كيف تدير الصراعات في العمل لتحقيق النجاح والنموّ؟
استراتيجيات فعالة لتحويل الصراعات في بيئة العمل إلى فرصٍ للتّطوّر والابتكار بدلاً من التّوتر والإحباط
يعتقدُ الكثيرُ من أصحاب الأعمال أنّ خبراتهم ومسمياتهم الوظيفيّة تحصّنُهم من الصّراعات التّي قد تنشأُ في مكاتبهم. ولكن في الواقع، فإنّ مواجهة الصّراعات في بيئة العمل أمرٌ لا مفرّ منه، خصوصاً عندما يعملُ أشخاصٌ أذكياءُ تحت ضغوطٍ شديدةٍ. الصّراعاتُ ليست دائماً أمراً سلبيّاً؛ بل قد تكونُ دافعاً للتّغيير والإبداع.
يؤكّد مارتن زويلينج، المؤسّسُ والرّئيسُ التّنفيذيُّ لشركة "ستارت أب بروفشنالز" (Startup Professionals)، أنّ الصّراع في بيئة العمل جزءٌ لا يتجزّأُ من عمليّة تطوير الأعمال. ويشيرُ إلى أنّ القدرة على التّعامل معه بفعاليةٍ هي ما يميزُ القادة النّاجحين. فيما يلي بعضُ المبادئ البسيطة التّي تُسهمُ في حلّ النّزاعات بصورةٍ بنّاءةٍ:
1. فهمُ طبيعة الصّراع
أولى خطوات التّعامل مع أيّ صراعٍ هي تحديدُ طبيعته. قد يكونُ الصّراعُ تنافسيّاً، حيثُ يسعى كلُّ طرفٍ للتّفوّق على الآخر، أو تعاونياً، حيثُ يعملُ الطّرفان معاً لتحقيق منفعةٍ مشتركةٍ، أو مزيجاً من الاثنين. يُساعدُ فهمُ نوع الصّراع في اختيار الاستراتيجيّات المناسبة لحلّه. يُنصحُ أيضاً بالاستعانة بمرشدين أو مستشارين لتقديم النّصح حول كيفية التّصرّف بفعاليّةٍ في كلّ نوعٍ من هذه الصّراعات.
2. إدراكُ أنّ الصّراعات ليست أمراً سلبيّاً دائماً
رغم أنّ بعض الصّراعات قد تكونُ مدمرةً، إلا أنّ هناك صراعاتٍ أخرى تحملُ في طيّاتها فرصاً للإبداع والتّطوير. تفتحُ الصّراعاتُ البنّاءة المجال لإحداث تغييراتٍ إيجابيةٍ وتحسين الأداء. لذا، تجنّب الصّراعات التّافهة التّي لا تؤثرُ على العمل، ولكن لا تتردّد في مواجهة الصّراعات التّي قد تقودُ إلى نموٍّ وتقدمٍ.
3. تبنّي منهج التّعاون
تشيرُ الأبحاثُ إلى أنّ الصّراعات التّي تُحلُّ بالتّعاون غالباً ما تسفرُ عن نتائج أكثر نجاحاً واستدامةً. لذا، من الأفضل دائماً التّعاملُ مع النّزاعات كفرصٍ لحلّ المشكلات بشكلٍ مشتركٍ مع الآخرين، بدلاً من السّعي لتحقيق مكاسب شخصيةٍ على حساب الآخرين.
4. التّحلّي بالمرونة في مواقفك
المرونةُ هي جوهرُ إدارة الصّراعات بفعاليةٍ. حاول التّفريق بين مواقفك الثّابتة واحتياجاتك الأساسية. على سبيل المثال، إذا كنت تطالبُ بزيادةٍ في الرّاتب، قد يكونُ احتياجُك الحقيقيُّ هو الحصول على تقديرٍ أكبر لجهودك. تُتيحُ المرونةُ لك استكشاف حلولٍ إبداعيةٍ تلبي احتياجاتك الحقيقية.
5. تجنّب تحويل الصّراع إلى أمرٍ شخصيٍّ
من الضّروريّ الفصلُ بين الشّخص والمشكلة. عندما يتحولُ الصّراعُ إلى هجومٍ شخصيٍّ، يصبحُ الحلُّ أكثر تعقيداً. ركّز على القضية المطروحة بدلاً من انتقاد الشّخص الآخر، ممّا يُساعدُ في الحفاظ على جوٍّ من الاحترام والتّفاهم.
6. التّواصلُ المباشرُ والاستماعُ الفعّالُ
يمكنُ أن يُساعد الاجتماعُ وجهاً لوجهٍ مع الطرف الآخر في مكانٍ محايدٍ في حلّ الصّراع بسرعةٍ أكبر. كما يُظهرُ الاستماعُ بعنايةٍ الاحترام ويُسهمُ في فهم وجهات النّظر المختلفة. تجنّب الاعتماد على الرّسائل النّصية أو البريد الإلكترونيّ، لأنها قد لا تنقلُ النّوايا والمشاعر بدقةٍ.
7. التّوازنُ بين الحزم والعدل
يُعزّزُ التّصرفُ بحزمٍ وعدلٍ من احترام الآخرين لك كقائدٍ. كن ودوداً ولكن حازماً في الدّفاع عن احتياجاتك ومطالبك. يُسهمُ الحرصُ على التّصرف بعقلانيةٍ واحترامٍ أثناء النّزاع في الوصول إلى حلولٍ مرضيةٍ لجميع الأطراف.
في بعض الأحيان، قد لا يكونُ من الممكن حلُّ جميع الصّراعات. يشيرُ بيتر كولمان في كتابه "الخمسةُ في المائة: إيجادُ حلولٍ للصراعات التّي تبدو مستحيلةً" (Five Percent: Finding Solutions to Seemingly Impossible Conflicts) إلى أنّ هناك نسبةً صغيرةً من النّزاعات قد تكونُ غير قابلةٍ للحلّ، خاصةً تلك المتعلقة بالسّياسة أو الدّين أو التّحيزات الشّخصية. في هذه الحالات، قد يكونُ من الأفضل تجنّبُ الدّخول في هذه النّزاعات لتفادي العواقب السّلبية على بيئة العمل.
في الختام، أفضلُ القادة هم الذين يتعاملون مع الصّراعات بمهارةٍ واحترافيةٍ، ويحوّلونها إلى فرصٍ للنموّ والابتكار. إدارةُ الصّراعات ليست مجرد وسيلةٍ لحلّ المشكلات اليومية، بل هي أداةٌ أساسيةٌ لتعزيز التّواصل واتخاذ قراراتٍ أفضل. لذا، لا تخش الصّراعات، بل اعمل على تحويلها إلى فرصٍ لتحسين عملك ودفعه نحو النّجاح.