الرئيسية الريادة كيف تساهم القيادة الواعية في القضاء على بيئة العمل السامة؟

كيف تساهم القيادة الواعية في القضاء على بيئة العمل السامة؟

ضعف الإدارة وسوء التّواصل يشكّلان أرضاً خصبةً لبيئة العمل السّامة، لكن غرس القيم الجوهريّة في الثّقافة المؤسسيّة يعيد بناء الثّقة ويحفّز الإنتاجيّة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يقضي الشّخص العاديّ حوالي ثلث حياته في العمل؛ لذا ينبغي أن تكون هذه السّاعات مليئةً بالمتعة والإشباع والتّحفيزومع ذلك، يشهد رضا العمّال وتفاعلهم مع بيئة العمل تراجعاً ملموساً، حيث وصلت مستويات الرضا الوظيفي إلى أدنى مستوياتها في عام 2024.

في كثيرٍ من المرّات، يكون سبب هذا التّراجع هو وجود بيئات عملٍ سامّةٍ، وهي تلك البيئات الّتي تسودها سلوكيّاتٌ وممارساتٌ ضارّةٌ تؤثّر سلباً على رفاهيّة الأفراد ومعنويّاتهم وإنتاجيّتهموتؤكّد الأبحاث الحديثة لشركة "آي هاير" (iHire) هذا الادعاء، إذ تبيّن أنّ البيئات السّامّة كانت السّبب الرّئيسيّ وراء ترك العمّال لوظائفهم في العام الماضي.

وبعد الكشف عن هذه الإحصائيّة، تمّ إجراء استطلاعٍ شمل أكثر من 2,200 موظّفٍ وصاحب عملٍ أمريكيٍّ حول بيئات العمل لديهموأسفرت النّتائج عن أرقامٍ مذهلةٍ، حيث أفاد 75% من الموظفين بأنّهم عملوا لدى جهةٍ يعتبرون بيئة عملها سامّةً، فيما ترك 53.7% وظيفةً بسبب بيئة عملٍ سلبيّةٍكذلك، طلب من الموظفين الّذين عايشوا بيئة عملٍ سامّةٍ توضيح الخصائص الّتي جعلتها كذلك، وقد تضمّنت أهمّ السّمات ما يلي:

  • ضعف القيادة والإدارة (78.7%).
  • ضعف التّواصل داخل الشّركة (69.8%).
  • المعاملة غير العادلة، مثل التّمييز أو عدم المساواة (67.5%).
  • ارتفاع مستويات التّوتّر والاحتراق الوظيفيّ (65.1%).
  • نقص الدّعم للموظّفين (64.2%).
  • ثقافة الشّركة السّلبيّة (60.0%).
  • الصّراعات والعداوة داخل بيئة العمل (58.8%).

فساد بيئة العمل ينبع من القيادة

على الرّغم من تعدّد الأسباب الّتي تجعل الموظّفين يعتبرون بيئة عملهم سامّةً، يظهر ضعف القيادة والإدارة كعاملٍ رئيسيٍّ في ذلك. وعند الاستفسار عن أسباب اعتبار القيادة سامّةً، ذكر أكثر من 70% من المستجيبين أنّ الإدارة تفتقر للمساءلة عن تصرّفاتها، وعندما سُئِلوا عن العوامل الأساسيّة لخلق بيئة عملٍ إيجابيّةٍ، أكّد 81.4% من الموظّفين أهمّيّة التّواصل الواضح من قبل القيادة والإدارة.

ليس من المستبعد أن يكون نمط العمل الّذي يُتبع ناتجاً عن القمّة، إذ يجب على القادة والمدراء أن يكونوا قدوةً في السّلوك المتوقّع، وأن يتحمّلوا مسؤوليّة أفعالهم، وأن يعاملوا الموظّفين –الّذين يُعدّون نبض العمل– بإنصافٍوهذا لن يتحقّق دون وجود أساسٍ قويٍّ من القيم الجوهريّة في المؤسّسة.

بناء ثقافة عمل إيجابية من خلال القيم الجوهرية

تشكّل القيم الجوهريّة المبادئ الأساسيّة الّتي تقوم عليها المؤسّسة، فهي توجّه سلوك الموظفين والقادة على حدٍّ سواءٍ، وتساعدهم على اتّخاذ القرارات والتّفاعل مع العملاء وغير ذلكعلى سبيل المثال، إذا كانت المسؤوليّة قيمةً جوهريّةً، يجب على جميع الموظفين، بما في ذلك المدراء، تحمّل مسؤوليّة أفعالهم والوفاء بالتّزاماتهموإذا كانت روح التّعاون قيمةً جوهريّةً، فمن المتوقّع أن يعمل الجميع معاً لتحقيق أهدافٍ مشتركةٍ.

وللتّعرّف على القيم الجوهريّة لشركتك أو تجديدها، يمكنك جمع آراء الموظفين من خلال: الاستطلاعات، وجلسات العصف الذّهنيّ أو مجموعات التّركيز؛ فاطرح عليهم أسئلةً مثل: ما الّذي يمثّله شركتنا؟ ما السّلوك الّذي يجب أن نتحلّى به يوميّاً؟ وما الأفكار الأساسيّة الّتي تساهم في نجاحنا؟

بعد جمع الآراء من جميع أقسام الشّركة، يمكن تشكيل لجنةٍ صغيرةٍ تضمّ أعضاءً من القيادة والموارد البشريّة لتحديد أهمّ القيم. كما يجب أن تكون القيم المختارة قابلةً للتّطبيق وملموسةً، وتثير المشاعر الإيجابيّة، وتساعد على اتّخاذ القرارات، وتؤثّر على عمليّات التّوظيف وتقييم الأداء.

دمج القيم الجوهرية في الحياة العملية

يجب أن تصبح القيم الجوهريّة حجر الأساس في علامة الشّركة كصاحب عملٍ، فيجب إبرازها على موقع الشّركة الإلكترونيّ وصفحات الوظائف، وفي موادّ التّوظيف والتّدريب، وكذلك في اللّافتات المكتبيّة وخلفيّات الاجتماعات الافتراضيّة وغير ذلكوالأهمّ من ذلك، أن تدمج هذه القيم في الممارسات اليوميّة وطويلة الأمد لتعزيز ثقافة الشّركة والتّخلّص من بيئة العمل السامةوفيما يلي بعض الطّرق لتطبيق القيم عبر المؤسّسة:

  • استخدام القيم في مقابلات العمل: يمكن توجيه أسئلةٍ للمرشّحين تتعلّق بالقيم الجوهريّة؛ لتجنّب توظيف أشخاصٍ قد يساهمون في بيئة عملٍ سامّةٍ. مثلاً: "هل يمكنك مشاركة تجربةٍ كنت فيها ملتزماً بإكمال مشروعٍ دون التّأخّر عن الموعد المحدّد؟"
  • مواءمة سياسات الشّركة مع القيم: يجب أن تتماشى سياسات الشّركة، مثل: الإرشادات الأخلاقيّة، ومدوّنات السّلوك، ومعايير خدمة العملاء، مع القيم الجوهريّة. ويمكن تضمين الإجراءات المبنيّة على هذه القيم في دليل الموظّف، مثل: "يطلب من الموظفين العاملين عن بعد أن يلتزموا بإنجاز مهامّهم في الوقت المحدّد وإخبار مديريهم في حالة عدم القدرة على ذلك".
  • إبراز القيم في تقييم الأداء والتّواصل: من المفيد ذكر القيم بشكلٍ محدّدٍ خلال تقييمات الأداء والاجتماعات الدّاخليّة لتعزيز الاتّساق وتحديد المجالات الّتي تحتاج إلى تحسينٍ، مثل: توجيه رئيس القسم للمدراء بضرورة تعزيز الشّفافيّة مع فرقهم.
  • تطبيق أداةٍ تفاعليّةٍ: تتيح للموظفين تقدير زملائهم عند تجسيد القيم الجوهريّة؛ لتعزيز الحماس والمشاركة، يمكن تعزيز فعاليّةٍ من خلال إدخال المرشحين وأصحاب التّرشيحات في سحبٍ شهريٍ على جوائزٍ.

عندما تترجم القيم الجوهريّة إلى ممارساتٍ عمليّةٍ يشرف عليها القادة، تبدأ بيئة العمل الإيجابيّة والثّقافة القويّة في الظّهور تدريجيّاًومع ذلك، لا يكفي تحديد هذه القيم فقط؛ يجب مراقبة مدى تبنّيها من قبل الموظّفين من خلال جمع ملاحظاتهم بشكلٍ دوريٍّ والعمل على تحسينهاكما يستحسن متابعة مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة، مثل معدّلات الاحتفاظ بالموظّفين وتفاعلهم مع بيئة العمل؛ لضمان تقدّمٍ دائمٍ نحو خلق بيئةٍ عملٍ تحقّق السّعادة والرّضا لجميع أفراد الفريق.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: