ على علاقة عملٍ إيجابيةٍ معهم، ويشجّع على النّموّ المهنيّ المستمرِّ داخل المؤسّسة، ويعكس هذا النّهج أيضاً التزام الشّركة بتطوير موظّفيها واحترامها لجميع الأفراد، ممّا يعزِّز من ثقافتها الدّاخليّة ويقوِّي من روح الفريق. ويسهم التَّعامل الحسّاس والمهنيُّ مع المرشّحين الدّاخليّين في تعزيز الشّعور بالانتماء والولاء للشّركة، ويظهر التزامها بنموِّ وتطوُّر جميع موظَّفيها، ممَّا ينعكس إيجاباً على بيئة العمل والإنتاجيّة. [4]
يمكن للشَّركات تحويل تجربةٍ قد تكون محبطةً إلى فرصة لتعزيز النّموّ والاحترام، وهذه الاستراتيجيات لا تُظهر فقط احترام الشَّركة للأفراد، بل تعزِّز من سمعتها كصاحب عملٍ يُقدّر المواهب ويتعامل معها بكلِّ احترامٍ واحترافيّةٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.