استراتيجية من 5 ثوانٍ تحسّن العلاقات الزوجية وتقلّل الخلافات
دراسةٌ جديدةٌ في علم الأعصاب تُظهر أن استراحةً قصيرةً قد تساعد الأزواج على تهدئة الخلافات اليوميّة، ممّا يغنيهم عن تكاليف العلاج الزّوجيّ
توصّل بحثٌ جديدٌ في علم الأعصاب إلى حيلةٍ بسيطةٍ تستغرق 5 ثوانٍ فقط، والّتي قد تساعدُ الأزواجَ على تجنّب إنفاق مبالغ طائلةٍ على العلاج الزّوجيّ. وفقاً لدراسةٍ أُجرِيت في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، نُشِرت مؤخّراً في مجلّة "Communications Psychology"، يُمكن أن تساعدَ هذه الحيلة الأزواج في تهدئة الخلافات والحدّ من التّوتر الّذي قد ينشأ بينهم. قد تبدو هذه الفكرةُ بسيطةً، ولكن نتائجها يُمكن أن تكونَ فعّالةً للغاية في تحسين جودة العلاقة.
الصراع في العلاقات: ضرورةٌ أم خطرٌ؟
من المعروف أنّ الصّراعاتِ جزءٌ لا مفرَّ منهُ في أيّ علاقةٍ، لكن السّؤال هو: كيف يُمكنُ التّعامل معها بطريقةٍ صحيحةٍ ومفيدةٍ للعلاقة؟ كثيراً ما يُعتقَد أن تجنّبَ الجدال أفضل لصحّة العلاقة، إلّا أنّ البحثَ الجديدَ يُؤكّدُ عكس ذلك، مُشيراً إلى أنّ الجدالَ، إذا تمَّ بطريقةٍ صحيحةٍ، يُمكن أن يكونَ مفيداً جدّاً للشّراكة، فالخلافاتُ ليست دائماً دليلاً على وجود مشكلةٍ عميقةٍ، بل قد تكون طريقةً للتّعبير عن المشاعر والوصول إلى حلولٍ.
أهميّة الجدال بطريقةٍ صحيحةٍ
عالم النّفس "جاري ليواندوفسكي" المُتخصّصُ في ديناميكيات العلاقات، يُؤكّدُ أنّ "الأزواج يحتاجون إلى الجدال"، مُشيراً إلى أن كتمانَ المشاعر والخلافات يُمكن أن يكونَ أسوأ بكثيرٍ على العلاقة من التّحدّث عنها بصراحةٍ. ومن هنا تأتي أهميّة أسلوب الجدال، فالجدالُ بطريقةٍ بنّاءةٍ يُمكن أن يقوّي العلاقة بدلاً من أن يُضعفَها. يتّفقُ مع هذا الرّأي المعالجُ الزّوجيُّ الشّهير "جون جوتمان"، الّذي يرى أن سرَّ نجاح العلاقات طويلة الأمد هو في كيفيّة إدارة الشّريكين للصّراعات الّتي لا مفرَّ منها.
الحيلة البسيطة: استراحةٌ لمدّة 5 ثوانٍ
تضمَّنت الدّراسة تجربةً مبتكرةً لتحديد تأثير فترات التّوقّف القصيرة جدّاً في تهدئة النّزاعات، إذ أشرك الباحثون 81 زوجاً في مختبرٍ، حيث خاضوا تجربةً تتضمّن إحداثَ ضوضاء مزعجةٍ لبعضهم البعض، وقد كان كلُّ طرفٍ يمكنه التّحكم في مستوى الضّوضاء التي يُوجهّها إلى شريكه، وما وجده الباحثون هو أنَّه عندما يرتفع مستوى العدوانيّة من أحد الطّرفين، يميل الطّرف الآخر إلى زيادة العدوانيّة بالمثل، ممّا يؤدّي إلى تصعيد النّزاعِ بشكلٍ سريعٍ.
لكنَّ المفاجأة كانت في تأثير استراحةٍ قصيرةٍ جدّاً، لا تتجاوز 5 ثوانٍ، فعندما أخذ الأزواج استراحةً قصيرةً خلال التّجربة، عادوا بمزاجٍ أقلَّ عدوانيّةً، وخفّضوا مستوى الضّوضاء والعدوانيّة في التّعامل مع بعضِهم البعض، وقد أظهرت هذه التّجربةُ أنَّ فترةَ استراحةٍ قصيرةٍ يُمكن أن تكونَ كافيةً لتقليل حدّة الخلاف.
فعاليّة الاستراحة القصيرة
أوضحت الباحثة "آنا ماكوري"، المشرفة على الدّراسة، أنّ استراحةً قصيرةً مدّتها 5 ثوانٍ كانت فعّالةً بنفس قدر الاستراحات الأطول، مثل 10 أو 15 ثانيّةً، ممّا يدلّ على أنّ حتّى الفترات القصيرة جدّاً يُمكن أن تُحدثَ فرقاً ملموساً في تخفيف حدة النّزاعات.
شاهد أيضاً: 7 نصائح للأزواج الذين يتشاركون ميدان العمل
ليست حلّاً شاملاً، ولكنّها مفيدة
تُشير "ماكوري" إلى أنَّ هذه الحيلة ليست علاجاً لكلّ المشكلات الزّوجيّة، خاصّةً في الحالات الّتي تتعلّقُ بالعنف المنزليّ. ولكن عندما يتعلّقُ الأمرُ بالخلافات اليوميّة العاديّة، مثل التّوترات حول الأعمالِ المنزليّة أو النّقاشات حول زيارة الأقارب، فإنَّ أخذَ استراحةٍ قصيرةٍ يُمكن أن يساعدَ في تهدئة الوضع وتجنّب تصعيد الخلافات.
استثمار بسيط لعلاقةٍ أفضل
تبدو هذه الحيلة كاستثمارٍ بسيطٍ، ولكنّه فعّالٌ في تحسين العلاقة الزّوجيّة، فقاً لـ"ماكوري"، "إنّها أرخص بكثيرٍ من العلاج الزّوجيّ، ويُمكن تطبيقها بسهولةٍ في الحياة اليوميّة". إذا كنتَ تواجهُ مشكلاتٍ في العمل مع زملائك أو حتّى مع شريك حياتك، فإنَّ الابتعادَ لبضعِ ثوانٍ يُمكن أن يكونَ الحلَّ السريعَ والفعّالَ لتجنّب تصعيد الخلافات.
الخلافاتُ جزءٌ طبيعيٌّ من أيّ علاقةٍ، ولكنَّ الطّريقة الّتي يتمُّ التّعامل بها مع هذه الخلافات هي الّتي تُحدّد ما إذا كانت العلاقةُ ستزدادُ قوّةً أم ستتعرّضُ للتّدهور، ومن خلال استخدام هذه الحيلة البسيطة، يمكنُ للأزواج تجنّب الكثير من التّوتر والمشكلات، وربّما حتّى توفير أموالٍ كانوا سينفقونها على العلاجِ الزّوجيّ.