كيف تتجنب شركتك الأخطاء السبع القاتلة في التوظيف؟
تؤثّر بعض الممارسات السّلبيّة على قدرة الشّركات في جذب المواهب، ممّا يستدعي التّركيز على استراتيجيّات توظيفٍ أكثر فاعليّةً

يقدّم أحدث تقريرٍ للتّوقّعات الاقتصاديّة العالميّة صورةً أكثر تفاؤلاً للاقتصاد الأمريكيّ مقارنةً بما كان متوقّعاً قبل ثلاثة أشهرٍ فقط، وينبع هذا التّفاؤل من الطّلب القويّ على السّلع والخدمات وزيادة الإنتاجيّة. وفقاً لخبراء الاقتصاد في صندوق النّقد الدّوليّ، يتوقّع الآن أن يشهد النّاتج المحليّ الإجماليّ للولايات المتّحدة نموّاً بنسبةٍ 2.7% في عام 2025، مقارنةً بالتّوقّعات السّابقة الّتي كانت تشير إلى نموٍّ بنسبةٍ 2.2% في شهر أكتوبر الماضي.
فماذا يعني هذا بالضّبط؟ هذا النّموّ يمكن أن يؤدّي إلى ازدهارٍ أكبر في الأعمال التجارية وخلق المزيد من الشّركات، بالإضافة إلى زيادة الطّروحات العامّة الأوّليّة (IPOs)، وتعزيز ثقة المستهلكين، وقد تترجم كلّ هذه العوامل إلى المزيد من فرص التّوظيف وسوق عملٍ أقوى.
بينما نتحوّل من اقتصادٍ هابطٍ إلى اقتصادٍ صاعدٍ، حان الوقت لإعادة تقييم ممارسات التّوظيف لدينا، وخاصّةً عمليات التوظيف نفسها. على مدار السّنوات الماضية، كان سوق العمل في صالح أصحاب الأعمال، ممّا أدّى إلى تغييراتٍ جذريّةٍ في كيفيّة تعامل الشّركات مع المواهب المحتملة، فقد شهدنا دورات توظيفٍ طويلةً بشكلٍ مزعجٍ، واستخدام المرشّحين لأفكارٍ جديدةٍ دون مراعاةٍ لحقوقهم، وإهمال تحسين تجربة المرشّحين، وعمليّات التّوظيف أقلّ شفافيّةٍ، بالإضافة إلى ظاهرة "التّجاهل" أو عدم الرّدّ على المرشّحين. قد يظنّ البعض أن هذه التّصرّفات هي مجرّد "أمورٍ تجاريّةٍ" ولا علاقة لها بالجوانب الشّخصيّة، وهي مقولةٌ شهيرةٌ في فيلم "العرّاب".
لكن الحقيقة هي أنّ الأعمال هي فعلاً مسألةٌ شخصيّةٌ، وتعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المشاعر؛ لأنّه إذا لم يكن العمل موجّهاً نحو الاهتمام بمشاعر المواهب المحتملة (وأيضاً موظّفوك الحاليّون)، فأنت فعلاً عاجزٌ. قد تواجه الشّركات الّتي تختصر عمداً في عمليّة التّوظيف، مفاجآتٍ غير سعيدةٍ إذا شهد الاقتصاد انتعاشاً في عام 2025.
لقد لاحظتُ العديد من الطّرق الّتي أدّت فيها ممارسات التّوظيف السّيّئة إلى نتائج عكسيّةٍ في السّنوات الماضية، وأصف هذه الممارسات بأنّها "الخطايا السّبع القاتلة في التّوظيف"، وفيما يلي هذه الأخطاء الشّائعة وكيفيّة تجنّبها:
1. استخدام المرشحين لحصول على الأفكار
إذا كانت عمليّة المقابلات في شركتك تهدف إلى استخراج أفكارٍ من المرشّحين دون أيّ نيّةٍ لتوظيفهم، فهذا يؤدّي إلى فقدان الثّقة بينك وبينهم، وقد يؤثّر سلباً على سمعة شركتك، وعندما يكون هذا الانطباع الأوّل، ستظهر المنظّمة بأنّها تفضّل الاستغلال على النّزاهة.
أفضل الممارسات: بدلاً من طلب أفكارٍ جديدةٍ من المرشّحين، اطلب منهم عرض أعمالهم السّابقة أو محفظة أعمالهم، فهٰذا سيساعدك علىٰ تقييم نوعيّة العمل الّذي قد يقدّمه المرشّح إذا حصل على الوظيفة، بدلاً من أن تطلب منهم إنشاء محتوىً جديدٍ قد لا يعكس قدراتهم بشكلٍ صحيحٍ.
2. انعدام الشفافية
من المهمّ أن يكون المرشّحون على درايةٍ كاملةٍ بعمليّة المقابلة وما يمكنهم توقّعه، فإذا كُنت تقيّم مرشّحاً لوظيفةٍ غير موجودةٍ، أو إذا كانت الوظيفة قد تمّ شغلها بالفعل، فذلك يعدّ غير صادقٍ، وقد يضرّ بمصداقيّة الشّركة.
أفضل الممارسات: يجب أن تحدّد توقّعاتٍ واضحةً فيما يتعلّق بالجدول الزّمنيّ وعوامل اتّخاذ القرار، فأفضل العمليّات هي تلك الّتي تشرح فيها الشّركة للمرشّح من سيلتقي به، وعدد المراحل الّتي سيخوضها في العمليّة، وما إلى ذلك. بهٰذه الطّريقة، تضمن إدارة توقّعات المرشّحين ووقتاً أفضل لكلّ الطّرفين.
كن صريحاً بشأن الرّواتب والفوائد. ذكر لي أحد موظّفي التّوظيف مرّةً: "إليك الرّواتب والفوائد المتاحة، فأنا أحبّ أن نوفّر وقتنا معاً، ونضمن أن هذا يناسبك قبل أن نتقدّم في العمليّة". وقد استمتعت بصراحته، حيث أفادنا ذلك في توفير الوقت والجهد؛ لأنّ نطاق الرّواتب كان أقلّ من توقّعاتي.
3. معايير التقييم غير المتسقة
يجب أن تتمّ محاكمة كلّ مرشّحٍ بموجب نفس المعايير لكي تكون المقارنة عادلةً ومنصفةً بين الجميع، وحاول أن تحفظ على مبدأ المقارنة المتساوية قدر إمكانك.
أفضل الممارسات: طوّر جداول تقييمٍ موحّدةً وواضحةً لكلّ وظيفةٍ، واستخدم أسئلة مقابلةً منظّمةً ومتّسقةً عبر جميع المرشّحين، إذ يساعد هٰذا على تأمين أن تتمّ عمليّة التّقييم بشكلٍ موضوعيٍّ وعادلٍ. ومن المهمّ أيضاً تدريب المقابلين على تعريف التّحيّز وكيفيّة معاجلته. لا تريد فقد فرص التّوظيف لمواهبٍ ممتازةٍ منذ البداية؛ لذا يجب التّأكّد من أن يفهم جميع المقابلين دورهم في العمليّة، ويقيّمون المرشّحين بشكلٍ عادلٍ ودون تحيّزٍ.
4. تجاهل التنوع والشمول
على الرّغم من أن مصطلح التّنوّع والشّمول قد أثار الكثير من النّقاش في بعض الأوساط، إلّا أنّه سيظلّ دائماً جزءاً مهمّاً من عمليّة التّوظيف. وعندما تفشل عمليّة التّوظيف في إعطاء الأوّليّة للتّمثيل التّنوّعيّ والشّموليّ، فإنّك لا تقتصر فقط علىٰ تقليص تنوّع الآراء ووجوه النّظر، بل تضرّ أيضاً بإمكانيّاتك السّوقيّة وقدرتك على الإبداع والنّموّ.
أفضل الممارسات: ابدأ بدراسة السّوق المتاح واستخدم هٰذه البيانات لتقييم تمثيل التّنوّع في نتائج التّوظيف لديك، فإذا كانت نتائج التّوظيف لا تعكس التّنوّع الكافي، قد حان الوقت لاستخدام هٰذه الملاحظة كفرصةٍ لتوسيع نطاق بحثك وتوسيع قاعدة المرشّحين المحتملين لزيادة التّمثيل التّنوّعيّ في شركتك.
5. الإفراط في التركيز على التوافق الثقافي
بدلاً من البحث عن مرشّحين يتناسبون فقط مع الثّقافة السّائدة في شركتك، ينبغي أن تركّز على كيفيّة إضافة الموظّفين الجدد قيمةً إلى هٰذه الثّقافة وتعزيزها.
أفضل الممارسات: من الأفضل وضع معايير موضوعيّةٍ لتقييم مدى توافق القيم بين المرشّح والشّركة، إذ يجب أن يتمّ تحديد الفرق بين "التّوافق الثّقافيّ" و"الإضافة الثّقافيّة"، ممّا يساعد على التّركيز على كيفيّة إسهام المرشّح في إثراء بيئة العمل وتنوّعها، بدلاً من مجرّد التّأكّد من أنّه يتناسب مع الوضع الحاليّ.
6. إهمال تجربة المرشحين
يجب أن تكون عمليّة التّوظيف تجربةً إيجابيّةً للمرشّحين، بغضّ النّظر عن النّتيجة النّهائيّة، فالتّواصل السّيّئ أو تجاهل المرشّحين أو فترات الانتظار الطّويلة أو عدم تقديم أيّ ملاحظاتٍ، قد تدمّر التّجربة برمّتها، وتؤثّر سلباً على صورة الشّركة.
أفضل الممارسات: ينبغي تنفيذ نظامٍ للحصول على ملاحظاتٍ من المرشّحين. فمن خلال قياس تجربة المرشّحين، يمكن تحسين العمليّة بشكلٍ مستمرٍّ، إذ لا يمكن تحسين ما لم يتمّ قياسه، وتجربة المرشّحين في هذه العمليّة جزءٌ لا يتجزّأ من هذا القياس. ويمكنك استخدم تحديثاتٍ آليّةً لحالة المرشّح. هٰذه طريقةٌ بسيطةٌ، لكنّها فعّالةٌ لإدارة التّوقّعات وتوفير الشّفافيّة للمرشّحين بشأن حالة طلباتهم، فقدّم موارد للمساعدة في التّحضير للمقابلات، فهذا سيجعل المرشّحين يشعرون أنّهم مستعدّون للمقابلة، ويعكس اهتمامك بنجاحهم، ممّا يعزّز تجربتهم ويعكس التّزامك.
7. الفشل في المتابعة مع المرشّحين
من الضّروريّ متابعة المرشّحين بعد المقابلة، سواءً تمّ قبولهم في الوظيفة أم لا، إذ إن تقديم الملاحظات أو حتّى مجرّد شكرهم على وقتهم يعكس المهنيّة والاحترام؛ هذه اللّفتة تبني علاقةً إيجابيّةً، وقد تفتح الفرص في المستقبل إذا التقيا مجدّداً.
أفضل الممارسات: أرسل رسائل رفضٍ شخصيّةً لكلّ مرشّحٍ، فهذا يعطي انطباعاً جيّداً، ويظهر احترامك لوقتهم وجهودهم، وقدّم ملاحظاتٍ بنّاءةً للمرشّحين الّذين وصلوا إلى المراحل النّهائيّة من العمليّة. يقدّر النّاس هذه الملاحظات، خاصّةً إذا أخذنا في الاعتبار الوقت والجهد الكبيرين الّذين استُهلكا في هٰذه العمليّة. أليس من المناسب أن تقدّم لهم هذه المجاملة في المقابل؟
عمليّة التّوظيف في جوهرها هي تجربةٌ، ومن المثاليّ أن تكون هٰذه التّجربة محترمةً وعادلةً، حيث يشعر المرشّحون بأنّهم مهمّون ومقدّرون. فعندما تقيّم المرشّحين، تذكّر أنّهم أيضاً يقيّمون شركتك من خلال طريقة تعاملهم معك خلال العمليّة. كما أنّ طريقتك في تعاملك مع المرشّحين خلال عمليّة التّوظيف تعكس مباشرةً قيم شركتك وثقافتها. ففي عصرٍ أصبحت فيه السّمعة تبنى وتدمّر على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، إنّ التّوظيف الأخلاقيّ ليس فقط الخيار الصّحيح؛ إنّه أمرٌ حيويٌّ لنجاح العمل واستمراريّته.